ترغب الأم دائماً بالأفضل لابنتها، فهي بالنسبة إليها أجمل البنات وأذكاهنّ وأحسنهن، وتريد أن تطمئنّ على مستقبلها وتراها معززّة ومكرّمة في بيت رجل يحبّها ويحترمها ويحسن معاملتها. لذلك حين تقرّر الصبيّة الارتباط وتختار الشاب الذي تراه مناسباً من وجهة نظرها، تغفل الكثير من التفاصيل التي تراها عين الأم، وما تعتبره ثانوياً وغير مهم في علاقتها بزوج المستقبل تعتبره والدتها أساسياً، فتبدأ بإبداء انزعاجها من العريس وقد يصل الأمر إلى درجة الرفض القاطع لفكرة ارتباط ابنتها به. فماذا تفعلين إذا
واجهت هذا الموقف؟
مهندس مستقبله غير مضمون
تقول هناء (24 عاماً): «تقدّم شاب لخطبتي منذ مدة وانسجمت معه كثيراً، لكنّ والدتي لم توافق عليه بحجّة أنّه صغير في السن ووضعه المادي غير مستقر على الرغم من أنّ مستقبله المهني يبدو مبشّراً، فهو مهندس في شركة مقاولات هامة، لكنّه لا يزال مبتدئاً، ومن الطبيعي أن يحتاج إلى خمس أو عشر سنوات حتى يبني اسماً ومركزاً هاماً».
تضيف هناء: «أصرّت والدتي على موقفها وأثرّت بوالدي فرفض العريس، وكان عليّ الإذعان لقرارهما فهما في النهاية والداي اللذان قاما بتربيتي، ولا أستطيع بدء حياتي الزوجيّة من دون نيل رضاهما، كما أنّ الارتباط هو علاقة كاملة بين أسرتين، ولا يمكنني تحمّل وجود توتر دائم بين أهلي وزوجي، من الطبيعي أن أخسر أحدهما في النهاية».
قرار خاص جداً
قرار الارتباط يجب أن يخص طرفي العلاقة فقط، ويقتصر دور الأهل على إسداء النصائح وتوجيه الأبناء. من جهة ثانية، على الأم أن تحترم رأي ابنتها وتثق بها وبقراراتها، فهي التي ربّتها ووجّهتها، ويجب أن تترك لها حريّة العيش والتصرّف وتقرير مصيرها ومستقبلها.
لا للإهمال
هذا لا يعني أن تهمل الفتاة رأي أهلها، فهم يفوقونها سنّاً وخبرة، وقادرون أكثر منها على اكتشاف معادن البشر، كما أنّ العاطفة التي تنشأ في قلب الفتاة ناحية شاب معيّن، يمكن أن تمنعها من رؤية الكثير من الصفات السيّئة فيه، في حين أنّ والدتها ستتمكّن من رصد هذه الصفات وستنبّهها، وعليها أن تسمع صوت العقل وتقيّم صفات الشريك المستقبلي، فتضع الحسنات والسيّئات في كفّتي ميزان، وتختار الاستمرار في العلاقة أو الخروج منها بعد أن ترجّح الكفّة لجهة دون الأخرى.
صاحبة الإرادة الأقوى
حول هذا الأمر، تقول ليال (27 عاماً): «واجهت رفض والدتي لشريك المستقبل بالعقل والمنطق واستطعت إقناعها بأنّه الرجل الأنسب لي، فهي رفضته لأنّها ظنّت أنّ مستواه التعليمي أقلّ من مستواي، لا سيما أنّه لم ينه دراسته الجامعيّة، فهو استلم تجارة والده بعد وفاته ما اضطرّه لترك الجامعة، لكنّه استطاع خلال فترة قصيرة تطوير أعمال العائلة، كما أنّه تكفّل بتعليم إخوته
ورعاية والدته».
متعدّد المسؤوليّات
تكمل ليال: «لم ترغب والدتي في أن تراني مع رجل متعدّد المسؤوليات، فهو الكبير في بيته وعليه بعد زواجنا أن يستمر في متابعة أمور إخوته والاهتمام بوالدته وتأمين كل احتياجاتها. أرادت لي رجلاً متفرّغاً للبيت الجديد الذي سيجمعنا وللأولاد الذين سنرزق بهم، وهي محقّة جزئيّاً في طريقة تفكيرها هذه لأنّها تبحث عن راحتي المستقبليّة وسعادتي، لكنّني أحببت في شريكي قدرته على تحمّل المسؤوليّة وعقله الكبير والواعي والمنفتح، وبرّه بوالدته واحتضانه لإخوته بعد وفاة والده».
تستطرد الشابة: «لم أستطع التخلّي عنه، وأدى إصراري إلى رضوخ والدتي، فتزوّجنا منذ حوالى السنة، ونحن سعداء جداً بعدما استطاع زوجي كسب مودّة والدتي واحترامها، هي التي رأت بأمّ العين طريقة معاملته لي ومدى الانسجام والتفاهم والحب الذي يجمع بيننا».
تباعد الطباع
يحصل أحياناً اختلاف في وجهات النظر بين الأم وعريس ابنتها إثر تضارب في الطباع، ويتطوّر الأمر بسبب العناد أو تدخّل طرف ثالث.
في هذا الإطار، تقول رولا (31 عاماً): «شعرت بتباعد في الطباع بين والدتي وخطيبي منذ زيارته الأولى لنا في المنزل، وما زاد الطين بلّة أنّ والدتي انزعجت من حبّي الكبير له وأحسّت بأنّها تخسرني لصالح رجل غريب، أخبرتني بذلك وفهمت مشاعرها جيداً، فهذا أمر طبيعي، إذ إنّني ابنتها الوحيدة، لذلك حاولت أن أشركها في كلّ ما يحصل في علاقتي به، وللأسف لم ينفع هذا الأمر لأنّها صارت تضع العراقيل في طريقنا». تضيف رولا: «جمعت أمي وخطيبي وقلت لهما إنّ عليهما أن يتّفقا ويكفّا عن الشجار في حال رغبا في رؤيتي سعيدة، وأكدت لهما أنّ علاقتي بأحدهما لن تتأثر إطلاقاً بعلاقتي بالآخر، وأنّني أتألم لرؤيتهما على هذه الحال، وقد سارت الأمور على خير ما يرام بعد هذا اللقاء».
اختلاف المرحلة العمريّة
مما لا شكّ فيه أنّ اختلاف المرحلة العمريّة والفكريّة بين والدتك وشريك حياتك يؤدي أحياناً إلى حصول مشاكل، فأنت تتقبّلين طبع والدتك لأنّك تحبّينها فتتغاضين عن سيّئاتها واختلافها عنك، كذلك الحال بالنسبة إلى الشريك، فهناك بالتأكيد نقاط تباعد بينكما ولكنّك قادرة على التعامل معها وتطويعها لأنّك تكنّين له عاطفة قويّة وصادقة. أمّا والدتك، فلا تكنّ له هذه المشاعر، والأمر ينطبق عليه أيضاً، لذلك يزيد هامش الخلاف بينهما وعليك أن تكوني الحكم وتقرّبي بينهما.
نصائح لإنجاح علاقتهما
1 – ابحثي عن الصفات المشتركة بينهما وأظهريها حين يلتقيان، وافتحي مواضيع تعرفين أنّهما يهتمّان بها.
2 – ادعيهما للخروج برفقتك إلى مكان تعرفين أنّه يعجبهما معاً، كمطعم يرتاحان فيه أو لتناول طعام يتّفقان على تفضيله.
3 – أكدي لوالدتك دائماً أنّ علاقتك بها لن تتأثّر إذا دخل رجل في حياتك، وأنّك ستحتاجين على الدوام إلى مساعدتها ودعمها وتوجيهها.