راوية العلمي: الرّصانة أساسيّة في عملنا

من القدس التي نشأت فيها إلى المملكة المتّحدة لاستكمال دراستها ودبي التي تعيش فيها حاليّاً إلى جانب عائلتها، ثقافات مختلفة اجتمعت في امرأة واحدة وجعلتها ما هي عليه اليوم. هي مقدّمة أولى للأخبار على قناة "العربيّة"، كما سبق وشاركت في تقديم برنامج «صباح العربيّة» على المحطّة نفسها، وهي ذلك الصوت الذي يحظى بالكثير من الأهميّة لدى منظّمات حقوق الإنسان... إنّها الفلسطينيّة راوية العلمي، التي تشاركنا تجربتها في مجال الإعلام، كما نتعرّف معاً، من خلال هذا الحوار الممتع، إلى شخصيّة فريدة وإنسانيّة.

إلى أيّ مدى تحتاج مقدّمة نشرة الأخبار إلى الخروج من عباءتها والانفصال كلّيا عن عملها لكي تزيل ما رأته من صور مؤلمة؟

من الضروري أن تقوم بذلك بين الحين والآخر، فما نراه يوميّاً في عملنا، قد لا يراه المشاهد يوماً!  صور مؤلمة فعلاً، إلاّ أنّنا نحرص على عدم مشاركتها مع المشاهدين، ورغم أنّ ألمنا كبير، إلاّ أنّ الألم الأكبر هو لذوي الضحايا وعائلاتهم.

هل لجأت يوماً إلى اختصاصي نفسي؟

كلا، إنّما كثير من الشركات العالميّة تستعين باختصاصي نفسي أو اجتماعي لمساعدة الموظّفين على التّأقلم، أو للاستماع إلى ما يجول في خاطرهم. وهذا أمر جيّد ويساعد فعلاً! إنّما هذا الألم  ليس بالأمر الكبير أمام ما يحدث مع ضحايا العنف والحروب. أحاول قدر المستطاع أن أفصل ما بين عملي وحياتي الخاصّة، ورغم أنّه من الصعب أن تزيل ما رأيته أو سمعته من ذهنك، إنّما ولداي كمال (9 سنوات) وليلى (5 سنوات)، هما بحاجة إليّ، فلا بدّ أن أكون قويّة.

كيف تتمالكين أعصابك أمام المشاهدين حين تشاهدين معهم صوراً مؤلمة أحياناً؟

أحاول قدر المستطاع، إنّما أفشل أحياناً في ضبط مشاعري، فتراني أذرف الدموع.

غالباً ما نضع مقدّمة نشرة الأخبار في خانة «الرّصانة والجديّة». فهل أنت امرأة جديّة في حياتك الخاصة أيضاً؟

الرّصانة مطلوبة من أجل خدمة الخبر وتحقيق مصداقيّته. أعتقد أنّني امرأة رصينة وخفيفة الظل في الوقت نفسه. ورغم أنّني مقدّمة نشرة أخبار منذ 5 سنوات، إلاّ أنّني شاركت في تقديم برنامج "صباح العربيّة" على مدى 7 سنوات، وهو برنامج جدّي وخفيف في آن معاً، لا سيّما أنّه يُعنى بجميع جوانب الحياة. أعتقد أنّ شخصيّتي واضحة وبارزة للمشاهد.

أبصرت النّور في مدينة القدس وترعرعت فيها، ومن ثمّ انتقلت إلى لندن لاستكمال دراستك الثانويّة والجامعيّة في كليّة القانون. كيف ساهم هذا الخليط الثقافي في تكوين شخصيّتك الحاليّة؟

لقد ساهم كثيراً، وقد يكون هذا المزيج أحد الأمور الأساسيّة في تكوين شخصيّتي. من الضروري أن يتواصل المرء مع ثقافات مختلفة، وأن يكون جزءاً منها، ولو لفترة قصيرة، فهي تساهم في التواصل مع الآخر وفي تقبّله من دون الحكم عليه.

وكيف تتعاملين مع ولديك: كأمّ شرقيّة أم غربيّة؟

أعاملهما كأمّ تخشى عليهما كثيراً، وبما أنّنا نعيش في دبي، تلك المدينة العالميّة الفريدة والتي تضمّ ثقافات وجنسيّات مختلفة وعدّة، أتمنّى أن يكتسبا الطابع العالمي مع المحافظة على إرثهما العربي والفلسطيني تحديداً.

أنت أمّ، زوجة، مقدّمة نشرة أخبار وماذا أيضاً؟

(ضاحكة) أهوى القراءة كثيراً، وهي أشبه بنافذة إلى العالم الخارجي، إذ تسمح لخيالي بتجسيد الشخصيّات كما يتمنّاها، علماً أنّ خيال الإنسان يختلف بين شخص وآخر، وهو ليس محدوداً بقالب واحد. أحبّ القراءة باللغتين العربيّة والإنكليزيّة، مثل الشعر والسياسة، التاريخ والروحانيّات، علم النّفس وعلم الاجتماع، كما أتابع كلّ ما هو جديد في العلوم الإنسانيّة. وإلى جانب ذلك، أهوى الرسم، وألجأ إليه لأعبّر عمّا يجول في خاطري.

وهل تملكين مجموعة خاصّة بك؟

أملك مجموعة صغيرة جدّاً، فما بين عملي وعائلتي، قد لا يتسنّى لي الوقت لأرسم بتاتاً، إذ أصبّ اهتمامي حاليّاً على تربية أولادي تربية صالحة ومعتدلة، وهذا ليس بالأمر السهل، ناهيك عن أنّني زوجة وابنة ولدّي التزامات عدّة.

ألا يتملّكك التعب جراء هذه الوظائف الكثيرة؟

طبعاً، وما حدث معي منذ فترة شهر خير دليل على ذلك، إذ استيقظت في أحد الأيّام وقرّرت الحصول على عطلة صغيرة جراء هذه الوظائف الكثيرة، كما وصفتها أنت، فسافرت إلى القدس لزيارة والديّ، وذلك لكي أستعيد معهما أيّام الطفولة وأتدلّل بقربهما. وتجوّلت أيضاً في شوارع القدس التي أعشقها، ربّما لأتذكّر ما عشته في طفولتي ومراهقتي. لا شكّ أنّ المرأة بطبيعة الحال لديها مسؤوليّات كثيرة، فكيف إذا كانت المرأة عربيّة، فهي تجد نفسها منقسمة ما بين دورها التقليدي الشرقي وذلك العصري. ما تقوم به المرأة العربيّة اليوم يختلف عما كانت تقوم به في السنوات الأخيرة، فقد خرجت من عباءتها التقليديّة، وهي جزء لا يتجزّأ من المجتمع المهني والإنساني.

15 عاماً في محطّة "العربيّة".هل أنت وفيّة بطبعك؟

طبعاً، فمجموعة "أم بي سي" والعربيّة تحديداً، هما منزلي الثاني، فهذه الشركة الضخمة ترعى الموظّفين فيها، وتهتمّ بمستقبلهم. كما تستقبلهم في أحضانها، حتى لو غادروها... ثمّة مكان دائم لهؤلاء.

ألا ترغبين في تقديم برامج أخرى؟

أقدّم نشرة الأخبار منذ 5 سنوات، وأعتقد أنّ الوقت لا يزال مبكّراً بعض الشيء للإقدام على خطوة أخرى، إنّما لا شكّ أنّني امرأة طموحة، والوقت كفيل بتغيير كلّ شيء.

وهل تجدين نفسك في تقديم برامج المنوّعات؟

ربّما أميل أكثر إلى تقديم برامج اجتماعيّة – إنسانيّة، أو برامج صباحيّة، أو ربّما ذلك النوع من البرامج كالذي كانت تقدّمه أوبراه وينفري.

كيف تصفين علاقتك بالموضة؟

علاقة وطيدة (ضاحكة) تعلّمت التصميم وأنا على مقاعد الدراسة، وكنت سابقاً أصمّم ملابسي بنفسي، إنّما ضيق الوقت لا يسمح بذلك حاليّاً. أهوى الموضة وأتابع دائماً آخر الصيحات، كما أحبّ التسوّق كثيراً.

من هو المصمّم المفضّل لديك؟

أهوى تصاميم إيلي صعب، فهي تجمع في طيّاتها بين الروح الشرقيّة والغربيّة، إنّما في قالب فريد وعصري وأنيق. كما أحبّ تصاميم سان لوران، شانيل، توم فورد. أمّا في ما يتعلّق بالأحذية والحقائب، فأهوى تصاميم لويس فويتون وغوتشي.

حوار: نيكولا عازار

 
شارك