ذكرى زواج أمي وأبوي

ارتديت ملابسي وسوّيت ماكياجي، شعري، أظافري... نظرة أخيرة على التحضيرات. الطعام، الحلويات، الطاولة وأكسسواراتها... لحظة، نسيت المناديل.

 مو معقول! شفت كثير تصاميم ونقشات وروّحت لكثير متاجر عشان أختارها وبعدين نسيتها! المهمّ تذكّرتها قبل ما الضيوف يحضرون. إيش كمان؟ عيوني يراقبون كلّ التفاصيل. أريد ذكرى زواج أمي وأبوي ما تكون عاديّة. أفكّر، أصابعي تلمس أحمر شفاهي من غير ما أحسّ. لازم أصلحه. أروّح وأرجع وأشوف عيون الوالدة تراقبني. أسألها: «إيش يمّه، بيه أيّ حاجة مو على ذوقك؟». بس تتكلّم مثل كأنّها في عالم ثاني. كانت تفكّر بحاجة ثانية، مو تحضيرات وترتيبات... سألتها: «بإيش تفكّرين؟» وهي ابتسمت وقالت: «أفكّر إنّه السنين تمرّ من غير ما نحسّ. أتذكّر يوم ولدتي إنت وأخوك. دحين أشوفكم كبرتم». أبتسم كمان وأقترب منها وأقبّل رأسها وأقول لها إنّها تزيّن حياتنا ومن غيرها ما ندري كيف نعيش. الضيوف، صديقاتي وعمّاتي وخالاتي وبناتهم، يحضرون. أفتح الباب... أهلاً وسهلاً. سلامات وأمنيات وابتسامات. وكيفكم؟ وإيش أخباركم؟ والكلّ يتكلّم في وقت واحد... والكلّ في النهاية يضحك. نجلس في غرفة الضيوف.

أحاديث وكلّ واحدة عندها حكايات جديدة. وكلّ واحدة تريد تعرف إيش أخبار ناس ما يحضرون الجلسة. ديّة حامل كيف صحّتها؟ وديّة سمنت وديّة نحفت وإيش سوّت. وما أخفي عليك... كمان شويّة انتقادات. يعني ديّة ما تعرف تسوّي كده وديّة ملابسها مو مناسبة وديّة دوم تسوّي التسريحة نفسها. تعرفين... البنات وحكاياتهم. أحسّ إني أحتاج لشويّة هدوء. عشان كده رايحة أقدّملهم الضيافة. تشربون قهوة؟ بيه بنات يريدون نسكافيه. طب نسوّي قهوة ونسكافيه. وحدّ يريد شاي؟ والسكّر؟ والجلسة تصير أحلى. أحضّر كلّ حاجة بنفسي. الوالدة مو لازم تسوّي أيّ شيّ. ذكرى زواجها ما يتكرّر غير مرّة واحدة في السنة. أنا في المطبخ، أسمعهم يسألون الوالدة: إيش لبستي في يوم عرسك؟ وهيّ تحكيلهم كيف كانت فساتين الزفاف حينها. ويريدون يعرفون كلّ التفاصيل. أرجع لغرفة الضيوف... بنت عمّتي الصغيرة تسأل: وشعرك وماكياجك؟ وأنا أقول لها: أمي حلوة من غير شعر وماكياج... مثلي يعني. ونضحك.

قهوة، شاي، نسكافيه... تريدين نساعدك؟ بنت عمّي وبنت خالي يقدّمون خدماتهم وأنا أوافق. وأقول لبنات غيرهم كمان يساعدون: إيش؟ تحرّكوا... وكمان نضحك. الوالدات كمان يتحدّثون ويضحكون. نتكلّم ونتكلّم... ودحين وقت نروّح لغرفة الطعام. المائدة حضّرتها بنفسي. البنات يقولون إنّها حلوة مرّة وتفتح الشهيّة. وأنا أهرّج: ديّة مفاجأة من كثير مفاجآت سوّيتها... عيونهم ما تفارق قالب الحلوى... على طاولة ثانية. مثل قوالب الأفراح. ونجلس وياكلون ويسألون: كيف تعلّمتي الحاجات ديّة يا هيا؟ وأنا أقول لهم: الوالدة والكتب ووصفات الإنترنت. ويلاحظون إنّي ما نسيت غطاء الطاولة والمناديل. كلّها بتصاميم من وحي المناسبة، أبيض ودانتيل... أجواء زفاف. وأقول كمان: وجود أمي وأبوي هوّ الفرح.

فستان من Carolina Herrera

DRAWING BY FASHION ILLUSTRATOR ©SHAMEKH BLUWI

إقرئي أيضاً: أنت عروس اسألي المجرِّبات قبل الخبيرات ، فساتين زفاف حالمة من أنطوان القارح ، فساتين زفاف وليد عطا الله

 
شارك