أزور أرز لبنان

أتنفّس الهواء بكلّ حواسي. أروّح لمنطقة بشرّي في لبنان. أغمّض عيوني. الهواء يلاعب وجهي. أتنشّق معه روائح ورود وفواكه. نبتعد عن بيروت. الطريق في الخلف كأنّها سجّادة طويلة تسير تحت العجلات... الهواء يصير منعش أكثر. تقولين في البلد مكيّف كبير. أريد أتنفّس كلّ النسمات... أحسّها تدخل لعظامي، لقلبي وبعدين تخرج من أنفاسي. تمرّ كلّ لوحات الأماكن قدّام عيوني بسرعة لحين الباص يتوقّف... ننزل. عيون السيّاح في كلّ الاتّجاهات. يريدون يشوفون كلّ التفاصيل من نظرة واحدة. نظراتهم تروّح يمين شمال، أمام خلف... بس الدليلة تقول إنّنا نحتاج نمشي ساعة عشان نسوّي جولة في أرز لبنان. يحبّونها موت هنا. هيّ رمز بلدهم! وبعدين تقول الدليلة بيه حاجة اسمها «لجنة أصدقاء غابة الأرز». أفهم إنّها سوّت مشروع عشان حماية الأشجار ديه. وبعد كده تطلب نمشي وهي تتكلّم. تحكي عن شاعر فرنسي اسمه لامارتين. المسافة طويلة بس أحبّ أستمع للشرح عشان ما تفوتني التفاصيل المهمّة. ما أشعر بالتعب. المهمّ بيه أرزة جنبها لوحة عليها اسمه. تقول الدليلة إنّه حضر للبنان من سنين كثيرة. وقال بيه وادي كمان يحمل اسمه. أحسّ بالبرد. مو كثير. أريد ألبس سترتي. الطقس هنا ناعم ورقيق. بس أحاول أبتعد عن الزكام عشان أستمتع برحلتي. نمشي في الطبيعة مثل شخصيّات في لوحة رسمها خيال فنان شهير. كمان نمشي والدليلة السياحيّة تتكلّم. وأنا أريد نظري يحمل لذاكرتي كلّ التفاصيل الحلوة، الرمل، أقصد التراب، المشاهد القريبة من غابة الأرز. بيه في المجموعة بنات من لبنان، يعيشون في أميركا. يريدون يتعرّفون على بلدهم. أقول إنّهم مو رايحين يسافرون مرّة ثانية. نمشي والطبيعة بشمسها وهوائها وطيورها وأشجارها كأنّها سترة دافية. أحسّ بالحرّ. أفضّل أحمل سترتي بيدي. الطريق تصير أصعب. أقول في نفسي: «ما أريد أتعب، كلّ حاجة ممتعة» وأبتسم في داخلي. أفتح كلّ قلبي للمشاهد. أترك نظراتي تطير في الفضاء، تمشي على الغيوم قبل ما ترجع للأرض. دحين الطريق تصير جبليّة أكثر. أحسّها ما تنتهي إلّا في الأفق. الدليلة تشرح. والموضوع منحوتات على جذوع الأرز. تهبل. أتمنّى لو أقدر أغمّض عيوني وأحلم. بس الحلم هنا حقيقة. جمال المناظر ما تلاقينه غير في خيالك. الدليلة تقول نرتاح دحين. ضروري كمان أشرب ميّة. نجلس في أماكن مختلفة لكن في الظلّ. الناس يتكلّمون عن حاجات كثيرة. وأنا أفضّل أسكت وأسمع أصوات الطيور والحشرات الصغيرة. هنا تكتمل الطبيعة بكلّ مكوّناتها. نمشي من جديد وأشجار الأرز كأنّها عرائس في قصر ومو مسموح لحدّ يلمسهم. دحين وصلنا لجنب لافتة مكتوب عليها «العودة». طبعاً نفهم من غير ما الدليلة تقول أيّ حاجة. بس تصدّقين؟ تريدين تتركين قطعة من روحك هنا أو تاخذين قطعة من المكان في روحك.

اقرئي أيضاً: اختبري إسطنبول من منظار مختلف مع إقامة إستثنائية في فندق Fairmont Quasar، RHODES جزيرة الأساطير والطبيعة الخلابة، شاعرية كورنيش جدة تستقطب المصطافين

 
شارك