القيادة تغيّر حياتنا

بيه أشخاص دوم يعترضون. يعني لو قلت لهم إنّه السكّر حلو رايحين يقولون لك طعمه مرّ. ولو قلت لهم الأرض مستديرة يقولون: لا، مسطّحة. وعندي قريبة اسمها سميرة. طبعها كده. ما تحبّ تقول «أيوه صح». دوم تعترض. أحبّ إنّها ما تستسلم. بس أحياناً أحسّ إنها تبالغ. دحين نجلس في بيتها. من زمان ما التقينا. من سنة وأكثر. القريبات كلهم هنا، حصة وليلى ولميا ومنار وابتسام... نتكلّم عن قيادة المرأة. كلّنا نفرح ونشوف القرار روعة. وطبعاً سميرة هيّ اللي تعترض. تقول: «ليش القيادة؟ خلاص من غيرها أحسن». وطبعاً أسألها وأنا أتعجّب: «ليش؟!» وهي: «عندي صديقة أردنيّة تقول لي إنّه القيادة يعني توتّر، يعني زحمة وانتظار وتحمّل أخطاء الناس».

مستحضرات الماكياج هذه يجب أن تتواجد في سيارتك

وأنا كمان أتعجّب وأقول: «لو كل النساء في العالم يفكّرون بالطريقة ديه... خلاص قيادة النساء انتهت. ومو النساء بس، الرجال كمان. وتتكلّمين عن التوتّر. أقول لك حاجة؟ التوتّر في داخلنا. يعني نقدر نتحكّم بطريقة تفاعلنا مع الأحداث. وتقدرين ما تحسّين بالتوتّر وإنت تقودين السيارة». ودحين منار تقول: «ومو كده وبس. تقودين السيارة بنفسك يعني تصيرين مستقلّة. تدرين إيش يعني من غير سائق؟ إيش يعني استقلاليّة؟ خلاص الحياة تغيّرت». كلام منار يخليني أتحمّس وأبتسم وأقول: «منار، مية في المية، الكلام ده صحيح. ولا تنسين بيه نساء رايحين يشتغلون سائقات سيارة أجرة، يعني استقلاليّة ماديّة، استقلاليّة أكثر، إنتاج، اقتصاد أفضل». أحسّ كلامي يصير مثل كلام المحلّلين، أسكت.

بيان نايف القرشي: عائلتي شجّعتني كي أحصل على رخصة القيادة السعوديّة

أجمع أفكار بسيطة أكثر وأقول: «صدّقيني رايحة تصيرين حدّ ثاني، حدّ عنده ثقة أكبر بنفسه، بقدراته. القيادة مو بس إنّك تجلسين خلف المقود وتحرّكين الحاجة اللي اسمها سيارة». فجأة البنات يتكلّمون كلهم في الوقت نفسه. أسمع كلمة من هنا وكلمة من هناك: «القيادة... نساء... لا ... أيوه... حلوة...». بس منار تخليهم يسكتون ويسمعون. صوتها خشن وقوي. من حين كنا أطفال نسميها «أبو الهول» عشان صوتها. ما أدري ليش أو إيش العلاقة بين خشونة صوتها وأبو الهول. المهمّ إنّه آراءها تعجبني ودحين تقول: «سميرة، إنت متزوّجة وحين تقودين السيارة رايحة تتقاسمين المهمّات مع زوجك أكثر. توصيلة الأولاد والبنات للمدرسة، التسوّق... ممكن تصير مهمّاتك. يعني رايحة تمتلكين حريّة الاختيار. أغراض البيت تقدرين تشترينها بنفسك، على ذوقك. ده مو حاجة إيجابيّة؟». أسمع آخر كلماتها وأروح في خيالي لسيارتي الجديدة، أقودها في شوارع الرياض. أمي تجلس جنبي. نروّح للمول عشان نشتري حاجات نحتاجها. طبعاً الوالدة تقول من حين للثاني «إنتبهي، لا تسرعي»... الخيال صار حقيقة.

 
شارك