قهر السرطان ليس صعباً
يُعتبر سرطان الثدي من أكثر الأمراض التي تؤرق النساء، فهو لا يزال يصيب كثيرات من مختلف الأعمار على الرغم من تعدّد طرق علاجه وتطوّرها. هذا ويتطلّب الشفاء منه الخضوع لعلاجات صعبة وطويلة تحتاج إلى الصبر وتستدعي المرور بفترة متعبة نفسيّاً وجسديّاً، إلا أنّ قوّة الإرادة والأمل قد يحقّقان المعجزات، فيمكّنا صاحبتهما من تخطّي أقسى الظروف.
حين نسمع عن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي نشعر فوراً بالخوف فهذه الكلمات مرادفة لمرض السرطان، إلّا أنّ الظروف قد تضعنا أحياناً في مواجهة معه، وعندها لا مجال للضعف والتراجع بل لا بدّ من شحذ أسلحة الإرادة ودخول المعركة من دون التفكير في احتمال خسارتها.
نخشاها أم نقبل عليها؟
سرطان الثدي هو داء قد يصيب كل امرأة، ولكن، على غرار كل مرض، ثمّة علاجات له أثبتت قوّتها وقدرتها على منحنا الشفاء. فهل نخشى آثارها الجانبيّة أم نقبل عليها لأنّها طريقنا الوحيد إلى النجاة؟ الإجابة بالتأكيد ستكون تلقّي العلاج.
لا شيء مستحيل
«نعيش حياتنا معتقدين أنّه من المستحيل أن نصاب بمرض السرطان، نرى الآخرين من حولنا يقعون في شباكه ونتساءل عن سبب ازدياد أعداد الناس الذين يصابون به يوميّاً ولكن لا نتصوّر أن نصير نحن من بينهم».
العارض المفاجئ
هذا ما تقوله السيّدة سهام (42 عاماً) التي أصيبت بسرطان الثدي قبل عامين. العوارض التي شعرت بها لم تنذرها بأنّه الداء الخبيث فهي أحسّت فجأة بألم في كتفها ولم تعد تتمكّن من تحريكه، ما دفعها إلى زيارة الطبيب كي تعرف سبب هذا الوجع فكان أن اكتشفت بعد عدّة فحوصات إصابتها بورم غير حميد في الثدي.
الحقيقة الصادمة
تقول: «الصدمة كانت قاسية، لا سيّما أنّني كنت أستعدّ للاحتفال بخطوبة ابنتي الوحيدة، أخفيت عن أسرتي الأمر، وادّعيت أنّ سبب الألم هو التوتّر الذي يسبق التحضير للخطوبة، وبعد أيام من الحفلة جمعت أفراد الأسرة وأطلعتهم على الحقيقة وعلى ضرورة الخضوع لعمليّة استئصال سريعة للثدي، كنت متماسكة وقويّة أمامهم ولكنّني في داخلي ارتعدت من شدّة الخوف».
الخوف من الآتي
تضيف السيّدة الأربعينيّة: «لم أكن خائفة من العمليّة بقدر خوفي ممّا سيأتي بعدها، ومن احتمال ألّا يتمّ القضاء على الخلايا السرطانيّة. وبالفعل، كان خوفي في مكانه إذ عرفت في ما بعد أنّه عليّ الخضوع للعلاج الإشعاعي لأنّ بعض الخلايا السرطانيّة القريبة من الجرح لم تُدمّر بشكل نهائي».
الفترة الأصعب
تستطرد السيّدة: «كانت فترة صعبة لا يمكن أن أنساها، كنت أشعر بأنّ جسمي منهك وضعيف، لا حيل لي حتى أتكلّم أو أقوم بأيّ مجهود مهما كان بسيطاً، فقدت أبسط المتع فتناول الطعام أصبح كالكابوس إذ عنى نوبات من الغثيان الحادّ وأحياناً التقيّؤ».
التمسّك بالحياة
لم تسمح الوالدة والزوجة الشجاعة للمرض بأن يتغلّب عليها، وهي تقول: «قرّرت منذ ذلك الحين أن أعيش كل يوم بيومه، وأن أحتفل بكل ليلة تمرّ وأستيقظ بعدها لأرى شمس الصباح تشرق من جديد، كانت الحياة تعطيني فرصة أخرى وقد قرّرت التمسّك بها ونجحت إذ أخبرني الطبيب بعد فترة بأنّني تخلّصت من المرض وبأنّ جسمي بات نظيفاً من خلاياه الخبيثة».
أهميّة الفحص الشعاعي
إنّ التصوير الشعاعي للثدي أو الـMammography يساهم في اكتشاف المرض مبكّراً وهذا يعني تلقّي العلاج في أسرع وقت ممكن وازدياد احتمالات الشفاء.
متوارث ضمن العائلة
اكتشفت السيّدة هنادي (35 عاماً) وجود ورم في الثدي من خلال الصورة الشعاعيّة وهي لم تتفاجأ كثيراً لأنّ خالتها عانت من المرض في ما سبق.
الصراحة مطلوبة
تقول: «كنت قويّة جدّاً لدرجة لا تصدّق، طلبت من الطبيبة التحدّث معي بصراحة، وهي أكّدت لي إمكانيّة القضاء على الورم من خلال العلاج الكيميائي من دون الحاجة إلى الجراحة، فما كان منّي بعد العودة إلى المنزل إلّا أن أخبرت زوجي وحجزت موعداً للبدء بالعلاج».
اقرئي: العودة إلى الحياة الطبيعيّة بعد الشفاء
صدمة الشريك
تكمل السيّدة: «أصيب زوجي بالصدمة وشعر بالخوف ولكنّه عاد واستمدّ القوّة منّي، فهو عليه أن يكون حاضراً إلى جانب أولادنا، لا سيّما أنّني قرّرت ألّا أخبرهم بحقيقة مرضي، لأنّهم سينشغلون بي وسيهملون دراستهم. وقد انتقلت خلال فترة العلاج إلى منزل والدتي وقلت لهم إنّني مسافرة في رحلة عمل طويلة».
لا لليأس
كانت فترة العلاج صعبة إذ خسرت السيّدة الشابّة شعرها والكثير من وزنها، ولكنّها قاومت العوارض الجانبيّة للعلاج الكيميائي.
أهميّة الدعم المعنوي
تضيف: «بقيت أقول لنفسي إنّها فترة عابرة ستمضي لتعود الحياة إلى سابق عهدها، فأرجع إلى حضن أولادي، وقد ساعدني زوجي كثيراً فكان يقسّم وقته بين العمل والأولاد والاهتمام بي، لم يشعر يوماً باليأس ولم يتأفّف بل ظلّ محبّاً وداعماً لي حتى انتهاء العلاج».
الفحوص الدوريّة
بعد سنة من شفائها، تحرص السيّدة هنادي على أن تقوم كل ستّة أشهر بالفحوص اللازمة للتأكّد من أنّ الخلايا السرطانيّة لم ترجع في أنحاء أخرى من جسمها.
اقرئي: سرطان الثدي: اكتشفيه مبكراً لتتجنّبي مخاطره
إهمال الذات يؤدّي إلى كارثة
حول هذا الأمر، تقول: «إهمال الذات يؤدّي إلى كارثة حقيقيّة، أعرف الكثير من النساء اللواتي كنّ يهملن الصورة الشعاعيّة ولكن بعد التجربة التي مررت بها أصبحن يقمن بها كل سنة، فهذا المرض لا يفرّق بين أحد وهو قادر على أن يصيبنا في أيّ لحظة».
تعدّد الاحتمالات
كثيرة هي تجارب النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي وخضعن لعلاجاته الصعبة، سواء العلاج الإشعاعي أو الكيميائي أو جراحة استئصال جزء من الثدي أو كلّه أو استئصال الثديين معاً، منهنّ من نجحن وأكملن حياتهنّ ومنهنّ من لم يتمكنّ من قهره.
الإرادة تجترح المعجزات
المؤكّد هو أنّ الإرادة القويّة وعدم الاستسلام قادران في الكثير من الأحيان على اجتراح المعجزات، فاليأس هو الباب الذي يدخل منه الفشل.
التفاؤل بالمستقبل
لذلك يجب النظر إلى المستقبل بتفاؤل والبحث دائماً عن أجدد العلاجات وتجربتها لعلّها تحمل الشفاء.