منطقة الراحة تكيّف ذهني

«منطقة الراحة» أو الـComfort Zone عبارة نسمع بها كثيراً من دون أن نفهم معناها الحقيقي، حتى إنّنا نجهل أنّها قد تتحوّل في كثير من الأحيان إلى خطر يداهم الشخص ويبعده عن ضروريّات الحياة. فندخل إذاً عالم «منطقة الراحة» ونفهم تفاصيله أكثر.

بالطبع سمعت بعبارة «منطقة الراحة»، منّا من مرّ مرور الكرام عليها ومنّا من حاول البحث عن معناها الحقيقي. وفي الحالات جميعها، تبقى هذه الحالة السلوكيّة موضع فضول، لا سيّما أنّها تتحوّل لدى البعض إلى حالة شبه مرضيّة تغلق أبواباً كثيرة في حياتهم وتحدّ الفرص المتاحة لهم.

فما هو إذاً تعريف «منطقة الراحة»؟ متى تتحوّل إلى نقمة؟ وهل من سبل للخروج منها في حال شكّلت خطراً على الشخص؟

أجدد التقنيات للتخلص من مشكلة حصى الكلى

ما هي «منطقة الراحة»؟

تُعرف «منطقة الراحة» باللغة الإنكليزيّة بـComfort Zone، وتعني الحالة السلوكيّة التي لا يحسّ فيها الشخص بأيّ توتّر أو خطر. ويعود سبب هذا الشعور الآمن إلى العادة، أي أنّ الشخص قد اعتاد على تواجده في هذا الإطار الروتيني أو ذاك. وعن هذا الروتين، ينتج نوع من التكيّف الذهني والأمان غير الواقعي.

دقّ ناقوس الخطر!

قد لا تعلمين أنّ «منطقة الراحة» قد تشكّل في كثير من الأحيان سبباً من الأسباب التي تمنع أحدهم من التطوّر والتقدّم، فتحدّ من قدراته سواء في الحياة الشخصيّة أو المهنيّة.

كيف؟

تشعر عبير بأنّها غير راضية عن عملها في الشركة التي أمضت فيها خمس سنوات حتّى اليوم، إلّا أنّها تواجه صعوبة في الانتقال إلى عمل آخر لأنّها تخشى كل جديد، ما يعني أنّها تخاف الخروج من «منطقة الراحة» أو الحالة التي باتت معتادة عليها طوال السنوات الخمس الماضية.

لا تسمحي لهواء المكيّف بأن يضرّ بصحتك‎

فما السبب إذاً؟

تتعدّد الأسباب التي تدفعنا إلى البقاء في «منطقة الراحة» الخاصة بنا، ونذكر أبرزها:

-1 الكسل: وهو شعور الشخص بنوع من الإرهاق أو التعب من جهة أو الافتقار إلى الطاقة واللامبالاة من جهة ثانية.

-2 الخوف: وهو خشية الشخص من دخول عالم جديد يجهله تماماً، إذ تراوده الشكوك ويفكّر في المخاطر وفي النتائج السلبيّة التي قد تترتّب على ذلك. كما ويشمل هذا الشعور الخوف من مواجهة الآخرين وآرائهم أو وجهات نظرهم التي قد تأتي مغايرة ومعاكسة في بعض الأحيان.

-3 الكبرياء: وهي الحالة التي لا يشعر فيها الشخص بأيّ حاجة إلى التغيير أو إلى تعلّم أمر جديد، أي أنّه لا يؤمن بضرورة التقدّم وتحسين الذات لبلوغ مركز أفضل.

-4 قلّة التفكير: فحين نجهل عواقب البقاء في المكان ذاته وآثاره على مجرى حياتنا، نفضّل العيش في «منطقة الراحة» الخاصة بنا من دون تفاصيل جديدة تطرأ على يوميّاتنا.

هل أنت مستعدة لبدء الصوم؟

الفشل في مواجهة النجاح

البقاء في «منطقة الراحة» يعني رفض التغيير والانتقال إلى واقع جديد له إيجابيّاته. وحين يرفض الشخص هذه النقلة النوعيّة في حياته، يتذمّر ويلقي اللوم على الآخرين من دون أن يعلم حتى أنّ المشكلة تنبع من داخله وأنّه بحاجة إلى الاندفاع والشجاعة للمضيّ قدماً.

في المقابل، يحرص الشخص الناجح على أن يكون التغيير، في حدود العقل والمنطق، جزءاً لا يتجزّأ من حياته، مدركاً تماماً أنّ التجارب الجديدة التي يخوضها تساعده على تحقيق أهدافه وطموحاته.

انطلاقاً من ذلك، نستنتج أنّ للبقاء في «منطقة الراحة» ورفض الخروج منها انعكاسات سلبيّة على الفرد. وسنذكر أبرزها في ما يلي:

الانعكاسات السلبيّة

- إهدار المهارات والقدرات، إذ يحدّها الفرد ولا يسمح لها بالبروز في أطر جديدة.

- انعكاس سلبي على المسيرة المهنيّة، فالبقاء يعيق التقدّم لا بل يؤدّي إلى ركود في المهنة والعمل.

- تأثير سلبي على الصحّة، إذ يعزّز البقاء الكسل وقلّة النشاط.

- العجز عن محاسبة الذات، لا سيّما أنّ الشخص في هذه الحالة يلقي اللوم على الظروف المحيطة به بدلاً من إدراك المشكلة التي فيه.

فما الحلّ إذاً؟

لقاء مع الاختصاصيّة النفسيّة ريتا صقر

للاطّلاع على الحلول التي تساعدنا على الخروج من «منطقة الراحة» وإطلاق العنان لقدراتنا وكفاءاتنا الفعليّة، التقينا الاختصاصيّة النفسيّة ريتا صقر.

هل تعانين من ارتفاع ضغط الدم؟ 5 أطعمة صيفية ستساعدك على خفضه

خطوة تدريجيّة

أكّدت صقر أنّ الخروج من «منطقة الراحة» يتمّ تدريجيّاً، بعد تحديدها ومعرفتها تماماً. ويكون ذلك من خلال إدراك الروابط مع المحيطين بنا والأنشطة التي نمارسها بشكل دوري أو يومي ومستوى المسؤوليّة والاستقلاليّة في العمل كما والعلاقات مع المديرات والزميلات. وبعد تحديد «منطقة الراحة»، لا بدّ من التساؤل: هل تناسب هذه التفاصيل جميعها أسلوب حياتي؟ وهل تتوافق مع ما أرغب في إنجازه فعلاً؟

نصائح للخروج من «منطقة الراحة»

علماً أنّ العودة إلى «منطقة الراحة» ممكنة أحياناً، قدّمت الاختصاصيّة ريتا صقر نصائح تساعد كلّاً منّا على تخطّي الحدود الاعتياديّة والاتّجاه نحو التجدّد بعيداً عن الروتين.

ابدئي أوّلاً من النشاطات اليوميّة التي تمارسينها، لا تتوقّفي عنها طبعاً إنّما غيّري في طريقة القيام بها. كيف؟ بدلاً من الاستماع دائماً إلى أغنيات هذه المطربة التي اعتدت صوتها كل صباح، ابحثي عن نغمات مغايرة تعرّفك على مزاج جديد. وحين تخرجين مع صديقاتك إلى المركز التجاري،

لا تتردّدي في تذوّق نكهات جديدة. ولو كنت تحبّين طهي وجباتك بنفسك في المنزل، اسعي دائماً إلى تجربة أطباق مغايرة لم يسبق أن انضمّت إلى مائدتك. بالإضافة إلى ذلك، غيّري من حين إلى آخر الطريق الذي تسلكينه إلى المنزل للعودة من العمل، وهكذا تعتادين التواجد في إطار مختلف كل مرّة.

ومن الخطوات التي تستطيعين القيام بها أيضاً إدخال نكهة جديدة على حياتك من خلال تعلّم لغة لا تعرفينها أو العزف على آلة موسيقيّة تروق لك أو قراءة كتاب ملهم.

6 طرق للاسترخاء في عطلة نهاية الأسبوع

كما وأشارت صقر إلى ضرورة اللجوء إلى ديتوكس رقمي من حين إلى آخر والتخلّي عن الهاتف والإلكترونيّة ليوم كامل أو عدّة أيام متواصلة. فهذه الخطوة تتيح لك القيام بأمور لطالما أردتها ولم تجدي الوقت المناسب لها.

ولاستكشاف أساليب عيش وتفكير مختلفة، لا تتردّدي في التعرّّف دائماً إلى أناس جدد تختبرين معهم مجالات جديدة من الحياة. ولو اعتقدت أنّ الخطوات الصغيرة هذه لا تنفع، تكونين مخطئة إذ تأكّد دورها في تعويد الدماغ على الأمور الجديدة وغير المتوقّعة.

 
شارك