الخطوبة الطويلة خطر على العلاقة؟

من المعروف أنّ فترة الخطوبة من أجمل المراحل التي يمرّ بها اثنان قرّرا الارتباط، ففيها يكون الحبّ بينهما في أقصى درجاته، ويسعى الواحد منهما إلى أرضاء الآخر بكل الطرق وإظهار أفضل ما عنده من خصال وصفات، حتى يؤكّد لشريكه أنّه أحسن الاختيار. كما أنّها فترة إعداد بيت الزوجيّة، وهي بمثابة مرحلة انتقاليّة بين حياة العزوبيّة والحريّة من جهة، وحياة الارتباط والمسؤوليات الكثيرة التي تنتج عنه من جهة أخرى. يستفيد الشاب والفتاة من هذه المرحلة كي يتعرّفا أكثر على بعضهما ويختبرا قوّة حبّهما وانسجامهما، فإذا استمرّ الوفاق انتقلا إلى الخطوة المصيريّة وهي الزواج.

ظروف العريس تؤثّر

مدّة الخطوبة تختلف باختلاف ظروف العروسين الماديّة. ففي حال امتلك العريس منزلاً، يكون من السهل تجهيزه وإتمام الزواج سريعاً. أما إذا كانت ظروفه صعبة، فقد تطول فترة الخطوبة لحين الانتهاء من إعداد البيت فتمتد إلى ثلاث أو أربع سنوات، وهنا يمكن لنعيم الأشهر الأولى أن يتحوّل إلى جحيم يقضي على العلاقة. فما هي الفترة التمهيديّة الضروريّة قبل إتمام الزواج؟ وهل صحيح أنّ الخطوبة الطويلة تساهم في فتور المشاعر وانطفاء شرارة العلاقة؟

مواضيع ذات صلة: فوائد جمّة للاستماع إلى الموسيقى خلال العمل

رباط مبدئي

تقول هناء (27 عاماً): «استمرّت خطوبتي عامين وشعرت في الأشهر الأخيرة منها بأنّني لم أعد قادرة على الانتظار لكثرة الضغوط التي مارستها عليّ عائلتي للاستعجال في الزواج، فالأهل لا يرضيهم أن يدخل خطيبي إلى منزلنا كثيراً لأنّنا نعيش في مجتمع محافظ، لذلك كنت أدخل مع خطيبي في مشادات لا تنتهي وأضغط عليه كي يسرّع في الانتهاء من شراء أثاث المنزل، وكان الحل أن اقترض مبلغاً مكّننا من الزواج». تضيف هناء: «لم يكن ضغط الأهل السبب الوحيد الذي جعلني أطالب بتسريع الزواج، فقد مللت من الانتظار وأردت البدء بالحياة الحقيقيّة. الخطوبة رباط مبدئي، بينما الزواج هو ما أبحث عنه لبناء أسرة والإنجاب والتشارك مع الآخر حلو الحياة ومرّها».

فترة إعداد منزل الزوجيّة

لم يكن إعداد منزل الزوجيّة من أولويات العروسين في الماضي البعيد، فقد كان معظم المتزوّجون الجدد يعيشون في منزل الأهل، لذلك كانت فترة الخطوبة لا تدوم طويلاً. أما اليوم، فلم تعد الفتاة تقبل بأن تعيش مع حمويها حتى لو خصّصوا لها شقة صغيرة أو جناحاً خاصاً، بل باتت تريد بيتها الذي تشرف على إعداده بنفسها. ولأنّ أسعار العقارات ازدادت بشكل كبير، بات العريس يطلب أن تطول فترة الخطوبة وأن تساعده شريكته في تحمّل أعباء المنزل.

في الثلاثين

تقول روى (31 عاماً): «الفتاة التي دخلت سنّ الثلاثين لا يمكنها أن تقبل بخطوبة طويلة فتعرّض نفسها لاحتمال ألا يتم الزواج بعدما انتظرت سنتين أو ثلاثاً على أمل أن تنصلح حال من أحبّته ويتمكّن من تأمين كل مستلزمات الزواج، أما إذا كانت في مطلع العشرين، فيمكن أن تخطب وتبني مع الشاب الذي اختارته حياتهما المقبلة بتأن ويأخذان وقتهما. المهم أن يكون الحبّ موجوداً، لكن حين ندخل سنّ الثلاثين علينا نحن الفتيات أن نفكّر بعقلنا، فلا نضيّع الوقت في علاقة يمكن أن تفشل».

مواضيع ذات صلة: التعامل مع مرحلة الانفصال وما بعدها

لا تقلّ عن عام ولا تزيد عن عامين

من جهتها، ترى نهى (26 عاماً) أنّ فترة الخطوبة المثاليّة يجب ألا تقلّ عن عام أو تزيد عن عامين. تشرح وجهة نظرها: «خلال سنة، يمكن أن نتأكّد من مشاعرنا أو في حال كان الزواج عن عقل أكثر منه عن حب، يمكن أن أتأكّد أنّني قادرة على العيش مع الشخص الذي اخترته شريكاً، لأنّ في هذه السنة سنمرّ بظروف وسنواجه مشاكل وسنقيّم إمكانيّة أن نحلّها ونستمر، لذلك يجب أن يمرّ الطرفان في هذه السنة كي لا يندما بعد الزواج فيقولا أنّهما تسرّعا». أما عن سبب عدم جواز أن تستمرّ الخطوبة أكثر من عامين، فتقول نهى: «سيتسرّب الملل إلى العلاقة وسيزول عنصر الدهشة، وسيشعر الاثنان بأنّ الشريك اختلف عمّا كان عليه في الفترة الأولى من العلاقة، وهذا أمر طبيعي ينتج عن ازدياد ضغوط التحضير للزواج».

تهرّّب من الارتباط

أما فداء (29 عاماً)، فتتحدّث عن تجربتها مع الخطوبة الطويلة: «استمرّت خطوبتي خمس سنوات، شعرت في السنة الأخيرة منها بأنّ خطيبي لم يعد يحبني وأنّه يتهرّب من الارتباط وأنّني ضيّعت سنوات حياتي معه هباء». تكمل فداء: «لم يكن أيّ من ذلك صحيحاً، فقد كان سبب التأخير مشاكل حدثت بين خطيبي وإخوته ومنعته من أخذ ميراثه لدفع أقساط البيت الذي سيجمعنا، لكنّني كنت شديدة التأثّر بكلام والدتي وصديقاتي اللواتي أدخلن هذه الأفكار في رأسي، فساءت حالتي النفسيّة وصرت أفتعل المشاكل معه بسبب أو بدون سبب. كنّا على شفير الانفصال، لكن في النهاية انتصر حبّنا وتزوّجنا».

سلبيات الخطوبة الطويلة

لمزيد من الاستيضاح، التقينا اختصاصيّة علم الاجتماع ليلى شعيب التي اعتبرت أنّ سلبيات الخطوبة الطويلة تتجلّى في الحرمان العاطفي الذي يعاني منه الطرفان لأنّهما ليسا متزوّجين، وبالتالي يفتقد كل منها التواجد إلى جانب الآخر بشكل دائم، وهذا الغياب أو البعد بينهما يسمح للشك بالتسرّب إلى قلب أحدهما في حال أحسّ أنّ سبب تأجيل الزواج غير قوي وأنّ الآخر يعاني ربما من الخوف من الارتباط، أو أنّه غير واثق من مشاعره بدرجة كافية، وهذا الأمر سيخلق مشاكل كثيرة بينهما.

ظاهرة غير طبيعيّة

لهذه الغاية، يجب تمتين الحب والثقة بين الاثنين، وهذا أمر ضروري حتى يستمرا في الحياة الزوجيّة في ما بعد. من جهة ثانية، ترى الاختصاصيّة أنّ الخطوبة الطويلة التي تتجاوز السنتين ظاهرة غير طبيعيّة وخارجة عن المألوف، لأنّ فترة الخطوبة هي بمثابة فترة للتعارف أو لاستكمال التعارف الجزئي الذي حدث قبل إشهار العلاقة، وبالتالي لا تحتاج إلى وقت طويل قبل إتمام الزواج. فمن أقدم على هذه الخطوة يجب أن يكون مؤهلاً لإتمامها مادياً ونفسياً، وإلا سيكون فعلياً غير مستعد للارتباط وعليه ألا يظلم الطرف الثاني ويهدر له وقته. وتنصح الاختصاصيّة المضطرّين على عيش فترة خطوبة طويلة، أن يستفيدوا من هذه الفترة قبل دخول القفص الذهبي ويعمّقوا مشاعر الحب الجميلة التي تجمعهم، لأنّهم سيحتاجون إلى مخزون الحب خلال سنوات الزواج المقبلة.

مواضيع ذات صلة:خطوات تعزّز ثقتك بنفسك

 
شارك