أحسني معاملة نفسك
في خضم الحياة الصاخبة التي بتنا نعيشها، نرغب في أن تكون هناك واحة من الراحة والهدوء، نبحث في داخلنا عن شيء من طفولتنا، لأنّنا بتنا نعرف أنّها كانت المرحلة الأكثر سعادة في حياتنا، ولكنّنا نجد صعوبة في استرجاعها، والسبب أنّنا نرهق أنفسنا بمئات الاحتمالات والأفكار والمشاكل، فكيف نسترجع السكينة ونعيد إلى حياتنا الزخم والحماس والسعادة؟
الجواب عن هذا السؤال ليس صعباً، ولعلّنا نعرفه جميعنا، ولكننا غير قادرات على تطبيقه في حياتنا اليومية. الحل هو أن نحبّ أنفسنا إلى أقصى الحدود ونحسن معاملتها قبل التفكير بالآخرين، وقبل أن نبدّيهم على ذواتنا.
اقرئي: كوني سعيدة في عملك من خلال…
نقص في مكان ما
نرغب في أن نظهر بأبهى صورة، نكون شبيهات بالنجمات المحبوبات، نطمح بالنجاح في عملنا والتقدم، فنقضي الحياة بالسعي والتفكير والعمل والتعب من دون أن نقف قليلاً لنعرف: لأجل من نفعل هذا كلّه؟ هل فعلاً لكي نحقق الرضا والسعادة؟
في هذا السياق، تقول السيدة عليا (33 عاماً): "أشعر أنّ سنوات عمري مرّت سريعاً جداً وتستمر بالمرور من دون أن أعرف فعلاً هل ما أختبره يسعدني. تعلّمت ونجحت وحصلت على وظيفة وبعدها أحببت رجلاً وتزوجته وأنجبت منه أطفالاً، إنّها الحياة المثالية التي تتمناها كل امرأة، ولكنني في داخلي أعرف أني لست سعيدة وأنّ هناك نقص في مكان ما".
الحاجة إلى الراحة
الرغبة بالراحة ليست ترفاً، والراحة لا تعني أخذ إجازة لبضعة أيّام والعودة إلى نمط الحياة المتعب والسريع الذي اعتدنا عيشه، إنّها تعني أن نشعر بالسعادة لدى القيام بأيّ عمل: عند الاستيقاظ صباحاً من النوم، وتبادل التحيات مع الجيران، عند الحديث مع الناس من حولنا، لدى ممارسة أعمالنا مهما بلغ حجمها، ومع انتهاء النهار والعودة إلى البيت للاهتمام بالزوج والأولاد. الراحة هي ذلك الاندفاع للقيام بالواجبات بحبّ وحماس، هي تقسيم الوقت بذكاء وعدم تحميل النفس ما لا طاقة لها به.
قسوة المنافسة
حول هذا الأمر، تقول السيدة هناء (27 عاماً): "عرفت من خلال الطريقة الصعبة ما يعنيه أن أكون سعيدة في حياتي، فأنا كنت من النساء الباحثات عن الكمال في كلّ شيء، أرغب في التفوّق في الدراسة والعمل، وبالفعل حصلت على ما أرغب به ودخلت إلى المجال المهني، وعشت الصراعات واختبرت قسوة المنافسة، كنت في سباق دائم مع الزمن، عشت القلق والعصبيّة والأرق، لم أكن أنام أكثر من 4 ساعات في اليوم، وأعمل لوقت متأخر، إلى أن أصبت بانهيار عصبي تطلّب دخولي إلى المستشفى".
ما بعد الصدمة
تكمل الشابّة العشرينيّة: "حين رقدت على السرير كان لديّ كل الوقت لكي أفكر في حياتي، وأفهم فداحة الخطأ الذي ارتكبته بحق نفسي، لم أدرك أنّ لجسدي حق عليّ، ببساطة نسيت معنى العيش والاستمتاع بالأمور الصغيرة كحب أهلي ورفاقي، كعيش فترة شبابي والخروج والتمويه عن نفسي، وقررت أن أغيّر أولوياتي".
اقرئي: حياتك مميّزة بعيداً عن الرقميّة
أهمية التغيير
تستطرد هناء: "بتّ أعيش يومي من دون التفكير كثيراً في المستقبل، أستيقظ صباحاً فأخرج لممارسة هواية المشي في الطبيعة، نظّمت أكلي وحددت ساعات عملي، وسّعت دائرة معارفي وبات همّي أن أكتسب الصداقات لكي أعزز ثقافتي وأوسّع آفاقي، اختلفت درجة تقدمي في العمل، لا أنكر ذلك، ولكنّ الحياة ما زالت أمامي، الفرق الآن أني سعيدة ومتفائلة، وهذا الأمر سيجلب لي المزيد من الفرص".
التحرر من الخوف
الوصول إلى السعادة لا يعني بالضرورة المرور بتجربة أليمة حتى ندرك ماذا يفوتنا، يحتاج إلى وقفة صريحة مع النفس والتحرر من الشعور بالخوف على ما أنجزناه، وهو ما يجرّنا دائماَ نحو تحمّل المزيد من الأعباء.
محاولة إرضاء الغير
لكي نعرف أنفسنا جيداً يجب أن نبحث عن الحسنات في شخصيّتنا ونؤمن بها ونكون على يقين بأنها تميّزنا عن غيرنا، فلا نتأثّر سريعاً بالنقد السلبي، بل نبحث عن أسبابه فإذا كانت حقيقية، نأخذ به ونحاول أن نتغيّر نحو الأفضل.
من جهة ثانية، يجب أن نتوقف عن الاهتمام كثيراً بكلام الناس، أو بما يفكر به الآخرين، فمحاولة إرضائهم شبه مستحيلة، ولذلك حين تقومين بأيّ عمل فكري بما سيعنيه هذا الأمر لكِ، وقومي به بثقة واندفاع كي يكتب له النجاح.
نصائح ثمينة
فيما يلي 5 نصائح تخولّك الشعور بالرضا وتمنحك السعادة:
1 - لا تتأثري بالغير
من أكثر ما يؤرق حياتنا التأثر بحياة الآخرين والرغبة في أن نكون مثلهم، فلا تنغشّي بالمظاهر واعرفي أنّ لكلّ إنسان مشاكله التي يخفيها ليبرز للمجتمع أفضل ما فيه.
2 - تعلّمي الصبر
"الصبر مفتاح الفرج" مقولة تحمل الكثير من المعاني، ولذلك لا تحرقي أعصابك بكثرة التفكير، وانتظري على الأمور حتى تتحقق لك، وحتى لو لم يحصل ما تتمنينه ثقي بأنّ ما ينتظرك سيكون أجمل.
اقرئي: 8 نصائح للإقلاع عن التدخين نهائياً
3 - لا تبالغي بتقدير الماديّات
السعي نحو تحقيق المنافع المادية يسلبك حياتك ويحرمك الاستمتاع بوقتك مع من تحبين، فلا تبالغي بتقدير قيمة الماديّات، بل ابحثي عن سعادتك في التفاصيل الصغيرة، كغداء مع العائلة أو مشوار مع الزوج أو جلسة مع الصديقات.
4 - أحبّي نفسك كما أنت
اكتسبت وزناً إضافياً، ولا تشعرين بالراحة مع جسدك؟ لا يهم، لا تنغّصي حياتك بهذا الهاجس، ولا تحرمي نفسك من شيء تحبّينه، حين تقررين خسارة الوزن فليكن بإرادتك ومن دون ضغوط من أحد، بالمختصر عليكِ أن تحبي نفسك كما هي، ولا تسمحي لأحد أو لشيء أن يزعزع ثقتك.
5 - ابتعدي عن المجاملات
لا تغرقي في بحور المجاملات، فليكن كلامك منمّق ومحترم على الدوام، إنما ليس بشكل مبالغ به، كوني على طبيعتك مع الناس وتأكدي أنّهم سيُعجبون بك، فأنتِ مليئة بالمفاجآت، ومن حسن حظّهم أنهم يعيشون في محيطك.