نور جرار: أفتخر أني نشرت كتاباً تناول قضية عربية مهمة بطريقة قريبة من جيل اليوم
اختارت الشابة الفلسطينية نور جرار ريادة الأعمال في مجال إنساني، فبدل الترويج لمنتج أرادت الترويج لقضية وهي القضية الفلسطينية، من خلال إنتاج ونشر كتاب The State of mind Palestine. نور التي تملك خبرة كبيرة في مجال التسويق والموضة والأزياء الراقية من خلال عملها في علامة Romani الشهيرة، اختارت أن تحدث نقلة نوعية في حياتها المهنية من خلال التوجه نحو النشر باسلوب حديث وراقي، تحدثنا في هذا اللقاء عن أهمية الكتاب في توثيق الأحداث وإبراز صورة حقيقية عن التاريخ للجيل الجديد.
حدثينا عن الأسباب التي دفعتك نحو نشر وتأليف كتاب The State of mind Palestine؟
أنا كفلسطينية، منذ بداية وعيي على هذه الدنيا، رأيت الصراع الذي يمرّ به شعبي، ولم أكن قادرة على الإتيان بأي عمل للمساعدة، ولكن اليوم ولأننا في عصر وسائل التواصل، بات بإمكاننا التحرك لرفع مستوى التوعية حول ما يحصل في بلدي. حين بدأت أحداث أكتوبر العام الفائت، كنت أتحدث مع صديقة لي تعيش في لندن وانزعجت من قولها إنّ لا وجود لدولة تسمى فلسطين، هذا التصريح الذي بدر منها أربكني وضايقني، واحتجت لأن أثبت لها عكس ذلك. من هنا بدأت فكرة الكتاب، حيث أردت أن أريها صوراً تؤكد وجود شعب فلسطيني وأرض كانت لهم وعاشوا عليها، ومن عائدات هذا الكتاب أستطيع أن أساعد الذين يعانون اليوم في غزة.
كيف كانت الانطلاقة، وكيف تيسر أمامك جمع الصور والمعلومات للخروج بمادة قوية تؤمن لك نشر الكتاب؟
في الحقيقة لم يكن الأمر سهلاً ولا سيما أني لا أملك أي خلفية في مجال النشر، ولكن الموضوع كان مثيراً للحماس والإصرار، فأنا أردت أن أفرّغ كل الحزن والغضب الذي يعتريني بسبب ما يجري في بلدي من خلال هذا المشروع، وقد كان لي ما أردت. أخذ الأمر مني حوالى 3 أشهر من العمل المتواصل والمتعب، البداية كانت بأني نشرت على صفحتي عبر إنستغرام بوست مفاده أني أعمل على نشر كتاب حول فلسطين، وطلبت من المتابعين إرسال صور من أرشيفهم قبل عام 1948، وقد توقعت أن يأخذ الموضوع شهور طويلة لأجمع الصور، ولكني تفاجأت بمدى حماس الناس للمشاركة، فتلقيت عشرات الصور ما مكنني من توثيق تواجد أجدادنا في فلسطين ضمن كتاب، فنحافظ على هذا الحق مستقبلاً. إحتاج الفلسطينيون من كل دول العالم أن يشاركوا لكي يكونوا جزءاً من عمل يخدم قضية بلدهم، ويدعمها بطريقتهم الخاصة. هذا الحماس انعكس أيضاً عليّ وزادني رغبة بالخروج بمحتوى مميز وقوي ومؤثر.
بعد الانتهاء من جمع الصور، بدأت بالتواصل مع دور النشر، وصدمت حين عرفت أن معظمها يأخذ من 70 إلى 90% من عائدات الكتاب، كما أنهم يتولون مسؤولية تصميم الصفحات الداخلية، والغلاف الخارجي والكثير من التفاصيل المهمة، وأنا لم أرد أن يحصل هذا مع كتابي، بل احتجت أن أتمم كل ما يتعلقب به بنفسي، فأنا صاحبة الفكرة والمبادرة، ولم أرغب أن تذهب معظم العائدات لدور النشر بل أريدها أن توزّع على من يحتاجها في فلسطين. من هنا قررت أن أؤسس دار نشر حتى أنشر كتابي بنفسي، فأتمكن من التبرع بنسبة 100% من العائدات لدعم القضية الفلسطينية.
حدثينا عن ردود الأفعال حول الكتاب بعد إصداره؟
ردود الفعل جاءت من جهتين، الأولى هم العوائل الذين أرسلوا لي صوراً لنشرها ضمنه، حيث كانوا سعداء جداً بالنتيجة، فهناك شابة فاجأت أهلها وجدها بصورهم، وأحسوا بالفخر لأنهم كانوا جزءاً من كتاب موثق يحتوي على حوالى 400 صورة تظهر نمط حياة الناس، طريقة لبسهم وأعمالهم وأماكن سكنهم، في تأكيد على حقهم بهذه الأرض، ما يثبت لأجيال كثيرة قادمة أن فلسطين هي أرضهم.
الجهة الثانية، هم أناس غير فلسطينيين اهتموا بالحصول على الكتاب لأن لديهم الحشرية ليعرفوا الحقيقة، فبعد العرب والفلسطينيين الذين اشتروا الكتاب لأنهم يعتبرون فلسطين قضيتهم، رأينا أرقام مبيعات عالية جداً في الولايات المتحدة، فهي ثالث أكثر بلد يباع فيها الكتاب، قبلها الإمارات، وفي المركز الثاني السعودية والأردن بالتساوي، كما يباع بكثرة في فرنسا وبريطانيا وأستراليا وألمانيا.
هذا الانتشار للكتاب يظهر مدى الوعي الذي يبديه الجيل الجديد في اكتشاف الحقائق وعدم الانسياق وراء الإعلام الغربي الموجّه والذي يغيّر في السياق التاريخي للأحداث.
كيف قمت بالتسويق للكتاب كي يحقق هذا الانتشار بوقت سريع؟
التسويق هو مجال عملي ودراستي وقد استفدت من خبرتي المهنية لكي أروّج للكتاب ولفكرته بالطريقة المناسبة، فأنا أعرف تماماً كيف آخذ منتجاً جديداً وأسوّق له وأضاعف مبيعاته سريعاً. البداية تكون بالاستفادة من وسائل التواصل، بعدها إنشاء موقع إلكتروني جذاب، يليه تسهيل إمكانية البيع والشراء عالمياً من خلال التعامل مع DHL، وحثّ الجمهور على التحدث عن الكتاب عبر منصاتهم الخاصة على وسائل التواصل ومشاركة أصدقائهم وعائلاتهم بمعلومات جاذبة عنه.
يتميّز غلاف الكتاب بتصميمه الجذاب والمترف الذي ساهم بشكل كبير بأن يكون A Coffee table Book، ما هي ظروف اختيار هذا الغلاف الجديد والمبتكر؟
تواصلت مع أكثر من 7 مصممين لدى العمل على الغلاف، فقد كان لديّ فكرة معينة في رأسي واحتجت لمن ينفذها ببراعة ويعكسها بإتقان. لكي يصنّف كتابي A Coffee table Book يجب أن يكون مختلفاً عن كل ما نشر سابقاً عن القضية الفلسطينية، بالتالي فإن الغلاف سيعكس فخامة ورقي الأماكن التي سيوضع بها الكتاب، سواء داخل المنزل أو المكتب، فمكانه ليس كالروايات أو الكتب البوليسية مثلاً: في المكتبة بعد الانتهاء من قراءته، بل إن هذا الكتاب سيكون جزءاً من أثاث فخم، وسيلفت أنظار الضيوف لتصفحه واكتشاف محتواه المهم والهادف. من هنا اخترت الألوان القوية والمتناغمة، والتصميم الجديد حيث الدوائر مرسومة بخط اليد، مع خلفية بيضاء، عنوان واضح، وألوان بارزة.
من جهة ثانية، أردت كتاباً يلفت الأنظار، يحاكي الجيل الجديد الذي لا يعرف الكثير عن هذه القضية، ويصل إليه بلغة حديثة وبشكل مميز وراق لا يختلف عن أي محتوى غربي يراه أكثر تطوراً ربما، لأنه مستورد.
حدثينا عن شغفك الآخر وهو عملك في مجال الموضة مع أختك المصممة المعروفة هيا جرار؟
عملي مع شقيقتي يتعلق بالحيّز التسويقي لدار Romani، وهنا ألفت إلى أن هيا ساعدتني كثيراً في اختيار الألوان للغلاف. خبرتي في الموضة الراقية والأزياء الحديثة خولاني تقديم صورة مختلفة وعصرية عن القضية الفلسطينية، تعكس القوة والحق وليس الضعف أو الخسارات.
كيف استطعت الاستفادة من عوائد الكتاب لمساعدة الشعب الفلسطيني؟
حلمي الأساسي من الكتاب كان أن أساهم على أرض الواقع في مساعدة الشعب الفلسطيني، لم يرضني التبرع فقط عبر الجمعيات الإنسانية المعروفة، وهو أمر نقوم به من خلال التبرع لمؤسسة أميرة والهلال الأحمر الإماراتي والأونروا. أنا أردت أن أرى نتيجة مساهماتي بعيني، لذلك قمنا بتنظيم حملة في رمضان الفائت، مع مؤسسة داخل فلسطين، استطعنا خلالها أن نوصل المساعدات إلى أسر محتاجة، وبعدها أطلقت 4 حملات خاصة بغزة، يمكن الاطلاع على أعمالها من خلال صفحتي عبر إنستغرام، وأكثر نشاط أحببته ولامسني بقوة، هو توزيع الحلوى على الأطفال الصغار ورسم البسمة على وجوههم.
هي ستستمرين في مجال النشر بعد أن اكتشفت قدرات كبيرة فيه؟
بالتأكيد، فأنا ساعدت في نشر عملين لأشخاص قصدوني لكي أوجههم، وأعمل حالياً على مشروع نسخة جديدة من الكتاب ولكني سأتحفظ عن التطرق إلى فكرتها حتى تتبلور بشكل كامل. هنا ألفت إلى أني جاهزة لأن أساعد كل شخص يقصدني لاكتساب المعرفة حول مجال النشر، فهدفي إنشاء مجتمع صغير لجيل جديد من الناشرين العرب.
اقرئي المزيد: ميرنا طراد حداد: الرفاهية هي تحقيق ما نحلم به لينعكس راحة لنا ولِمن حولنا