حين كنّا بانتظار لقاء الإعلامية اللبنانيّة ريتا حرب، أطلّت أمامنا هذه المرأة الجميلة التي اكتسبت ثقة المشاهدين من مختلف الأقطار العربية بفضل حضورها الاستثنائي والمحبّب وثقافتها اللامحدودة. ارتبط اسمها بمحطة “أوربت” وتحديداً ببرنامج “عيون بيروت” لسنوات طويلة، فدخلت قلوب الناس دون استئذان، وعرفت كيف تحافظ على استمراريتها في مجال فاض بالإعلاميين ومقدّمي البرامج. وكما أثبتت نفسها في مجال التقديم والحوارات على مختلف أنواعها، ها هي ريتا حرب تحقّق جزءاً كبيراً من شغفها بالتمثيل في تجارب عدّة أثبتت من خلالها أنها ممثّلة تستحق فرصاً كبيرة.
يُجمع الكثيرون أن ريتا حرب تمكّنت من اكتساب ثقة الجمهور على مرّ السنوات على الرغم من ظــــهور وجوه جـــديدة في مجال الإعـــــلام. ما هو الســــر وراء هذا التميّز؟
لا شكّ في أن هذا الإجماع هو أمرٌ إيجابي جداً ويسعدني كثيراً. أعتقد أن سرّ تميّز الإعلامي عن غيره يكمن في حضوره، الذي هو هبة من الله، الأمر الذي سيكسبه في طبيعة الحال ثقة الجمهور ومحبتهم، علماً بأن الساحة الإعلامية شهدت بلا شك ولادة مقدّمي برامج مجتهدين يتّسمون بحضورٍ مميّز.
ما هي المقومات التي يجب أن يتحلّى بها مقدّم البرامج ليكون ناجحاً؟
يجب أن يتمتّع بالدرجة الأولى بحضورٍ لافت، فيتقبّله الناس ويحبّونه حين يطلّ عبر الشاشة، وأن يملك القدرة على إيصال المعلومة بطريقة يستوعبها المشاهد ويتلقّاها برحابة صدر. هذا بالإضافة إلى الاهتمام بمظهره الخارجي بشكل غير مبالغ فيه مع امتلاكه خلفيّة ثقافية ليكون محاوراً ناجحاً ويوصل المعلومة بطريقة صحيحة.
كيـــــــــف تحرصـــيـــــــن علــــى تـــطويـــــــر مـعلوماتك العامّة؟
منذ بداياتي في قناة “أوربت” حتّى اليوم، أحرص دوماً على تطوير ثقافتي في المعلومات العامة وأعمل جاهدة لأكون ملّمة بالمجالات كافة من خلال قراءة الصحف، متابعة الأحداث اليومية عبر شاشات التلفزيون، وكلّ ما يحكى عبر الإذاعات لأكون مواكبة لكل ما يحدث من حولنا. كلّ هذه الأمور وغيرها تساعدني على تنمية خلفيتي الثقافية وعلى التعمّق أكثر في المعلومات التي أمتلكها خصوصاً في المواضيع التي أحبها.
حدّثينا عن تجـــــربتك فــي الحوارات الخــــاصة التي تجرينها بها مع ســـياسيين لبنانيين وإلى أي حدّ تـــــرين نفـــسك كمحاورة سياسيّة؟
أرى نفسي في مجال الحوار السياسي كما في المجالات الأخرى على مختلف أنواعها، فأنا أتابع الحدث السياسي مثلما أتابع الحدث الفنّي. لا شك في أنّ الحوار مع رجال السياسة في مقرّ عملهم يحمل نكهة خاصّة ويختلف عن حوار الاستديو، فالحوار في مكاتبهم الخاصة يتّسم بخصوصيّة مطلقة، بحيث تكتشف عالمهم الخاص وكيف يتعاملون مع محيطهم. هذا النوع من الحوارات يريح رجال السياسة أكثر وبالتالي تراهم يفتحون قلوبهم إلى الكثير من المواضيع ويتّسمون بصراحة وعفوية أكبر، وربما يعود ذلك إلى تواجدهم في مكان اعتادوا عليه أي مكاتبهم. حين يتعرف المرء إلى هذا السياسي أو ذاك ويتعرّف على خلفيّته الثقافيّة وإلى أيّ حدّ هو شخص مطّلع وصاحب نظرة إيجابيّة بصرف النظر عن انتمائه السياسي أو الحزبي، لا شك في أنّ النظرة التي تتكوّن تجاهه في بادىء الأمر ستتغيّر تلقائياً، من هنا يجب أن نتجنّب الحكم المسبق على الأشخاص سواءً كانوا سياسيين أم غير سياسيين.
أفهم من ذلك أنك لا تحكمين بسرعة على الأشخاص؟
ربما كنت أفعل ذلك في الماضي، ولكن مع الوقت تتعلّم ألا تكوّن حكماً مسبقاً على الأشخاص. حين تتعرّف أكثر على الشخص الآخر وتستمع إلى وجهة نظره وتدخل قلبه أوبيته أو مكتبه، تلقائياً تتغيّر نظرتك تجاهه، وليس بالضرورة أن تكون دوماً نظرة إيجابية لأنه من الممكن أن تكون سلبية.
يرتبط اسمك منذ سنوات طويلة بقناة “أوربت“. ما سرّ ارتباطك الوثيق بها طيلة هذه المدّة، هل هو وفاء لها ولبرنامج “«عيون بيروت“ أم قناعة شخصيّة وثقة منك أن ما تقدّمه لك لن تقدّمه أية محطة أخرى؟
علاقتي بـ”أوربت” هي بمثابة الحب من أول نظرة، الحب الأول الذي يبقى في قلبك ومن المستحيل أن تنساه. أقصد بذلك أن مسيرتي المهنية انطلقت مع انطلاقة المحطة، والناس تعرّفوا على وجهي للمرّة الأولى من خلالها، وبالتالي اكتسبت خبرتي وبنيت اسمي في عالم الإعلام من خلال “أوربت”، الأمر الذي حضّني على البقاء فيها. لا شك في أن “أوربت” في البداية قدّمت لي أكثر مما تقدّمه لي في الفترة الراهنة لكونها مشفّرة ولكون الإعلام في تطوّر مستمر، ولكن لا أنكر أن هناك وعود لتقديم برنامج خاص بي. أضف إلى ذلك أن “أوربت” متمسّكة بي، وأنا بدوري ما زلت أعطيها الأولويّة.
الأزمة المادّية التي عانت منها المحطة منذ فترة، ألم تكن حافزاً للبحث جدّياً عن فرص جديدة؟
الأزمة المادّية لم تصب “أوربت” فقط، علماً بأن الوضع في المحطة شهد تحسناً ملحوظاً، إنّما أصابت المؤسسات الإعلامية كلّها من دون استثناء، وللأسف هذه الأزمة في تزايد مستمر على الصعيدين العربي والعالمي، وبالتالي هذا الواقع لا يشجعك للانتقال إلى مؤسسة أخرى لكون المؤسسات كلّها تتشارك المعاناة نفسها، باستثناء بعض العروض التي يمكن أن يتلقّاها الإعلامي والتي تفتح له فرصاً جديدة ومجالات مختلفة.
ألا تشكّل الحرية التي تعطيك إياها المحطة، لتقديم برامج خاصّة خارج إطار المؤسّسة، دعماً إضافياً لكِ؟
ما أقوم به خارج إطار المؤسّسة قائم على اتفاق مسبق بيني وبين المحطّة، وهو يرتبط فقط بالتمثيل وبتقديم المهرجانات والسهرات، هذا بالإضافة إلى الحلقات الخاصّة التي أصوّرها مع بعض الفنانين علماً بأن الأمر لا يتعدّى ذلك.
ألا تطمحين إلى تقديم برنامج جديد خارج إطار “عيون بيروت“ يوماً ما أسوةً بزميلتك راغدة شلهوب التي انتقلت إلى قناة الحياة؟ و ماذا عن طموحك بالانتقال إلى محطة جديدة تقدم لك انتشاراً أكبر من “أوربت“ المحطّة المشفّرة؟
سأجيب عن هذا السؤال حين أتلقّى عرضاً من محطة أخرى وكما يقال: “لكلّ حادثٍ حديث”. أنا على تواصل دائم مع إدارة “أوربت” وحين أحصل على فرصة جديدة من محطة أخرى سأدرس الأمر مع الإدارة، وهذا ما فعلته راغدة حين تلّقت عرضاً من قناة الحياة.
هل يعني هذا أنّك مستعدة للتخلّي عن حبّك الأول مقابل فرصة جديدة؟
ليس بالضرورة أن تبقى ملازماً لحبّك الأول طيلة العمر، ولكن يبقى هذا الحنين الذي تشعر به تجاهه. لا شك في أنني مخلصة لـ”أوربت”، والأخيرة بدورها حريصة على استمراريّتي فيها، ولكن إن تلقيت عرضاً خيالياً فكن على ثقة أن “أوربت” ستكون سعيدة لي وستتمنّى لي كل الخير.
من الإعلام إلى التمثيل، إلى أين وصلت ريتا حرب في هذا المجال؟
ما زلت في مرحلة إثبات نفسي علماً بأنني تمكّنت من تحقيق جزء كبير من شغفي تجاه التمثيل. أحب هذا المجال كثيراً وأعتبره بمثابة شغف وهواية، فأنا أهوى تجسيد شخصيّات جديدة ومختلفة تخرجني من الروتين.
التمثيل في الوقت الحالي بمثابة هواية بالنسبة إليكِ. ماذا عن احترافك التمثيل كمهنة أساسية؟
كلّما كان التمثيل هواية بالنسبة إليّ كلّما كان أدائي أفضل، فالتمثيل حين يتحوّل إلى مهنة سيجد الممثّل نفسه تلقائياً يهتم بأمور أخرى كالنجوميّة وكيفيّة التصرّف وغيرهما، وبالتالي سيفقد هذه العفوية التي يتسم بها وهذا الشغف تجاه التمثيل الذي سيتحول بذلك إلى مجرد عقود يوقّعها. وأنا من جهتي أحرص دوماً على المحافظة على عفويتي في كل خطوة أقوم بها وأبتعد عن الافتعال.
هل حقّقت من خلال ما قدّمته من مسلسلات ما كنت تطمحين إليه؟
ما زلت في مسيرة تحقيق طموحاتي ولا يزال يوجد الكثير من الأدوار التي أرغب في أدائها في مجال التمثيل.
هل يمكن اعتبارك السبّاقة في انتقال عدوى التمثيل إلى الإعلاميّات؟
نعم، وكنت أول عارضة أزياء تدخل مجال الإعلام (ضاحكة). لا شك في أنّ هذا الأمر يسعدني كثيراً وأراه إيجابياً.
كيف واجهت الانتقادات التي طالتك في أولى تجاربك التمثيليّة خصوصاً أن البعض لم يتقبّلك كممثّلة؟
تقّصدت أن أدخل مجال التمثيل من خلال المشاركة في حلقة واحدة من سلسلة “الحياة دراما” وليس من خلال مسلسل كامل، وانتظرت رأي الجمهور والنقّاد، والحمدلله اعتبر الكثيرون أنّني قطعت شوطاً كبيراً، علماً بأن تجربتي في “الحياة دراما” كانت على عجلة، فحينها لم أخضع لأيّ تدريبٍ مسبق. أضف إلى ذلك أنّ زملائي في موقع التصوير شهدوا لي أنّني موهوبة بالفطرة، كما لاحظوا حرصي الشديد على متابعة التفاصيل كافّة، ولمسوا مدى دقّتي في مواكبة كل شيء.
اعتبر البعض أن ريتا حرب لم تحقّق النجاح المفترض أن يحقّقه الممثل، ويتساءلون ماهو سرّ إصرارك على التمثيل.
“لم آخذ شيئاً من درب أحد”، ولو لم أحقّق النجاح لما عرض عليّ أكثر من دور بطولة، وأصبح في جعبتي تجارب عدّة. هذا ولا يمكن لأحد أن ينكر أننّي ممثلة جيدة بشهادة الجميع.
ألا تخشين أن يبعدك التمثيل عن شغفك الأول ألا وهو الإعلام؟
لا أعتقد ذلك، لأنني سأحرص على التوفيق بين الاثنين، أما إذا شعرت يوماً أنّني غير قادرة على ذلك فقد أتوقّف بشكلٍ مؤقت عن مزاولة أحد المجالين لصالح الآخر، ولكن هذا لا يعني أنني سأتخلى عن أي منهما.
تستعدّين لخوض تجربتك الجديدة في التمثيل من خلال مسلسل “جمهورية نون“. أخبرينا عن العمل وعن الشخصية التي تجسّدينها فيه؟
أجسّد دور محامية اسمها “ريما نون”، لديها خمسة أولاد فرض عليها أهلها الزواج من محامي شهير يكبرها بـ25 سنة بالعمر. وبعد وفاته تحلّ ريما مكانه وتتسلّم مكتبه لتتوالى الأحداث بعد ذلك.
حوار: ريشار ديب، تصوير: طارق مقدم، مدير تنسيقي: نيكولا عازار، مديرة فنية: فرح كريديّة، تنسيق الملابس: ساره مرتضى، تصفيف الشعر: هوفيك من صالون سيمون مندلق، ماكياج: ماتيلدا معماري