المدير التنفيذي لـ Swarovski يكشف أسرار نجاحها
تعدّ علامة Swarovski من العلامات المميّزة التي استطاعت الوصول بتصاميمها إلى مختلف بلدان العالم. لذا، كان لا بدّ لنا من إجراء مقابلة حصريّة مع Robert Buchbauer ، مديرها التنفيذي وعضو مجلس إدارتها الذي تولّى على مدى أكثر من 15 عاماً مناصب مختلفة في الشركة وضاعف أرباحها وساهم في دخولها مجالات جديدة فأطلق في العام 2009 مجموعة ساعات وعام 2010 مجموعة خاصّة بالرجل وعام 2011 مجموعة من النظّارات. وبالتالي، جعل Swarovski علامة تجاريّة رائدة في مجال المجوهرات والساعات مع أكثر من 3000 متجر حول العالم. فالأهمّ بالنسبة إليه هو جذب الزبائن إلى هذه الماركة من خلال إضافة بريق خاصّ إلى حياتهم، مع تحديث فلسفة العائلة المتعلّقة بالابتكار والدقّة في التفاصيل والعصريّة.
من المعروف أنّ الشخص لا يستطيع أن يختار عائلته، إلّا أنّه بإمكانه اختيار مهنته. أخبرنا عن ذكرياتك الأولى مع الكريستال وعن السبب الذي دفعك إلى دخول هذا المجال.
في الحقيقة، رأيت الكريستال للمرّة الأولى خلال طفولتي، عندما اصطحبتني جدّتي إلى المستودع في أحد الأيّام وفتحت أمامي صندوقاً خشبيّاً كبيراً مليئاً بالكريستالات وبمواد أخرى يعاد تدويرها. وأذكر أنّني كنت برفقة أولاد عمّي وقد سمحت لي جدّتي بأخذ حفنة من الكريستال ووضعها في جيبي، وهذا ما حصل. وفي ذلك الوقت، اعتبرت أنّني وجدت كنزاً ثميناً. وحول دخولي هذا المجال، لا بدّ لي من القول إنّني لم أخطّط قطّ للعمل في الشركة. فبعد عملي لسنوات عدّة خارجها، تقدّمت لوظيفة جديدة وقد صودف أنّ أحد أعمامي كان عضواً في المجلس التنفيذي السابق. عندها، أخبره والدي أنّني بحاجة إلى وظيفة فعلمت أنّهم يبحثون عن مواهب شابّة وأثار ذلك اهتمامي فتقدّمت للمنصب وحصلت عليه بالفعل. أعتبر ذلك صدفة. وبكلّ صراحة، لم أندم أبداً على هذه الخطوة لأنّني لمست من جديد هذا البريق الذي اختبرته في طفولتي، إنّما هذه المرّة من منظار شخص راشد. وفي ذلك الوقت، لم أكن صغيراً أبداً إذ كنت أبلغ الثلاثين من عمري، إلّا أنّ هذا البريق أصبح جزءاً من حياتي العاطفيّة لا سيّما أنّه اعتبر الجوهر. صحيح أنّ Swarovski تأخذ عامل التكنولوجيا في الاعتبار، غير أنّ تأثير تصاميمها الفعلي يكمن في البريق وفي القطعة بحدّ ذاتها وفي الضوء والسطوع فكلّ ذلك يحرّك العواطف، ليس فقط في نفس الزبون إنّما في نفوسنا أيضاً، وهذا أمر بغاية الجمال وهو ما يضمن استمراريّتنا. صحيح أنّ التكنولوجيا تتطوّر، ومعها تتطوّر استراتيجيّات التسويق والتوزيع والإنتاج، إلّا أنّ النتيجة النهائيّة واحدة وهي بريق الكريستالات الذي لا مثيل له.
برأيك، ما هي الأمور التي أحدثت فيها تغييراً جذريّاً؟
عندما بدأت مسيرتي المهنيّة في الشركة، تولّيت قسم التسويق وبعدها بتّ مسؤولاً عن قسم التجارة بالتجزئة وعن موقعنا الأوّل على الإنترنتSwarovski.com . أمّا العام 2001، فكان نقلة نوعيّة بالنسبة إليّ إذ أصبحت مسؤولاً بشكل كامل عن كلّ ما له علاقة بالزبائن. بدأت مهمّتي الجديدة في 1 سبتمبر عام 2001 وبعد 11 يوماً بالتحديد، طرأت أحداث 11 سبتمبر. وفي ذلك الوقت، مررنا بوقت عصيب للغاية ولم تكن الأعمال التي تمّ تكليفي بها بأفضل حال. صحيح أنّ وضعنا كان على ما يرام، إلّا أنّنا لم نكن نشهد نموّاً، فالأرباح كانت تتراجع. وهنا، استغلّيت الفرصة واقترحت أن نعدّ برنامجاً لإدارة التكاليف في محاولة لإعادة الشركة إلى سابق عهدها. وهذا ما حصل على مدى سنتين، استطعنا خلالهما أن نزيد أرباح الشركة، ثم راحت الأرباح تتزايد وشهدنا تحوّلات جذريّة. عندما تولّيت القسم المتعلّق بالزبائن، كان جمهورنا بمعظمه من محبّات جمع قطع الزينة الصغيرة ولم تكن Swarovski ذائعة الصيت جدّاً في العالم، كما أنّها كانت أقرب إلى الشركة منها إلى العلامة. وفي ذلك الوقت، اقتصر زبائننا على عدد قليل من الخبراء وعشاق الكريستال، حتّى أنّنا لم نكن نتولّى توزيع تصاميمنا بأنفسنا. لذا، كان علينا التركيز على نقطتين: تحسين مجوهراتنا وقسم التجزئة. وهكذا، باتت هاتان النقطتان أساس نجاحنا ولا تزالان كذلك. وقد بدأنا ببناء شبكتنا الخاصة وطوّرنا علامتنا التجاريّة وأنشأنا قسماً للتسويق وآخر للعلاقات للعامّة وشرعنا بالتسويق لعلامتنا بين المستهلكين، الأمر الذي لم يكن موجوداً في ذلك الوقت. كذلك، افتتحنا متاجر تجزئة في أهمّ مراكز التسوّق في العالم، الأمر الذي ساعدنا على الانتشار أكثر فأكثر وجعلنا من أبرز دور صياغة المجوهرات، فضلاً عن أنّنا نقدّم نمط حياة كاملاً يتمحور حول إبداعات الكريستال. أكثر ما يميّزنا هو تفرّدنا فحتّى العلامات التي حاولت منافستنا وتقليدنا حتّى سرعان ما تراجعت لعدم قدرتها على التفرّد. أمّا نحن، فقد عملنا على تطوير الكثير من الفئات مع مرور الوقت. قد تقولين إنّني أتكلّم بثقة كبيرة وهذا صحيح فقد اطّلعت على الأرقام وهي أكثر من رائعة. وفي الحقيقة، نحن نصبّ كلّ تركيزنا على مجموعاتنا الجديدة وعلى تحديث علامتنا التجاريّة، وكما ترين نجذب إلينا المزيد من الزبائن فتصاميمنا تنفد بسرعة وهذا مؤشّر إيجابي للغاية.
بما أنّ هذه العلامة التجاريّة هي عبارة عن شركة عائليّة، هل فكّرت أسرة Swarovski يوماً بأن توسّع فريقها؟
الجيل الذي يتولّى العلامة اليوم هو الجيل الخامس، وقد أصبح لدينا 80 مساهماً. فضلاً عن ذلك، دائماً ما نجري نقاشات وحوارات حول كيفيّة التطوّر والمضيّ قدماً ووفقاً للعقود القانونيّة، يحقّ لنا كمساهمين التوسّع إذا ما صوّتت الأغلبيّة بالإيجاب. ولكن حتّى الآن، لم نتمكّن من حصد أغلبيّة الأصوات. إلّا أنّ ذلك يعني أنّه بإمكاننا تحقيق نموّ على المدى الطويل والتحلّي بتفكير موجّه أكثر نحو الاستراتيجيّة وريادة الأعمال. ويتطلّب ذلك الانضباط المالي المطلق ووجود سياسة ماليّة حكيمة جدّاً وعدم توجّب أيّ ديون. كلّ ذلك ضروري للغاية، فإذا فقدنا السيطرة الماليّة نفقد أيضاً السيطرة الاستراتيجيّة، وبالتالي نحتاج إلى جهد إضافي من قبل المساهمين لاتّخاذ الخطوات اللازمة حينها. إلّا أنّ هذا الأمر ليس ضروريّاً حتّى الآن، فلطالما كنّا قادرين على تمويل كلّ استثماراتنا وابتكاراتنا منذ العام 1976 وحتّى في الأوقات الصعبة. ففي بداية السبعينات، اقتربنا للغاية من الإفلاس بخاصّة أنّ النشاط التجاري للمستهلكين كان ضعيفاً جدّاً ولم نكن نملك هذا الكمّ من الطلبات إذ لم تكن أحجار الكريستال أو التحف الصغيرة محبوبة للغاية. وفي تلك الحقبة أيضاً، أرادت الحكومة النمساويّة الاستيلاء على علامتنا التجاريّة كونها أرادت إنشاء صناعات حكوميّة بحتة. ومع ذلك، قمنا بتصميم أوّل تحفة فنيّة صغيرة على شكل فأر حينها، ومعها بدأنا نشهد تدفّقات ماليّة كثيرة، لذا يمكنني القول إنّ هذا التصميم جاء في الوقت المناسب وأنقذ الدار.
بعد أن اجتاحت التكنولوجيا الرقميّة العالم اليوم، كيف استطعتم مجاراتها؟
أعتبر التكنولوجيا سيفاً ذا حدّين وأفكّر فيها كثيراً، لا سيّما أنّه لدينا 3 آلاف متجر وأنّنا نحرص على الحفاظ على النجاح في مجال البيع بالتجزئة، فهذا النوع من المبيعات والذي يتمّ خارج إطار الإنترنت سيبقى إلى الأبد بخاصّة أنّ الناس يحبّون الخروج من المنزل، لذا علينا تقديم قطع تجذبهم إلينا ومنحهم تجربة تسوّق مميّزة وعمليّة تشمل كلّ هذه التقنيّات الجديدة. ولهذه الغاية، أنشأنا ما يسمّى بمتاجر For Run، الأوّل في شارع أكسفورد في المملكة المتّحدة والثاني في الصين وزوّدنا هذين المتجرين بالتكنولوجيا وبالأجهزة الرقميّة الجديدة مع ركن لتغليف الهدايا نسمّيه زاوية التألّق. كذلك، استحدثنا قسماً لوسائل التواصل الاجتماعي يسمح بالتقاط الصور ونشرها على Instagram فوراً. وثمّة أيضاً شاشة كبيرة خلف زاوية التألّق تستعرض المحتويات التي ينشرها المستخدمون مباشرةً ومعارض مؤقّتة تحتوي على قطع ملفتة وتحف فنيّة مصنوعة من كريستالات Swarovski، ما يشجّع الزبائن على مشاركتهم على Instagram.
أخبرنا أكثر عن هذه التحديثات.
نقوم أوّلاً بتجربة كلّ جديد ثمّ نختار العناصر الأفضل. أضف إلى ذلك أنّنا نعرض عمليّات البيع الجديدة الخاصّة بنا باستخدام الأجهزة اللوحيّة، وهذه الطريقة أفضل بكثير بخاصّة أنّ بعض المتسوّقات يرغبن في التمعّن في العرض في حين أنّ البعض الآخر يريد المرور على العرض بشكل سريع. لذا، اخترنا أفضل الأجهزة وأدخلناها في متجرنا الجديد بمساعدة المهندس الذي نتعامل معه. باختصار، افتتحنا هذا العام متاجر تجريبيّة استوحيناها من المتاجر الأربعة الأخرى التي جرى تحديثها. أمّا في النصف الثاني من العام، فافتتحنا 3 أو 4 متاجر مماثلة. وفي العام المقبل، يبقى لدينا عدد قليل من الاختبارات التي علينا تجربتها.
مع كلّ هذه التقنيّات القديمة والتكنولوجيّات الجديدة المستخدمة في الخارج، ما هي مشاريعكم لمنطقة الشرق الأوسط؟
سوق الشرق الأوسط مهمّة جدّاً بالنسبة إلينا. وحاليّاً، نعمل مع شركاء هناك، لذا لا يقتصر التوزيع في المنطقة على محلّات Swarovski فقط. كذلك، نريد إعادة بناء شبكة البيع بالتجزئة بالاستناد إلى هذه التجربة الجديدة والمتطوّرة وإلى التكنولوجيا والتسوّق إلى جانب شركائنا في الشرق الأوسط، لا سيّما أولئك الذين يشاركوننا افتتاح أحد متاجرنا في المنطقة.
اقرئي أيضاً: