HUBERT DE GIVENCHY: حيث يولد الأسلوب المميّز بلمسة عصريّة
حالما نذكر دار Givenchy، تتبادر إلى أذهاننا الأنوثة المطلقة والأناقة والرقي. فهذه العلامة الفاخرة التي تأسّست في العام 1952 على يد Hubert James Taffin de Givenchy، لا تزال تقدّم لنا الرقي الباريسيّة بأشكال جديدة تعيد تفسير مفهوم الأناقة منذ أكثر من ستين عاماً. والقصّة كلّها بدأت مع Givenchy الذي ولد في العام 1927 في شمال فرنسا،
ثم غادر مسقط رأسه في سنّ لا تتجاوز السابعة عشرة ليبدأ رحلته الطويلة في عالم الأزياء الراقية. وسرعان ما انخرط Hubert مع الكثير من المصمّمين المختلفين في دور الأزياء الراقية أثناء دراسته الرسم في المدرسة الوطنيّة الفرنسيّة للفنون الجميلة، قبل أن ينضم إلى دار الأزياء الإيطالية الشهيرة Elsa Schiaparelli ليصبح في نهاية المطافالمدير الفني لمتجر Schiaparelli في باريس.
وشكّل عام 1952 علامة فارقة بالنسبة لرجل الأعمال الشاب، ففي هذه السنة أسّس Hubert العلامة التجاريّة التي تحمل اسم عائلته Maison de Givenchy في باريس وقدّم مجموعته الأولى التي جمعت بين البساطة والفخامة في آنٍ معاً وشملت التنانير والبلوزات الأنيقة تحت عنوان Separates. ولاقت مجموعته هذه نجاحاً كبيراً خصوصاً بالنظر إلى صدورها في فترة كانت فيها الإطلالات أكثر تقييداً. إذ عمد المصمّم إلى تقديم ملابس أخف وزناً مستوحاة من الهندسة المعماريّة وحرص على أن تعطي المرأة شعوراً كبيراً بالحريّة والتحرّر من قيود ذاك الزمن. فضلاً عن ذلك، عكست المجموعة توازناً متناغماً بين الطابع العصريّ والتقليديّ، ممّا صقل أسلوب Givenchy وهويّتها وإرثها منذ ذلك الحين. هذا وأعجبت الممثلات من جميع أنحاء العالم بالقصّات الرفيعة، والياقات المستوحاة من البجع، وأشكال الفوانيس، والوركين النحيفين والأحجام الملفتة التي قدّمتها العلامة، فأصبحنَ ملهمات أيقونيّات للدار وصديقات مقرّبات من Hubert. ولا بدّ من الإشادة بالدور الأساسي الذي لعبته العلاقة التي بناها المصمّم مع ملهماته، لا سيّما والعلاقة التي جمعته مع Cristóbal Balenciaga في صقل هويّة دار Givenchy كما نعرفها اليوم.
غير أنّ Hubert de Givenchy لم يلتقِ بأشهر ملهامته قبل العام 1953 حين تم تعيينه لتنسيق أزياء Audrey Hepburn لدورها في فيلم Sabrina. وأدّت تلك الفرصة لاحقاً إلى أكثر من أربعين عاماً من الصداقة بين الاثنين. وفي خلال هذه الفترة، ارتدت الممثلة تصاميم Givenchy لعدّة مناسبات ضخمة، أبرزها الفستان الأسود الذي تألّقت به في فيلم Breakfast at Tiffany’s والمعروف حتى يومنا هذا بأنّه قطعة لا بدّ لكلّ امرأة امتلاكها في خزانة ملابسها. وبعد تطوّر العلاقة بين Givenchy وHepburn، دخلت الدار عالم العطور في العام 1957 تحت اسم L'interdit، حيث كانت المرّة الأولى التي تستخدم فيها العلامة التجاريّة ممثلة كوجه إعلانيّ للعطر، فكيف إذا لعبت هذه الممثلة دوراً رئيساً في تحديد أسلوب Givenchy الذي أعاد ترجمة مفهوم الأناقة. لكن فضلاً عن Hepburn، استلهمت العلامة من امرأة أخرى جديرة بالذكر، ألا وهي السيّدة الأولى للولايات المتحدة Jackie Kennedy التي وضعت ثقتها في Hubert ليلبسها تصاميماً مثّلت جزءًا كبيراً من خزانة ملابسها المختارة، مقابل الحصول على تغطية صحفيّة واسعة ودعاية إيجابيّة. وتبعاً لذلك، ارتأى Hubert de Givenchy في العام 1959أن ينقل دار الأزياء الراقية وتصاميمه إلى جادّة 3 Avenue George V في باريس.
مع إبداع Hubert والنجاح الكبير للعلامة التجاريّة، بدأت دارGivenchy في التوسّع مع تقديم أوّل خط للرجال في العام 1969 تحت اسم Givenchy Gentleman. ثم في العام 1988، أصبحت الدار رسميّاً جزءًا من مجموعة LVMH وتبع هذا الحدث التقاعد الشخصي لـHubert de Givenchy في العام 1995. إنّما بعد أكثر من أربعين عاماً، توالت أشهر المواهب الإبداعيّة في العالم على إدارة هذه العلامة التجاريّة، منها Alexander McQueen وJohn Galliano وJulien MacDonald وRiccardo Tisci وأخيراً Clare Waight Keller التي تتولّى الإدارة الفنيّة للأزياء الراقية وخطوط الملابس الجاهزة للنساء والرجال منذ العام 2017 وحتى يومنا هذا. وعلى الرغم من رحيل مؤسِّس الدار عن عمر يناهز 91 عاماً، نجحت Clare التي تتحلّى بخلفيّة قويّة مع المصمّمين المشهورين أمثال Ralph Lauren وCalvin Klei و GucciوChloe في الحفاظ على جوهر العلامة التجاريّة التي أسّسها المتدرّب الشاب. ففي كلّ مجموعة، تقدّم العلامة لنا قطعاً رائعة تجسّد جوهر الدار بوضوح وتبقى أيقونيّة وأزليّة من جيل إلى جيل. حتى أنّ Clare هي مَن اهتمّ في العام 2018 بإطلالة دوقة ساسكس Meghan Markle يوم زفافها من الأمير Harry، فألبستها ثوباً جميلاً من أزياء الدار الراقية وحجاباً رائعاً مطرّزاً يدويّاً.
ومثل معظم العلامات التجاريّة الفاخرة، اكتسبت بعض القطع المختارة شعبيّة كبيرة وأصبحت رموزاً أيقونيّة يمكن التعرف عليها بسهولة بفضل جماليّة تصميمها. ومن أكثر قطع الدار شهرةً حقيبة Antigona التي تحوّلت على مرّ السنين إلى قطعة لا بدّ للنساء في جميع أنحاء العالم من امتلاكها. ونصل بذلك إلى مجموعة موسم خريف 2020 التي تم تقديمها مؤخراً، حيث أصدرت Givenchy نسخة أكثر مرونة لحقيبة Antigona الشهيرة تحت اسم Antigona Soft. ويمنح هذا التصميم الجديد المرأة المزيد من الراحة لأنّه يمتاز بشكل هندسيّ فريد أكثر أناقة ونعومة ومرونة. فضلاً عن أنّه متوفّر في ألوان مختلفة أمثال الأسود الكلاسيكي والأبيض والرمادي اللؤلؤي والبنفسجي والأزرق الداكن، بالإضافة إلى مجموعة ألوان موسميّة مثل الوردي والأخضر العسكري والأزرق الجليدي. هذا وتجسّد بعض الحقائب جمال الجلد العتيق والتطريز والخطوط والجلود المصبوغة؛ فتوكّد أن ّهذه الحقيبة قطعة أيقونيّة بحدّ ذاتها. وعلى مرّ السنين، اكتسبت حقيبة Antigona شعبية كبيرة بين محبّي الموضة في جميع أنحاء العالم ممّا جعلها قطعة مبتكرة وأزليّة يمكن نقلها من جيل إلى آخر. فأصبحت حقيبة يد كلاسيكيّة يتم تقديمها في كلّ موسم بأشكال مختلفة بدون الاستغناء عن روح الجاذبيّة والجماليّة التي لطالما حملتها.
باختصار، بدأت حكاية دار Givenchy منذ أكثر من ستين عاماً، حينما وضع مؤسِّسها Hubert de Givenchy معياراً للأزياء الراقية الحقيقيّة، وكسر القيود المجتمعيّة السائدة، فأصبحت الدار من العلامات المفضّلة لدى النساء في جميع أنحاء العالم. وبعد أن تعلّم حرفته تحت إشراف اثنين من أشهر مصمّمي الأزياء العالميّين Jacques Fath وElsa Schiaparelli؛ نجح Hubert في بناء إمبراطوريّة ترتكز على المعرفة الفريدة والعقلية الإبداعيّة فتقدّم قطعاً أنيقة وأزليّة في آنٍ معاً. وفضلاً عن خط الأزياء الراقية الذي يركّز على ابتكار قطع رقيقة مصمّمة بدقة حتى الكمال على يد الحرفيين البارعين، تقدّم العلامة التجاريّة اليوم مجموعة من المنتجات تتنوّع بين الملابس الجاهزة للنساء والرجال والأزياء الراقية وصولاً إلى مستحضرات الجمال. لتثبت دار Givenchy أنّها فعلاً عالم ينصهر فيه تاريخ العلامة العريق وإرثها الغني مع عالم اليوم الحديث.
اقرئي أيضاً: أسبوع الموضة في ميلانو يعود في سبتمبر