دينا زين الدين-بيروت
تتساءلين أحياناً لماذا لم تعثري بعد على الوظيفة المناسبة، وكيف استطاعت زميلة لك لا تزيد مؤهّلاتها العلميّة أو طاقاتها الذهنيّة بشيء عنك أن تظفر بمركز مهم وتنعم براتب خيالي، بينما تعانين الأمرّين كي تجدي عملاً، أيّ عمل، بعدما كنت تتصوّرين خلال سنوات الدراسة أنّك ستبدعين بعد دخولك الميدان المهني وستحدثين تغييرات جذريّة في العالم من حولك. أمور بسيطة جداً وتصرّفات قد لا تنتبهين إليها تُحدث كلّ الفرق في حكم صاحب العمل عليك، وتجعلك مناسبة دون غيرك للوظيفة التي لطالما حلمت بها.
بادري ولا تنتظري
أكثر الأخطاء شيوعاً والتي تقع فيها معظم الباحثات عن عمل هو انتظار الفرصة كي تأتي وتدق الباب، هذا الأمر لن ينجح، فإذا رغبت في شيء عليك أن تحاربي لكي تحصلي عليه.
في هذا الإطار، تقول رانيا مقداد وهي موظّفة تسويق في شركة أدوية: «حين أنهيت الدراسة الجامعيّة، وضعت هدفاً نصب عينيّ وهو أن أعمل مع شركة مهمّة، واخترت الشركة التي أعمل فيها اليوم. لم أعرف إذا كانوا بحاجة إلى موظّفين ولم يهمّني الأمر لأنّني عرفت ما أريد وسعيت بكل الوسائل للحصول عليه».
تضيف رانيا: «أرسلت سيرتي الذاتيّة أكثر من عشر مرات خلال ثلاثة أشهر واستطعت بعد ذلك الحصول على موعد لإجراء مقابلة عمل، تحضّرت جيداً للمقابلة وحصلت على الوظيفة».
تشكّل مقابلة العمل أهم عقبة يجب على طالب العمل أن يتخطاها للحصول على الوظيفة، ولذلك عليه التحضير لها بتأن.
نعم للاحتشام… لا للمبالغة
حول هذا الموضوع تقول الاختصاصيّة في علم الاجتماع ليلى شعيب: «تحديد موعد لإجراء مقابلة عمل يعني أنّ القيّمين على الشركة قاموا بدراسة سيرتك الذاتيّة وأعجبوا بها وينتظرون مقابلتك شخصياً حتى يلمسوا عن قرب مدى أهليّتك على ممارسة العمل المطلوب منك، ويختبروا شخصيّتك وقدرتك على تحمّل الضغوط».
تضيف شعيب: «من هذا المنطلق، يجب أن تنتبهي جيداً لتصرّفاتك وكلامك وردات أفعالك حول الأسئلة المطروحة». وتشدّد شعيب على أهميّة الاهتمام بالمظهر الخارجي، لأنّ الشكل في العديد من الأحيان يعكس المضمون ويعطي دلالات على طريقة التفكير والطباع، «عليك في البداية الظهور بشكل لائق ومرتّب، فلا تبالغي في التبرّج أو التعطّر لأنّك قد تُنفرين الآخر من شكلك، ما عليك فعله هو ارتداء بدلة محتشمة بعض الشيء وعدم المبالغة في تسريحة شعرك».
قبل الموعد
تلفت شعيب إلى أهميّة الحضور قبل موعد المقابلة بخمس دقائق أو أكثر، «في حال حضورك قبل الموعد بوقت طويل يمكن أن تدخلي إلى الحمام وتقيّمي إطلالتك للمرة الأخيرة. وحين تدخلين إلى غرفة المدير، ادخلي بثقة ورأسك مرفوعاً مع ابتسامة خفيفة على شفتيك وانتظري منه أن يبادر بالسلام وبتحديد المكان الذي ستجلسين فيه».
تتطرّق الاختصاصيّة الاجتماعيّة إلى ضرورة تحضير الإجابات على الأسئلة البديهيّة قبل إجراء مقابلة العمل، «سيتم سؤالك عن سبب رغبتك في دخول هذه الشركة وعن مهاراتك وطموحاتك على المدى القريب والبعيد وعن أسباب ترك عملك السابق في حال لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعملين فيها، وعليك أن تجيبي بصدق لأنّ الكذب لن يفيدك ولن يمكّنك من كسب احترام الآخر».
أسئلة مفخّخة
تنبّه شعيب إلى الأسئلة التي تحوي أفخاخاً، «يمكن أن يتم سؤالك عن الأفلام التي تحبّينها أو الموسيقى التي تستمعين إليها أو الدول التي ترغبين في زيارتها، أو عن صداقاتك ونمط عيشك. في هذه الحالة، هو لا يرغب في توطيد علاقته بك، بل يريد أن يتعرّف على ذوقك وطريقة تفكيرك. حاولي أن تكوني كلاسيكيّة ولا تستفيضي في الإجابة، وحوّلي الحديث دائماً إلى منحى يتعلّق بالوظيفة وتسلّحي بمعلومات عن الشركة أو المؤسسة لكي تظهري له أنّك لم تتقدّمي بشكل اعتباطي إلى هذا العمل، بل ترغبين في المشاركة مع الفريق العامل في خدمة المؤسسة وتطويرها تحقيقاً لطموحك وتطلّعاتك المهنيّة».
المفاخرة ليست عيباً
تخرجين أحياناً من مقابلة عمل وأنت واثقة بأنّ الأمور جرت على نحو رائع وأنّك ستحصلين على الوظيفة، تنتظرين أن يتّصلوا بك للبدء بالعمل ويطول انتظارك ولا يأتي الاتصال. وهذا ما كان يحصل مراراً مع راغدة فوّاز (29 عاماً)، مترجمة محلّفة، إلى أن اكتشفت مكمن الخلل.
تقول:«مشكلتنا نحن النساء أنّنا لا نعرف كيف نتباهى بأنفسنا وبمزايانا، فننتظر أن يقول الآخرين بحقنا كلاماً حسناً وهذا ما لن يحصل أبداً. الملاحظ أنّ الرجال يحصلون على أفضل الوظائف والمراكز والرواتب، والسبب ببساطة قدرتهم على الترويج لأنفسهم والمفاخرة بإنجازاتهم، بينما نحن تنقصنا هذه القدرة لأنّنا نخاف من تولّي القيادة ونريد دائماً من يطمئننا أنّنا جديرون بما نحن عليه».
فلنكن مثل الرجال!
تستطرد الصبيّة: «اكتشفت هذا الأمر بالصدفة من خلال مقال قرأته في صحيفة أجنبيّة، وقرّرت أن أسوّق قدراتي وأن أكون مثل الرجال، ولذلك حين تقدّمت إلى وظيفتي الحاليّة، بيّنت للمدير في مقابلة العمل أنّه سيكون المستفيد من توظيفي وليس العكس، وأنّني جديرة بالمركز وسأضيف إليه، وقد تحدّيته وحرّكت روح التحدي لديه ولهذا السبب وظّفني، وقد أخبرني بهذا الأمر بعد مرور أكثر من عام على توظيفي».
بين الثقة بالنفس والغرور
هناك خيط رفيع بين الثقة الكبيرة بالنفس والغرور، الأولى مطلوبة وضروريّة عند التقدّم لوظيفة لأنّ غيابها يعني انعدام فرصة الحصول على وظيفة في ظلّ سوق عمل لا يرحم ونسب عرض متزايدة على كلّ أنواع الوظائف، أما الغرور، فيقضي على أي فرص بالحصول على عمل.
من جهة ثانية، يجب ألا يصل إلى صاحب العمل إحساس بأنّ هذه الوظيفة هي أملك الوحيد، فمن الطبيعي أن ترغبي في العمل وتسعي للحصول عليه، لكنّها ليست نهاية العالم إذا لم يحصل ما أردت، ويجب ألا تنعكس رغبتك في الوظيفة على المفاوضات حول الراتب لأنّه في حال لم تطلبي الكثير سيشك صاحب العمل بقدراتك وسيُعرض عن توظيفك.
الطريق الأسهل
في ظل عصر المعلوماتيّة وكثرة مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، بات الطريق الأسهل للحصول على وظيفة هو الاعتماد على شبكة العلاقات العامة التي كوّنتها خلال سنوات حياتك، ولذلك عليك ألا تستهتري بمعارفك وأن تعزّزي علاقاتك بالناس وتسعي لمعرفة جديدهم، فالانتظار سهل جداً كذلك تحميل الغير أو الظروف مسؤوليّة بقائك من دون عمل، لكنّ الصعب هو السعي بكل طاقاتك للعثور على وظيفة الأحلام ومواجهة كل الصعوبات والظروف والعوائق وكل أنواع المنافسة، لكي تضمني لنفسك مستقبلاً مهنياً آمناً يلبّي طموحك.