مايا هاشم مزهر-بيروت
ليست السعادة الزوجيّة مجرّد أحلام ورديّة يبنيها حماس الشباب وشغفهم بالحب والمغامرة، انما هي حقيقة نعيشها ونختبرها يوماً بعد يوم! ولا يكفي أن يكون الزواج مبنياً على الحبّ والتفاهم لكي يحظى الشريكان بالسعادة الحقيقيّة. فما إن ينتهي شهر العسل ويجتمع الزوجان تحت سقف واحد، حتى تعترض علاقتهما الكثير من التحدّيات الاجتماعيّة والمعيشيّة الصّعبة. وهنا يبرز دور المرأة بالتعاون مع شريكها، في إيجاد الخطوات اللازمة والحلول الذكيّة التي تجعل حياتهما الزوجيّة سعيدة وناجحة. ومن الضروري أن تطرح الزوجة على نفسها بعض الأسئلة: هل تعيش فعلاً حياة سعيدة مع زوجها؟ هل ينقص العلاقة بعض الاهتمام بالآخر؟ هل هناك تدخّل مزعج من أحد أفراد العائلتين؟ ومن المهم أن يتحاور الزوجان في كل هذه الأمور، أي يكون بمثابة إعادة تقويم للعلاقة الزوجيّة والعاطفيّة من أجل اختبار السعادة الحقيقيّة!
بين الزوجة الناجحة والأم الصالحة
مهى، متزوّجة منذ ست سنوات، تروي لنا خبرتها في الحياة الزوجيّة ومفهومها للسعادة التي كادت تفقدها ذات يوم. «تزوّجتُ عن حبّ وقناعة، وأعترف بأنّ السنة الأولى من الزواج كانت امتداداً لشهر العسل، حيث كنا نخرج كثيراً ونلهو مع الأصدقاء. لكن سرعان ما بدأت هموم الحياة وصعوباتها تعترض صفوة حياتنا، بين الروتين اليومي وهموم العمل ومشاكل الأهل والعائلة… وعندما رزقت بطفلي الأوّل، انصبّ كل اهتمامي عليه، حتى كدت أهمل نفسي وأنسى أنّني امرأة وزوجة في الدرجة الأولى. أما زوجي، فكان متفهّماً حيناً ومتذمّراً حيناً آخر، إزاء حالات التوتّر والغضب والتشاؤم التي كانت تصيبني».
وعندما دقّ ناقوس الخطر، أضافت مهى «شعرت للحظات بأنّ زواجي مهدّد ولا بدّ من اتخاذ التدابير اللازمة. استعنت بداية بعائلتي وببعض الصديقات اللواتي أثق بصدق نواياهنّ تجاهي. بحثت عن نقاط الخلل التي أصابت زواجنا، وأعدت حساباتي جيّداً لأعرف أين أخطأت وكيف أصحّح. ثم بدأت أستعيد جزءاً من هدوئي وشغفي بالحياة، حتى أدركت أنّني لن أكون أماً صالحة إذا لم أكن أولاً زوجة ناجحة! عندها فصلت بين كل من وظيفتَي، دوري كأم، ووجودي كامرأة وزوجة تسعى إلى سعادة شريكها وراحة عائلتها».
السعادة رهينة المال
ليلى، متزوّجة منذ ثماني سنوات، وقصّتها مع الزواج والعائلة تتشابه مع قصص كثيرة. تقول: «كانت حياتنا سعيدة ومستقرّة خلال السنوات الأولى من الزواج، إلى أن تراجع وضعنا المادي والمعيشي بعدما فقد زوجي وظيفته الأساسيّة واضطر إلى العمل بأجر زهيد. لم يكن سهلاً عليّ أن أعمل خارج المنزل مع ما يتوجّب من مسؤوليات تجاه أولادي وبيتي. استلمت وظيفة بدوام جزئي، علّني أساند زوجي بجزء من مصاريف المنزل والأولاد وأقساط المدرسة، ومع ذلك ظلّت ظروفنا الماديّة صعبة. لم أكن أتذمّر من ذلك، أقلّه أمام أفراد عائلتي، لكنّ زوجي أصبح شخصاً كئيباً ويائساً! فكان التحدي الأكبر بالنسبة إلي، كيف أعيد السعادة إلى حياتي الزوجيّة في ظل ظروف قاسية تعاكسنا وتسرق منا الأمل! لكنّني لم أستسلم، وتمكّنت بفضل الإيمان والمحبة، أن أعيد ولو القليل من السعادة والطمأنينة إلى منزلي. وأدركنا في النهاية أنّ المال ليس السبيل الوحيد للسعادة، إنما السعادة الحقيقيّة هي تلك التي نصنعها بأنفسنا!».
حماتي تسلبني سعادتي!
عبير، متزوّجة منذ عشر سنوات، عاشت معاناة طويلة سعياً وراء السعادة الزوجيّة. تروي عبير: «لم تكن مشكلتي الأساسيّة مع زوجي بقدر ما كانت مع أهله وإخوته. كنا نعيش في بيت مستقل ومع ذلك كانوا يتدخّلون في كل تفاصيل حياتنا، إلى أين سنذهب وماذا سنشتري، مَن نصاحب ومَن نعادي… وغيرها من الأمور الخاصة التي لا تفيدهم بشيء سوى إزعاجي وإفساد علاقتي بزوجي. إلا أنّني في كل مرّة كنت أدوس على كرامتي وأصمت كي لا أزعج زوجي، باعتباره غير مسؤول عن تصرّفات ذويه. لكنّني خرجت عن صمتي عندما بدأت حماتي تتدخّل في تربية أولادي وتحرّضهم على عدم احترامي. والأسوأ من ذلك، أنّ زوجي لم يقف يوماً في صفّي، فكان موقفي ضعيفاً أمام الجميع. حاولت مراراً أن أصحّح الأمور بيننا، مقابل القليل من الاحترام والاستقلاليّة ولكن عبثاً فعلت! ولا أزال حتى اليوم أبحث عن حياة زوجيّة طبيعيّة وإن لم تكن سعيدة!». قد تكون المرأة مسؤولة عن إنعاش زواجها وتصويبه بالاتجاه الصحيح، لكنّها تقف عاجزة عن بلوغ هدفها من دون دعم زوجها وتعاونه معها.