أخبار

في بيتك… من المسيطر؟

أكتوبر 18, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

دينا زين الدين-بيروت
«اذبح لها القطّة منذ الليلة الأولى»، عبارة اعتدنا سماعها في المسلسلات والأفلام المصريّة، ولطالما جاءت على لسان والدة العريس أو رفاقه وأحياناً والده، يقصدون منها أن يكون الرجل قوياً ومسيطراً منذ بداية العلاقة، فتعرف الزوجة أنّه سيكون الآمر الناهي وأنّ عليها الرجوع إليه قبل الإتيان بأي فعل يخص حياتهما الزوجيّة. لكنّ التجارب أثبتت أنّ العلاقة الناجحة بين شخصين تتطلّب تقسيم المهام والمشاركة في اتخاذ القرارات. فهل يطبّق المتزوّجون هذا المبدأ وهل يمكن للسفينة أن تمخر عباب البحر بقيادة ربّانين، وكيف يصل الزوجان إلى صيغة تفاهم ترضيهما معاً وتضمن عيش أولادهما حياة أسريّة هانئة وطبيعيّة؟

مَن الأقوى؟
من الطبيعي أن تكون شخصيّة أحد الزوجين أقوى من شخصيّة الآخر، ويؤدي هذا الأمر إذا لم يتم تداركه إلى خلافات كثيرة، فيشعر الطرف الضعيف بأنّ حضوره كغيابه لا يشكّل فرقاً، ويسعى إلى افتعال المشاكل لأسباب غير مهمّة وقد يصل في حال استمرّ الزواج إلى مرحلة الاستسلام لتسلّط الطرف القوي وسيطرته، وهذا أمر يلاحظه الأولاد ويؤثّر في نموّهم العاطفي والنفسي. في هذا الإطار، تقول دانة (31 عاماً): «تزوّجت حين كنت في الـ20 من العمر، وسعدت كثيراً لأنّ الرجل الذي اختارني شريكته طبيب ويكبرني بـ15 عاماً، أي أنّه ناضج ومحترم ومركزه مهم في مجتمعنا وسيحقّق لي كل أحلامي، لكنّني لم أدرك أنّه سيحرمني من عيش سنوات شبابي وسألتزم معه بنمط حياة ممل وروتيني».

وداعاً يا شبابي
تضيف السيدة دانة: «هو لا يحب السهر أو المرح، جدّي دائماً ونظامي وكثير القلق من المستقبل. شيئاً فشيئاً، بتّ أشبهه إذ لم أستطع أن أقنعه بأن يجاريني في القيام بما أحب، فهو دائماً يملك الحجج المقنعة. أشعر اليوم بأنّني فقدت رغبتي في الحياة وخسرت شبابي وصرت كأنّني نسخة عنه. لا أنكر أنّه طوّرني فكرياً وباتت ثقافتي أوسع وغيّر طريقة تفكيري بشكل إيجابي، لكنّه أفقدني الكثير من صفاتي السابقة».
يحصل في الزواج أن يصبح تفكير الزوجين متقارباً ومتطابقاً مع الوقت، إذ من الطبيعي أن يؤدي تواجدهما الدائم معاً ومواجهتهما للتحدّيات وللظروف سوياً إلى تقارب طباعهما وتغيّر عاداتهما وخصالهما، لكنّ هذا لا يعني أن تنعدم شخصيّة واحد لصالح الآخر. في هذا السياق، تقول السيدة نجود (42 عاماً): «الرجل الشرقي معتاد على الاستقلاليّة والتفرّد باتخاذ القرارات، وهذا الأمر اكتسبه من بيت ذويه ويحاول تطبيقه في بيته مع زوجته، لكن على هذه الأخيرة أن تكون ذكيّة وتغيّر هذه الصفة في زوجها».

مفاتيح شخصيّته
تشرح السيدة الأربعينيّة وجهة نظرها: «تستطيع المرأة أن تفرض سلطتها في منزلها وبموافقة الزوج ورضاه إذا عرفت مفاتيح شخصيّته، وهذا ما اتّبعته مع زوجي، فأنا أعرض عليه رأيي ولا أفرضه. أقنعه حين أراه مرتاحاً وغير مضغوطاً في عمله، ولا أنكّد عليه وأرهقه بالطلبات حين يكون منزعجاً».
تؤكد السيدة نجود أنّها لا تقبل أن تكون على عصمة رجل ضعيف الشخصيّة فتسيطر عليه، لأنّ هذا الأمر ينقص من شأنها ومن شأنه أيضاً، «لزوجي الكلمة الأخيرة على أن يكون الوصول إلى القرار النهائي قد تمّ بعد اقتناعنا بأنّه الأمثل لنا».
تستفيد المرأة في وقتنا الحالي من دخولها معترك الحياة العمليّة لكي تحافظ على حقوقها وتفرض آراءها، فهي بهذه الطريقة تخلّصت من التبعيّة التي كانت مفروضة عليها في الماضي للرجل، ولم يعد الانفصال يعني انهيار حياتها وعودتها إلى نقطة الصفر، بل صار بإمكانها أن تعيد بناء عالمها وتعيش بسعادة واكتفاء.

نجاحك المهني… سيف ذو حدّين
هذا الكلام لا يعني أنّ على النساء استغلال نجاحهنّ المهني في تقويض نظام أسرتهنّ وفي إهانة الزوج أو التقليل من شأنه. فهنّ بهذه الطريقة يفقدن أنوثتهنّ وهي نعمة عليهنّ الحفاظ عليها.
تقول السيدة رفيف (35 عاماً)، مديرة في شركة تنظيم رحلات سياحيّة: «أنا مسؤولة عن 10 موظّفين لكنّني في منزلي أرغب في أن أكون تحت كنف زوجي، فأنا أثق بقراراته وأترك له صلاحيات مطلقة في تحديد ما يراه الأنسب لنا ولأولادنا. وهو لم يخيّب ظني أبداً، بل يسألني ويستشيرني في كل ما يفكّر به للمستقبل في ما يتعلّق بأمورنا الماليّة أو بتربية أولادنا».

خاتم في إصبعك
تكمل السيدة: «بعض رفيقاتي يقلن لي: «يجب أن يكون كالخاتم في إصبعك، فأنت تساعدينه مادياً ومركزك المهني أهم من مركزه»، فأرد عليهم بأنّه لو كان كذلك لما استمرّت حياتي معه، فالمرأة تحتاج إلى أن تشعر بوجود زوجها وبأهميّته في حياتها، وهذا الأمر لا ينقص من شأنها، بل إنّها الطبيعة البشريّة. أحتقر النساء اللواتي يتعالين على أزواجهنّ أو يتحكّمن بهم ولا سيما في العلن، فهنّ بهذه الطريقة يزدرين أنفسهنّ بالدرحة الأولى».

سلطة منزليّة مطلقة
أما السيدة هند (29 عاماً)، فترى أنّ المرأة يجب أن تتمتّع بسلطة مطلقة في منزلها، لا سيما إذا لم تكن امرأة عاملة، «فهي تعرف ما الذي يحتاج إليه بيتها وهي التي تواكب تربية الأولاد وتتابع تصرّفاتهم ودراستهم وعلاقاتهم الاجتماعيّة، وعلى زوجها أن يستمع إلى رأيها ويوجّهها إذا أحسّ بأنّها تخطئ».
وتعتبر السيدة العشرينيّة أنّ المرأة باتت مخوّلة لاتخاذ قرارات مهمّة تخصّ عائلتها في وقتنا الحالي أكثر من أيّ وقت مضى. تشرح وجهة نظرها بالقول: «في الماضي كانت خبرة الرجل وتجاربه أكبر من خبرة المرأة التي كانت محكومة أن تظل في منزلها بعد انتهاء دراستها، هذا في حال أكملت الدراسة، أو أن تعمل ضمن وظائف محدّدة في انتظار أن يأتي العريس. أما اليوم، فالفتاة صارت تدرس وتعمل وتسافر وتختلط بالعالم الواسع، وبالتالي باتت تتمتّع بالحكمة والمعرفة اللازمة لإعطاء رأي صائب ومتّزن ومدروس».

قيادة حكيمة
حول هذا الموضوع، تقول الاختصاصيّة في علم النفس هبة عيّاد: «لا يتمتّع جميع الناس بشخصيّة قياديّة، ومن المفيد والمطلوب أن تكون هذه الصفة في أحد الشريكين وهذا أمر نراه حاصلاً بين معظم الأزواج حيث يوجد دائماً شخص مسيطر في العلاقة، والنجاح فيها يكون مشروطاً بألا يؤدي هذا الأمر إلى انتقاص من شأن الآخر، فيكون موافقاً على الصلاحيات التي أخذها الطرف الأقوى».

لا لمبدأ My Way Or No Way
ترى الاختصاصيّة أنّه يجب عدم التشبّث بالرأي لإثبات مَن هو القوي في العلاقة، أي العمل بمبدأ My Way Or No Way، بل يجب أن يفكّر كل من الزوجين برأي الآخر لكي يختارا الأنسب». تؤكد عيّاد أنّ التفاهم والانسجام أساس كل علاقة ناجحة «يمكن أن يتّفق الزوجان على تقسيم المسؤوليات بينهما ويمكن أيضاً أن يتّفقا على أن يتسلّم أحدهما مسؤوليّة كل القرارات المهمّة، كل شيء جائز ولكنّ المهم أن يكونا مرتاحين وسعيدين بهذا الترتيب، فلا توجد قاعدة عامة تحكم الحياة الزوجيّة، إنّها تجربة فريدة وخاصة واستثنائيّة يعيشها الزوجان فقط».

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية