دينا زين الدين-بيروت
قيل قديماً «الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك»، وقدّمت الفنانة التونسيّة الراحلة ذكرى أغنية تحمل معنى مشابهاً هي «يوم ليك ويوم عليك» لكي تؤكد على معنى القول الذي حفظناه، فتنبّهنا إلى حقيقة قد نسهو عنها وهي أنّ الحياة ليست ورديّة دائماً، بل تحمل أحياناً مفاجآت غير سارة، ولذلك علينا أن نكون مستعدّين لهذا الاحتمال.
ماذا لو؟
عند حصول هذه الانتكاسات الحياتيّة نكون بحاجة إلى دعم أقرب الناس، وهنا يأتي دور الشريك الذي يعيش معنا كل حالاتنا فنطلب منه أن يكون متفهّماً وأن يدعمنا للخروج من الأزمة، وتشكو معظم النساء من أنّ الرجال لا يفهمون مشاعرهنّ ولا يستطيعون تقديم المساعدة المطلوبة من دون أن يخطر في بالهنّ أن يطرحن على أنفسهنّ السؤال بشكل معاكس: ماذا لو واجه زوجي مشكلة؟ هل أستطيع قراءة الإشارات؟ وهل أتصرّف معه كما ينبغي أم أنّني أزيد أحياناً الطين بلّة؟ في ما يلي تحقيق يلقي الضوء.
غالباً ما ترصد الزوجة تغييرات في تصرّفات زوجها وفي عاداته، فتحس بأنّه يمر بأزمة ما وتقرّر إما أن تصارحه وتطلب منه تفسيراً أو أن تنتظر أن يخبرها بنفسه. حول هذا الأمر تقول السيدة فرح (36 عاماً): «لاحظت قبل فترة أنّ زوجي يكثر من التدخين وشرب القهوة، كما أنّ شهيّته على الطعام خفّت كثيراً وبات سريع الغضب والتوتّر، وهذا الأمر أثّر على علاقته بي وبأولادنا فتغيّر جو منزلنا».
مشاكل عابرة في العمل
تضيف السيدة فرح: «حاولت أن أعرف ما الذي يحصل معه ولكنّه ظلّ يخبرني أنّها عراقيل بسيطة في العمل ولا تستحق أن يستفيض في الحديث عنها. أربكني غموضه وحصلت بيننا الكثير من المشاكل التي ندمت عليها في وقت لاحق بعدما عرفت أنّه كان مهدّداً بالطرد مع مجموعة من الموظّفين بسبب أزمة ماليّة كانت تمر بها شركته، وأنّه لم يخبرني كي لا أحزن وأحمل الهم».
اتّفق الزوجان بعد انتهاء هذه الأزمة أن يتصارحا في حال حصول مواقف مشابهة في المستقبل، كي يجنّبا أسرتهما المشاكل، وكي تتمكّن الزوجة من التخفيف عن زوجها وتقديم النصيحة والدعم المعنوي له.
الرجال لا يعبّرون
يجد معظم الرجال صعوبة في التحدّث عن مشاعرهم، ويعتبرون أنّ هذا الأمر يدل على ضعفهم ويؤثّر في الصورة المثاليّة التي رسمتها زوجاتهم عنهم. من هنا يمكن فهم سبب تعرّضهم أكثر من النساء للنوبات القلبيّة، فالمرأة تفضفض وتتقن فنّ المشاركة، بينما الرجل يكتم في قلبه ويعيش بالتالي حزناً ووجعاً وهمّاً مضاعفاً، لذلك يتوجّب على الزوجة أن تتصرّف بذكاء حين تلوح بوادر أزمة في حياة شريكها.
فقدان شخص عزيز
تقول السيدة عفاف (43 عاماً): «عاش زوجي حزناً كبيراً حين توفّيت والدته، فقد أحبّها بطريقة لا توصف، ولم أعرف كيفيّة التصرّف معه، فهو صار منزوياً وقليل الكلام. حاولت أن أعيد إليه اهتمامه بشؤون عائلتنا وأولادنا، فكنت أخبره أموراً مسلّية لكنّني كنت أشعر بأنّه يعيش في عالم آخر وبأنّه بعيد جداً عني، وما زلت بعد مرور عامين أحسّ بأنّه لم يعد الشخص الذي كان عليه في السابق».
من الصعب تفهّم مشاعر شخص فقد إنساناً عزيزاً، لكن من البديهي أنّه يحتاج إلى معاملة خاصة شرط عدم المغالاة في الاهتمام.
لا ضير في هذه الحالات أن تقوم الزوجة بأمور يحبّها زوجها كأن تنظّم رحلة قصيرة لهما معاً إلى مكان بعيد كي يخرج من أجواء الحزن، وأن تحثّه بلطف على التحدّث معها ومشاركتها آلامه، فلا تضغط عليه وتترك له الوقت وسيأتي إليها في النهاية، وعليها في المقابل أن تصغي إليه وأن تنتقي كلماتها بحرص بالغ وتكون كنسمة الهواء المنعشة التي تعيد زخم الحياة إلى كيانه المتعب والحزين.
أخطاء غير مقصودة
يواجه الرجل أحياناً مشكلة صحيّة تقلب حياته، وفي هذا الإطار تتحدّث السيدة نجوى (31 عاماً) عن زوجها الذي اكتشف إصابته بمرض السكري في عمر الـ42، فانقلب عالمه رأساً على عقب: «أحسّ زوجي بوطأة العمر حين علم أنّه مريض سكري، فصار شديد الخوف والحرص على نفسه وفقد مرحه وحيويّته السابقة، ولم تنفع محاولاتي لدفعه إلى التأقلم مع مرضه، بل صار يرفض الاستماع إليّ ويبعدني عنه وكأنّني عدوته. قد أكون ضغطت عليه أكثر من اللازم، لكنّ نيتي كانت حسنة».
تقبّلي أن تكوني «فشّة خلقه»
حين يمر أحد طرفي العلاقة بأزمة، يجب على الطرف الآخر أن يكون قوياً ويستلم زمام الأمور سواء في تدبير أمور المنزل أم في تربية الأولاد ومتابعتهم.
في هذا السياق، تقول الاختصاصيّة في علم الاجتماع ليلى شعيب: «الوضع الذي تمرّان به استثنائي ولكنّه الأمر الواقع الذي يتوجّب عليك أن تتقبّليه سريعاً وتتصرّفي على أساسه، فتحمّلي أن تكوني «فشّة خلق» لبعض الوقت واعتمدي على نفسك في اتخاذ بعض القرارات المصيريّة والمهمّة إذا تطلّب الأمر. اجعليه يعرف أنّك قادرة على حمايته ومساعدته لحين استلامه زمام الأمور من جديد، وبهذه الطريقة سيخرج من أزمته وقد ازدادت ثقته بك ومحبّته واحترامه لك».
نصائح لمساعدته
1 – تحدّثي معه بإيجابيّة، فلا تعظّمي الأمور ولا تضعفي أو تبكي أمامه، كوني قويّة ومتفائلة وأكدي له دائماً أنّك تثقين به وأنّكما ستخرجان معاً من هذا الوضع أكثر قوّة.
2 – اغدقي عليه بالعاطفة والاهتمام، وهذا لا يعني أن تحاصريه بالأسئلة والاستفسارات بل أن يشعر بوجودك وقوّة حضورك. حاولي أن يكون جو البيت هادئاً وخالياً من الأصوات المرتفعة، ووجّهي أطفالك حول كيفيّة التعامل معه في هذه الفترة.
3 – اصبري وتذكّري أنّه بعد العسر يأتي اليسر، فما تمرّان به هو مرحلة عابرة، ومهما طال وقتها فإنّها ستنتهي وسيعود زوجك إلى طبيعته التي أحببتها وكانت السبب في ارتباطك به.
4 – اصغي إليه حين يتحدّث ولا تعاتبيه أو تلوميه أو تسائليه عما يقوله في تلك الفترة. لا تسترسلي في أحاديث طويلة لأنّه لن يركّز على حديثك.
5 – حضّري له وجبة طعام يحبّها أو ادعي صديقه المقرّب لتناول العشاء في منزلكما، أو اشتري له غرضاً تعرفين أنّه بحاجة إليه أو يرغب فيه منذ مدة.
6 – لا تحاولي إشراك أحد بما يجري، ولا تستعيني بالأهل أو الأصدقاء، فهذا الأمر لن يرضيه وسيشعره بأنّك غير مرتاحة، وسيزيد من قسوة الموقف الذي يمر به.