“لست في مزاج يسمح لي بالخروج” عبارة اعتدنا قولها من دون التفكير كثيراً في أبعادها، فإلغاء مشروع مع الرفاق أو تأجيل زيارة لأحد الأقارب يمكن أن يمرّ مرور الكرام في حال كنت عزباء، أمّا بعد الزواج فتختلف الاعتبارات ويصبح من الصعب تسيير العلاقة مع الشريك بحسب المزاج المتغيّر.
فكيف السبيل للتأقلم مع المستجدات الحياتيّة التي يفرضها الزواج وتطويع طباعنا الصعبة لتتلاءم مع طباع الآخر التي تكون صعبة هي الأخرى؟
من الصعب على الإنسان أن يتنازل عن طباع لازمته طوال حياته حتى لو كان راغباً في ذلك، فنحن في العادة نعرف نقاط الضعف في شخصيّتنا ونرغب في أن نتغيّر ولكنّنا نشعر بأنّ هذه الطباع متأصّلة فينا، لذلك من الضروري أن يعرف الشريك أنّنا نحاول من أجل مصلحة العلاقة، وأنّنا نرغب في أن نقدّم أحسن ما لدينا، وهو بهذه الطريقة سيقدّر رغبتنا في التغيّر وسيساعدنا على تحقيق ذلك.
في بعض الأحيان، يكون على أحد الطرفين أن يقدّم تنازلات حين يفقد الآخر أعصابه، ويكون في العادة الطرف الذي يبدي ثقة أكبر بنفسه ومعرفة أعمق لذاته، لأنّ الأمر يعني أن يغيّر في ردود أفعاله تجاه الطرف الثاني حين يدخل في نوبة الغضب.
ليس من السهل على الواحد منّا أن يتخلّى عن الـ«أنا» ويعترف بخطئه، إلا أنّ الاعتذار له مفعول عجيب على المشاعر، فهو يزيل كل المشاعر السلبيّة ويقرّبك من الشريك(ة) الذي يعرف من دون أدنى شك أنّه لم يكن من السهل عليك أن تخطئ وأن تعترف بخطئك وتعتذر.
تخطّي الحدود:
تتخطّى الطباع الحادة أحياناً الحدود التي يمكن معها المسامحة أو التأقلم، فبعض الرجال وأحياناً النساء، يصل بهم غضبهم أو حدّة طباعهم أو حتى مزاجيّتهم إلى حدّ ضرب الشريك وإهانته بقسوة في الكلام وجرح مشاعره بحيث يكون من الصعب النسيان أو المسامحة. في هذه الحالات، يجب على الزوجين تلقّي مساعدة خارجيّة، وقد يكون خضوع الشريك المضطرب للعلاج على يد طبيب نفسي هو الحل.
تؤدي عوامل كثيرة بالإنسان إلى التطرّف في التعبير عن مشاعره واختيار طرق عنيفة أو مستفزّة في إيصال مواقفه وردود أفعاله، ومن هذه العوامل التأثّر بأحد الوالدين في الصغر أو المرور بأزمة كبيرة في حياته أو ببساطة ميله إلى السيطرة ورغبته في أن يتم كل شيء مثلما يريد، فحين لا يحصل على ذلك يلجأ إلى الصوت العالي وإلى مهاجمة الآخر أو إلى الاختباء وراء المزاجيّة. لذلك لا بدّ من السيطرة على الطباع الحادة والتفكير بما سيشعر به الشريك حين يتعرّض للهجوم غير المبرّر.
نصائح للسيطرة على الطبع الحاد:
1- الاعتراف بوجود مشكلة هي الخطوة الأولى لبلوغ الحل، فالكثير من الأشخاص الذين يعانون من مشكلة في طباعهم يرفضون الإقرار بأنّ هناك خطأ في شخصيّتهم.
2- العد للعشرة قبل الكلام أو اتخاذ موقف في لحظة الغضب. إنّها نصيحة قديمة جداً ولكنّها فعّالة وتسمح بالتفكير في ما سنقوله وبالتأثير الذي سيحدثه.
3- تغيير المكان مفيد جداً في أوقات الغضب، فالانزعاج قد يكون بسبب أشخاص أو عوامل محدّدة موجودة في مكان معيّن، حين تتغيّر أو يتغيّر المكان يمكن أن يخف انفعالك.
4- لا تنتظري المثاليّة من الآخرين كي لا تكون ردة فعلك حيال أخطائهم عنيفة، تذكّري دائماً أنّ الغضب أو الهروب لن يحل شيئاً، عليك بالمواجهة بعقل واتزان وهدوء.
5- تقرّبي من الأشخاص الهادئين وأقيمي صداقات معهم، واستفيدي من طريقتهم في معالجة المواقف الصعبة التي يواجهونها.