سناء دياب-بيروت
تخبرينها الكثير مما لا يمكن أن تُعلمي به شقيقتك أو والدتك. فبينكما أسرار ومواضيع تتعلّق بأذواقكما المختلفة في اللباس والمأكل والسفر وبعلاقاتكما الاجتماعيّة وعملكما، كما تجمعكما تلك التفاصيل الصغيرة التي تتهامسان بشأنها كلما التقيتما. هي صديقتك المفضّلة التي تملأ أخبارها فضاء يومياتك. لكن هل عليك أن تخبريها بكلّ ما يتعلق بك و… ربّما بها؟ أم يجب أن تفصل إحداكما عن الأخرى مساحة من الحريّة والاستقلاليّة؟ وماذا لو أثارت أخبارك غيرتها والعكس صحيح؟
من هي صديقتك المفضّلة؟
تجيب على اتصالاتك الهاتفيّة وتسارع إلى مدّ يد العون لك حتى في ساعات الصباح الأولى. تشاركك مناسباتك السعيدة وتحرص على القيام بكل الاستعدادات والتحضيرات للاحتفال بها وتحوّلها إلى مهرجانات من الفرح، تواكب أحزانك وآلامك وتساعدك على إبداء قناعتك بأنّ ما حصل قد حصل وأنّ الزمن لن يعود إلى الوراء من أجل وضع الأمور في نصابها السابق. تحترم صمتك، لكنّها تبدي حياله أحياناً بعض القلق. تهمس في أذنك أثناء وجودكما في مكان عام تعليقاً على أمر ما، فتضحكان معاً وتدفعك إلى الضحك حتى وإن لم ترغبي في ذلك. توليك ثقتها التامة وتتفهّم تقلّب مزاجك وطباعك وتساعدك على تحويل الطالح منها إلى صالح، إذ تتوجّه إليك بالنقد البناء المنزّه عن كلّ غيرة أو نيّة خفيّة. تغفر لك زلاتك وهفواتك وتحبّك كما أنت، ولا تطلب منك تغيير طريقة تصرّفك أو تسريحة شعرك أو ملابسك، إلا لأنّها تريدك الظهور بأفضل حلّة، شكلاً ومضموناً. تمضين برفقتها معظم أوقات فراغك. «تحفظك» عن ظهر قلب وتتوقّع ردود أفعالك. يمكنك الاعتماد عليها في الظروف كافة. نجاحك نجاح لها وكبواتك فرصة تستغلها للوقوف إلى جانبك، تشجّعك وتواسيك. هي بنظرك فتاة رائعة ووجودها إلى جانبك هديّة لا تقدر بثمن. إنّها صديقتك المفضّلة، مستودع أسرارك وشجونك. لكن هل عليها أن تعرف كلّ خباياك، مشكلاتك العائليّة، أسرارك الزوجيّة؟ وهل عليك أن تعلميها بما قد يولّد في داخلها مشاعر الحزن والكرب، كأن تخبريها مثلاً أنّ ابنتها أو شقيقتها ارتكبت، من دون علمها، خطأ ما. هل ترين أنّ هذا قد يحوّل صداقتكما إلى علاقة تواطؤ ومؤامرة أم أنّ إخفاء المشكلة يشكّل بالنسبة إليك خيانة لا تغتفر؟
علم النفس
قبل الإجابة على هذه التساؤلات لا بدّ من إلقاء نظرة على علم النفس الذي يرى علماؤه أنّ الصداقة تتميّز بخصائص هي الاعتماد المتبادل وتأثير كل طرف على مشاعر ومعتقدات وسلوك الطرف الآخر ووجود نشاطات واهتمامات متنوّعة، فضلاً عن قدرة كل طرف على استثارة انفعالات قويّة لدى الطرف الآخر، إذ يبادله المشاعر وينصحه ويرشده إلى الصواب وذلك استناداً إلى الصدق الذي يعدّ من أبرز دعائم الصداقة. إذاً، فالتعبير عما يجول في ذهنك على مسمع من صديقتك المفضّلة، حسب اختصاصيي علم النفس، من الركائز الأساسيّة لأيّ علاقة صداقة تجمعكما. لكن ألا تحتمل هذه العلاقة مساحة من الحريّة والاستقلاليّة تنعم بها كلّ منكما بمنأى عن الأخرى أم أنّ عليكما أن تتشاركا كلّ لحظات حياتكما دون زيادة أو نقصان؟
افرحا معاً!
ستقدمين على الارتباط؟ لديك عمل جديد؟ خسرت 10 كلغ من وزنك؟ أعلمي صديقتك الأقرب إليك بذلك ولا شكّ في أنّها ستهنّئك. لكن احذري من أن تتحدّثي بشأن ذلك مراراً وتكراراً، فهذا قد يثير حفيظتها وربّما… غيرتها، خصوصاً في حال لم يكن عليها الاستعداد للزواج في المستقبل القريب أو كانت تخفق في خسارة كيلوغراماتها الزائدة، أو أنّها لم توفّق في الحصول على وظيفة جيّدة، فالصداقة علاقة قائمة على الاكتفاء المتبادل والمحبّة، إلا أنّها تحتمل شعوراً بالغيرة قد تبديه إحدى الصديقتين تجاه الأخرى أو تجاه نجاح الأخرى وتفوّقها على غير صعيد: العمل، الراتب، العائلة، الشهادات الجامعيّة، المظهر الخارجي…
في حال رأيت في سلوك صديقتك تجاهك ما ينمّ عن غيرة منك:
– ضعي الإصبع على الجرح واعملي على مساعدتها على تطوير قدراتها لكي تتمكّن من تحقيق نجاح مماثل، من دون أن تعلم أنّك اكتشفت أمر غيرتها، ما يسهم في استعادة ثقتها بذاتها.
– اعلمي أنّ صديقتك المفضّلة تكنّ لك مشاعر الحبّ والمودّة وأنّ الغيرة شعور طبيعيّ لا بدّ من السيطرة عليه وتوجيهه بحيث لا يؤدّي إلى تدمير الصداقة.
– لتعرفي أسباب غيرتها، اطرحي على نفسك الأسئلة التالية: لمَ بدأت تشعر بالغيرة حين أعلمتها بأمر نجاحي أو شرائي ذلك الثوب الرائع؟ وجدي الإجابات فأنت تمتلكينها لأنّها الصديقة
الأقرب إليك.
– اقلبي الأدوار واشغلي موقع صديقتك، ما يساعدك على تفهّم غيرتها والتعامل معها بعقلانيّة.
– اعلمي أنّ شعوراً مماثلاً بالغيرة قد ينتابك أيضاً، ما يزيح عن كاهلك وطأة الشعور بالذنب تجاهها ويساعدك على إيجاد الحل للمشكلة.
– قدّمي لها التشجيع كلما قامت بخطوة ما، فهذا يعزّز ثقتها بقدراتها وطاقاتها الذهنيّة والعمليّة والشكليّة.
– لا تكثري من الحديث عن نجاحاتك على مسمعها وتجنّبي كلّ ما يؤجّج غيرتها.
– اطلبي منها أن تساعدك في ما يتعلّق بالخطوات التي عليك القيام بها من أجل تحقيق التقدّم على مختلف صعد حياتك. فهذا يعزّز أواصر الثقة بينكما ويجعل صداقتكما أكثر متانة.
إلا أنّ هذه الخطوات تتطلّب بذل جهود كبيرة وأحياناً… وقتاً طويلاً من أجل القيام بها، فتوخي في ذلك الحكمة والصبر.
أسراركما متبادلة
ثمّة أسرار تبوحين بها لصديقتك… ولها فقط، ما يعني أنّك تثقين بها ثقة تامّة، وهذا يساهم في تعميق أواصر الصداقة بينكما. لكن انتبهي! من الخطأ أن يتمّ ذلك من جانبك فقط. فإذا باحت لك بسرّ ما قابليها بالمثل كدليل على ثقتك بها.
تشاركا الأفكار
تتلقّين اتصالاً من صديقتك، فتتحوّل حياتك إلى كتاب مفتوح تقرأه من الغلاف إلى الغلاف: لقاؤك إحداهن، شجارك مع جارتك، احتفالك بذكرى زواجك… وحين تضعين سماعة الهاتف تدركين أنّك لم تعلمي من أخبارها شيئاً، وهذا أمر خاطئ ولا يعود على صداقتكما بالفائدة، بل يضعك في موقع الخضوع، في حين أنّ الصداقة علاقة قائمة على التبادل. لذا خصّصا 10 دقائق من زمن المحادثة لك و10 دقائق أخرى لها مع احتمال مناقشة الأفكار.
الصراحة كنز ولكن…
حين تطرح عليك صديقتك السؤال التالي: هل يليق بي هذا الثوب؟ تشعرين بالحرج لأنّه لا يليق بها. إلا أنّك سرعان ما تتمكّنين من تجاوز الموقف والإجابة: «ليس أفضل أثوابك، فذلك الثوب الآخر يناسبك أكثر». بذلك تعبّرين عن رأيك بصراحة تامة من دون أن تزعجي صديقتك المفضّلة. قد لا تبدين أحياناً استعداداً لقول الحقيقة بشأن أمر يتعلّق بها. لكن عليك، على الرغم من ذلك، اعتماد الحيلة البريئة سبيلاً إلى قولها لأنّها تخدم مصلحة هذه الصديقة ومصلحة صداقتكما.
متى تقولين الحقيقة؟
إذا كانت صديقتك تتّبع بعض العادات الخاطئة كأن تفتقد التنظيم في شؤونها الخاصّة والعمليّة، عليك أن تنتظري حلول الوقت المناسب لكي تعلميها بأنّه يمكنها بذل المزيد من الجهود من أجل التخلّص من هذه العادات التي لا تزعجك، لكّنها قد تلحق بها الضرر. إنّ تحدّثها بصوت مرتفع في الأماكن العامة أمر يزعجك، لذا عليك أن تثنيها عن ذلك من دون الإساءة إليها مبدية حرصك على ظهورها بأفضل صورة في الأوساط الاجتماعيّة.
النقد
قد تعتقدين أنّ توجّهك بالنقد إلى صديقتك إنما هو الخطوة الأولى على طريق الخلاف بينكما. اعتقاد خاطئ! فأنت لا تحبّذين رؤيتها تتّخذ قرارات خاطئة. اصغي إلى شكواها جيداً وقدّمي لها النصح وإن لم تطلب ذلك وانهيها، على طريقتك كصديقة، عن القيام بما لا يعود عليها بالفائدة أو يلحق الضرر بمصلحتها، أكانت خاصةّ أم عمليّة. اعتمدي الصراحة سبيلاً إلى القيام بذلك. وفي المقابل، لا تتردّدي في طلب النصح منها واستمعي إلى ما تقوله جيداً وناقشي الأمر وإياها من أجل الوصول إلى حلول مرضية. وفي حال عقدت العزم على أن تبوحي لها بما يؤرقك، لا تبخلي بسرد التفاصيل، أيّ أنّه لا يسعك أن تخفي بعض الأمور ذات الصلة بالمشكلة موضوع حديثكما إذا كنت تريدين تبادل الأفكار مع صديقتك بشأن الحلول الممكنة. لذا تقبّلي في هذا الإطار كلّ الملاحظات والانتقادات التي قد تتوجّه بها الصديقة إليك (عليها القيام بالمثل).
احمي صديقتك
انتقدت إحداهنّ صديقتك أو أتت على ذكرها بالسوء على مسمع منك أثناء غيابها، ما الذي يتعيّن عليك القيام به خصوصاً في حال كانت الملاحظات التي صدرت بشأنها صائبة؟ إنّها صديقتك المفضّلة. من هذا المنطلق فهي تستحق منك بعض التحيّز. كيف؟ بأن تبلغيها تلك الملاحظات من دون أن يتضمّن ذلك أيّ نوع من الإساءة إليها.