أخبار

سرطان في صدر العائلة معاً نقضي عليه

أكتوبر 7, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

فرح قمر-بيروت
يشكّل المرض مفترق طرق بالنسبة إلى كثيرين حيث تصعب الخيارات وتصعب معها كيفيّة التصرّف في هذه الحالة الاستثنائيّة. ليس سهلاً أن يحافظ المرء على قوّة أعصابه وهدوئه في خضم الغموض الذي هو فيه، لكن من المهم جداً أن تعرفي أنّ مريضة السرطان ولا سيما سرطان الثدي بحاجة إلى دعم ومساندة لتخطّي رحلة العلاج الطويلة ومحاربة المرض بإيجابيّة وتفاؤل. ليس خافياً على أحد أنّ وجود المرض في المنزل يؤثر على جو العائلي بأكمله، وبالتالي تقع الأسرة في دوامة اليأس والخيبة من المرض.
سرطان الثدي، الذي يحدث عندما يظهر نمو خبيث في قنوات أَو غدّد الصدر، يمكن أن يسبّب القدر نفسه من المعاناة العاطفيّة كالمعاناة الجسديّة. لذا من الجيد أن نتعلّم كيف نتعامل ونقدّم المساعدة لتخطّي هذه المحنة المرضيّة. عليك أن تعرفي أنّ نسب الشفاء عالية جداً، وأنّ التغلّب عليه بقدر ما هو سهل بقدر ما يحتاج إلى قوّة المريضة وثقتها بنفسها رغم كل التغييرات الجسديّة، لذا عليك أن تساعديها على مقاومة المرض لأنّ المسيرة لم تنته والحياة لن تصبح سيّئة رغم كل ما قد تمر به.

الصراحة واجبة
صحيح أنّ تشخيص المرض يختلف بين مريض وآخر باختلاف ردود الفعل، لكنّها تنصب في خانة النفي وعدم التصديق، وهي ردة فعل طبيعيّة نتيجة معرفة المريض بمرضه. يمكن اعتبارها المرحلة الأولى من مسيرة التكيّف مع مرض السرطان حيث تمتزج كل المشاعر المتناقضة عند المريض وعائلته على حدّ سواء. وهنا يأتي دور المحيط والعائلة، فالصراحة واجبة والتضامن كذلك، يجب أن تشعر المريضة بأنّ الكل معني بها وليست مشكلتها وحدها، من دون أن تشعر بأنّها عبء على أحد لأنّ هذا سيدمّرها. والأهم من ذلك عدم تسخيف المشكلة كالقول إنّ المرض عادي والجميع يمر به، لأنّ المريضة ليست غبيّة وتعرف أنّ مرض السرطان ليس سهلاً وفي هذه الحالة ستفقد الثقة بمن حولها.
من المهم جداً أن يدرك أهل المريضة أنّهم يجب أن يكونوا شركاء في العمليات العلاجيّة، يؤدّون دورهم الكامل جنباً إلى جنب مع الفريق الطبي. فأهميّة العلاج تكمن في تعاطي الأهل مع المرض وكيفيّة مواجهته بعزم وتفاؤل. لذلك على أسرة المريضة أن تشارك في العمليّة العلاجيّة وألا تّتخذ موقف المتفرّج والصامت، خصوصاً مع الظروف الطارئة والجديدة التي ستؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الحياة العائليّة.

المراحل النفسيّة
لذلك علينا أن نعرف أنّ المريضة تمرّ بأربع مراحل نفسيّة أثناء مرضها، تختلف باختلاف شخصيّة المريضة ومدى قدرتها على التغلّب على المشاكل. ويمكن اختصارها بالتالي:

المرحلة الأولى : الصدمة والإنكار
هذه المرحلة تمر بها كل مريضة بغضّ النظر عن درجة المرض وطرق العلاج، إذ ترفض تقبّل فكرة أنّها مصابة بمرض السرطان، وتتمنّى أن تكون في حلم وأنّ كل ما يجري معها ليس حقيقة. ترفض أن تكون مريضة غير مصدّقة ما يحصل معها، فتكون في حالة ذهول وصدمة تامة.
هذه المرحلة هامة جداً وعليك أن تساعدي المريضة على فهم طبيعة المرض. لا بأس ببعض الكتب، أو زيارة مريضات ناجيات يرفعن من معنوياتها، والتعرّف فعلاً إلى مراحل العلاج ومخاطره، لكي توضع اليد على الجرح من دون تضخيم ولا تجاهل.

المرحلة الثانية : الاكتئاب
في هذه المرحلة، تدخل المريضة في دوامة الكآبة حيث تبتعد عن الناس وترفض الأكل أو التحدّث إلى أحد. تعيش حالة نفسيّة سيّئة حيث الأفكار السلبيّة والمشاعر الحزينة تسيطر على حياتها. لذا على الأسرة أن تعرف أنّ أهم مرحلة في العلاج هي أن تتخطّى المريضة مرحلة الاكتئاب إلى مرحلة التقبّل حتى ينجح العلاج، وإلا فإنّ كا المحاولات ستبوء بالفشل. إذ يصعب على الجسم الطبي أن يقرّر بدء مرحلة العلاج إذا كانت المريضة مكتئبة، رافضة لأي علاج. فحتى الطب يؤكد أنّ نتيجة العلاج مرتبطة بشكل وثيق بنفسيّة المريضة ومدى عزمها على مواجهة مرضها والتغلّب عليه.

المرحلة الثالثة: الخوف من الموت
يعتري مريضة سرطان الثدي الخوف لدى سماعها بالتشخيص ويزداد لديها الشعور بالرهبة من الموت وذلك لارتباط هذا المرض في الأذهان بالموت، فتشعر بأنّ الحياة توقّفت لديها بمجرد سماع تشخيصها للمرض. لذا عليك أن تظهري لها أنّ غالبيّة حالات سرطان الثدي قابلة للشفاء. وأنّ أي تضحية يمكن أن تقدّم كاستئصال الثدي ليست كارثيّة لا سيما مع وجود عمليات تجميل متقدّمة ترمّم الضرر بشكل أو بآخر.

المرحلة الرابعة : القبول
هي المرحلة الأخيرة التي تصل إليها المريضة أثناء مرضها، وتعتبر أهم مرحلة في مسيرتها. وهنا تتقبّل مرضها وتقرّر التعايش معه والتغلّب عليه. وكلما وصلت إلى هذه الحالة أسرع، كلما كان الشفاء أفضل. وهذا ما يتطلّب منك جهوداً مضاعفة في الحالات السابقة، لأنّ الأمر الوحيد الذي يمكن أن تقدّميه في هذه المرحلة هو التضامن.

كيف تساعدينها؟
من الطبيعي أن تمرّ المريضة أثناء العلاج بمشاعر متناقضة ومتضاربة، لكن يبقى أن نعرف كيف نساعدها على التغلّب عليها. فمن المهم جداً عدم معاملتها على أنّها ضعيفة وغير منتجة وعدم الشفقة عليها لأنّ ذلك سيؤثر على حياتها النفسيّة وبالتالي على العلاج. كما على أفراد العائلة عدم المبالغة في الاهتمام بها لكي لا تشعر بأنّها عاجزة ومثيرة للشفقة. كذلك، عليك تفهّم ردود أفعالها حتى لو كانت قاسية وعدم الحكّم عليها، فالمريضة تمرّ بمراحل مختلفة قبل التقبّل. لذا من المهم مساعدتها على التحدّث بما تشعر به تفادياً لأيّ كبت أو حالة انطواء على الذات.
ويجب الحديث عن المرض ومعرفة نوعه ودرجته. ومن المهم استشارة أكثر من طبيب والحديث عن المرض بشكل طبيعي. لذا، على الأهل تجنّب الأحاديث الجانبيّة لكي لا تشعر المريضة أنّها محور أحاديثهم وأنّ هناك ما يخفونه عنها.
اسألي عن جمعيات دعم سرطان الثدي وإذا كانت لديهم حلقات أو برامج توعية أو نقاشات، رافقي المريضة إليها لتعزيز معرفتكما بالمرض.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية