أخبار

الطلاق أبغض الحلال… لكن ماذا عنهما؟

سبتمبر 6, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

دينا زين الدين-بيروت

ذكرت دراسة أميركيّة صدرت نتائجها مطلع الشهر الماضي أنّ وزن الرجال غالباً ما يزداد عقب الطلاق، في حين أنّ النساء يزددن وزناً بعد الزواج. واعتمد باحثو جامعة كولومبوس الأميركيّة في دراستهم على بيانات نحو 10 آلاف أميركي تمّ اختيارهم بشكل يمثّل المجتمع. وبحسب الباحثين، فقد تم تسجيل وزن الأشخاص الذين شملتهم الدراسة بعد عامين من تغيّر وضعهم الاجتماعي.
تحمل نتائج هذه الدراسة الكثير من الدلالات الاجتماعيّة، فهي بحسب الاختصاصيّة في علم الاجتماع نسرين جلّول تشير إلى أنّ الرجال يخسرون مع انتهاء الزواج الحياة المريحة التي كانوا يعيشونها خلاله، فيميلون إلى تعويض ما خسروه من دعم معنوي ونفسي عن طريق الإفراط في تناول الطعام وإلهاء أنفسهم عن التفكير في شكل حياتهم المقبلة، ما يتسبّب في زيادة الوزن.

الرجل أيضاً يتأثّر بالطلاق
من جهة ثانية، تؤشّر هذه الدراسة إلى أنّ الرجل يعاني أيضاً بعد وقوع الطلاق، فالفكرة السائدة في المجتمع – إن في العالم العربي أو بشكل عام – عن أنّ الرجل عقلاني ولا يتأثّر بالانفصال كالمرأة، لقدرته على الانشغال بعمله أو الزواج مجدّداً أو الانطلاق في حياة جديدة بشكل سريع أحياناً، يثبُت عدم صحّتها يوماً بعد يوم. وما نراه حاصلاً في بعض الأحيان، أنّ المرأة هي التي تخرج سريعاً من العلاقة، وتبحث عن آفاق جديدة في حياتها، لتحقّق الطموحات والأحلام التي حرمها منها الالتزام العائلي ومسؤوليات الزوج والأولاد.

اكتشاف مبكر
تقول السيدة سلام (48 عاماً): «الطلاق كان أصعب أمر قمت به في حياتي، لكنّني اليوم ألوم نفسي لأنّني بقيت عشر سنوات مع زوجي رغم اكتشافي أنّنا غير منسجمَين بعد أشهر من زواجنا». تضيف السيدة الأربعينيّة: «تركت الجامعة بعد الزواج، وانكسر شيء في داخلي لدى حصول هذا الأمر. أردت أن أكمل تعليمي ولكنّني حملت، وصار صعباً عليّ أن أوفّق بين الأمرين، وزوجي لم يشجّعني ولم يُظهر أيّ دعم لطموحي. رضيت بالأمر الواقع وفكّرت في أن أربّي أولادي وأعيش لهم كما فعلت أمي وقبلها أمها. لكن بعد مرور عقد على زواجي، شعرت بأنّني ميتة، ولم أرد الاستمرار على هذه الحال».
وقع الطلاق وبقي الأولاد مع السيدة سلام التي احتفظت بمنزل الزوجيّة وعادت إلى الجامعة وأكملت دراسة الفنّ التشكيلي، وشاركت في معارض محليّة وبدأت تحقّق النجاح وتصبح معروفة. «الزواج كان يقيّدني والطلاق حرّرني وأحياني من جديد، لا أنكر أنّني واجهت صعوبات، لا سيما بعدما قاطعني أهلي لأكثر من سنتين، لكنّني تحمّلت واستطعت أن أثبت نفسي. تحسّنت علاقتي بطليقي بعد زواجه من جديد، أما قبل ذلك، فكانت لقاءاتنا نادرة، وقد تعرّفت إلى رجل منذ فترة ونفكّر في الارتباط».

قسوة التأقلم
من جهته، عانى السيد بهاء (39 عاماً) من انهيار زواجه بعد خمس سنوات من الارتباط، ولم يستطع تخطّي الموضوع أو العودة إلى الحياة الطبيعيّة، على عكس زوجته التي خرجت سريعاً من أزمة الطلاق. يقول: «عادت زوجتي إلى منزل والديها بعد الطلاق ومعها ابننا الوحيد، ولم أظن أبداً أنّني سأجد صعوبة في التأقلم مع العيش بمفردي، لا سيما أنّ الطلاق كان برضى الطرفين. لكنّ الأمر كان فعلاً قاسياً». ويشرح السيد بهاء الصعوبات التي واجهها «صرت مضطراً إلى أن أطبخ بنفسي أو بالأحرى أن أتعلّم الطبخ، واعتمدت في غالبيّة الوقت على الطعام الجاهز، لم أعد أخرج كثيراً وأنا بطبعي انطوائي وأكره الحديث عمّا أحسّ به. صرت أقضي معظم وقتي أمام التلفزيون، ولم يختلف الأمر مع مرور الوقت، كما أصبحت أخاف الارتباط من جديد كي لا أواجه المشاكل التي واجهتها في تجربتي السابقة، فأنا أفضّل البقاء وحيداً على أن أكرّر دوامة المعاناة».

معضلة: الرجل – المشاعر
يجد معظم الرجال صعوبة في الحديث عن مشاعرهم، والأمر عائد إلى طريقة التربية، فالرجل يجب أن يكون قوياً ومتماسكاً وقادراً على تخطّي كل ما يواجهه، والمرأة هي الكائن الضعيف القادر على البكاء والصراخ والتنفيس عن مشاعره ومعاناته بالشكل الذي يراه مناسباً. لكن مَن الذي عمّم هذا الأمر؟ وهل يمكن إطلاق أحكام مطلقة على المشاعر، وهي أحاسيس محض شخصيّة وتتعلّق بصاحبها ولا أحد غيره؟

صعوبة الجلسات الرجاليّة
سؤال أجابت عنه الاختصاصيّة الاجتماعيّة بالقول: «تختلف طريقة كل إنسان في التعبير عن مشاعره، لكنّ أحاسيس الشوق والألم بعد الانفصال عن شخص قريب تصيب جميع البشر إناثاً وذكوراً. في الإجمال، تبدي النساء قدرة على تنفيس الغضب أو الشوق من خلال مشاركة ما يشعرن به مع المحيطين بهن، فالمرأة تتحدّث عن كل ما يجول في ذهنها إلى صديقتها المقرّبة أو والدتها أو شقيقتها، تكشف عن مخاوفها وأحلامها وهواجسها وتجد من يعطيها رأيه ويمدّ لها يد العون. أما الرجال، فلا يعقدون جلسات رجاليّة ولا يناقشون شؤونهم الشخصيّة. من جهة ثانية، وفي غالبيّة حالات الطلاق، فإنّ المحيط الاجتماعي ينحاز بشكل مباشر إلى المرأة، فيدعمها الأهل والأقارب والجيران، يسألون عنها ويحاولون تخفيف آثار الانفصال، ويلقون المسؤوليّة على الرجل الذي يكون مظلوماً في بعض الأحيان».

مَن يحتاج إلى الرجل؟!
ساهم استقلال المرأة مادياً في تخفيف تأثّرها بحصول الطلاق. فبدخولها مجال العمل، استطاعت أن تعيش بأمان مادي من دون وجود الرجل – المعيل، سواء الزوج أم الأب أم الأخ. في هذا السياق، تقول السيدة رولا (34عاماً): «لم أنظر إلى الطلاق يوماً على أنّه نهاية حياتي، بل العكس، أعتبره بمثابة بداية جديدة. بات لديّ المزيد من الوقت لأفكّر في عملي وأتطوّر فيه، صرت أمارس التمارين الرياضيّة، وعدت للخروج مع صديقاتي والاستمتاع بوقتي. مَن يحتاج إلى الرجل ولديه مئات الاحتمالات مفتوحة أمامه؟! الحياة قصيرة وأريد أن أكون سعيدة مع أو من دون رجل».

نجمات شابات تألّقن بعد الطلاق
الفنانة نجوى كرم مرّت بتجربة زواج غير ناجحة، لكنّها لم تسمح بأن يؤثّر هذا الأمر بشكل سلبي على حياتها، واستمرّ تألّقها المهني عاماً بعد آخر. مثلها نوال الزغبي التي عانت كثيراً قبل أن تحصل على حضانة أولادها، لكنّها تمكّنت من معاودة حياتها الطبيعيّة بعد الطلاق وعودة صغارها إلى حضنها. ابنة بلدهما ديانا حداد واجهت المشكلة نفسها وتخطّتها معتمدة على تغيير شكلها الخارجي، فبدت أصغر سناً وأكثر حيويّة. حال أنغام من مصر لا تختلف، فهي وقفت على قدميها بصلابة بعد تجربتَي زواج لم يُكتب لهما النجاح. كذلك الأمر بالنسبة إلى الفنانة السعوديّة وعد التي خرجت بعد الطلاق أكثر قوّة واستمرّت في الغناء وطرقت مجالات عمل جديدة، منها تصميم الأزياء، ومثلها جومانا مراد وسمية الخشاب ومي حريري وغيرهن.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية