دينا زين الدين- بيروت
يحدث أحياناً أن نلتقي بشخص، فنشعر بنفور سريع منه سببه ربما كلمة قالها أو حركة أتى بها أو موقف بدر منه، ويحدث أيضاً أن نصادف أناساً نشعر بانجذاب تجاههم ونحس بألفة وراحة وكأنّنا نعرفهم من قبل. تمر الأيام ونكتشف بعد فترة أنّ حكمنا في الحالتين كان متسرّعاً وظالماً أحياناً أو تثبت لنا الأيام صواب حكمنا، فنقرّر أن نثق بالانطباع الأول أو الحدس كما يحلو للبعض أن يسمّوه. فهل تؤمنين بالانطباع الأول في ما يتعلّق بعلاقاتك بالناس أم تأخذين وقتاً قبل الحكم عليهم؟ وهل فكّرتِ يوماً بالانطباع الذي تتركينه لدى الآخرين، وما هي الصورة التي تهتمّين بأن يأخذوها عنك؟
تأثير سلبي
لا شكّ في أنّ الانطباع الأول يؤثّر على تصرّفاتنا مع الناس، وفي المقابل يؤثّر أيضاً على ردود أفعالهم وتعاملهم معنا، فحين يكون هذا الانطباع سيّئاً تنقطع العلاقة أو تسوء ويمكن أن يكون للأمر تأثير سلبي على نواح عديدة من حياتنا.
في هذا الإطار، تقول رانيا (26 عاماً): «تكوّن لديّ انطباع أول سيّئ عن مديرتي في العمل بسبب تجهّمها الدائم وأسلوبها القاسي في إعطاء الملاحظات. حصل هذا الأمر منذ اليوم الأول للقائي بها وخلال مقابلة العمل لاحظت أنّ طباعنا مختلفة، فأنا كثيرة الحركة والضحك والكلام وهي صاحبة شخصيّة هادئة وأحاديثها مقتضبة. لم أصدّق أنّها أعطتني الوظيفة، وقد حصلت بيننا صدامات كثيرة في بداية عملي إلى أن بيّنت الأيام والتجارب التي مررنا بها أنّ قلبها طيب وهي متعاونة إلى أبعد الحدود، لكنّ طريقتها في التعبير تختلف عن طريقتي».
خسارة لا تعوّض
تضيف رانيا: «تسرّعي كاد أن يفقدني وظيفتي والأهم أنّه كان سيمنعني من التعرّف إلى مديرتي التي باتت اليوم من أقرب الأشخاص إلى قلبي، لذلك لم أعد أثق بالانطباع الأول، بل أعتبر أنّ مرور الوقت والمواقف التي تحصل مع الأشخاص هي التي تخوّلني إطلاق أحكام عليهم».
إجماع على بعض الصفات
يشكّل اختلاف الطباع بين الناس سبباً أساسياًَ في أخذ انطباع سيّئ أو جيّد، فعموماً الأشخاص النشيطون وكثيرو الحركة لا يتّفقون مع الهادئين. من جهة ثانية، هناك بعض الصفات التي يجمع الناس على عدم تقبّلها وتكون سبباً في أخذ انطباع سيّئ، وهي تظهر منذ اللقاء الأول أو خلال الدقائق الأولى للقاء، ومنها المبالغة في حركات اليدين أو الحديث بصوت مرتفع أو الإكثار من الماكياج والأكسسوارات، كما أنّ الحشريّة الزائدة ومحاولة فرض الرأي بالقوّة وإقناع الآخرين به من الصفات التي تتّضح سريعاً وتجعل الآخرين يطلقون أحكاماً قاسية على صاحبها.
إشارة أوليّة
من جهتها، تثق غادة (32 عاماً) بالانطباع الأول وتؤكد أنّه لا يخذلها أبداً. تقول: «هناك أناس أراهم للمرّة الأولى وأشعر بالانزعاج وبعدم الراحة في حضورهم. أحسّ من نظراتهم وطريقة تصرّفهم بأنّهم لا يضمرون لي خيراً، وأنّ هناك حاجزاً يمنعني من التعاطي الإيجابي معهم. قد أحدّثهم وأضحك لهم ولكنّني لا أسلّمهم ثقتي مطلقاً، وعادة ما يكون حكمي على الناس صائباً».
ما زاد عن حدّه انقلب ضدّه
يحاول الناس ترك انطباع حسن عن أنفسهم ويهتمون بما يفكّر به الآخرون عنهم، ومما لا شكّ فيه أنّه من الجيد أن نترك أثراً طيّباً في نفوس من نتعامل معهم، لكنّ هذا لا يعني أن يكون الأمر شغلنا الشاغل، فإن زاد الأمر عن حدّه بات يدل على ضعف وقلّة ثقة بالنفس. في هذا السياق، تقول عبير (35 عاماً): «أنتقد كثيراً لأنّني لا أهتم بنظرة الناس إليّ، وأعبّر عن آرائي بقوّة لا يستسيغها المحيطون بي ولا سيما الرجال، لكنّني لا أنوي أن أتغيّر ولا تهمّني الانطباعات التي أتركها لدى الآخرين، المهم أنّني راضية عن نفسي، ومن يريد أن يعمّق معرفته بي فليناقشني ويتعرّف أكثر إليّ ليدرك معدني الحقيقي».
كوني بسيطة وابتعدي عن التكلّف
لا أحد يحب الأشخاص المتكلّفين سواء بالمظهر الخارجي أم بطريقة الكلام والتعبير. كوني على حقيقتك ولا تحاولي تجسيد شخصيّة لا تشبهك لأنّ الآخرين سيرون ذلك سريعاً.
تحدّثي بهدوء قدر الإمكان
ليس بالصوت العالي تلفتين أنظار من حولك، فالفكرة إذا كانت مهمّة وفي مكانها المناسب ستصل. لا داعي إذاً للجوء إلى الصراخ أو المبالغة في الانفعال ولا سيما حين تكونين في مكان لا تعرفين كل من فيه، بل حافظي على هدوئك في كل المواقف لتكسبي احترام نفسك وجميع من حولك.
شاركي ولا تلزمي الحياد
حين تكونين في مكان جديد ومع أشخاص تتعرّفين إليهم للمرة الأولى، حاولي أن تشاركي في النقاشات المطروحة ولا تخشي ألا تلقى آراؤك الاهتمام، فعليك إثبات وجودك ولن يكون ذلك بالجلوس بصمت ومراقبة ما يجري عن بعد.
ثقي بآرائك ولا تظهري تردّدك للآخرين
المشاركة تعني الثقة بالنفس وبالمخزون الثقافي الذي تمتلكينه، لا تشعري بأنّ هناك من يتفوّق عليك، فهذا الشعور سيصل إلى الآخرين وسيسعون حينها إلى تهميشك وسيحكمون أنّك ضعيفة الشخصيّة وأنت لا تريدين بالتأكيد أن يكون هذا انطباعهم عنك.
اقرئي عن الطبيعة البشريّة
لزيادة معارفك، اجعلي الكتاب صديقك الدائم، اقرئي في كل المجالات ولا سيما عن الطبيعة البشريّة كي يتسنّى لك فهم الناس والحياة جيداً والتحدّث في أمور حكيمة ومفيدة.
انفتحي على الأشخاص الجدد
وسّعي دائرة معارفك وشاركي في نشاطات كثيرة وسترين أنّك ستكسبين محبّة العديد من الأشخاص، ليس كلّهم بالتأكيد لأنّ اختلاف الطباع سيبعدك بالضرورة عن فئة معيّنة، إلاّ أنّك في المجمل ستشعرين بأنّك فاعلة ومحبوبة.
اهتمّي بمظهرك الخارجي
لا يمكن إغفال دور المظهر الخارجي في الانطباع الأول، وعلى الرغم من أنّ الانبهار بالمظهر لا يدوم أكثر من بضع دقائق يكون عليك بعدها أن تثبتي تميّزك من خلال أفكارك وتصرّفاتك، إلا أنّه لا ضير من أن يكون شكلك وطريقة اهتمامك بمظهرك نافذة للدخول إلى روحك الطيّبة. اهتمّي بجمال ابتسامتك وأسنانك وبملابسك وتسريحتك وعطرك وماكياجك.