يبدو جواب معظم المتزوّجين عن سؤال: «هل اختلفت علاقتكما بعد إنجاب الأطفال؟» متشابهاً، إذ يؤكدون أنّ الحب المشتعل الذي جمع بينهما في فترة الخطوبة وفي الأشهر الأولى من الزواج يخف ويتحوّل إلى مودّة واحترام، والسبب النقص في أوقات الفراغ التي تخوّلهما القيام بنشاطات مشتركة، الإرهاق الجسدي والنفسي الذي يعانيان منه بسبب مستلزمات التربية والرعاية التي يحتاج إليها الأولاد. إذاً، تختلف العلاقة الزوجيّة، ومما لا شكّ فيه أنّها تصبح أقوى وأمتن، فالأطفال يجمعون الشخصين ويصبح رباطهما أكثر عمقاً لأنّ هناك من يحتاج إلى وجودهما معاً، لكنّها قد تفقد أحد أهم عناصرها وهو الشغف، فكيف السبيل لحمايته والحفاظ عليه وتقويته، مهما زاد عدد أولادكما وتراكمت مسؤولياتكما؟
الهدوء سيّد الموقف
الولادة هي أصعب ما تمرّ به المرأة، فهي مرحلة متعبة جسدياً ونفسياً، لذلك فإنّ عودتها إلى طبيعتها تأخذ وقتاً، ناهيك عن أنّه سيكون عليها الاهتمام بالمولود الجديد وتكييف حياتها المهنيّة والزوجيّة مع التغييرات الحاصلة، ومن الضروري أن تكون هادئة وقد حضّرت نفسها مسبقاً لاستقبال هذه التغييرات برحابة صدر وإيجابيّة، كما أنّ بإمكانها أن تستفيد من مساعدة والدتها أو حماتها مع الطفل الجديد، بالإضافة إلى دور زوجها الداعم.
أنتِ قبل كلّ شيء
تقول السيدة ندى (31 عاماً): «كنت أرى صديقاتي يهملن أنفسهنّ بعد الإنجاب، فيبدون أكبر سنّاً ويتوقّفن عن شراء الملابس الجديدة والشبابيّة أو وضع الماكياج والتزيّن عند الخروج، لذلك وعدت نفسي بألا أكون مثلهنّ حين أنجب، فأنا امرأة وأنثى قبل أن أكون أمّاً، ولن أفقد علاقتي الجميلة مع زوجي لأنّ وقتي صار ضيّقاً، عليّ أن أجد الوقت وأنظّم أولوياتي، وهذا ما حصل».
الاستعانة بالخارج
تتحدّث السيدة الثلاثينيّة عمّا قامت به كي تحافظ على شرارة حبّها: «خضعت لنظام غذائي فقدت من خلاله الوزن الزائد، وأشركت زوجي منذ يوم الولادة بالاهتمام بابننا مع الاستعانة بوالدتي التي كانت لي عوناً كبيراً. وبعد شهر من الإنجاب، صرت أترك صغيري خلال عطلة الأسبوع في منزل أهل زوجي، هكذا نستمتع بيومين هادئين لنخرج ونمرح معاً». تستطرد السيدة الشابة: «المهم أنّني لم أغفل الاهتمام بنفسي، حافظت على توازني الفكري وصحتي الجسديّة والنفسيّة، وحين أكون مرتاحة سأريح زوجي وابني وسأنجح في كل ما أرغب فيه».
كيف يحب أن يراك؟
يحب الرجل أن يراك دائماً جميلة، أنت المرأة التي سحرته برقّتها وأنوثتها وعليك أن تكوني هكذا دائماً، وبهذه الطريقة لن تبرد المشاعر بينكما. من جهة ثانية، تنتاب الرجل مشاعر الغيرة من المولود الجديد لأنّه يشعر بأنّ اهتمامك به تقلّص، لذلك عليك أن تعوّضي عليه غيابك المتكرّر بمفاجآت غير متوقّعة، كأن تخطّطي لحفل عيد ميلاده أو تفاجئيه بهديّة أو بعشاء رومانسي، ويمكن أن تستفيدي من مشاعره هذه، فهو حين يغار سيشتاق إليك أكثر، وحين تعوّضين عليه بطريقة مبتكرة سيزداد حبّه لك وتقديره للمجهود الذي تبذلينه لإسعاده وسيشعر بأنّك لم تنسيه بل على العكس ازدادت مشاعرك نحوه قوّة وعمقاً.
الحريّة الضروريّة
من الضروري ألا تبتعدا عن دائرة معارفكما وأصدقائكما بعد إنجاب الأولاد، إذ يجب أن تخصّصا وقتاً للخروج ضمن مجموعات، أو أن تسمحي لزوجك بالخروج مع رفاقه وألا تجعليه يشعر بالذنب لأنّه تركك بمفردك، فالحد من حريّته سيجعله كارهاً للبقاء في المنزل معكما، على أن تتركيه مع الطفل بمفردهما وتخرجي مع صديقاتك تماماً كما فعل هو، وهكذا يقوّي علاقته بالصغير ويتسنى لك الترويح عن نفسك بعض الشيء. من ناحية أخرى، يجب ألا تقارنا بين نمط حياتكما الحاليّة ونمط حياة ونشاطات زوجين لم ينجبا الأطفال بعد، لأنّ النتيجة ستكون كارثيّة، وسينتج عنها المزيد من الإحباط والغضب. على العكس، فكرا بإيجابيات الإنجاب وبروعة العائلة الكبيرة التي ستكون حولكما مستقبلاً.
نعم للإبقاء على العادات القديمة
تقول سارة (27 عاماً): «حاولت أن أحافظ على نمط حياتي السابق، لكنّ الطفل يأخذ غالبيّة وقتي، لذلك حين يأتي زوجي مساء أكون منهكة، أحاول استغلال ولو ساعة في اليوم حين ينام الصغير لكي أجلس معه على انفراد وألاطفه، إلا أنّ سماع صراخ الصغير كفيل بأن يخرّب علينا كلّ شيء».
إنّ وجود الحوار الصريح بين الزوجين يسهّل الأمور عليهما ويساعدهما على تخطّي العديد من العثرات التي تعترضهما بعد أن يرزقا بالأولاد، كما أنّ المرأة الذكيّة ستكون قادرة على سرقة بعض اللحظات من وقتها وإعطائها لزوجها، وهل هناك أجمل من دقائق حبّ مسروقة تغدقين خلالها على شريك حياتك من عاطفتك وحنانك؟ إنّ دقائق من السعادة الصافية والصادقة تعطينه إيّاها مع إدراكه كم تضحّين من أجل أن تحصلا عليها، ستشعل الأحاسيس في قلبه وتحيي مشاعره أكثر ربّما من ساعات طويلة من الوصال.
زوجك هو طفلك أيضاً
حين كان يخرج صباحاً من المنزل، اعتدت أن تساعديه في اختيار ربطة عنقه، وتنبّهيه بأن يضع عطره في حال سها عن ذلك، وتسأليه عن نوع الطعام الذي يرغب في أن تحضّريه على العشاء، أما الآن فأنت لا تتنبّهين حتى إلى ساعة مغادرته أو عودته. لعلك تعتبرينها أموراً ثانويّة ولكنّها بالنسبة إليه هامة جداً، فهي كانت دليل حبّك له، لذلك لا تهملي هذه التفاصيل مهما بدت لك صغيرة، فالرجل كالطفل يريد أن يحسّ بأهميّته بالنسبة إليك، فلتغاري إذاً عليه ولتتابعيه وتسأليه عن مستجداته في العمل، وافعلي ذلك بصدق ورغبة في أن تبقي مطّلعة على شؤونه، ففي النهاية إنّه رجل حياتك ومن مسؤوليّتك أن توليه قدراً كبيراً من الاهتمام.
من ناحية أخرى، تنخفض الرغبات الجسديّة لدى النساء بعد الإنجاب، وعلى الرجل ألا يشعر بالقلق أو الغضب، بل عليه أن يراعي ما تمر به ويعطيها بعض الوقت لكي تعود إلى طبيعتها، فيهتم بصحّتها الجسديّة والنفسيّة ويساعدها على العناية بطفلهما.