صحة ورشاقة

عندما تصرخ النحيفة… كيف أكتسب وزناً؟

في الوقت الذي تعاني فيه كثيرات من مشكلة الوزن الزائد، فيتسابقن نحو مراكز التغذية للتخلّص من الكيلوغرامات الزائدة، تجد قلّة صعوبة في اكتساب بعض الكيلوغرامات، فالجسم المثالي ليس مطلباً لصاحبات الوزن الزائد فقط بل هو أيضاً مطلب اللواتي يعانين من وهن في بنيتهنّ الجسديّة ونقص في الوزن ولا يجدن إلى تعويضه سبيلاً.

تُعرّف النحافة على أنّها نقصان في الوزن بمعدل 15-20% عن الوزن الطبيعي للشخص، فتترافق في غالبيّة الأحيان مع مشاكل صحيّة خطرة.

وفيما يعزي الأطباء سبب النحافة المفرطة الى نقص في التغذية وعدم تزويد الجسم بعناصر أساسيّة تتواجد ضمن الهرم الغذائي الصحيّ، تشير بعض الأسباب إلى دور الحركة المفرطة في حرق البروتينات المتواجدة في عضلات الجسم، فتضعف عمليّة النموّ وتسبّب النحافة.

أسباب النحافة

تتعدّد الأسباب التي تؤدي الى عدم زيادة الوزن، وتتراوح بين المشاكل الصحيّة والنظام الغذائي الخاطئ. في هذا الإطار، تلفت اختصاصيّة التغذية لمى غبالي إلى «أنّ النحافة تعود لأسباب عدّة، منها قد يصبّ في خانة المشاكل الصحيّة كزيادة إفرازات الغدد، مرض فقدان الشهيّة (Anorexia) ومرض البوليميا وصولاً إلى بعض حالات السرطان التي تكون العائق الأساسي وراء اكتساب الجسم بعض الكيلوغرامات».

وتابعت: «معظم الأشخاص يجهلون كيفيّة تنظيم جدولهم الغذائي بشكل صحيح وسليم، فيقعون ضحيّة اختيارهم للمأكولات الخاطئة. على سبيل المثال، فإنّ تناول الخضار مفيد جداً للصحّة شرط عدم اقتصار العادات الغذائيّة على هذا النوع فقط من المأكولات إذ لا يفيد في عمليّة زيادة الوزن».

واعتبرت أنّ «زيادة الوزن من دون أيّ زيادة للدهون من أصعب المهمّات حتى من أكثرها استحالة. لذا، يجب ألا يتجنب هؤلاء الأشخاص تناول الدهون بل على العكس تماماً، يُفترض اختيار الدهون المفيدة للجسم، منها زيت الزيتون، اللوز، الفستق وزبدة الفستق، زيت دوار الشمس، الأفوكادو والجوز…».

ورأت ضرورة أن توازي الوحدات الحراريّة التي يتمّ تناولها على مدار اليوم حاجات الجسم اليوميّة بهدف الابتعاد عن شبح النحافة المفرطة.

ولفتت الى أنّ كثرة الحركة تعيق نجاح عمليّة زيادة الوزن، كذلك الأمر بالنسبة إلى كيفيّة اختيار الرياضة غير المناسبة خصوصاً تلك التي تهدف إلى حرق الدهون بنسبة كبيرة كالهرولة وركوب الدراجة الهوائيّة. وتبقى أهميّة الالتزام لفترة طويلة بالنظام الغذائي لتحقيق الأهداف المرجوة.

من جهة أخرى تساعد بعض أنواع البروتينات على زيادة الوزن ومنها: السمك كالسلمون والتونا، لحم البقر، لحم الحبش والدجاج، الحليب ومشتقاته، البقوليات، البيض ولحم الغنم. أما المأكولات التي تحتضن كميّة كبيرة من النشويات، فتلعب دوراً أساسياً في زيادة الوزن ومنها على سبيل المثال الشوفان، الموز، النشويات المحضّرة من القمحة الكاملة، المعكرونة، الأرز الأسمر، الذرة، البازيلاء…

ونصحت غبالي من تعاني من مشكلة النحافة الزائدة، باعتماد بعض الطرق التي تسهم إلى حدّ ما في زيادة الوزن، منها تحديد أهداف بسيطة وسهلة التطبيق، تناول 3 وجبات يومياً من دون التخلّي عن أيّ منها، الالتزام بوجبتين من السناك يومياً خلال النهار ووجبة مغذّية بعد ممارسة الرياضة مباشرة. وشدّدت على أهميّة الحرص على زيادة الوزن بشكل صحي، والذي يترجم عبر زيادة ½ كلغ اسبوعياً، إذ تعتبر هذه النسبة صحيّة وسليمة. ودعت إلى ضرورة ممارسة الرياضة مع استعمال الأوزان واختيار أنواع الرياضات التي تساعد على زيادة العضل بدل تلك التي تعمل على خسارة الدهون.

من جهة ثانية، أوضحت غبالي «أهميّة اعتماد نظام غذائي مغذّ من خلال تناول الكميّة اللازمة من البروتين، النشويات والدهون التي يتطلّبها الجسم يومياً، وانتقاء الأطعمة التي تحتوي على الدهون غير المشبّعة المفيدة للقلب، ناهيك عن أهميّة إضافة اللوز، الجوز والفستق النيء إلى السلطات ووجبات الفطور، وبالتالي الابتعاد عن الحلويات والدهون المهدرجة».

لكن ماذا عن مرض فقدان الشهيّة؟

رفض تناول الطعام، صورة مضطربة للجسم… غالباً ما تكون المصابات بمرض فقدان الشهيّة كثيرات النشاط ويحاولن السيطرة على كل شيء.

في كل يوم، تصعد رانيا، 15 عاماً، على الميزان لكي تتأكد من أنّ وزنها لم يزد. هي نحيفة جداً، لكنّها تجد نفسها سمينة. تعاني الفتاة الشابة مرض فقدان الشهيّة. يطرأ هذا الاضطراب في التصرّف في سنّ البلوغ ويترجم برفض طوعي لتناول الطعام، مؤدّياً بالتالي إلى نحافة مرضيّة.

تحبّ المصابات بهذا المرض إتقان الأمور، لذا يشعرن بالقوّة عندما يمتنعن عن الطعام، وكأنهنّ يسطيرن على الأمور كلها. ومع أنهنّ قلما يأكلن، الا أنّ الطعام موجود في صلب حياتهن، يفكّرن فيه غالباً، ويعددن أطباقاً لعائلتهن. أما وقت الطعام، فهو أشبه بجحيم. وبالطبع، يصعب عليهنّ تقبّل إصرار أهلهنّ على جعلهنّ يأكلن أكثر، لذا يتحكّمن بهم أحياناً.

ينقسم مرض فقدان الشهيّة إلى أنواع عدة، قد لا يمتنع المرء عن الطعام إلا في مراحل معيّنة، وقد يترجم هذا المرض بالانتقال بين الصوم والشراهة، وأحياناً قد يترافق مع تقيؤ. المصابات بهذا المرض كثيرات الحركة إجمالاً، يمارسن الكثير من الرياضة ويعاني عدد كبير منهنّ اضطرابات هوسيّة قاهرة. يصعب عليهنّ إنشاء علاقات متوازنة مع الآخرين، لأنّ مزاجهنّ يتبدّل باستمرار. في الواقع، يخفن كثيراً الاعتماد على الآخرين، وحياتهنّ الجنسيّة شبه معدومة، لأنهنّ لا يحببن أجسامهن.

بطبيعة الحال، لداء فقدان الشهيّة نتائج خطرة أحياناً على الصحّة (أمراض قلبيّة، عصبيّة، هضميّة…)، ويؤدي إلى تأخّر في النمو الجنسي وتوقّف العادة الشهريّة.

أما في ما يتعلق بالعلاج، فيتضمّن غالباً عناية غذائيّة وعلاجاً سلوكياً وإدراكياً. قد يطلب الطبيب في بعض الحالات، حين تكون الحياة مهدّدة، دخول المستشفى بحالة طارئة.

بمقدار ما تتطلّب عمليّة التخلّص من الوزن الزائد حمية غذائيّة متوازنة، فإنّ زيادة الوزن أيضاً تحتاج إلى عناية مستدامة تلافياً للعواقب الوخيمة.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية