دينا زين الدين-بيروت
ليس هناك من مرض سهل وآخر صعب، فالوجع سواء كان في اليد أم في المعدة أم في الصدر هو وجع، وهو يضرب أجسادنا أي أعزّ ما نملك، يعيق قدراتنا ويحد من إمكان قيامنا بالنشاطات والأعمال التي اعتدنا عليها، ويتطلّب منّا شحذ هممنا لمقاومته بكلّ ما أوتينا من قوّة حتى نتغلّب عليه.
مرض السرطان لا يختلف عن غيره من الأمراض، إنّه داء يهاجمنا بكلّ عنجهيّة وجبروت، ويتوقّع بكلّ ثقة أن يتغلّب علينا، يكفيه أنّنا نخاف حتى من سماع اسمه، هو بخوفنا هذا يكون قد حقّق انتصاراً جزئيّاً، لا يعرف أنّه في هذه النقطة بالذات مخطئ، وأنّ سطوته اليوم تضاءلت ولم تعد كما كانت عليه بالأمس، فمع ازدياد التوعية وتطوّر سبل العلاج، صار بإمكاننا الخروج من معركتنا مع السرطان منتصرين.
ولأنّ شهر أكتوبر هو الشهر العالمي للتوعية من سرطان الثدي، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور نادر سلطي، استشاري الجراحة العامة في المستشفى الأميركي في دبي الذي قدّم لك عدداً من الحقائق المجهولة حول هذا المرض ومجموعة من النصائح.
-ما هي نسبة إصابة النساء بمرض سرطان الثدي؟
واحدة من تسع نساء تصاب بسرطان الثدي في مرحلة معيّنة من حياتها، وهي نسبة مرتفعة، لكن ما يطمئن أنّ ازدياد الوعي ساهم في الكشف المبكر عن المرض، وما نلاحظه في عملنا المباشر مع النساء أنهنّ صرن يأتين إلينا في سن أصغر، فبعدما كنا نرى السيدات في الخمسين والستين فقط، صرنا نرى النساء في العشرين والثلاثين والأربعين يأتين للاطمئنان على أنفسهنّ بعد إجراء الفحص الذاتي واكتشاف ورم أو شيء غير اعتيادي في الثدي. هذا الأمر يساعدنا في حال ثبتت شكوكهنّ في تسريع مراحل العلاج وزيادة احتمالات الشفاء.
-ما هو دور الفحص الذاتي في الكشف المبكر عن المرض؟
الفحص الذاتي هام جداً وهو سهل وتجريه معظم النساء في المنزل ويعطيها إشارات واضحة يجب عدم التغاضي عنها، لكنّ هناك الفحص السريري الذي يجريه الطبيب النسائي أو الجرّاح حين تقصده المريضة لتقوم بفحوص عامّة، وهو يوضح ضرورة الحاجة إلى القيام بالماموغرام (الفحص الإشعاعي للثدي) من عدمها.
-كيف تدرك المرأة أنّ هناك خطباً ما؟
حين تلاحظ وجود كتلة لم تكن موجودة سابقاً، أو ورم كان موجوداً ولكنّ شكله وحجمه تغيّرا، أو حين يتغيّر شكل الحلمة فتنكمش على نفسها أو ينكمش الجلد المحيط بها، وتحصل إفرازات لسوائل غريبة يكون أخطرها الدم، وفي حال شعرت بأوجاع غير مبرّرة ومستمرّة في منطقة الثدي، علماً أنّ الشعور بالوجع لا يعني بالضرورة وجود ورم.
-كيف تتحوّل الأورام الحميدة إلى أورام خبيثة؟
كل الخلايا معرّضة لأن تتحوّل إلى خلايا خبيثة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأورام، لكن من الصعب معرفة السبب الأساسي لحدوث ذلك.
-ما هو تأثير الوراثة؟
يزيد احتمال الإصابة بهذا المرض في حال وجود مصابة في الأسرة، قد يكون لدى الأم أو الجدة أو الأخت، لذلك نطلب من هذه المرأة أن تبدأ بإجراء صورة الماموغرام في سنّ الثلاثين، بينما الأخريات يبدأن بإجرائها بعد سنّ الأربعين.
-هل تنصح النساء باتباع ما قامت به Angelina Jolie عندما علمت بإمكان إصابتها بالمرض مستقبلاً فاستأصلت ثدييها؟
بعض النساء لديهن معطيات جينيّة، وهي تعني في حال رُصدت، أنهنّ سيصبن بورم خبيث مستقبلاً من دون وجود كتلة آنيّة في منطقة الصدر، ويمكن التأكد من وجودها من خلال دراسة للخريطة الجينيّة أو Genetic analysis وهو ما قامت به الممثلة المعروفة، وأظهر إمكان إصابتها فاتخذت قراراً صعباً ولكنّه صائب. من ناحيتي، أخبر
مريضتي بنتيجة الفحص وأقدّم لها النصيحة، وأترك لها حريّة الاختيار، فبعض النساء يفضّلن الحفاظ على شكلهنّ الحالي ومواجهة المرض حين يصبن به.
-ما هي أنواع العلاجات؟
يختلف نوع العلاج باختلاف المرحلة التي وصل إليها المرض. الجدير بالذكر أنّ هناك أربع مراحل له، وفي حال اكتشفناه في مرحلته الأخيرة أي الرابعة تكون إمكانية الشفاء صعبة جداً، إذ يكون الورم تسرّب إلى الغدد اللمفاويّة أو العظام أو الكبد أو الدماغ أو إلى أعضاء أخرى من الجسد. أمّا في الحالات الأخرى، فيمكن اللجوء إلى العلاج الإشعاعي أو الكيميائي أو الهرموني أو الجمع بين أكثر من نوع، وهذا الأمر يحدّده فريق الأطباء المسؤول عن المريضة، وهناك أيضاً الجراحة التي تعني استئصال الورم أو الثدي بكامله.
-ما هو أكثر العلاجات صعوبة؟
ليس هناك من علاج سهل، لكنّ معظم النساء ينزعجن من العلاج الكيميائي، فهو يعني فقدان الشعر ولعلّ هذا الأمر يحصل مباشرة بعد الجلسة الأولى، كما يعني التعب والإرهاق والوجع، وهناك أخريات يتضايقن من العلاج الإشعاعي، كما أنّ نتيجة الجراحة أو الاستئصال تكون صعبة جداً على المرأة التي تفقد جزءاً حسّاساً وهاماً من جسدها.
-ما هي المدة التقريبيّة للعلاج؟
يجب تكريس ما بين 3 إلى 8 أشهر للعلاج، ويجب على المرأة ألا تتوقّف عن ممارسة حياتها العاديّة بل أن تعدّل مشاريعها وأعمالها ومسؤولياتها لتتناسب مع أوقات العلاج.
-ما رأيك بعمليات ترميم الثدي، وهل تؤثر على نجاح العلاج؟
لا تؤثر هذه العمليات على العلاج في حال انتهائه، لكن يجب على المرأة أن تتشاور مع طبيبها قبل أن تقصد طبيب التجميل لمزيد من الحيطة والحذر، لكن في حال إصابتها بأمراض أخرى كالسكري والضغط وفي حال تقدّمها كثيراً في السن ننصحها بالتأني قبل اتخاذ هذا القرار.
-هل هناك وسائل احترازيّة لحمايتنا من الإصابة؟
لا توجد ضمانة، لكن ولنحمي أنفسنا من غالبيّة الأمراض المزمنة علينا تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضيّة والابتعاد قدر المستطاع عن التوتّر والقلق.
-ما هي الطريقة الأفضل لإخبار المريضة بإصابتها؟
الصراحة هي أفضل الطرق لتعرف السيدة حقيقة وضعها وما ينتظرها مستقبلاً، كما أنّني أجيبها عن تساؤلاتها وأشرح لها فائدة كل خطوة من خطوات العلاج، وهذا الحديث يسمعه أهلها والمقرّبون منها، وعليهم أن يكونوا أقوياء لكي يساعدوها ويدعموها خلال المرحلة المقبلة.
-إلى أي مدى تؤثّر معنويات المريضة وحالتها النفسيّة في فرص شفائها؟
تبدأ المرأة بالقلق والخوف وعدم النوم قبل أيام من توجّهها إلى عيادة الطبيب في حال اكتشفت وجود ورم، مع العلم أنّ 85% من الأورام حميدة و15% خبيثة، ويستمر توتّرها حتى تظهر نتيجة الفحوصات، وإذا تبيّن أنّ الورم خبيث، فإنّها غالباً ما تصاب بصدمة قويّة قد تدفعها إلى اليأس، وهنا أقول لها إنّ علاج هذا النوع بالتحديد من السرطان تطوّر بشكل كبير جداً، لذلك عليها أن تكون قويّة وصاحبة إرادة كي تشفى وتعود إلى حياتها الطبيعيّة.