سمر معتوق-بيروت
كلّنا نعشق السكّر والحلويات، أحياناً إلى حدّ الإدمان وعدم القدرة على التخلّص من هذه العادة. وفي حالات التوتّر القصوى، كما وعندما تقومين بكلّ التحضيرات المرهقة ليوم زفافك الكبير، تزيد حاجتك وحاجة جسمك إلى السكّر فتستهلكينه من دون وعي وبكلّ الأشكال. فهل هذا المسحوق الأبيض يؤثّر حقاً على جسمنا؟ وكيف يمكننا الحدّ من استهلاكه؟
السكّر أو السكروز هو من السكريّات أو الكربوهيدرات التي نجدها طبيعياً في الفاكهة والخضار. يتمّ إنتاجه من كلّ النّباتات خلال عمليّة التركيب الضوئي وهي عمليّة طبيعيّة تحوّل نور الشمس إلى طاقة. يزوّدنا السكر بالطاقة ويعتبر ضرورياً لوظيفة سليمة للخلايا، لا سيما تلك الموجودة على مستوى العضلات والدّماغ والقلب والكريات الحمراء في الدّم. مجموعة السكر متنوّعة: فهناك الغلوكوز المستخرج من الموادّ الغذائيّة المحلّاة طبيعياً والفاكهة؛ والفركتوز أو سكّر الفاكهة الذي يصدر من الفاكهة على وجه الخصوص؛ السكروز المستخرج من سكّر القصب أو الشمندر؛ اللكتوز، من الحليب. وهذه الأنواع كلّها هي من السكر البسيط أي السكر الذي يمتصّه الجسم بسرعة. وحده الغلوكوز يعتبر ضرورياً لوظيفة سليمة للجسم في حين أنّ السكر الأبيض الشهير أي السكروز تكمن أهميّته فقط في لحظات اللذة التي يزوّدنا بها إذ لا يحتوي على أيّ فيتامينات أو أنزيمات أو عناصر كبرى. ولكن، من أجل أن يتحوّل إلى طاقة على مستوى الأيض، هو يحتاج إلى هذه المكوّنات الثلاثة.
السكر وتأثيره على الصحّة
يقتصر اعتماد الدّماغ بشكل شبه كامل على الغلوكوز وهو نوع السكريّات الوحيد الذي يصل من الدّم إلى الدّماغ. وتحتاج إليه الخلايا العصبيّة في أجسامنا بشكل مستمرّ، تماماً كما الأوكسيجين. في الواقع، لا تتخطّى فترة تخزين الغلوكوز في الدّماغ أكثر من عشرة دقائق، لكنّ الإفراط في استهلاك السكر يمكن أن يؤدّي إلى زيادة في الوزن وظهور التسوّس في الأسنان. والتسوّس يتشكّل عادة عندما تقوم البكتيريا الموجودة في لويحات الأسنان بتحويل النشويات والسكر إلى موادّ حمضيّة تؤثّر على صحّة الأسنان. وفي حالة الإصابة بمرض السكري من النّوع الثاني، يجب على الشخص المعني أن يتجنّب استهلاك الأطعمة والمشروبات الغنيّة بالسكر بين الوجبات. فمستوى الغلوكوز في الدّم يكون عالياً جداً ويصعب على هرمون الأنسولين تخفيضه. كما وعليه مراقبة وزنه من خلال الحدّ من كميّة السّعرات الحراريّة المستهلكة وزيادة الحركة الجسديّة.
السكر… سرّ جاذبيّته!
الأطعمة الحلوة، كما الأطعمة الغنيّة بالدّهون، هي تلك التي تجذبنا أكثر لأنّها تمدّنا بالطاقة أكثر من غيرها لذا نحتاجها أكثر. وهذه الجاذبيّة تبدأ مع الجنين الذي يمكنه أن يميّز بين مختلف مستويات تركيز الغلوكوز في الدّم وانخفاض سكّر الدّم المرتبط بالشعور بالشبع عند أمّه ثمّ اللذة التي تلي تناول الطعام. والدّماغ يعمل في هذه الحالة لكي يربط بين السكر والشعور الجيّد الذي نشعر به بعد استهلاكه. بعدها، تأتي التوعية الغذائيّة عند الطفل والإحساس الفردي والبيئة والثقافة لتكون عوامل مؤثّرة في الإفراط في استهلاك السكّر والاعتياد عليه.
متى يزيد استهلاك السكر عن حدّه؟
يمكن أن نقول إنّ استهلاك السكر قد تخطّى حدوده عندما يمنعنا استهلاك الأصناف المحلّاة والغنيّة بالسكر من تناول أصناف أخرى. ويرى اختصاصيو التغذية أنّ كميّة السكر البسيط (من دون أن نتكلّم عن سكريّات الأرز مثلاً…) يجب ألا تتعدّى 10% من حاجتنا اليوميّة للطاقة أي ما يعادل 5 غ من السكر. وهذا يساوي 8 قطع من السكر بحيث إنّ ليتراً من مشروب محلّى يعادل 20 قطعة.
هل من الضروري التوقّف عن تناوله؟
بالطبع، إذا ترافق استهلاكه مع مشكلة صحيّة مثل مرض السكري أو زيادة الوزن أو البدانة. في المقابل، إذا كنّا نقوم بالحركة الدائمة ونتمتّع بوزن طبيعي ونتّبع نظاماً غذائياً متوازناً، فليس من الضروري التوقّف عن استهلاكه. فالحرمان من السكر وبالتالي من اللذة الذي تترافق مع استهلاكه، هو ليس بالحلّ الأمثل. كما أنّ الحرمان والقمع الفكري يسبّبان إحباطاً قد يؤدّي في لحظة ما إلى التحوّل إلى سلوك قهري. وعوضاً من أن نحرم أنفسنا، يفضّل التمتّع والتلذّذ بالحلوى أو السكاكر ولكن بكميّة معتدلة. يمكننا أن نخفّف الكميّة التي نستخدمها في الوصفات واستكشاف الطعم الطبيعي كما تجنّب تخزين الحلويات والسكاكر في رفوفنا.
والمواد المحلّية؟
يمكنها أن تساعد بطريقة فعّالة على تخفيف كميّة السكر التي نستهلكها عادة، لكنّ الأهمّ أن نتخلّى عن عادة استهلاك السكر والطعم الحلو، فتصبح عندها المواد المحلّية غير نافعة. يذكر أنّها أيضاً لا تساعد على خسارة الوزن إذ لوحظ عند الأشخاص الذين يستهلكونها ظاهرة تعويض السعرات الحراريّة من خلال مصادر عديدة أخرى وليس فقط الأصناف الحلوة والسكر.
متى يجب اللجوء إلى المساعدة؟
عندما يصبح سلوكنا قهرياً بحيث نستهلك السكر طوال النّهار ونصاب بالإحباط والاكتئاب في حال عدم تناوله. وهنا، يصبح من الضروري اللجوء إلى المساعدة على المستوى النفسي بهدف تحليل سبب هذا السلوك وإيجاد الحلول البديلة للتخلّص من التوتّر الذي نشعر به.
أنواع السكر الطبيعي
السكر لذّة من المهمّ إرضاؤها، لكن بماذا يمكننا أن نستبدل السكر الأبيض ونحصل على الطعم الحلو ذاته؟ من أجل أن تجمعي بين اللذّة والصحّة، إليك أنواع عديدة من السكر «البديل» التي يمكنك أن تجديها عادة في المتاجر الخاصّة بالمنتوجات الطبيعيّة أو في أقسام المنتوجات العضويّة في السوبرماركت.
السكر البني: هو سكّر القصب الذي حافظ على جزء من المولاس أو دبس السكر ويحتوي بالتالي على بعض الأملاح المعدنيّة. وكلّما كان لونه فاتحاً، كلّما قلّ وجود المولاس فيه وزادت نكهته. وفوائده ترتبط بلونه: فكلّما كان غامق اللون، كلّما زادت منافعه على الجسم.
السكر الكامل: يتميّز بنكهة الكاراميل والسوس وأحياناً الفانيليا. وكونه لم يخضع لأيّ تحوّلات، فقد حافظ على كلّ الأملاح المعدنيّة والفيتامينات والأحماض الأمينيّة الموجودة في سكّر القصب. هو مثالي مع القهوة.
دبس السكر أو المولاس: شراب سميك ودبق ينتج عن بقايا عمليات بلورة السكر. يحتوي على 40 إلى 50% من السكر وعلى رائحة ونكهة قويّتين. كما يحتوي على سعرات حراريّة أقلّ من السكروز وعلى نسبة عالية من المعادن (بوتاسيوم، كالسيوم، مغنيزيوم، فوسفور) إلى درجة يعتبره البعض كمكمّل غذائي طبيعي.
العسل: غني بالفركتوز والفيتامينات ويضمّ عناصر مغذّية نادرة وهامّة (مضادّات حيويّة طبيعيّة). يحتوي على سعرات حراريّة أقلّ من السكر كما إنّ قدرته المحليّة تفوق قدرة السكر العادي ويختلف طعمه وفقاً للزهرة التي استخرج منها. لكن، يجب عدم الإفراط في استهلاكه لأنّه يحتوي على حمض الفورميك الذي يعيق عمل بعض الأنزيمات في الجهاز الهضمي.
شراب القيقب Maple Syrup: يستخرج هذا الشراب السائل الأسمر والشفّاف الذي يتميّز بنكهته القويّة من عصارة شجرة القيقب.
شراب الحبوب: مثل شراب القمح والأرزّ والشعير والذرة… يتم الحصول عليه من خلال تخمّر النشاء الموجود في الحبوب والذي يتحوّل إلى غلوكوز ومالتوز وفركتوز. شراب غنيّ بالمعادن وقليل السعرات الحراريّة ولكنّه يحلّي أقلّ من شراب القيقب.
شراب الأغافي Agave Syrup: يستخرج من نبتة مكسيكيّة ويتميّز بقدرة عالية على التحلية. لا يسبّب أيّ خلل أيضي وينصح أحياناً باستعماله لمرضى السكري. لكن، يجب استهلاكه باعتدال لأنّه على المدى الطويل يؤدّي إلى زيادة الخلايا الدهنيّة.
الخرنوب: هو ثمرة شجرة متوسطيّة غنيّة بالألياف والكالسيوم ونكهتها تشبه الشوكولا وسهلة الهضم. تأتي عادة على شكل مسحوق يذوّب بالماء أو الحليب.