
الأعشاب المغليّة مفيدة أم مضرة؟

كثيرة هي الوصفات الشعبيّة التي يزعم الناس تداولها من طبّ الأعشاب البديل والتي توصي بغلي هذه العشبة أو تلك للتخلّص من بعض الأمراض أو لتسكين الآلام عوض اللجوء إلى الأدوية. فما هي أكثر هذه الوصفات شيوعاً؟ وما مدى صحّتها وكيف يمكنك الاستفادةمنها وتجنّب مضارها؟
من منّا لم يلجاً إلى شرب كوب من البابونج الساخن عندما يجافيه النوم ويقضّ الأرق مضجعه، أو إلى القليل من اليانسون المغلي ليسكّن الآلام والاضطرابات التي قد تلمّ بجهازه الهضمي؟ ومن منّا لم يسمع من والدته أنّ فنجاناً من النعناع الساخن قبل النوم كفيل بتهدئة أعصابه بعد نهار مضنٍ ومثخنٍ بالضغوط؟ فعندما يتعلّق الأمر بالأعشاب المغليّة، تطول اللائحة وتتعدّد الوصفات المتوارثة من جيل إلى آخر... لكن ما صحّة هذه النصائح؟ وكيف يمكنك الاستفادة من الأعشاب الطبيعيّة المغليّة من دون الوقوع في فخّ مضارها؟
اقرئي: تريدين خسارة الوزن من دون اتباع حمية؟ تناولي وجباتك في هذه الأوقات
تعدّدت الآراء حول الكميّة التي يجب شربها من الأعشاب المغليّة للحصول على النتيجة المرجوّة في مختلف الحالات. ففي حين يعتقد البعض أنّ كوباً من شراب الأعشاب الساخن كفيل بتسكين الآلام الآنيّة، يرى البعض الآخر أنّ معالجة الأمراض تتطلّب المداومة على شرب كميات كبيرة من الأعشاب المغليّة لفترة من الزمن، للاستفادة منها. إلّا أنّ خبراء الأعشاب يؤكّدون أنّ شرب ثلاثة أكواب من الأعشاب المغليّة المناسبة كفيلة بالحصول على نتائج مرضية. غير أنّهم يؤكّدون أنّ كميّة الأعشاب المراد غليها هي رهن بنوعيّتها، إذ يجب التأكّد جيّداً من مصدرها وطريقة حصدها، لأنّ الأعشاب الصحيّة هي تلك التي تنبت في أرض سليمة والتي يتمّ حصدها في وقت مبكر من النهار تكون فيه الجذور والأوراق قد تشرّبت ندى الصباح والبتلات قد تشبّعت من أشعة الشمس. وعندما تكون الأعشاب صحيّة، يكفي وضع القليل منها في الماء الساخن وغليها لمدّة 3 دقائق أو حتّى يكتسب الماء لون النبتة الحقيقي وتفوح منه رائحتها، لأنّه بذلك يكون قد امتصّ فوائدها كلّها.
اقرئي: داء الباركنسون يصيب 7 آلاف سعودي فما هي أعراضه؟
متى تُشرب الأعشاب المغليّة؟
تختلف الأوقات التي يجب فيها احتساء شراب الأعشاب الساخنة باختلاف الأعشاب ومكوّناتها. فالأعشاب التي تتّخذ طابعاً مهدّئاً شأن البابونج ونبتة اللويزة، ينصح بشربها مساءً أو قبل الخلود إلى النوم، لأنّها تريح الأعصاب وتتيح النوم بشكل أفضل. أمّا الأعشاب التي تُعنى بتسكين الآلام ومداواة الأمراض شأن أوراق عريشة العنب الأحمر التي تحدّ من تورّم الساقين أو النعناع الذي يسكّن آلام المعدة أو نبتة البيلسان التي تعالج أمراض الشتاء من رشح وزكام، فيفضّل أخذها في منتصف النهار لأنّها قد تحتوي في تركيبتها على القليل من الكافيين الذي غالباً ما يتسبّب بالأرق. أمّا الأعشاب المنشّطة، ومنها الجينسينغ والزنجبيل، فينصح بشربها مغليّة في الصباح، لأنّ تأثير مكوّناتها المنبّهة يبقى فعّالاً طوال اليوم ولأنّ بعضها قد يتسبّب بتسريع نبضات القلب وارتفاع الضغط، وبالتالي فإنّ شربها مغليّة عند المساء قد تنجم عنه آثار سلبيّة وأحياناً مضرّة.
اقرئي: للنفحات تأثير على مزاجك… فما هي؟
متى تصبح الأعشاب المغليّة مضرّة؟
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ غالبيّة الأعشاب تحتوي على مواد قويّة، وبالتالي فإنّ سوء استخدامها قد تكون له آثار جانبيّة غير مستحبّة. لذا من الضروري أوّلاً التأكّد من طبيعة النبتة وطريقة عملها والحرص على ربطها بالحالة المناسبة. فعشبة ملكة الحقول على سبيل المثال تزيد من دفق الدم وتنظّم سيلانه، لذا لا يُنصح بها للأشخاص الذين يتناولون الأدوية المضادّة لتخثّر الدم. أمّا شراب النعناع المغلي، فرغم منافعه الجمّة، إلّا أنّه قد يكون مضراً عندما يتمّ احتساؤه قبل تناول الطعام وبعده مباشرة لأنّه يقوم بامتصاص الحديد المتواجد في الغذاء كلّه. وبما أنّ لبعض الأعشاب تأثيراً مباشراً على الأعصاب، قد يكون شربها مغليّة بشكل يومي ساماً في بعض الأحيان، لذا يحذّر اختصاصيو الأعشاب من المواظبة على شرب الأعشاب المغليّة لأكثر من تسعة أيام متتالية، وينصحون بأخذها على فترات متباعدة لا تقلّ عن الثلاثة الأسابيع.
هل يحلّ شراب الأعشاب المغليّة مكان الدواء؟
لا يمكننا أن ننفي أنّ بعض الأعشاب المغليّة تنجح أحياناً في تسكين الآلام ومداواة بعض الأمراض إن أُخذت بالطريقة الصحيحة. فقد ثبت علمياً أنّ لغلي بعض الأعشاب القدرة على شفاء عدد من الأمراض المزمنة، كنبتة الكركديّة التي يعدّ شربها مغليّة ثلاث مرات يومياً كفيلاً بتخفيض الضغط المرتفع، بالإضافة إلى الأعشاب التي تحتوي على مواد مضادة للأكسدة والتي تستخدم لمكافحة الأمراض السرطانيّة. إلّا أنّ الأعشاب المغليّة قد لا تحلّ دوماً مكان الدواء، لأنّها عندما تُغلى في الماء تعطي فوائد معيّنة، وعندما تمزج مع مواد أخرى لتحضير الأدوية والعقاقير يكون لها مفعول آخر تماماً. فعلى سبيل المثال، يتحوّل النعناع الذي يسكّن آلام المعدة عندما يُشرب ساخناً إلى مسكّن لآلام الصداع النصفي عندما يدخل في تركيبة بعض الأدوية. لذا لا بدّ دوماً من استشارة الطبيب أولاً لأنّه الوحيد القادر على تشخيص الحالة المرضيّة بطريقة دقيقة وصحيحة، وبالتالي وصف العشبة المناسبة أو الدواء الناجع.
شاهدي: 6 حيل لتحسّني إنتاجيتك في العمل
فوائد بعض الأعشاب ومضارّها
إليك لائحة الأعشاب التي إن شُربت مغليّة قد تعود عليك بفوائد جمّة وإن أُخذت بطريقة خاطئة قد تتسبّب بأضرار عدّة.
- البابونج: يعدّ شراب هذه النبتة المغلي علاجاً ناجعاً لكل الاضطرابات المعويّة، من ضمنها حالات الإسهال، والمغص المعوي، ومغص المرارة، كما أنّه يهدّئ الأعصاب ويقوّي مناعة الجسم ويعمل على تخفيف آلام الطمث، وطرد الغازات المتولّدة في الأمعاء، فضلاً عن أنّ استنشاق بخار شراب نبتة البابونج المغلي يداوي التهاب الجيوب الأنفيّة. أمّا الإكثار من شرب البابونج الساخن، فيصيب المريض بالصداع والدوار والعصبيّة.
- اليانسون: عندما يُشرب اليانسون ساخناً، فإنّه يسكّن المغص المعوي عند الرضّع والأطفال والبالغين، كما أنّه يساعد على طرد الغازات، ويفيد في نوبات الربو، ويدرّ الحليب لدى المرضعات ويسكّن آلام الصدر. ليست لليانسون آثار جانبيّة، إلّا أنّه يُفضّل عدم تناوله مع الأدوية المضادّة للتخثّر.
- الميرميّة أو القصعين: تُغلى هذه النبتة وتُشرب فاترة مرتين يومياً فقط، وهي تساعد على تنظيم الدورة الشهريّة وطرد الغازات والتقليل من إفراز العرق ودرّ الحليب لدى المرأة التي تنوي أن تفطم صغيرها. لذا فإنّه يُحظّر على المرضعة وكذلك على الحامل في أشهرها الثلاثة الأولى.
- الخبّيزة: ثبتت فعاليّة شرب الخبّيزة المغليّة في معالجة الجهاز الهضمي من الديدان الطفيليّة، كما أنّه يدرّ البول ويداوي أمراض الجهاز البولي، ويسكّن أمراض الصدر ويخفّف من حدّة السعال.
- الصعتر أو الزعتر: للصعتر المغلي مع ملعقة من العسل فوائد جمّة في شفاء الأمراض الصدريّة، شأن السعال الديكي والالتهابات الشعبيّة والربو. كما أنّه يقوّي جهاز المناعة ويعزّز وظائف الجسم المضادّة للتسمّم ويحول دون تصلّب الشرايين. أما الإكثار من شرب الصعتر المغلي، فقد يصيب البعض بآلام وبحرقة في المعدة.
اقرئي: لهذه الأسباب عليك عدم خسارة الوزن قبل حفل زفافك
- القرفة: تُغلى عيدان القرفة وتُشرب بمعدّل كوبين إلى ثلاثة أكواب يومياً، وهي تساعد على معالجة الرشح والسعال ومشاكل البول وآلام الرحم والعادة الشهريّة. وإن أُخذ شراب القرفة بالطريقة المذكورة، فلن تكون له أيّ عوارض جانبيّة، إلّا أنّه يجب عدم وصفه للمرأة الحامل لأنّه يتسبّب بانقباض عضلة الرحم.
- الكركديّة: يخفّض شراب نبتة الكركديّة المغلي من ضغط الدم المرتفع ويزيد من سرعة دوران الدم ويقوّي ضربات القلب ويقضي على الجراثيم ويحدّ من نمو الأمراض السرطانيّة في الجسم، ولا ينصح بإعطائه للأشخاص الذين يعانون من انخفاض الضغط.
- البيلسان: يُستخدم شراب البيلسان المغلي لمعالجة الحصبة، كما أنّه يدرّ البول ويقضي على تعفّن المعدة ويسكّن آلام الصدر ويشفي كل الالتهابات التي قد تصيب الجسم.
- الزعفران: يُشرب الزعفران بعد غليه بارداً، وهو يحتوي على مادّة منبّهة ومنشّطة تساهم في تقوية الأعصاب والقضاء على آلام الصدر وتخفيف الطمث لدى المرأة. إلّا أنّه يجب عدم شرب أكثر من غرام واحد من الزعفران يومياً، لأنّ الإكثار منه يصيب بالصداع الشديد.
- الجينسينغ: إنّ شرب الجينسينج بصورة منتظمة من شأنه أن يخفّض نسبة السكر في الدم وأن يعزّز وظائف الكبد وينشّط الدورة الدمويّة في الجسم، ويقوّي عضلة القلب ويحول دون تخثّر الدم ويعالج العقم، كما أنّه منشّط عام لكل أجهزة الجسم وفاتح للشهيّة، لذا فإنّه يزيد الوزن ويعطي نضارة للبشرة. إلّا أنّه يجب عدم إعطائه بتاتاً للمرأة الحامل أو الأطفال غير البالغين ولبعض مرضى الضغط.
- الزيزفون: يعتبر شراب الزيزفون المغلي مهدّئاً فورياً للأعصاب، كما أنّه يستعمل كدواء واقٍ من تطوّر تصلّب الشرايين، وفي معالجة ضغط الدم المرتفع وحالات الأرق، وهو يدرّ العرق ويساعد على تخفيض الحرارة، كما أنّه شراب فعّال لتسكين آلام الصداع النصفي. ولم يثبت وجود أيّ أضرار جانبيّة لشراب الزيزفون.
داء ودواء
يتبيّن ممّا سبق، أنّ في شراب الأعشاب المغليّة داءك ودواءك. فإن أحسنت استخدامها ستعود عليك بفوائد جمّة، وإن أسأت استعمالها أو أفرطت في تناولها، فلا شك في أنّها ستضرّ بصحّتك. لذا، لا بدّ في الختام من التذكير بضرورة مراجعة الطبيب في حال عدم تجاوب جسمك مع شراب الأعشاب واستمرار ظهور العوارض المرضيّة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ اختصاصيي التغذية يحذّرون دوماً من مغبّة شراء الأعشاب والحصول عليها من مصادر غير موثوقة أو عبر الإنترنت، لأنّها قد تكون مغشوشة وغير صالحة، لا سيّما أنّ بائعيها يبغون الربح التجاري في الدرجة الأولى.
اقرئي: 13 نصيحة لحياة صحية… في 5 دقائق فقط