من مجاهل الغابات الغضّة إلى السواحل المرجانيّة الحالمة، ومن البحيرات التي تحتضن طيور النحام الوردي إلى قرى القبائل الأصيلة، تتراقص كينيا على وقع قرع الطبول…
تتهادى كينيا على شواطئ القارة السمراء المطلّة على المحيط الهندي، وهي تتمتّع بثروة طبيعيّة لا نظير لها وبتنوّع تضاريس يعقبه تنوّع في المناخ. فمناخها الذي يتّسم بطبيعته الاستوائيّة يتغيّر باختلاف المناطق والتضاريس، إذ تنعم كينيا بسواحل مرجانيّة يحدّها من الشمال إلى الجنوب سهل ساحلي خصب، ومع التوغّل إلى داخل البلاد تنكشف أمام السياح غابات مهيبة هي موطن لقبائل أصيلة عمرها من عمر الأرض، ولحيوانات برّية عديدة تنتظر من يكتشف أسرارها. وعند الوصول إلى الغرب، تستحيل الهضاب الفسيحة إلى جبال شامخة أبرزها جبل كليمانجارو الذي يسيّج كينيا على طول حدودها مع تانزانيا.
تتيح زيارة كينيا عيش مغامرة رائعة، فهي تقدّم للسياح فرصة القيام برحلة سفاري ممتعة للتعرّف على طبيعة البلاد الآسرة بغاباتها وحيواناتها النادرة وتتيح أمامهم فرصة الاستجمام على شواطئها الرمليّة المظلّلة بأشجار جوز الهند الاستوائيّة والتمتّع بممارسة الرياضات المائيّة المسلّية من الركمجة إلى السباحة والغوص، في حين يمكن لمحبّي التسلّق التوجّه إلى الجبال الكينيّة لممارسة رياضتهم الخطرة.
أمّا سكان كينيا، فأشبه برواية رائعة تتنوّع فصولها بين قبائل متمسّكة بعاداتها وسكان مدن متحضّرين يواكبون الحداثة. لكنّ هذين العالمين المختلفين ينصهران في قالب واحد هو المجتمع الكيني المتعاضد والمتكاتف الذي يفضّل الاجتماع على حبّ الوطن عوض التنازع على الخلافات السياسيّة.
حفرة الانهدام الأخدوديّة
هي معلم جغرافي لا يُخفى على زوّار كينيا. تتشكّل على طوله بحيرات عدّة أبرزها بحيرة نفايشا Navaisha التي كانت أولى مراكز استيطان البيض في كينيا الأفريقيّة. ولعلّ أبرز ما يميّز هذا الأخدود الانهدامي هو منتزه هيلز غايت Hell’s Gate National Park الذي يشرّع أبوابه أمام السياح ومحبّي التنزّه وركوب الدرّاجات الهوائيّة الراغبين في استكشاف طبيعة البلاد والتعرّف على حيواناتها البرّية وأهمّها اليغور المفترسة. وعلى طول الأخدود أيضاً، تربض بصمت بلدة ناكورو Nakuru الهادئة التي يُعدّ منتزهها موطناً لطيور النحام الوردي الرائعة.
منتزه هيلز غايت
هو أروع منتزهات كينيا وأعظمها على الإطلاق، يتميّز دون غيره من المنتزهات بخيارات الترفيه المتعدّدة التي يقدّمها لزواره، من مناظره الطبيعيّة الخلابة المتأرجحة بين الغابات والجبال إلى حيواناته البرّية المفترسة كالأسود الزائرة والفهود. أمّا القسم الشرقي من هذا المنتزه ويُعرف باسم فيشرز تاور Fisher’s Tower، فمخصّص لممارسة رياضة تسلّق الصخور. وممّا لا شكّ فيه أنّ تواجد بحيرة نايفاشا داخل المنتزه يزيد من أهميّته ويجعله مكاناً ملائماً للتخييم.
منتزه Tsavo National Park
يمتدّ هذا المنتزه على مساحة 22 ألف كلم مربع وبالتالي هو أكبر المنتزهات الكينيّة. يقسّم هذا المنتزه إلى قسمين، منتزه تسافو الغربي وتبلغ مساحته 9 آلاف كلم مربع ومنتزه تسافو الشرقي وتصل مساحته إلى 11747 كلم مربع. لكن ما يميّز هذا المنتزه، هي غاباته البريّة وحيواناته المفترسة، لذا فإنّ عدد زوّاره يكون دوماً أقلّ نسبياً من عدد زوّار باقي المنتزهات. والملفت بشأن هذا المنتزه هو أنّ أسعار بطاقات الدخول مقبولة جداً ويمكن لقاء دفع بعض الأموال الإضافيّة التنقّل بالسيارة الشخصيّة داخل المنتزه أو حتّى التخييم لأيام عدة في أرجائه. كذلك يمكن لمحبّي التخييم الاستفادة من مواقع التخييم العامّة المتواجدة في موقعي كومبويو Komboyo وشيولو Chyulu في منتزه تسافو الغربي. أما الراغبون في التخييم في مواقع خاصّة، فيمكنهم الاستعانة بخدمة نغوليا سفاري للتخييم أو غيرها من المواقع. وبعيداً عن التخييم، يتيح هذا المنتزه للسياح فرصة ممارسة نشاطات أخرى كالتنزّه بين غابات السافانا العملاقة أو السباحة في الأحواض المائيّة الطبيعيّة التي تكثر في أرجائه. وعلى السياح التذكّر دوماً أنّ الدخول إلى هذا المنتزه بقسميه لن يكون ممكناً إلّا بسيارات خاصّة معدّة للرحلات أو عبر المشاركة برحلات سفاري يتمّ تنظيمها وتسييرها من العاصمة الكينيّة نيروبي أو من مدينة مومباسا.