ماهو مرض كرونز؟ سؤال من الضروري الإجابة عليه لأن الكثيرين يتساءلون عن ماهيته. يُعتبر مرض كرونز من الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز الهضمي، وتندرج تحت ما يُعرف بـ”الأمراض الالتهابية المعوية” (Inflammatory Bowel Diseases – IBD)، إلى جانب التهاب القولون التقرحي. وعلى الرغم من أن مرض كرونز ليس منتشرًا بالقدر الذي تنتشر به أمراض مثل السكري أو ارتفاع الضغط، إلا أنه يسبب معاناة كبيرة للمصابين به، نظرًا لطبيعته المزمنة وتأثيره المباشر على جودة الحياة.
في هذا المقال، سنستعرض ماهو مرض كرونز، أسبابه، أعراضه، طرق تشخيصه، ومختلف الوسائل العلاجية المتاحة، بالإضافة إلى نمط الحياة المناسب للمصابين به.
أولًا: ماهو مرض كرونز؟
مرض كرونز هو التهاب مزمن يصيب بطانة الجهاز الهضمي، ويمكن أن يصيب أي جزء من الفم حتى فتحة الشرج، لكن غالبًا ما يؤثر على نهاية الأمعاء الدقيقة (اللفائفي) وبداية الأمعاء الغليظة (القولون).
الالتهاب الناتج عن هذا المرض يمكن أن يمتد عبر كامل سماكة جدار الأمعاء، مما يسبب تقرحات، انسدادات، أو حتى تشققات (ناسور).
المرض عادةً يتطور تدريجيًا، وقد يمر بفترات من النشاط الحاد تتخللها فترات من الهدوء أو “الهدأة”، أي غياب الأعراض تقريبًا.
ثانيًا: ما هي أسباب مرض كرونز؟
بعد فهم ماهو مرض كرونز، من الضروري التعرف على الاسباب. حتى الآن، لا يوجد سبب محدد وواضح للإصابة بمرض كرونز، ولكن الأطباء والباحثين يعتقدون أن هناك عدة عوامل تلعب دورًا في ظهوره:
- الاستجابة المناعية غير الطبيعية
يعتقد العلماء أن الجهاز المناعي لدى الشخص المصاب يهاجم بطانة الجهاز الهضمي عن طريق الخطأ، معتقدًا أنها مواد غريبة، مما يؤدي إلى التهاب مزمن. - العوامل الوراثية
هناك قابلية وراثية لدى بعض الأشخاص للإصابة بمرض كرونز، خصوصًا إذا كان هناك تاريخ عائلي مشابه. وقد تم اكتشاف عدة جينات مرتبطة بهذا المرض. - العوامل البيئية
مثل التلوث، التغذية الصناعية، التدخين، والتوتر المزمن، وكلها قد تساهم في تحفيز أو تفاقم المرض لدى من لديهم استعداد وراثي.
إقرئي أيضاً: اول علامات سرطان الثدي ظهورا
ثالثًا: ما هي أعراض مرض كرونز؟
تختلف الأعراض من شخص لآخر حسب موقع الالتهاب وشدته، ولكن من الأعراض الأكثر شيوعًا:
• آلام في البطن، خاصة في الجزء السفلي الأيمن.
• إسهال مزمن، قد يكون مصحوبًا بدم أو مخاط.
• فقدان الوزن غير المبرر.
• فقدان الشهية.
• الإرهاق العام والشعور المستمر بالتعب.
• ارتفاع طفيف في درجة الحرارة خلال فترات النشاط الحاد للمرض.
• قرحات في الفم.
• مشاكل جلدية أو ألم في المفاصل، وهي أعراض غير معوية لكنها شائعة بين المصابين.
في الحالات الشديدة، قد يؤدي المرض إلى انسداد الأمعاء أو تكوّن ناسور، ما يتطلب تدخلًا جراحيًا.
رابعًا: كيف يتم تشخيص مرض كرونز؟
تشخيص كرونز يتطلب تقييمًا شاملاً يشمل:
• تحاليل دم للكشف عن فقر الدم أو علامات الالتهاب.
• تحاليل براز لاستبعاد وجود عدوى.
• تنظير القولون لمعاينة الأمعاء وأخذ خزعات لفحص الأنسجة.
• تصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد مدى الالتهاب أو وجود مضاعفات.
• تنظير كبسولي، وهي تقنية حديثة تسمح بتصوير الأمعاء الدقيقة من خلال كبسولة صغيرة تبتلعها المريضة وتقوم بتصوير الجهاز الهضمي من الداخل.
خامسًا: ما هي طرق العلاج المتاحة؟
مرض كرونز لا يُشفى تمامًا، لكنه قابل للتحكم من خلال خطة علاجية طويلة المدى، تشمل:
- الأدوية
• مضادات الالتهاب مثل الأمينوساليسيلات (5-ASA).
• الكورتيكوستيرويدات (لفترات قصيرة أثناء النشاط الحاد).
• مثبطات المناعة مثل أزاثيوبرين أو ميثوتركسات.
• العلاجات البيولوجية مثل الإنفليكسيماب (Remicade) وأداليموماب (Humira)، وتُستخدم في الحالات المتوسطة إلى الشديدة. - الجراحة
في حال فشل العلاج الدوائي، أو حدوث مضاعفات مثل انسداد الأمعاء أو تكوّن الناسور، قد يكون التدخل الجراحي ضروريًا لإزالة الجزء المتضرر. - التغذية والدعم الغذائي
بعض المرضى يحتاجون إلى نظام غذائي خاص أو دعم غذائي عن طريق المكملات أو التغذية الوريدية، خصوصًا في فترات التهيج.
سادسًا: كيف يمكن التعايش مع مرض كرونز؟
رغم كونه مرضًا مزمنًا، إلا أن الكثير من النساء ينجحن في التعايش مع كرونز بفضل الإدارة الجيدة والعناية بالنفس:
• اتبعي نظامًا غذائيًا متوازنًا وتجنبي الأطعمة التي تثير الأعراض (مثل الحليب، الأطعمة الحارة، المقليات).
• تجنبي التدخين لأنه يزيد من شدة المرض.
• مارسي الرياضة الخفيفة بانتظام لتحسين الدورة الدموية والمزاج.
• احرصي على الراحة وتقليل التوتر، لأن الضغط النفسي يُضعف المناعة.
• تابعي مع طبيبكِ بانتظام لتعديل العلاج حسب الحاجة.
ماهو مرض كرونز؟ هو تحدٍ مستمر، لكنه ليس نهاية الحياة. بفهمكِ لطبيعة المرض، واتباعكِ للعلاج المناسب ونمط حياة صحي، يمكنكِ أن تعيشي حياة كاملة ونشيطة. الأهم هو أن تكوني على دراية بأعراضكِ، وأن لا تترددي في طلب الدعم الطبي والنفسي عند الحاجة.
إقرئي أيضاً: متى يكون ألم الرقبة خطير؟