
ليالي رمضان في الدول العربية مليئة بالنشاطات والعبادات والسهر

لعل النهار الرمضاني يمر سريعاً على الصائمين بسبب كثرة الانشغالات فيه، أما السهرات فهي التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، حيث ولائم الإفطار الفاخرة التي تجمع العائلات والأصدقاء معًا والليالي النابضة بالحياة والمليئة بالصلاة والتراويح وحلقات الذكر جنبًا إلى جنب مع السهر وقضاء الوقت المُمتع، ممّا يعكس التراث والتقاليد الفريدة لكل بلد.
تمتدّ عادات رمضان إلى ما هو أبعد من مُجرّد مظاهر وتقاليد في الثقافة الشعبيّة، حيث يشمل هذا الشهر الكثير من أعمال الخير والرحمة والكرم. إنَّه الوقت الَّذي يتمّ فيه تشجيع المسلمين على تعميق علاقتهم بالله من خلال زيادة أعمال العبادة، والتدبّر في القرآن، والمشاركة في الأعمال الخيريّة.
يبدل الشهر الفضيل نمط الحياة الروتينية، فمن الشوارع الصاخبة المُزيَّنة بالزخارف الملونة إلى الآذان الذي يتردد صداه في الشوارع، يغرس في الناس المزيد من الروحانيَّة والترابط الاجتماعي. في
فمع حلول شهر رمضان المُبارك، تُضاء المساجد، وتُعلَّق المصابيح على مداخلها، وتُزيّن الشوارع، وتعم البهجة في كل مكان. فالعديد من التقاليد التي تُمارَس خلال شهر رمضان الكريم منذ الفتح الإسلامي حتّى يومنا هذا لا تزال حيَّة، حتّى لو اختلفت بعض الشيء أو تغيّرت صورتها على مرّ السنين.
أما دوي مدفع الإفطار فهو الصوت الذي يبشر ببدء الإفطار، ويتم إصداره من خلال مدفع حربي في بعض البلدان الإسلاميّة عند أذان المغرب ليعلن بذلك نهاية الصيام وبداية موعد الإفطار بعد غروب الشمس خلال شهر رمضان المُبارك. هناك روايات مُتضاربة حول أصل هذا الطقس الرمضاني، على الرغم من أنّ جميع هذه الروايات تُشير إلى القاهرة عاصمة مصر.
تشير أهم رواية في هذه الروايات أنّ أحد سلاطين المماليك في القرن الخامس عشر اختبر مدفعًا تمّ إهداؤه له، وأطلقه عند غروب الشمس خلال شهر رمضان. ويُقال أنّ سكان القاهرة افترضوا أن ذلك كان رنينًا مُتعمَّدًا للإفطار. وبعد رؤية رد فعل الجمهور على هذا العمل المفاجئ، أمر السلطان بإطلاق قذيفة كل يوم عند غروب الشمس بمُناسبة الإفطار.
انتقل هذا التقليد بعد ذلك إلى بلاد الشام أولاً، ثم إلى بغداد بحلول نهاية القرن التاسع عشر، ووصل في النهاية إلى دول الخليج وشمال أفريقيا. وعلى الرّغم من أنّ هذا الأمر أصبح غير مُفيد في الوقت الحالي، حيث يعتمد الكثير من الناس على الساعات لتحديد أوقات الصلاة والإفطار، إلّا أنّه قد لا يزال يتم القيام به في بعض الثقافات العربيّة والإسلاميّة كنوع من أنواع التراث أو التقاليد.
لطالما كانت الفوانيس من أهم مظاهر شهر رمضان لعدّة قرون وما زالت، حيث يتمّ تعليقها في الشوارع إيذانًا ببدء الشهر الكريم وإضفاء لروح البهجة على الجميع. وأهمّ ما يُميّز هذه الفوانيس هو ظهور الهلال والنجمة بشكلٍ بارز في الزخارف، وهما من الرموز الإسلاميّة الهامّة.
وعلى الرّغم من تغيّر شكل الحياة خلال نهار شهر رمضان بشكلٍ جذري مع امتناع المسلمين عن الطعام والشراب منذ الفجر حتّى غروب الشمس، تتميَّز ليالي رمضان بطابع مُبهج وحالة من السعادة تسود الأجواء، حيث تخلق الزخارف والفوانيس والأضواء أجواءً احتفاليّة لا توصف.
ولكل دولة أسلوبها الخاص في تعليق زينة شهر رمضان، فعلى سبيل المثال تُزيّن شوارع القاهرة بالأقمشة المُلوَّنة والمصابيح والفوانيس، بينما في دول شمال أفريقيا، تُهيمن تصاميم الأرابيسك. وفي دول الخليج، تتدلّى الأضواء المُلوّنة وزخارف النجوم الثمانية والأهلَّة من أسقف مراكز التسوّق وأعمدة الإنارة.
تُعتبر الزيارات العائليّة في السهرة جزءًا مُهمًا من تقاليد الشهر الفضيل في العديد من الثقافات العربيّة والإسلاميّة، حيث يُعتبر هذا النوع من الزيارات فرصة لتقوية الروابط العائليّة وتعزيز التواصل بين الأقارب والأصدقاء، كما يُعتبر تبادل الطعام والضيافة جزءًا أساسيًا من تجربة رمضان. وفي بعض التقاليد، يتم تخصيص إفطار كل يوم في رمضان في منزل أحد أفراد العائلة بدءًا من منزل أكبر أفراد العائلة، ثم يتم التناوب على باقي الأسر.
وتأخذ السهرات طابعًا خاصّا ومميزًا، حيث يتجمع الناس لقضاء الوقت معًا بعد صلاة التراويح وحتى ساعات الفجر. تُعدّ السهرات جزءًا لا يتجزأ من تجربة رمضان في العديد من البلدان العربيَّة والإسلاميَّة، وتعكس روح الترابط الاجتماعي. وتختلف هذه السهرات بين العديد من الثقافات العربيّة بل وبين أفراد المُجتمع الواحد، حيث تتضمَّن مجموعة مختلفة من الأنشطة.
اقرئي المزيد: أشهر حلويات عيد الفطر المبارك!