أسماء صديق المطوع: كلّ موضوع ثقافي يصلح ليكون محوراً لاهتمام المرأة
تأسّس صالون الملتقى الأدبي في الإمارات في عام 1996، عبر مجموعة من الصديقات ترأسهنّ أسماء صديق المطوع ويجمع بينهنّ حبّ القراءة. وبدأنَ بالقراءة باللغة العربيّة واتّسعت المجموعة وصارت تضمّ 24 عضو من مختلف الجنسيّات والخلفيات والتخصّصات، وكبر معهنّ اهتمامهنّ بالأدب والرواية بصفة خاصّة والثقافة بصفة عامّة، حتّى صار الملتقى اليوم من أهمّ الصالونات الأدبيّة العربيّة. وقد التقينا أسماء لنعرف المزيد عن الملتقى وعن مشاريعه المقبلة.
لماذا قرّرت التقريب بين الأدباء والشعراء وفتح قنوات تواصل بينهم وبين الجمهور عبر الملتقى؟
هدفنا القيام بشكل دوري بمناقشة أحدث الروايات الأدبية في حضور النقّاد والروائيّين الذين يثرون تجربة المناقشة. وتقوم فكرة الملتقى على قراءة الروايات في الأساس، بواقع روايتين في الشهر تتم مناقشتهما بحضور الأعضاء، إلّا أنّنا صرنا نقرأ أكثر في ظلّ ظروف الجائحة. وقد حصل الملتقى على العضويّة كأحد أندية منظمّة اليونسكو عام 2006 لتوافقه مع أهدافها الرئيسيّة المتمثّلة في الانفتاح على الآخر واحترامه، وتطوير التجربة الثقافيّة في الإمارات. ونفتح قنوات لتواصل الجمهور مباشرة مع الأدباء والنقّاد والموسيقيّين والمثقفين والفائزين بجوائز الشيخ زايد للكتاب وجائزة الرواية العربية وضيوف دائرة الثقافة خلال مشاركتنا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
ما سبب شغفك الكبير بالكلمة ومتى نشأ هذا الحبّ وكيف طوّرته؟
نشأ شغفي بالكتب منذ الصغر، فبيتنا مهتم بالكتب وأخذت عن والدي حبّ القراءة، وظلّ شغفي بالمعرفة معي حتّى في الفترة التي كرّستها لتأسيس الأسرة والأبناء. وما إن سمحت الظروف بتخصيص وقت أكبر للقراءة، أسّست الصالون.
لماذا خفّ اهتمام الجيل الجديد بالأدب والشعر وكيف يمكن جذبهم إليه من جديد؟
أتصوّر أنّ الجيل الشابّ في الدولة يقرأ، فهو محاط باهتمام قيادة الدولة بتعزيز القراءة، لذا من الطبيعي أن يطالع. لكن أسلوب وشكل القراءة اختلف، إذ إنّهم باتوا يقرأون على الأجهزة اللوحيّة، ويتفاعلون على مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوبهم. ونحن في صالون الملتقى الأدبي نتواصل باستمرار مع الجيل الأصغر سنّاً من أولادنا وبناتنا ونشجّعهم على الثقافة، وأعددنا الكثير من الجلسات معهم وتركناهم يتحدّثون في قضاياهم من دون ممارسة أيّ نوع من الوصاية عليهم. فتكلمنا معهم حول موسيقى الجاز والكاليجرافي وكتابة العربية بحروف لاتينية... والحقيقة كما استفاد الشباب من جلساتنا معهم وتحمّسوا للحديث بالعربيّة والقراءة بالعربيّة، نحن أيضاً استفدنا. فقد تحرّر الملتقى من الشكل التقليدي للصالونات الأدبيّة وربّما صار أكثر جرأةً في ما يناقشه من مواضيع بفضل حوارنا مع الشباب، وقد شاركنا في معرض أبوظبي للكتاب تحت شعار "الثقافة الثالثة" التي تُعنى باهتمامات الجيل الشاب.
ما هي المواضيع التي تركّزين على طرحها وتصبّ في صميم اهتمامات المرأة العربيّة؟
لا تنفصل المرأة عن اهتمامات مجتمعها، فكلّ موضوع ثقافي يصلح ليكون محوراً لاهتمام المرأة. وطبعاً نهتمّ بالقراءة للمبدعات ونلتقي بهنّ ونحتفي بهنّ، وبحكم كون أعضاء الصالون سيّدات، اتّسع معنى الرواية عندنا، فقدّمنا عرضاً للأزياء مستوحى من بعض الروايات التي قرأناها تحت اسم "حياكة الرواية". ولدينا مشروع الطبخ المستوحى من الروايات، بما أنّها مواضيع تهمّ النساء، إلّا أنّنا أضفنا بصمتنا إليها. وتطوّر صالون الملتقى الأدبي وافتتح فروعاً له في كلّ من مصر ولبنان وتونس على يد أعضاء صديقات يحببنَ القراءة بصورة فاعلة. وفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب الأخير، شاركنا في ندوات افتراضيّة تتناول قضايا المرأة مع الدكتور أماني فؤاد.
ما هي معايير اختيار الضيوف في مختلف الندوات؟
ننفتح في الصالون على الجميع، وكما أشرت إنّنا مهتمّون بالرواية لذا نقرأ كلّ الروايات لكلّ المبدعين سواء من كانت من الشرق أو الغرب أو مكتوبة بالعربيّة أو مترجمة. ونحرص على متابعة الجديد، وبعد ربع قرن من القراءة، صرنا أكثر جرأةً في مناقشة الكُتّاب في كتاباتهم وكان لنا نصيب أن نناقش كتّاب وأدباء كبار مثل الدكتور واسيني الأعرج والدكتور إبراهيم الكوني والأستاذ جمال الغيطاني والدكتورة آسيا جبار والأستاذ محمد حسن علوان والأستاذة رجاء عالم وكثيرين غيرهم. ونتعاون مع جهات رسميّة، كجائزة الشيخ زايد ووزارة الثقافة وندوة الثقافة والعلوم ودائرة الثقافة، تقترح علينا مناقشة أدباء أو كتّاب في ندواتنا المشتركة.
ما هي أهميّة التواجد عبر وسائل التواصل لتعزيز تواجد الصالون بين فئة أكبر من الجماهير؟
نحرص في صالون الملتقى الأدبي على التواصل مع جيل الشباب ونستخدم أسلوبهم، لذا تجدنا ناشطين على هذه المواقع. وقمنا في ظروف الجائحة بتحويل محنتها إلى منحة، فقدّمنا أكثر من سبعين جلسة افتراضيّة مع كتّاب وكاتبات متنوّعين. أمّا حاليّاً، فنبثّ كافّة جلساتنا مباشرة على قناتنا على يوتيوب ليتمكّن أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل من التفاعل معنا.
برأيك كيف يمكن لمختلف أنواع الفنون والآداب تغيير حياة الفرد وتهذيب نفسه وتعديل مزاجه؟
بالطبع تساعد الفنون على تخفيف التوتر وتهذيب الذات وتحسين الحالة النفسيّة، وتعزيز القيم الإيجابيّة لدى الناس كقبول الاختلاف وقراءة الآخر. وقد قمنا بعدد من الفعاليات كفعالية "تلوين الرواية" حيث عبّر 25 فنّاناً تشكيليّاً عن رؤيته للرواية وتحويلها للوحة، ممّ علّم الحضور كيفيّة التعبير عن النفس بأكثر من شكل. وتركنا عدداً من أصدقاء الصالون يصفون خبرتهم مع القراءة وأهمّ الكتب التي غيّرت حياتهم في فعاليتنا "الكبسولة الأدبية".
يؤخذ على الأدب توجّهه النخبوي فكيف يمكن كسر هذا الاعتقاد وتغييره؟
تغيّرت مواضيع الأدب وباتت أكثر التزاماً بقضايا مجتمعه. ففي نظرة سريعة على الروايات الفائزة في المسابقات، نجد أنّ كلّها تقريباً تناقش موضوعات تهمّ الناس، وربّما الخطوة الأولى لتشجيع الأفراد على القراءة برأيي هو إتاحة الكتب بسعر معقول يمكن للجميع تكبّده. أمّا دولة الإمارات، فتبذل جهوداً كبيرة للتشجيع على القراءة، إذ أصدرت قانون القراءة في العام 2016 وخصّصت شهر مارس كشهر القراءة من كلّ عام، ممّا خلق حافراً كبيراً للقراءة سواء في القطاع العام أو الخاصّ.
ما هي أجدد أعمالك ومشاريعك المقبلة؟
قدّمنا ما يفوق عن 30 مبادرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مبادرة إهداء 45 مكتبة موّزعة في مختلف أماكن الدولة.
وقمنا بمبادرات أخرى لتعزيز اللغة العربيّة مثل مبادرة "نكهة بالعربي"، و"أطول سلسلة بشرية للكتّاب"، و"الكبسولة الأدبيّة" و"المقصّ الأدبي"، علاوة على عدد كبير من تلك الإنسانيّة التي تفاعلنا بها مع ما يحدث من حولنا.
أمّا بالنسبة إلى خطّتنا المستقبليّة، فسنركز على إصدار عدد من الكتب الخاصّة بالنقد الأدبي، وبتجربتنا مع الجلسات الافتراضيّة التي تجاوزت 75 جلسة، كما لدينا خطّة خاصّة باحتفال الإمارات بعامها الخمسين سنصرّح عنها قريباً.