تكنولوجيا

الإنترنت… هل سلب عقلك واستولى على حياتك؟

يوليو 12, 2013
إعداد: Nathalie Bontems

لم يعد بإمكانك الابتعاد عن شاشة الكمبيوتر؟ هل أصبحت تفضّلين البقاء أمام الشاشة بدلاً من الخروج مع الأصدقاء؟ لا بدّ أنّك قطعت هذا الخيط الرّفيع بين تصفّح الإنترنت والإدمان على عالم الانترنت… تعرّفي على هذا النوّع من الإدمان بدءاً من تشخيصه وصولاً إلى العلاج.

الإدمان على الإنترنت اضطراب نفسي يولّد حاجة ملحّة وهوساً في استخدام الإنترنت. استعملت عبارة «الإدمان على الإنترنت» للمرّة الأولى في مدينة تورونتو في العام 1996 من قبل الطبيب النفسي الأميركي Kimberly Young خلال حلقة دراسيّة لجمعيّة علم النفس الأميركيّة. يتمّ وصف الإدمان على الإنترنت بعدم القدرة على الامتناع عن الاتّصال بالإنترنت وعدم القدرة على السيطرة على الوقت المسموح به للنشاطات المرتبطة به. في الواقع، يترافق الإدمان مع فقدان السيطرة على السلوك ووجود آثار سلبيّة مع غياب أيّ حماس للقيام بنشاطات أخرى.

 

هل أصبحت مدمنة؟

عالم الإنترنت عالم متنوّع من مجالات مختلفة وعديدة، لكنّه أحياناً يتحوّل إلى فخّ يكرّس فيه الشخص المزيد والمزيد من الوقت، فيأسر نفسه في عالم خيالي. لذلك، يبتعد تصفّح شبكة الويب عن كونه متعة وتسلية ليصبح إدماناً يدفع بالشخص إلى الاعتزال والانطواء على ذاته.

تعرّفي إلى الإشارات التي تدلّ على أنّك أصبحت فعلاً مدمنة على الإنترنت:

– لم يعد بإمكانك مقاومة هذا التواصل الإلكتروني وفقدت السيطرة على الأمر.

– يمتدّ الوقت الذي تمضينه أمام شاشة الكمبيوتر لساعات عديدة ويمنعك هذا من ممارسة نشاطات أخرى تتعلّق بالعائلة أو الدروس أو الأعمال، كما قد يمرّ وقت طويل من دون أن تشعري بذلك.

– تشعرين بفراغ كبير إذا فقدت الاتّصال بشبكة الإنترنت أو أطفأت حاسوبك. وبالعكس، تشعرين بسعادة كبيرة عندما تكونين على اتّصال مع
عالم الإنترنت.

– تنزعجين، لا بل تغضبين إذا توقّفت لفترة عن استخدام الإنترنت أو إذا جاء أحدهم وحاول مكالمتك.

– ها قد بدأ كلّ من يحيط بك من أفراد عائلتك أو أصدقائك بالتذمّر من الوقت الذي تقضينه في
تصفّح الويب.

– اعتزلت عن عائلتك وأصدقائك وبدأت حياتك الاجتماعيّة تتأثّر بهذا الإدمان.

– تشعرين بجفاف في العينين أو بآلام في الظهر أو تعرّضت لزيادة في الوزن في الفترة الأخيرة واضطرابات في النّوم.

– تشعرين بحاجة ملحّة إلى زيادة وقت استخدام الإنترنت.

– تلجئين إلى الكذب أمام العائلة أو الأصدقاء حول الوقت المخصّص لاستخدام الإنترنت.

 مدمنو الإنترنت… أنواع

كلّ شخص ينمّي علاقة خاصّة مع عالم الإنترنت، لذلك من الصّعب تحديد سبب واحد لهذا الإدمان.  هناك أنواع عديدة من مدمني الإنترنت:

 المدمنون على العلاقات عبر الإنترنت: منتديات الحوار، مواقع اللقاءات… يسمح الإنترنت بسهولة الاتّصال بعيداً عن عيون الآخرين. يمكن التعرّف على أصدقاء جدد أو حتّى لقاء الحبّ الكبير. لكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التواصل مع الآخرين، يصبح عالم الإنترنت  نوعاً من الهروب، فيبحثون عن طريقة ينسون فيها الواقع ويختبئون في عالم خياليّ.

 المدمنون على الألعاب: يكونون عادة من المراهقين ولكن أيضاً من الراشدين الشباب، يلجأون إلى الألعاب على الإنترنت من أجل أن يعيشوا المغامرات ومن أجل التسلية. لكنّ بعض الأشخاص يفتقدون إلى الثقة بالنفس، ويبحثون عن هويّة جديدة من خلال التماهي مع أبطال خياليّين فينقطعون عن الواقع ويفقدون الحياة الاجتماعيّة شيئاً فشيئاً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لآليّة تكرار اللعبة أن تسهّل ظاهرة الإدمان.

المدمنون على العمل: يتعاملون مع الإنترنت على أنّه وسيلة تزيد فعاليّة العمل وتكسبهم الوقت. ولأنّهم يقضون الليالي ونهاية العطلات يعملون على الإنترنت في كلّ لحظة على مواقع الأخبار، ابتعدوا عن التفريق بين الحياة الخاصّة والحياة المهنيّة.

المشترون القهريّون: من خلال نقرة واحدة فقط، سوف يكون باستطاعتهم إرضاء رغباتهم القويّة بالشراء (ثياب، أغراض…) فيكون عالم الإنترنت محفّزاً لإدمانهم، ويكونون عادة من النساء.

حسنات وسيّئات

رغم أنّ الإنترنت يشكّل أداة عمليّة تسهّل حياة الناس في المجتمع اليوم، إلّا أنّه لا يخلو من التأثيرات السلبيّة. وللأشخاص المنتجين، يقدّم الإنترنت العديد من الفرص المتنوّعة لتحقيق أهدافهم. كما هناك أفراد يستغلّونه لأغراض وأهداف أنانيّة وضارّة. فما هي حسنات هذا العالم الواسع وأين تكمن سيّئاته؟

إيجابيّات الإنترنت

 – يسهّل القيام بالبحث: قبل الوسائل الإلكترونيّة لجمع المعلومات، كان الطلاب أو الباحثون يدفعون المال مقابل زيارة المكتبات من أجل القيام بالأبحاث اللازمة. اليوم، يتطلّب الأمر فقط اشتراكاً في مجلّة إلتكرونيّة أو تصفّح الإنترنت من أجل الحصول على المعلومات اللازمة.

– يسهّل الاتّصال مع العائلة والأصدقاء والأقرباء: لقد ولّت أيّام الغربة الطويلة بين الأهل وأولادهم مع الإنترنت الذي قرّب المسافات.

– يمكّن الربح من خلال العمل من المنزل: أصبح اليوم بالإمكان العمل عبر الإنترنت وكسب المال كما يمكن للصانعين والبائعين وشركات الإعلان الربح من خلال هذه التكنولوجيا.

– معاملات تجاريّة سريعة ومنتجات أرخص: يمكن للمشترين أن يتصفّحوا الإنترنت ويختاروا المنتجات التي يريدون شراءها وهم في ركن منزلهم.

– الاستغناء عن السفر في بعض الحالات: من خلال استخدام الإنترنت، أصبح بإمكان رجال الأعمال أن يقوموا باجتماعات عن بعد، ما يوفّر عناء السفر وكلفته.

سلبيّات الإنترنت

– فقدان الاتّصال الإنساني: يغرق الأشخاص بنشاطاتهم على الإنترنت إلى درجة ينسون أنّ هناك أشخاصاً يحيطون بهم ويحتاجون إليهم.

 – مضيعة للوقت: مع ازدياد أعداد المواقع الإلكترونيّة، ازدادت كميّة الوقت التي نقضيها بالتصفّح أيضاً، فأصبح الإنترنت مضيعة كبيرة للوقت.

– مصادر غير موثوقة: هناك الكثير من المعلومات الخاطئة أو المبالغ فيها التي تنبع من مصادر غير معتمدة تنشرها بعض المواقع. لذلك، من الضروري أن تكوني متيقّظة خلال تصفّحك الإنترنت.

كيف تتخلّصين من هذا الإدمان؟

إذا شعرت بأنّك تقضين الكثير من الوقت في تصفّح الإنترنت أو كان المحيطون بك يتذمّرون من هذا، فأعيدي النظر في علاقتك مع الإنترنت وحاولي تقليص وقت الاتّصال.

– اسألي نفسك: ما الذي تفوّتينه عليك عندما تقضين وقتاً كثيراً بتصفّح الإنترنت؟ دوّني كلّ ما تفكّرين به وحاولي أن تقلّلي من هذا الوقت.

– حدّدي كيفيّة استخدام الإنترنت والوقت الذي تحتاجين إليه وحاولي الالتزام بهما. خذي استراحة قصيرة من حين إلى آخر وقومي بشيء آخر تحبّينه.

 – قلّصي ساعات الإنترنت الأسبوعيّة إلى عشر ساعات.

– اذهبي إلى المكتبات العامّة أو المتاجر الموسيقيّة واقصدي المعارض والمسارح والسينما.

– تحدّثي إلى الأشخاص المحيطين بك
واطلبي مساعدتهم.

– إذ كانت حالة الإدمان قويّة، فمن الضروري أن تلجئي إلى المساعدة. استشيري طبيباً أو متخصّصاً نفسياً يجعلك تتبعين علاجاً سلوكياً أو إدراكياً، فيحدّد أسباب هذا الإدمان كما يعالج الشعور بالفراغ الذي يتملّكك في كلّ مرّة تبتعدين عن عالم الإنترنت.

بالإجمال، عالم الإنترنت غير منظّم على المستوى الأخلاقي والقيم، فهو عالم ومكان كلّ شيء فيه ممكن تبعاً لرغبات المتصفّح. لذلك، على كلّ شخص أن يعرف كيفيّة استخدام أدواته الخاصّة في تنظيم علاقته مع الإنترنت. لكن، كلّ من يفتقد السيطرة على الذات أو يشعر بالعذاب في حال ابتعد عن تصفّحه، يحتاج إلى العلاج بسرعة لأنّ خطر الإدمان يكون عنده مرتفعاً. لذلك، يمكن البدء منذ الطفولة بالوقاية من خلال تقديم المعلومات الصحيحة وتقديم الإنترنت على أنّه ضرورة وليس مصدراً واثقاً للمعلومات وتبقى العلاقات والحياة هي المدرسة الأولى.

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية