أظهرت إحدى الدراسات النفسية أنّ أكثر الأفراد تعرضًا لخطر الإصابة بمرض الإدمان على الإنترنت هم الأفراد الذين يُعانون من العُزلة الاجتماعية والفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين والذين تنتابهم مخاوف غامضة أو شعور بعدم الثقة بالذات والذين يخافون من أن يكونوا عرضة لسخرية الآخرين، لذا فإنّ العالم الإلكتروني الافتراضي قدَّم لهم مجالاً واسعًا للتخلّص من مخاوفهم وإقامة علاقات غامضة مع الآخرين والعيش في عالم جديد آمن بالنسبة إليهم.
إلا أنّ الأمر لا يقتصر على هؤلاء، فوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة استطاعت أن تقضي على جزء كبير من الأوقات المخصّصة للزيارات العائلية التقليدية التي يتميّز بها المجتمع العربي، إذ بات الأشخاص يكتفون بالتواصل عبر «فايسبوك» و«واتس أب» و«تويتر» و«سكايب». من هذا المنطلق، باتت مظاهر التواصل الاجتماعي التقليدية تشهد تراجعاً لافتاً في مقابل تزايد استخدام وسائل الاتصال الحديثة. كذلك أصبحت وسائل التكنولوجيا طريقاً للهروب من التعامل المباشر الذي يتطلب بذل جهد نفسيّ وبالتالي إلى ضعف العلاقات الاجتماعيّة وغياب تقليد الزيارات والحوار وتبادل المشاعر. فقد استبدل الناس هذه الأمور بعبارات جامدة ونكات وضحكات افتراضيّة قد تنم عن الرغبة في المجاملة أكثر من كونها تنبع من مشاعر صادقة وطبيعيّة.
هل تؤدّي وسائل التواصل إلى تفكك الأسر؟
تكمن المشكلة الأساسية في أنّ ظاهرة التواصل الافتراضي باتت تحلّ محل الأحاديث العائلية، ما يسبّب غياب الأحاديث العائلية والتشارك الأسري في النشاطات المختلفة. ولعلّ ما يزيد الأمر خطورة هي تلك الهوة الشاسعة التي باتت تفصل بين الأجيال المختلفة والتي لا تزيدها وسائل التواصل الإلكتروني سوى اتساعاً وعمقاً، فالهواتف المتحركة الذكية وكذلك أجهزة الكمبيوتر تحمل عالماً قائماً بذاته من العلاقات والمعلومات البعيدة عن أجواء الأسرة.
ماذا تفعلين؟
لا يسعك تجاهل الدور الذي تؤديه وسائل التواصل الاجتماعي في تأمين الطرق السهلة لسير العلاقات والمعاملات. لكن يمكنك اتخاذ خطوات بسيطة تساعدك على حماية عائلتك من تأثيرها السلبي:
1 حدّدي أوقاتاً يمكن لأبنائك وحتى لزوجك التواصل خلالها مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
2 شجعي أفراد أسرتك على مشاهدة فيلم تلفزيوني أو برنامج ما.
3 احرصي على تنظيم النشاطات التي تجمع أفراد أسرتك بين الحين والآخر.
4 حاولي دائماً أن تجدي موضوعاً تطرحينه للنقاش أثناء اجتماع أفراد أسرتك.
5 إطرحي دائماً بعض الأسئلة على أبنائك وبناتك وحتّى على زوجك.
العلاقات الاجتماعية تقلّل من احتمال الموت المبكر
توصّل فريق من الباحثين الأميركيين إلى أنَّ قضاء وقت سعيد مع الأهل والأصدقاء يقلِّل من خطر الموت المبكر بنسبة 50%، وكشفت هؤلاء أنّ العَلاقات الاجتماعية القوية مفيدة للصحة تماماً كما هي حال التوقّف عن التدخين، إذ إنّ ضعف تلك العلاقات يُوازي تدخين 15 سيجارة في اليوم.