«رهاب مدرسي»، «قلق مدرسي»، «رفض قاطع للذهاب إلى المدرسة»… تسميات كثيرة وغيرها تترجم واقعاً واحداً، هو الخوف الشديد من المدرسة، الأمر الذي يدفع بالطفل إلى رفض الذهاب إليها.
يُصاب بعض الأطفال بالمرض بمجرّد تفكيرهم بأنّ أقدامهم ستطأ عتبة باب المدرسة، فتبدأ آلام المعدة والرأس والتقيّؤ واصفرار الوجه ونوبات الصراخ والتهديد بالهروب، وغيرها من العوارض الخطيرة التي تحوّل حياتهم وحياة ذويهم إلى جحيم. وقد يصعب على الأهل تقبّل أنّ المدرسة التي تُعد مكاناً مثاليّاً للتنشئة الثقافيّة والاجتماعيّة، هي سبب تعاسة أطفالهم.
وفي هذا الصدد، تشرح المعالجة النفسيّة سابين الحاج كيفيّة ظهور الرهاب المدرسي لدى بعض الأطفال، وتعدّد بشكل مفصّل الأسباب النفسيّة والاجتماعيّة التي تؤدي إليه، والتي قد تختلف بحسب سنّ الطفل.
وفي النهاية، تسدي الحاج بعض النصائح التي يجب اتّباعها لمساعدة الطفل على التخلّص من هذا الهلع الذي قد يتفاقم مع تقدّم الطفل في السنّ ودخوله الجامعة، فينمو معه الخوف من إجراء الامتحانات ومن التعرّف إلى أشخاص جدد والاختلاط بهم وبناء علاقات صداقة معهم.
اعرفي الأسباب
تختلف أسباب خوف الأطفال بحسب أعمارهم والتغيّرات التي قد تطرأ على حياتهم. تعرّفي على أبرز هذه الأسباب والتي تؤدّي إلى عدم رغبة الأطفال في الذهاب إلى المدرسة:
– تعرّضهم للسخرية من قبل أصدقائهم في المدرسة وعدم نجاحهم في بناء صداقات جديدة.
– معاناة بعض الأطفال من رهاب اجتماعي يمنعهم من الاختلاط بالغير وتقبّل نظراتهم وملاحظاتهم.
– إصابة الأطفال في بعض الحالات، بالاكتئاب بسبب رسوبهم المتكرّر أو تقصيرهم في القيام بواجباتهم المدرسيّة وعدم تلقّيهم أي تشجيع يحفّز تقدّمهم.
– الانتقال إلى منطقة أو بلد آخر، وبالتالي إلى مدرسة جديدة ومحيط مختلف.
– وفاة أحد أفراد الأسرة، أو تعرّض الطفل للعنف في المنزل، أو مرور العائلة بمرحلة صعبة تزعزع كيانها وتؤثر سلباً على نفسيّته.
– طباع بعض الأطفال التي تمنعهم من التركيز على دروسهم، كما هي الحال لدى مفرطي الحركة، أو معاناة بعضهم من صعوبات في القراءة، فينشأ لديهم خوف شديد من المدرسة يصعب التخلّص منه.
لكل عمر مبرراته
يرتبط خوف الأطفال وطريقة التعبير عنه بالمرحلة العمريّة التي يمرون بها. فالصغار الذين يخوضون تجربة الذهاب إلى المدرسة للمرّة الأولى في حياتهم، يعانون من عدم الشعور بالأمان نتيجة اضطرارهم إلى الابتعاد عن والديهم. أما بالنسبة إلى الأطفال الذين سبق لهم أن ذهبوا إلى المدرسة، فقد تشكّل العودة إليها بعد عطلة نهاية الأسبوع أو العطلة الصيفيّة، سبباً لشعورهم بالقلق والخوف لأنّهم أيضاً لا يتقبّلون الابتعاد من جديد عن أهلهم، كما قد لا يحبّذون التغييرات الجديدة التي قد تطرأ على المدرسة، وأجواء الأصدقاء والمعلمّين الجدد.
تفهمي سلوكه وسارعي إلى مساعدته
ليس من السهل على الأهل استيعاب خوف أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة لأنّ كلّ رهاب يبدو مبهماً وغريباً عن الشخص الذي لا يعاني منه، وبالتالي تصعب عليهم معرفة كيفيّة التصرّف حيال هذا الأمر، لا سيّما حين يُصاب الطفل بحالة هستيريّة. كما يجد بعض الأهل صعوبة في التفرقة بين رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة بسبب الخوف أو بسبب عناده وتمرّده على سلطتهما. ومن الخطأ أن يواجه الوالدان رفضه بعدم إرساله إليها لفترة معيّنة لأنّ غيابه هذا سيساهم في تفاقم المشكلة. تنصحك المعالجة النفسيّة سابين الحاج باتّباع النصائح التالية كي تساعدي طفلك على تخطّي خوفه الشديد من المدرسة:
– تحدّثي إليه وكوني الشخص الذي يثق به ويخبره بكلّ مخاوفه.
– تجنّبي إلقاء اللوم عليه وساعديه على مواجهة خوفه.
– اشرحي له عن أهميّة المدرسة والعلم وعن ضرورة المثابرة للنجاح.
– فسّري له أنّ مخاوفه طبيعيّة وأنّك دائماً إلى جانبه، وأن ردة فعله غير مستحبّة.
– افسحي له المجال ليتعرّف إلى أصدقاء جدد خارج إطار المدرسة، وخفّفي من قلقه تجاه الأمور الجديدة التي قد يواجهها في حياته. كذلك نظّمي أوقات نومه واستيقاظه خلال أيام الأسبوع كي يعتاد على
نمط آمن للعيش.
– تحدّثي إلى معلّمة طفلك حول موضوع الرهاب الذي يعاني منه، وحاولا إيجاد الحلول المناسبة لترغيبه في الذهاب إلى المدرسة، واستشيري المعالجة النفسيّة في المدرسة إن لزم الأمر.
– شجّعيه على النظر إلى الأمور الإيجابيّة في المدرسة وعلى المشاركة في النشاطات الممتعة.
– لا تستخدمي القوّة والعنف لإجباره على الذهاب إلى المدرسة.
لا تنسي أنّ أفراد الأسرة جزء لا يتجزّأ من علاج طفلك. لكن في حال تعذّر عليكم مساعدته، استشيري المعالج النفسي على الفور الذي سيتّبع خطط علاج سلوكيّة تخلّصه من خوفه تدريجيّاً.