لاعبة السلة السعودية درّ بالي: يهمّني أن أعكس حقيقتي وأتابع طموحي الرياضي
من أنتِ؟ ما هي حقيقتكِ؟ كيف تعبّرين عنها من خلال اختياراتكِ الشخصية والمهنية؟ اخترنا في هذا العدد 5 شابات عربيات ناجحات كل واحدة في مجالها، لتخبرنا قصة نجاحها وكيف تتمكن من أن تكون حقيقية في عصرنا الحالي، حيث الكثير من القيم والصور وحتى النجاحات المزيفة.
تتمتع لاعبة فريق الاتّحاد والمنتخب السعودي لكرة السلة درّ بالي بعمق ونضج يفوق سنوات عمرها العشرين والسبب برأيها هو أنّها عرفت منذ الطفولة المجال الذي ترغب بالانطلاق فيه، فامتلكت الإرادة والقوة والقدرة على بناء اسم معروف في مجال هذه الرياضة في المملكة. فكيف كانت رحلتها وكيف تختار محتواها على وسائل التواصل لتعكس صورة حقيقية عن الشابة السعودية؟ الإجابات في هذا اللقاء.
لماذا اخترتِ أن تحترفي هواية كرة السلة وتكوني من السعوديات الشابات المعروفات في هذه اللعبة؟
أنا من أسرة رياضية حيث أن جدي وإخوته كانوا لاعبي كرة سلة وكان رقمهم الاحترافي 08، لذلك اخترت أن أحمل بعد سنوات طويلة هذا الرقم مثلهم لكي أكون بإنجازاتي امتداداً لما قدّموه، وأمثّلهم في المحافل الاحترافية. شجعتني عائلتي على الرياضة، وأنا بدوري أحببت هذا المجال واخترت كرة السلة بينما أختي الكبيرة اتجهت نحو التنس وأختي الصغرى التي تبلغ من العمر ثمانية سنوات بدأت بلعب كرة السلة بتوجيهي ودعمي الكبير لها، بأن تخطو خطواتها الأولى بسن صغيرة كي تكون الرياضة جزءاً أساسياً من حياتها المستقبلية، لمعرفتي وإدراكي بأهميتها في حياة أي شابة.
ما هي الصور التي تتذكرينها من طفولتكِ وجعلتكِ تتأكدين أنّكِ راغبة بأن تصيري لاعبة كرة سلة محترفة؟
عشت حوالى 8 سنوات في أميركا وكانت أختي الكبيرة تلعب كرة السلة في المدرسة مع فريق الثانوية، وكنت أجلس على مقاعد الجمهور وأشاهدها باستمتاع حقيقي متمنية أن أنزل إلى الملعب لأبدأ بالتدرّب. وأتذكر جيداً فرحتي الكبيرة حين طلب منّي المدرب أن أدخل الملعب وأشارك باللعب، حينها أدركت أنّ التواجد في هذا المكان هو هدفي وأنني سأكون مستقبلاً لاعبة وسأثابر لكي أكمّل هذا الطريق وأنجح فيه. حين عدت إلى السعودية عام 2018، بدأت باللعب وبعدها بثلاث سنوات شاركت في أول دوري سعودي للنساء، ولكنني تعرّضت لإصابة أبعدتني عن الملاعب لمدة عام عدت بعدها إلى التدرب واللعب وحينها لاحظت ازدياد إقبال الشابات السعوديات على هذه الرياضة، فقد اختلف الوضع تماماً خلال فترة قصيرة، والسبب هو الدعم الكبير الذي توليه الدولة والجهات الرسمية للمجالات الرياضية، ورغبتهم بدعم المواهب الشابة للظهور وتحقيق إنجازات محلية ودولية.
هل فرضت عليكِ ممارسة هذه الرياضة أي قيود من ناحية إكمال تعليمكِ الجامعي أو طريقة اختيار الملابس الرياضية مثلاً؟
بالعكس، لم أشعر في أي يوم من الأيام أنّ هويتي تأثّرت سلباً باختياري لهذه الرياضة، لا سيما في ما يتعلق بتعليمي الجامعي الذي أحرص على استمراره بدعم كبير من نادي الاتحاد الذي أنتمي إليه، حيث يحرص القيّمون عليه على دعم كل الشابات في دراستهنّ وتسهيل مواعيد التدريبات لكي تتناسب مع جدولهنّ الأكاديمي، وبالتالي هذا سهّل عليّ تحديد أولوياتي ووضع جدول منطقي لحياتي، فأنا حالياً اخترت ألّا أرى صديقاتي لوقت طويل لأنني أعرف أنني في مرحلة بناء لمستقبلي وأنّ هذا الوقت يجب استغلاله في الدرس والتدريب، وهكذا ساهمت هذه الرياضة في جعلي أكثر انضباطاً وصرامة مع نفسي، كما أنّها تتطلّب منّي الحفاظ على شكل جسم محدد ووزن معين واعتماد نظام طعام صحي، وهي ساعدتني كثيراً في تنظيم ساعات نومي، لكي أكون بكامل نشاطي خلال ساعات النهار. باختصار، إنّها رحلة ممتعة بكل تحدّياتها لأنني أحب ما أقوم به ومقتنعة بأنّه الأفضل لي وسيخدمني ويعود بالمنفعة أيضاً على بلدي.
لكن ألا تعتقدين أنّكِ بحاجة لوقتكِ الخاص بعيداً عن الالتزامات والتمارين والدروس؟
بالتأكيد أحظى بهذا الوقت ولكن بشكل مدروس، فأنا أرى صديقاتي ولكن في أوقات محددة، فمن غير الضروري أن نخرج يومياً لنحمل هواتفنا ونقضي ساعات في المقاهي أو المطاعم. لقد تعلمت كيف أقسّم وقتي بشكل مدروس وبشكل يخدمني ويصب في مصلحة مستقبلي. أنا في العشرين من العمر ولكنني أشعر أنني أكثر نضجاً وعمقاً وإدراكاً لما هو مفيد ومهم في الحياة. أتمنى أن تجد كل الشابات مجالاً يستهويهنّ بحق ويكرسن وقتهنّ له، لأننا بالفعل نضيّع الكثير من الوقت على أمور تافهة ولا تساهم في تطويرنا كأشخاص وتحديدنا لما نرغب بالوصول إليه في الحياة، لذلك أشجع أختي الصغيرة أن تلتزم بكرة السلة لأنني أعرف أنّها تحبها وستبرع فيها. في بعض الأوقات أفكّر بأنني أحتاج لبعض الراحة والتخلي عن التزاماتي، ولكنني أذكّر نفسي أنني حين أنجز هدفاً من أهدافي سأكون أكثر سعادة وسيكون لديّ ما أخبر به صديقاتي اللواتي يشجعنني ويرغبن برؤيتي أنجح.
حياة الاحتراف كرياضية لها وقت محدد. هل تفكّرين بأهدافكِ المقبلة حين تنتهي سنواتكِ كلاعبة؟
أنا أدرس العلوم المالية حالياً وأحب الأرقام والرياضيات كثيراً، لذا تأكدت أنّ هذا هو المجال الثاني الذي يستهويني، وأريد أن أبني لنفسي مستقبلاً فيه أيضاً.أعرف جيداً أنّ لا شيء دائم ولكنني لا أتخيل حياتي من دون كرة السلة، وبالتالي سأباشر في مشروع لتمرين الشابات على اللعب مثلاً.
حدّثينا عن طقوسكِ الخاصة قبل كل مباراة؟
كل لاعب لديه طقوسه الخاصة التي اعتاد عليها وتريحه وتجعله قادراً على التركيز. بالنسبة لي، أحب الاستماع إلى الموسيقى في الباص، ولا سيما أغاني فيروز، وبعدها أحصّن نفسي وأنطلق إلى المباراة. لا أتوتر أو أشعر بأي ضغوط، بل أكون سعيدة وواثقة لأنني جاهزة بكل طاقتي للمباراة.
تتمتعين بكاريزما وحضور قوي وشكل جذاب، ألا تفكّرين في مجالات جديدة كالموضة والجمال مثلاً؟
لا أمانع أبداً بأن تسلَط الأضواء عليّ إنّما بشكل يبرز إنجازاتي لأكون مثالاً أعلى للشابات في سني، فما أشاركه عبر إنستغرام يتمحور حول مسيرتي الرياضية وأحياناً الأزياء التي أختارها وتعكس هويتي، فأنا فخورة بماضي بلدي وتراثه، وأحب أن أعكسه وأبيّن أهمية تاريخنا ومدى التطور الذي حققناه. أحب السعودية بشكل لا يوصف ولا يمكنني التخيّل أن أعيش خارجها. ربما في المستقبل أتعمق في مجال الموضة لأؤسس علامة تعكس ثقافتنا المحلية، ولذا ترينني أعرض أزياء لبعض العلامات المحلية لشباب وشابات موهوبين، فأنا أحب أن أدعمهم وأوصل رؤيتهم الخاصة للعالم.
ما هي الصورة التي ترغبين بأن تعكسيها عن الشابة السعودية؟
يهمني أن أكون على حقيقتي وطبيعتي، شابة في مطلع طريقها نحو تحقيق طموحاتها، أحافظ على الشكل الخارجي الذي يرضيني ويرضي عائلتي وبلدي، ويعكس تربيتي وقيمي التي لا أتنازل عنها. وأنشر ما يزيد إليّ ويخدم من حولي بشكل ما، وأتمنّى أن أوفق في ذلك وأكون مثالاً أعلى لكل شابة تحافظ على أصلها وتسعى أيضاً لمواكبة العصر الذي تعيش فيه والطموحات التي تملكها.
كيف تشجّعين الشابات على رياضة كرة السلة، ما هي متطلبات النجاح فيها؟
هناك معتقد سائد أنّ طول القامة أساسي للنجاح في هذه اللعبة، وهذا الأمر غير صحيح، فهو مطلوب فقط من اللاعبات في الـ Center. هذه اللعبة تحتاج إلى المهارة الجسدية والتركيز العالي والتنسيق بين أعضاء الفريق والتمارين المكثفة أكثر من أي شيء آخر، ولكن لن تنجح فيها إلا من تحبها بصدق وعمق لأنّها ليست سهلة أبداً، وبالتالي إن أحببتها فلتتقدّمي ولا تسمحي لشيء أن يمنعك.
ما هي طموحاتكِ الرياضية وأين ترين نفسكِ مستقبلاً؟
شاركتِ مؤخراً في الألعاب السعودية الأولمبية في الرياض ولكنني تعرضت للإصابة ما سيعيقني قليلاً في الفترة المقبلة، وهذا الأمر يزعجني لأنني لا أجد وسيلة للتمرن، إلا أنني أسعى بكل جهدي لمساعدة ودعم فريقي لأنه بمثابة عائلتي. إنّها روح الفريق التي لا يمكن إيجادها إلا بين أشخاص لديهم نفس العقلية والحب الكبير لرياضة ما. أخطط مستقبلاً للعب دور حيوي في المنتخب السعودي، وتحقيق إنجازات كبيرة معه.
اقرئي المزيد: هيلينا حجازي: الحرية تعني قدرة اتخاذ خيارات شخصية في مجال اللياقة إذ تختلف التوقعات بين الرجال والنساء