سلمى إسماعيل:أضع معاييري الخاصة للجمال وأتقبّل شكلي لأنّه ما يميّزني
من أنتِ؟ ما هي حقيقتكِ؟ كيف تعبّرين عنها من خلال اختياراتكِ الشخصية والمهنية؟ اخترنا في هذا العدد 5 شابات عربيات ناجحات كل واحدة في مجالها، لتخبرنا قصة نجاحها وكيف تتمكن من أن تكون حقيقية في عصرنا الحالي، حيث الكثير من القيم والصور وحتى النجاحات المزيفة.
ملهمة بكل ما للكلمة من معنى، إنّها المدرّبة الرياضية سلمى إسماعيل التي تشع بالطاقة والحيوية والحياة، والسبب الأول لذلك هو إلتزامها بالرياضة وجعلها نمط حياة، ما دفع بها لكي تصير النسخة الأفضل من نفسها. وهي تسعى لكي تعكس معرفتها في هذا المجال وشغفها الكبير به على كل الشابات اللواتي يقصدنها بهدف التغيير. تعرّفي عليها واكتشفي رؤيتها الخاصة عن الجمال وكيف تعكس حقيقتها من خلال هذا اللقاء.
قرار التخلي عن المهنة الثابتة للانطلاق في مجال اللياقة البدنية ليس سهلاً. صفي لنا اللحظة التي أيقنتِ فيها أنّكِ تريدين تخصيص كامل وقتكِ وتركيزكِ على هذا المجال؟
كنت أعمل في مجال الإعلام والاتصالات قبل سنوات، ولم تكن الرياضة جزءاً من حياتي، ولكنني كنت أشعر بأنني قليلة الحركة، نفَسي غير مرتاح، ألهث حين أصعد الدرج، ولا أهتم بنوع طعامي. فقررت أن أتغير وأبدأ بممارسة الرياضة، فتسجلت في النادي وكنت أقصده في الخامسة صباحاً قبل بدء دوامي، وبدأت بالطهي وتناول الطعام المنزلي الصحي. ومع الوقت، أحسست أنني أحب هذا التغيير، فصرت أشارك في فعاليات رياضية تحصل في دبي، وأحقق فيها نتائج جيدة، وفي الوقت نفسه كنت أدرس وأتثقف أكثر حول اللياقة والرياضة أونلاين حتى أحسّن من أدائي في المسابقات والتمارين. وبعد عدة سنين، قررت التفرّغ لهذا المجال وترك عملي لأصير مدرّبة رياضية بدوام كامل. في البداية، كان الموضوع مخيفاً لدرجة أنّ أول زبونة لديّ حين عرفت أنني امرأة رفضت القدوم للتمرّن معي، إذ لم يكن هناك مدربات شابات عربيات. جعلني هذا الأمر أشكك في نفسي وأفكر بالتراجع، ولكنني استمريت ببساطة لشدة حبي للرياضة، وبدأت باستخدام إنستغرام لنشر تجربتي الرياضية، وهكذا بدأ اسمي بالانتشار.
حدّثينا عن مشروعكِ Ossalma؟ كيف ساعدتكِ وسائل التواصل ولا سيما إنستغرام في نشر فكرته بين الشابات؟
عام 2016 بدأت بشركتي الخاصة وكانت للسيدات فقط، لكي أسدّ الفجوة الموجودة في السوق حيث لم يكن هناك برامج رياضية مخصصة للشابات لتدلهنّ على الأنظمة الأمثل لهنّ وتوجههنّ طوال فترة التزامهنّ بالرياضة. ولكن في خلال فترة كورونا اضطررت أن أتوقف، فأقفلت النادي الرياضي وتوجهت نحو التدريب أونلاين، ونجحت بشكل كبير في مشروعي الجديد، وبعد أن انتهت كورونا، عدت لأفتتح الاستديو الرياضي الخاص بي، وأكملت العمل فيه واخترت اسم Ossalma الذي يجمع بين اسمي واسم زوجي: أسامة. ما يميز Ossalma هو أنّه يقدّم جلسات PT بشكل جماعي، بحيث لا يزيد عدد المشاركات عن التسعة، حتى أركّز على كل واحدة منهنّ وأوليها حقّها من الاهتمام. نحن لا نضع المبتدئات مع الرياضيات اللواتي وصلن إلى مراحل متقدمة من رحلة اللياقة، وهذا الشيء يشجع الكثير من الشابات اللواتي يخشين أن تتم مقارنتهنّ بغيرهنّ، فكل واحدة ستتلقى التمارين التي تستطيع القيام بها وستلقى التوجيه الملائم لكي تأخذ وقتها وتتطور بشكل تدريجي.
كيف تختارين محتواكِ على وسائل التواصل وما هي الرسائل التي تحبّين إيصالها للشابات حول الرياضة ونمط الحياة الصحي؟
أنا واقعية جداً وأعيش حياتي كمعظم الناس، أستمتع في نهاية الأسبوع بالوجبات السريعة، بينما أتدرب 4 أو 5 مرات في أيام العمل وأتناول طعام منزلي، وهذه رسالتي في الحياة الحقيقية وعبر إنستغرام. لا أريد للناس أن يظنوا أنّ الحياة الصحية صعبة ومعقدة، بل أريدهم أن يختاروا هذا الأسلوب لأنه الأنسب لهم. المعايير التي نراها عبر وسائل التواصل غير حقيقية، لذا فإنّ ما أريد أن يميّزني هو أن أظل حقيقية بعيداً عن المثالية. وقبل فترة وبسبب حادث تعرضت له، توقفت عن الرياضة التي اعتدت ممارستها لفترة، واستطعت أن أتأقلم مع تغيير نمط تماريني لكي تناسب وضعي الصحي، وبالتالي ما أريد قوله هو أنّه علينا دائماً تحفيز ذاتنا وامتلاك الانضباط لكي نحث أنفسنا على الحركة، ليس بشكل واحد ومعيار محدد إنما بالشكل الذي يناسبنا.
غالباً ترتبط صورة الشابة الرياضية بالخشونة، وبالمقابل أنتِ تعطين صورة أنثوية عن الشابات الرياضيات، فماذا تقولين عن هذا المعتقد الخاطئ؟
في بداياتي، تعرضت لانتقادات كثيرة من محيطي الاجتماعي خوفاً عليّ من أن أفقد أنوثتي بسبب الرياضة، وهذا معتقد خاطئ، فالمطلوب ليس حجم العضلات الكبير، وهو بالمناسبة ليس هدفاً سهل التحقيق أبداً ويتطلب الكثير من التمارين المكثفة، بل ببساطة موائمة نوعية وكمية الطعام مع التمارين للحصول على الشكل الأنسب للجسم والذي يحافظ على معالم الأنوثة التي تميّز كل شابة.
تحافظين على مظهر طبيعي يعكس حقيقة الشابة بعيداً عن التجميل والفلاتر والمبالغة، لماذا اخترتِ أن تظلي على حقيقتكِ مع وجود مغريات كثيرة من هذا النوع حولكِ؟
قبل تقريباً ست سنوات، تأثرت كثيراً تأثّرت بوسائل التواصل وبصيحات الجمال التي سادت، وعملت مع المؤثرات والعلامات التجارية الكبيرة وأردت أن أجاري هذا العالم وأنتمي إليه وإلى معاييره، فأجريت حقن الفيليرز والبوتوكس، ولكن مع مرور الوقت بدأت أشعر براحة بجسمي وشكلي بشكل أكبر، لم أعد أقارن نفسي بمعايير الجمال التي وضعها المجتمع. قررت أن أضع معاييراً خاصة لنفسي وصرت أحب تجاعيدي وتصالحت مع فكرة التقدّم بالسن وأستمتع بالتجارب التي أخوضها وتساهم في جعلي الشخصية الناضجة التي أريد أن أكونها.
كيف تشجّعين الشابات على البقاء حقيقيات في ظل كل ما نشهده من توحيد لمعايير الشكل والجمال؟
لطالما كنت أشارك عبر وسائل التواصل، وإنّه من الصعب جداً على أي شابة أن تصير شخصاً مختلفاً أكثر جمالاً من شكلها الحالي. فحين تأتي إليّ شابة مع صورة وتريد أن تشبهها بعد أن تبدأ مسيرتها الرياضية، كنت أقول لها: مستحيل أن يصير جسمكِ مثل جسمها، فكل امرأة لديها شكلها الخاص، وعليها أن تحبه وتقتنع به، وتسعى لتحسينه كي لا يخيب ظنها وتعيش في صراع دائم مع نفسها. أنتِ جميلة بكل عيوبكِ وعليكِ تقبّلها كي تتمكني من تعديلها وتحسينها للأفضل. الله خلقنا مختلفين وفي هذا الاختلاف يكمن الجمال الحقيقي، إنّما علينا التقبل والرضى عن ذاتنا بالدرجة الأولى.
هل غيرّتكِ الرياضة وكيف ساهمتِ في تكوين شخصيتكِ المليئة بالحيوية والحياة؟
الرياضة تحسّن كل نواحي الحياة، تعلّم الانضباط والاستمرارية والمواظبة على أي هدف. وأذكر حين كنت أشارك في المسابقات، بات لديّ القدرة على تحدي ذاتي واكتشاف كامل طاقاتي التي لم أكن أعرف بها. الرياضة خولتني أن أتسلق جبل كليمنجارو! وصلت إلى ما لم أحلم مطلقاً أو أظن أنني قادرة على القيام به. الرياضة تزيد ثقتنا بنفسنا وتخوّلنا تحقيق كل ما نحلم به، ببساطة لأنّها تمدّنا بالإصرار وتجعلنا نؤمن بقوتنا الداخلية. كل ما يتعلق بالتمرين يزيدنا قوة ولا يقتصر هذا الأمر على تغيير شكل الجسم وتقويته، بل على النفسية والقدرات العقلية والذهنية أيضاً.
تتمتّعين بالشكل الجذاب والكاريزما الكبيرة، ألا تفكّرين بالتوسع نحو تقديم البرامج الرياضية؟
ظهرت في الكثير من الفقرات الرياضية على تلفزيونات عربية مختلفة، ولكن لم أتلقّى بعد عرضاً يناسبني ويلائم طموحي. في الفترة المقبلة سأركّز على تقديم Fitness Retreats وهي عبارة عن رحلات تحتوي على نشاطات رياضية ونفسية وتتضمن أنظمة طعام صحية، في سبيل تحسين الجسم والذهن والعقل، وقد قمنا بها في بالي وزنجبار والأردن وهذا العام ستكون في تركيا خلال شهر أبريل المقبل، كما نقوم بها ضمن الإمارات. كما سأركز على برامج التدريب المختلفة التي ميزتنا في النادي، على أمل أن أظل مستمرة في رحلة إلهام الشابات للوصول إلى أفضل نسخة عن ذاتهنّ من خلال الرياضة ونمط الحياة الصحية.
اقرئي المزيد: هيلينا حجازي: الحرية تعني قدرة اتخاذ خيارات شخصية في مجال اللياقة إذ تختلف التوقعات بين الرجال والنساء