سحر غزالي: أصمم مساحات مريحة وفخمة تبرز هوية قاطنيها

الفخامة العابرة للزمن هي عنوان التصاميم التي تبتكرها المصممة المعمارية سحر غزالة، والتي تمرّست خلال سنوات طويلة في هذا المجال فبات اسمها واحداً من أهم الأسماء اللامعة عربياً ولا سيما خليجياً في تقديم تحف معمارية وتصميمية مميزة. نتعرّف في ما يلي عليها ونكتشف كيف استطاعت أن تكسب ثقة العميل الكويتي بدايةً، لتوسّع تواجدها نحو دبي وتصل بأفكارها إلى أهم القطاعات الحيوية، وتشارك بعضاً من أعمالها عبر صفحتها على إنستغرام saharg@.

حدثينا قليلاً عن بداياتكِ في مجال التصميم المعماري وعن كيفية دخولكِ السوق الكويتي؟

بدأت عملي في مجال التصميم في بلدي لبنان، ولكن حين انتقلت إلى الكويت عام 2008 كان عليّ أن أتأقلم مع التغيّر الكبير في التفضيلات والأذواق، حيث الثقافة السائدة هي كويتية مئة في المئة، فتعرّفت على الديوانية والبيوت الكبيرة جداً، واكتشفت مدى المعرفة التي يملكها هذا الشعب، فهم يسافرون كثيراً ومنفتحون على الكثير من الحضارات، وهذا الأمر دفعني إلى السعي المستمر نحو تطوير نفسي ومتابعة أجدد المعارض والفعاليات المتعلقة بالهندسة الداخلية والتصميم. كان انتقالي بمثابة التحدي المفيد والمثري، فأنا لا أحب المراوحة وأسعى دائماً نحو التجديد والعثور على أفكار جديدة. وبعد أن بنيت اسماً ثابتاً في الكويت، انتقلت قبل نحو عامين إلى دبي، واليوم أضع لنفسي أساساً قوياً في هذه الإمارة التي تجمع مواهب من العالم أجمع.

ما هو الأسلوب الذي ميّزكِ واشتهرتِ به في التصميم الداخلي والمعماري؟

منذ بداياتي، اعتدت العمل على كل مشروع بشكل مكثّف بحيث أتأكد بأنّه لا يشبه أياً من مشاريعي السابقة. أجلس مع الزبون لأفهمه جيداً وأتعرّف على نمط حياته وتفكيره، لأحرص على تقديم ما يلزمه وعلى تمييز منزله عن غيره، فالكويت، حيث غالبية المشاريع التي نفّذتها وأنفذها، صغيرة وفيها معظم الناس يعرفون بعضهم، وبالتالي حين يقصدني أحدهم، يعرف جيداً أنّه سيحصل على تصميم فريد، يستغرق إنهائه من سنتين إلى أربع سنوات، فأنا أوفي المشروع حقه وأعمل بنفسي على التصميم والتنفيذ واختيار الأثاث، وأترك لفرقي في لبنان وإيطاليا وأوكرانيا، تنفيذ الخرائط والعمل على الأرض. عملي يبدأ حتى قبل الحفر والبناء، ويستمر ليصل إلى اختيار أنواع الرخام والمواد الأولية، وأتابع أصغر التفاصيل وأدقها، كنظام المطبخ والإضاءة وغيرها، لكي يشعر الزبون الذي اختارني أنّ رؤيته لمنزله أو لأي مشروع سلّمني إياه قد تحققت كما يرغب فيها. وبشكل عام، أفضّل المشاريع السكنية لأنني أرغب في أن آخذ الوقت اللازم للعمل، فلا أحب مثلاً أن يأتي إليّ صاحب مطعم ليضع لي حيزاً زمنياً للانتهاء خلال فترة ثلاث شهور، فأنا أركّز كثيراً على عامل الوقت، لأنني أحتاج إليه لكي يكون عملي متقناً، وقد ساعدني أنّ الفريق العامل معي يشبهني بسعيي نحو الكمال والإتقان، ولهذا برأيي نحقق النجاح.

هل يساعدكِ أن يقدّم العميل رأيه ويكون حاضراً في كل مراحل العمل أم تجدينه أمراً معيقاً لرؤيتكِ الإبداعية؟

في معظم الأحيان يكون تدخّل العميل معيقاً، فتأتي إليّ امرأة مثلاً وقد أعجبها لوبي في فندق، وتريد تنفيذه في منزلها، وهذا أمر شبه مستحيل! صحيح أن الانفتاح مفيد والتعرف على أفكار ديكورات جديدة - وهو ما بات متاحاً اليوم بسبب الانترنت ووسائل التواصل وبينترست- هو شيء مثري لشخصية الإنسان بشكل عام، ولكن لا يمكن تنفيذ كل ما نراه، فأنتِ حين تثقين بي، سأصمم لكِ بالاستناد على ما تفضلينه، وبالتالي عليكِ أن تتركي لي الحرية لكي أنفّذ القواعد التي درست وعملت لسنوات كي أكتسبها، حتى يكون مشروعكِ مثالياً ومناسباً لتصميم بيتكِ. لذا حين يصرّ عميل ما على فكرته، أنفّذها كما يرغب فيها، ليُفاجئ بعد التنفيذ أنّ النتيجة لم تكن كما تخيّلها، فنعيد العمل بالطريقة التي أراها الأنسب.

ما هي تفضيلات العملاء في يومنا هذا في ما يخص تصميم البيوت وديكوراتها؟

العملاء اليوم مثقفون وواعون لرغباتهم، يفضلون الترف الهادئ والمريح، حيث يختارون العلامات التجارية الكبيرة ليس لمجرد التباهي بأسمائها، بل لملاءمتها لنمط البيت الذي يحلمون به، وأنا أركّز كثيراً على ناحية فهم العميل، فأزوره في منزله، أراقب كيف يتحدث مع أهله، هل لديه حس مرح، كيف يتعامل مع زوجته أو أولاده. هكذا، حين أبدأ بالعمل، أتخيل كل شخص يجلس في بقعته المفضّلة ويمارس ما يحب القيام به، وبهذه الطريقة أصمم، ولهذا السبب بالتحديد أحتاج إلى الكثير من الوقت لكل مشروع.

كيف تحافظين على هذا الشغف والاندفاع لإيجاد وتقديم الأفكار الجديدة؟

نحن بشر وبالتأكيد نمر بفترات إحباط أو تعب، فمنذ شهر تقريباً كنت غير قادرة على رؤية أي تصميم، أما اليوم عاد إليّ الشغف حيث أعمل على مدار الـ24 ساعة. أنا أشبه الممثل إلى حدٍ ما، فحين يجد عملاً يتحداه، يتقمص الدور ويعيشه، وأنا مثله تماماً: تتملكني الفكرة الجديدة، وأسعى بكل طاقتي لتنفيذها. أحب هذا المجال، فحين أسافر أبحث عن المتاجر الصغيرة التي تبيع الزجاج الملون، أو الحرفيين الذين يبتكرون تحفاً يدوية الصنع، فأشتري أعمالهم وأتخيل أين ستليق في المشروع الذي أنفّذه... بهذه الطريقة أستمر بأفكار جديدة ولا تشبه غيرها.

هل ترين أن الاتجاه اليوم يذهب نحو التصميم البسيط والمريح أم المترف وذي الجمالية والحس الفني العالي؟

الموضوع يعتمد على عوامل كثيرة، ويمكن القيام بالأمرين معاً في حال سمحت المساحات بذلك. وأنا بالمجمل أعمل على قصور وفيلات، وبالتالي يكون هناك حوالى 3 أو 4 غرف جلوس، وهكذا يمكن العمل على صالون مترف وذات جمالية عالية وقطع استثنائية، ونرى اليوم أنّ معظم علامات الأثاث الشهيرة تقدّم قطعاً فنية وأخرى عملية ومريحة وللاستخدامات المتكررة. اليوم، المريح لم يعد قبيحاً أو عادياً، بل هو مطلوب وبات مميزاً ويحمل الجمالية.

هل ترين ازدياد الوعي بأهمية الاستدامة في مجال الديكور والتصميم؟

يختلف هذا الأمر باختلاف البلاد، ففي الكويت لا يسود هذا الاتجاه كثيراً، لذا أحاول مع الزبائن أن يعتمدوا الطاقة الشمسية وأوضّح لهم أهميتها، وأسعى قدر الإمكان لشرح بعض مفاهيم الاستدامة، كما أفضّل استخدام الطلاء من دون رصاص، والأقمشة الطبيعية كالكتّان والقطن عالي الجودة، وأسعى لإدخال بقع طبيعية من خلال الحدائق، وأستخدم خشب طبيعي، مع تفادي الأغراض والمواد الأولية الصناعية والمضرة. أمّا في دبي، فسوق المواد المستدامة أوسع وأكبر ونعمل عليها بشكل كبير.

ما هي أجدد اتّجاهات الديكور والتصميم؟

مجال الديكور لا يشبه الموضة، فلا يوجد صيحات موسمية، إذ لا يمكن تبديل الأثاث في كل موسم، بل يمكن تغيير الإكسسوارات، ولكن نجد أنّ الاتجاه في السنوات القليلة الفائتة تتجه نحو الألوان الهادئة كالبيج والأبيض والنيوترال والبني الفاتح وستستمر برأيي لسنوات مقبلة. الزبون اليوم يبحث عن منزل يعيش فيه بأكمله، لا يريد غرفاً مترفة وكأنّها في متحف عريق، ولا يمكن دخولها لكي لا يخرب أثاثها، بل يحتاج مساحة مريحة يبني فيها أجمل ذكرياته مع عائلته.

ما هي مشاريعكِ الجديدة لهذا العام؟

أنا مستمرة في الأعمال العقارية، ولديّ مشاريع في الكويت والإمارات والسعودية، وأنوي التوسع أيضاً حتى تصل أفكاري إلى قاعدة جماهيرية أوسع.

اقرئي المزيد: أشهر قليلة تفصلنا عن أسبوع دبي للتصميم لعام 2024

 

 
شارك