إيلاف صبّاغ: يمثّل البقاء على حقيقتي طريقتي للتعبير في مجال الطهي
من أنتِ؟ ما هي حقيقتكِ؟ كيف تعبّرين عنها من خلال اختياراتكِ الشخصية والمهنية؟ اخترنا في هذا العدد 5 شابات عربيات ناجحات كل واحدة في مجالها، لتخبرنا قصة نجاحها وكيف تتمكن من أن تكون حقيقية في عصرنا الحالي، حيث الكثير من القيم والصور وحتى النجاحات المزيفة.
لدى الشيف السعودية الشابة إيلاف صبّاغ القدرة على تحويل مكوّنات بسيطة إلى قطعة فنية جميلة ترضي جميع الحواس وليس فقط حاسة التذوّق، فمن هواية أحبتها حين كانت صغيرة، اختارت إيلاف أن تعمّق هذا الشغف بالدراسة، فقصدت معهد لو كوردون بلو ودرست عالم المخبوزات والحلويات، وأبدعت وصفات رائعة ميّزتها عن غيرها في هذا المجال، فكيف تتحدث عن رحلتها ولماذا قررت البقاء على طبيعتها في عالم وسائل التواصل الذي يقدّم مغريات كثيرة لإظهار الموهبة والنجاح بشكل أسرع؟ في هذا الحديث معها ستتعرفين أكثر على شخصيتها وتغوصين في عالمها الجميل.
روائح شهية وصور وذكريات ربما كانت السبب في حبكِ لفن الطهي والمخبوزات، حدثينا عن الأسباب التي دفعتكِ نحو هذا المجال؟
لقد بدأ شغفي بفن الطهي والمخبوزات منذ الصغر وسبب ذلك كان حبي للاستطلاع وعمل التجارب المختلفة في المطبخ. رأيت في تلك اللحظات التي قضيتها في المطبخ خلال طفولتي فرصة لتوظيف الإبداع الذي بداخلي والتعبير عن الفن من خلال الطهي. الروائح الشهية والحماس الذي ينتابني عندما أرى ردة فعل الأشخاص بعد تذوق حلوياتي دائماً يجعلني أشعر بالسعادة والارتياح والحماس لتقديم المزيد.
متى عرفتِ أنّ هذا المجال هو شغفكِ الحقيقي وأنّكِ ترغبين بالتعمق في دراسته واكتشاف أصوله وأساليبه المختلفة؟
في خلال سنوات دراستي الجامعية كنت أساعد والدتي في بيع المنتجات الغذائية من المنزل، وشعرت بحاجتي لفهم المطبخ بشكل أعمق. كانت هذه الرغبة هي نقطة التحوّل في حياتي والدافع للتسجيل في معهد لو كوردون بلو في باريس، حيث استفدت من تعلم أصول وتقنيات الحلويات.
حدّثينا عن تجربتكِ في معهد لو كوردون بلو المعروف في تعليم فنون الطهي. كيف صقلتِ معلوماتكِ وغيرتِ نظرتكِ لعالم الحلويات والمخبوزات؟
التعلم في معهد لو كوردون بلو كان تجربة فريدة ومحورية في مسيرتي، حيث امتزج تعلمي للتقاليد الفرنسية مع اكتساب مهارات عالمية، وكانت باريس بمثابة بوابة للتعرّف على ثقافات من مختلف أنحاء العالم. فقد كانت هذه الرحلة فرصة لتعلم أسرار هذا الفن الرفيع والتأثير الكبير على إعداد أطباق متقدمة ومبتكرة.
هناك معتقد أنّ كل من يتمكّن من طهي بضعة أطباق شهية يكون شيف. هل أنتِ مع هذا الاتجاه أو ترين أنّه يجب التخصص وتعزيز الموهبة بالدراسة للنجاح في هذا المجال؟
الطهي هو فن وعلم، وبالتأكيد يمكن للجميع أن يكونوا طهاة ماهرين بتطوير المهارات. ومع ذلك، فإنّ التخصص والدراسة يمكن أن يوجدا أفقاً جديداً للإبداع والابتكار في عالم الطهي. الطهي ليس مجرد إعداد لبضعة أطباق، بل هو مسار طويل فيه الكثير من الجهد والتعلم ومعرفة مختلف الأساليب للاستمرار والتطور.
حولتِ الطهي إلى فن وهذا ما نراه واضحاً من خلال الوصفات التي تشاركينها على صفحتكِ عبر إنستغرام e_sabbagh@، فكيف تبتكرين الوصفات وتختارين لها طريقة تقديم معينة؟ أو فلنقل كيف تصلين بخيالكِ إلى الصورة النهائية للطبق؟
أحب ابتكار وصفات جديدة وتقديمها بشكل إبداعي لا يشبه ما تمّ قديمه سابقاً. الإلهام يأتي من كل ما أراه حولي، سواء من الطبيعة أو الثقافات المختلفة. أقوم بتجميع العناصر بطريقة فنية لإنشاء تجارب طهي فريدة. بالنسبة لي، الإبداع يأتي من خلال تحدي النماذج التقليدية والتفكير خارج الصندوق.
ما هو الشعور الذي ينتابكِ أثناء تحضير وصفة جديدة، وهل تأخذين آراء من حولكِ بما تحضّرينه؟
أشعر بحماس كبير وتحدي عند تجربة وصفة جديدة. غالباً ما أستشير عائلتي والأصدقاء من حولي وأعتبر آرائهم مهمة لأنني أسعى دائماً نحو تحسين وصفاتي. التفاعل مع الآخرين يساعدني في تطوير الأفكار والوصول إلى أفضل نسخة عنها.
تحافظين على مظهر طبيعي يعكس حقيقة الشابة بعيداً عن التجميل والفلاتر والمبالغة. لماذا اخترتِ أن تظلي على حقيقتكِ مع وجود مغريات كثيرة من هذا النوع حولكِ؟
أؤمن بالجمال الطبيعي والصادق وأنّ كل فتاة تتميز بشيء ما يميزها عن غيرها. يمثّل البقاء على حقيقتي طريقتي في التعبير عن شخصيتي الخاصة وما لديها من إبداع وابتكار للوصول بهذه المقومات إلى الآخر. الجمال يأتي من الداخل في الغالب، وينبع بالدرجة الأولى من تميّزي في موهبتي والتزامي بقيمي وبأهدافي.
كيف تشجّعين الشابات على البقاء حقيقيات في ظل كل ما نشهده من توحيد لمعايير الشكل والجمال؟
أحاول دائماً تشجيع الشابات على قبول أنفسهنّ والابتعاد عن معايير الجمال الموحّدة. الجمال يأتي بأشكال مختلفة، والتميّز يعتمد على الشخصية والموهبة، فبهذه الطريقة ستكونين جذابة وذات قبول عالي في مجتمعك. يجب على الشابات أن يؤمنّ بأهمية الكمال الداخلي وتعزيز الصفات الحسنة لديهنّ، وأن يملكن الثقة في النفس، فمستقبلاً هذا ما سيبقى مهكِ أكثر من الكمال الخارجي.
تستفيد الكثير من الشابات في وقتنا الحالي من وسائل التواصل أو حتى التلفزيون ولا سيما في حال امتلكن الجمال والكاريزما لإيصال موهبتهنّ أو أفكارهنّ في مجال الطهي. ألا تفكرين بالتوسع نحو تقديم برنامج حول الحلويات والمخبوزات ربما؟
في المرحلة المقبلة، أفكّر في توسيع نطاق تقديم المحتوى بشكل تعليمي عبر الإنترنت، فقد تكون هذه فرصة لنقل المعرفة والخبرة بشكل أوسع للراغبين بذلك. إنّ هذا المجال واسع جداً ومتشعب، ولا يقتصر على الطهي اليومي الذي تقوم به الأمهات وربات المنزل، وأطمح أن تزيد المعرفة في عالمنا العربي حوله وحول تقنياته وأن يكون لي دور في حصول هذا التحوّل، والنظر إلى الطهي بكونه فن وعلم له مقوّماته.
ما هي نصيحتكِ لكل شابة راغبة بالتوجّه نحو مجال الطهي ولكنها لا تلقى الدعم اللازم، أو لا تعتقد بوجود مستقبل واعد للشابات في هذا المجال؟
نصيحتي هي أن تتبع شغفها وتلغي من داخلها أي إحساس بالخوف، كما أقول لها إنّه عليها التعلّم، فالتطور بأي مجال أساسه التعلّم. الطهي فن وكل الفنون يتم صقلها عن طريق التعلم المستمر والممارسة الدائمة. أيضاً، عليها البحث عن مجتمع لتكون جزء منه واكتساب المهارات من الآخرين وتبادل المعرفة والتقنيات معهم. الدعم الذي قد لا تجدينه في البداية يمكن أن يأتي بمرور الوقت، فابقي مصممة وضعي هدفكِ نصب عينيكِ وستصلين مهما طال الطريق.
ما هي مشاريعكِ للتطور على الصعيد الشخصي والمهني في العام الجديد؟
في العام الحالي، أنوي التركيز على هدفي الأساسي وهو نقل المعرفة في مجال الحلويات والمخبوزات بشكل أكبر إلى الجمهور الواسع، وذلك عن طريق نشر المحتوى التعليمي والتثقيفي. أرغب بذلك إلى تحفيز أو فلنقل تحريك الشغف لدى الأشخاص الذين يحبون الطهي ومشاركة المهارات والتقنيات معهم علّهم يتشجعون في دخول هذا المجال والتعمق فيه.
اقرئي المزيد: هيلينا حجازي: الحرية تعني قدرة اتخاذ خيارات شخصية في مجال اللياقة إذ تختلف التوقعات بين الرجال والنساء