حلم التمثيل يراود الملايين، إلاّ أنّ هذه الرغبة لن تتحقّق إن لم تكن مبنيّة على الموهبة. يقال إنّ الممثّل الجيّد هو الذي يمتلك قوّة التأثير في الآخرين. أمّا هي فخطفت قلوبهم حين شاركت في فيلم “فتاة المصنع” لتفوز عنه بجائزة أفضل ممثّلة. هي الممثّلة المصريّة ياسمين رئيس، التي لم تقف يوماً عند حدود موهبتها، بل كانت ولا تزال تسعى إلى تطويرها، وهي تشارك حاليّاً في عمل جديد بعنوان “هيبتا … المحاضرة الأخيرة”.
حياتك الخاصّة بعيدة كليّاً عن الإعلام، وإن حاولنا أن نبحث عن هذه الخبايا على مواقع التواصل الاجتماعي، لا نجدها. لماذا تتّبعين هذه الاستراتيجيّة؟
(ضاحكة) أعشق الخصوصيّة، لكنّ حياتي الخاصّة ليست لغزاً، إنّما أفضّل أن أتكلّم عن أعمالي، إذ أعتقد أنّ المعجبين يفضّلون متابعة أعمالي، على أن أشاركهم أخباري الخاصة.
إنّما قلّما نقرأ شائعات تتمحور حولك أو مقالات تتناول حياتك الخاصّة أو دخولك مثلاً في مشاكل مع نجمات أخريات …
ثمّة مواضيع أخرى قد تشغل بال الصحافة العربيّة … فلربّما تتطرّق إلى الكتابة عن أسلوبي، أو عن إطلالتي مثلاً …
إنّما يبدو أنّ أحداً لم ينتقد يوماً ما مواهبك التمثيليّة…
(ضاحكة) أشعر بأنّني محظوظة.
هل هناك صحافة نقديّة قادرة على مواكبة عملك باحترافية؟
للأسف لا … النقّاد الحقيقيّون لا يتعدّى عددهم أصابع اليد الواحدة، وأنا أثق باثنين أو ثلاثة منهم فقط، وقد التقيت بهم حين شاركت في مهرجان دبي السينمائي.
النقّاد الحقيقيّون يوجّهون الفنّان أو الممثّل إلى الدرب الصحيحة. ما رأيك في ذلك؟
لا أريد أن أنتقد أحداً، إنّما بعضهم لا يتقن خصائص الكتابة النقديّة الفنيّة، أو ربّما فهم الخصائص بطريقة خاطئة، فتجدهم لا ينتقدون عملك أو ما تقدّمه، بل يلجأون إلى التدخّل في حياتك الخاصّة، وهذا خطأ فادح. كما أنّ بعض الصحافيين، لا يقدّم شيئاً جديداً حين يحاورك، الأسئلة نفسها، المقدّمة ذاتها و…
أنت صاحبة شخصيّة قويّة. كيف تتقبّلين النقد؟
أتقبّله حين يكون صحيحاً ودقيقاً ومرفقاً بأدلّة. لا أحبّ أن أُنتقد لأسباب غير دقيقة رسمها هذا النّاقد أو ذاك في ذهنه، نتيجة الخلفيّة التي تأسّس عليها هؤلاء النقّاد. أحترم كثيراً النقد الموضوعي.
أنت مقلّة في أدوارك التمثيليّة، قد تشاركين في عمل واحد كلّ عامين. هل هذا بسبب سعيك إلى اختيار أعمال قد تكون عناصرها شبه مكتملة؟
أبحث عن العمل الذي يحتوي على كلّ العناصر الجيّدة، أو بمعنى آخر، أبحث عن المثاليّة في كلّ أمر أقوم به، قد يتعبني هذا الأمر كثيراً، إنّما هذا طبعي. قد أقسو على نفسي كثيراً وأنتقد ذاتي أو قد أشكّك بقدراتي، لأجد أن ما قدّمته أو ما قمت به لا يحتاج إلى هذه القسوة لأنّه جيّد جدّاً.
هل العمل معك مضن؟
نوعا ماً … أعترف بأنّني قد أُرهِق من أعمل معه. كنت جالسة ذات مّرة مع أحد المخرجين نتكلّم عن عملنا الجديد في أحد المقاهي، وإذ نلتقي بمخرج آخر سبق أن تعاونت معه، فما كان من المخرج الذي كنت جالسة معه، إلا أن سأل زميله عمّا إذا كنت من النوع المُتعِب، فجاء جوابه إيجابيّاً، إلاّ أنّه قال له، “ومع ذلك، سوف تفرح بالتعاون معها”.
هل تعيشين النجوميّة حين تدخلين إلى الاستوديو لتصوير عمل ما؟
لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، ربّما يجب أن تطرحه على الأشخاص الذين أعمل معهم، إنّما أحبّ الاحترام أينما تواجدت.
كيف تحضّرين لدورك؟
لن تصدّقني إذا قلت لك كيف. يجب أن أشعر بالدور الذي أقرأه، أي لا بدّ أن أضع نفسي في قالب الشخصيّة، قد أبحث عنها من خلال الأشخاص الذين أعرفهم أو من خلال تواجدي في بعض الأماكن. دائماً ما أحضّر دوري في غرفتي، من دون أن يزعجني أحد، قد أستمع إلى بعض من المقطوعات الموسيقيّة وأطلق العنان لخيالي.
هل دخل ابنك يوماً ما إلى غرفــــــتك وأنت تحضّــرين لدورك؟ أي بمعــــنى آخر هل شاهدك مثلاً وأنت تبكين من أجل دور معيّن؟
لا يزال صغيراً، فهو يبلغ عامين فقط. حين يراني على الشاشة، تراه يصرخ باسمي قائلاً، “هذه ياسمين”. أمّا في المنزل، فأنا أبقى والدته وهو يناديني بـ”مامي”.
ما الــــــذي دفعــــــك لكـــــــي تدخـــــلي مجــــــال التمثيل؟
كنت أهوى الكتابة وأنا في سنّ صغيرة، ولطالما لجأت إليها للتعبير عمّا يختلج في أعماقي، وما كنت أكتبه كان أشبه بسيناريو فيلم. ومع الوقت، بدأت أهوى الأفلام كثيراً، وأتعمّق بالرسائل التي يحملها البعض، لا سيّما أنّ كل فيلم شاهدته في تلك الفترة، ترك أثراً في حياتي، وشكّل جزءاً من شخصيّتي. لا أعلم جيّداً السبب، سألت نفسي ذات مرّة عمّا دفعني إلى أن أكون ممثّلة، وكانت الإجابات كثيرة. ربّما قرّرت أن أكون ممثّلة، لكي أشجّع الناس على التعبير عن أنفسهم على نحو أفضل، أو ربّما يعود السبب إلى كونها وسيلة أجسّد من خلالها شخصيّات مختلفة … إنّما من المؤكّد أنّني لم أصبح ممثّلة بحثاً عن الشهرة أو النجوميّة.
أنت نجمة في عالم التمثيل، فكيف تقبّلت النجوميّة؟
توتّرت في بادئ الأمر … كان من الصعب أن أتقبّل نظرة الناس إليّ في أيّ مكان أتواجد فيه، كان أمراً جديداً عليّ، علماً أنّ الجمهور أراد حينها أن يتعرّف إليّ عن كثب… لم أكن معتادة على هذا الأمر، وكنت أتناسى نفسي أحياناً وأتصرّف على سجيّتي، لأكتشف لاحقاً أنّه كان من الأفضل أن أحتفظ ببعض الأمور لنفسي.
هل تخشين الحسد؟
أخشى الطاقات السلبيّة التي يحاول البعض أن يزرعها في شخصيّتي.
هل شعرت بالحسد من قبل بعض الزميلات حين دخلت مجال التمثيل؟
من الصعب أن نكتشف ما في نفوس الآخرين، إنّما كل المقرّبين منّي كانوا سعداء بتجربتي كممثّلة وأثنوا على موهبتي، علماً أنّني لا أشكّل خطراً على أحد، ذلك لأنّني أهتمّ بشؤوني الخاصّة فقط.
ماذا يعني لك الحصول على جائزة أفضل ممثّلة في مهرجان دبــي السينـــــــمائي العـــــــالمي؟
هذه الجائزة كانت تأكيداً على أنّني أسير على الطريق الصحيح، كما أثبتت بأنّني ممثّلة، بكلّ ما للكلمة من معنى وأنّ هذا قدري.
ما الفيلم الذي أبدعت فيه؟
لا شكّ أنّه “فتاة المصنع”، لا سيّما أنّ المخرج محمد خان، تركني أتصرف على سجيّتي، إذ وثق تماماً بقدراتي الفنيّة، وقد شعرت بإحساس عميق وأنا أشارك في هذا العمل. إذ كنت على علم مسبق بأنّ هذه الخطوة هي من أهمّ الخطوات التي قد أشارك فيها في حياتي المهنيّة.
هل لنا أن نتعرّف أكثر على مشاركتك في فيلم “هيبتا… المحاضرة الأخيرة” من إخراج زوجك هادي باجوري، والذي يعرض حاليّاً في الصالات العربيّة؟
أعجبت كثيراً بالرواية حين قرأتها في العام 2014. وحين عرضت عليّ المشاركة في فيلم مقتبس من تلك الرواية، تحمّست كثيراً. إذ كنت أتمنّى أن أشارك في عمل من هذا النوع، خصوصاً أنّه يدور حول الحبّ في زمن يفتقر إليه كثيرون، أو ربّما تناسوا معانيه الحقيقيّة. كنت سعيدة جدّاً بهذه التجربة.
هل هي بطولة مطلقة أم جماعية؟
هي بطولة جماعيّة، لأنّ الرواية تدور حول أكثر من ثنائي.
هل تخشـــــــين البطــــــولة الجماعيّة؟ بما أنّه يتعـــــيّن علــــــيك حينـــــها بذل مجهود إضافي؟
بتاتاً، فكلّ ممثّل يؤدّي الدور المطلوب منه بطريقة احترافيّة، وذلك خدمة له وللعمل ككل.
من هنّ صديقاتك من الممثّلات؟ أي مع من تتواصلين عادة؟
دينا الشربيني، كندة علوش، مايا دياب، يسرا، غادة عادل، هند صبري…
حوار: نيكولا عازار، تصوير: توفيق عرمان، مديرة فنيّة: فرح كريدية، تنسيق: Aneta Castan، مساعدة منسقة: تمينة النرش، ماكياج وتصفيف شعر: Annesofie Begtrup من TheAgenC، وشكر خاص لشركة الإسماعيليّة- القاهرة