عذاري السركال: عام 2022 سأكون صوت البيئة الصامتة لنشر الوعي حول أهمّيّة الحفاظ عليها
تعتبر الشابّة الإماراتيّة عذاري السركال أنّ الحفاظ على ثروات الأرض التي تحملنا ونعيش عليها هو واجب على كلّ شخص واعٍ ومسؤول. وتحاول من خلال تواجدها عبر مختلف وسائل التواصل أن تنشر الوعي حول ضرورة ترشيد استخدام الطاقة وأهمّيّة الحفاظ على البيئة واعتماد الاستدامة كأسلوب حياة. هي الحاصلة على ماجستير في الإدارة الهندسيّة بتقدير ممتاز من جامعة أبوظبي، وبكالوريوس الهندسة الإلكترونيّة من كلّيّات التقنيّة العليا، اختيرت في برنامج "شموخ للقيادات الشابّة" التابع لكلّيّات التقنيّة العليا، الذي يسعى لبناء الصفات القياديّة في المرأة وتزويدها بكلّ أسس النجاح.
أنت امرأة ناجحة فهل تعتبرين أنّ مسيرتك المهنيّة أتت نتيجة تخطيط مسبق أم لعبت الظروف دوراً في توجّهاتك المختلفة؟
لم أعتمد يوماً على الحظ فكلّ خطوة خطوتها كانت مدروسة بحذافيرها، منذ دخولي معترك الحياة العمليّة حتّى اليوم. فشغفي في مجال الطاقة والكهرباء بدأ منذ طفولتي، وكنت أتساءل كيف تعمل الآلات في المنزل من حولي. وهذا ما دفعني نحو تخصّص الهندسة الإلكترونيّة وبعدها بدأتُ بممارسة العمل على أرض الواقع وتعرّفتُ على الوجه الآخر لهذا العالم وهو الاستدامة.
حدّثينا عن اختيارك قبل سنوات ضمن برنامج شموخ القيادات الشابّة وما الذي استفدت منه في تطوير أدواتك القياديّة؟
قبل سنوات، اكتشف الطاقم التدريسيّ في الجامعة وجود أساسيّات القائدة القويّة لديّ. كما أنّ معدّلي التراكميّ أهّلني لأن أكون في البرنامج الذي يُعتبر الأوّل من نوعه في إعداد قادة في مختلف المجالات ومنها الهندسة الإلكترونيّة. واكتسبت الكثير من المعارف من خلال تواجدي ضمن البرنامج ما سمح لي بدراسة خطواتي المستقبليّة بشكل أفضل فامتلكت القدرة على الحكم بطريقة أعمق على الأمور من حولي.
المرأة القائدة تعبير جديد في عالمنا العربيّ، فهل تغيّرت العقليّة العربيّة وبات المجتمع متقبّلاً لوجود القياديّات الشابّات؟ ما الذي يميّزها عن الرجل في هذا المجال؟
أقولها بكلّ ثقة إنّ المجتمع الإماراتيّ بات منذ سنوات متقبّلاً لوجود قياديّات من النساء. فنحن لا نميّز بين الرجل والمرأة ومعيار الحكم على أيّ شخص ليس جندريّاً، بل المعيار هو الكفاءة التي تحدّد مركزه ومدى تطوّره في المجال الذي يبرع فيه. المرأة الإماراتيّة برأيي قادرة على التميّز في المجالات القياديّة ونحن نرى إنجازاتها الوطنيّة التي وصلت إلى العالميّة. وهذا يحصل بدعم من قياداتنا التي مهّدت لها الطريق نحو النجاح والبروز والتفوّق.
كيف بدأ لديك الشغف بمجال توفير الطاقة وما هي أهمّ إنجازاتك في هذا المجال؟
لطالما سعيت إلى التسجيل في برامج متخصّصة تؤهّلني لأن أكون مطّلعة على أجدد المستجدّات في هذا القطاع. وآخر برنامج انتسبت إليه وتخرّجت منه خلال العام الفائت 2020 هو برنامج "وايزر". والهدف منه هو تأهيل النساء وتثقيفهنّ حول موضوع البيئة والطاقة المتجدّدة والاستدامة. كما يسعى إلى تعزيز الحسّ القياديّ لديهنّ. واستفدت كثيراً لأنّني أعتقد أنّ أيّ برنامج أو ندوة للتعلّم واكتشاف أمور جديدة هو بمثابة الفرصة للتطوّر ومعرفة المزيد عن المجال الذي اخترته.
ما هي أهمّيّة توعية الجيل الجديد حول موضوع البيئة والاستدامة والحفاظ على الطاقة؟
أنا على إيمان أنّ الاستدامة يجب أن تصير أسلوب حياة. ويجب أن تستمرّ من خلال ترسيخ ممارسة عادات جديدة والحرص على تطبيقها ونقلها للجيل الجديد. ففي السنتين الماضيتين وبعد أن عاش الناس في البيوت لفترات طويلة وصار وجودهم أكبر على مختلف وسائل التواصل. قرّرت أن أزيد تركيزي عليها وأبدأ باستخدامها لتوعية الناس حول أهمّيّة الحفاظ على البيئة والمحافظة على الكهرباء والمياه، فنقلّل من استخدامها لنحافظ عليها للمستقبل. وعلينا أن نتشارك في النهوض بمسيرة الاستدامة والشعب هو جزء لا يتجزّأ من أيّ مشروع للحفاظ على ثروتنا الطبيعيّة. والتوعية واجبة لكلّ فئات المجتمع، لا سيّما الأم التي ستوعي طفلها. ومثال بسيط على ذلك، أدعو جميع النساء إلى حثّ الأطفال على إطفاء الضوء لدى الخروج من الغرفة مثلاً أو عدم المبالغة في استخدام المياه. وصحيح أنّها تفاصيل صغيرة وبسيطة لكنّها مؤثّرة على المدى البعيد. وأفتخر أن أكون أوّل صانعة محتوى في مجال التوعية بمجالي الطاقة والاستدامة، وسأستمرّ في أعمال قادمة من خلال الإعلام الرقميّ بتوعية الناس والمجتمع العريض حول هذه المواضيع.
إلى أيّ مدى يفيد التوجّه للجيل الجديد بأفكار توعويّة من خلال وسائل التواصل في الوصول إليهم ومحاورتهم بلغتهم؟
نحن نعيش في عالم باتت السوشيل ميديا جزءاً أساسيّاً فيه. وبالتالي يمكن الاستفادة منه في إيصال رسائل إيجابيّة وتوعويّة. وأنا لا أقلّل من أهمّيّة المواضيع المتعلّقة بالموضة والجمال والطبخ والغناء. لكن على كلّ امرأة أو رجل، تمكّنوا من الوصول لأعداد كبيرة من الناس، أن يقدّموا بالإضافة إلى الترفيه، مضموناً مفيداً وهادفاً ومتضمّناً لمعلومة مهمّة أو لخبرة اكتسبها هذا الشخص في حياته.
حدّثينا عن أعمالك التطوّعيّة لا سيّما تواجدك في الصفوف الأماميّة في وقت أزمة كورونا؟
بدأت عملي في المجال التطوّعي منذ العام 2008 خلال سنوات الجامعة. ومنذ ذلك الحين وأنا أمارس العمل الإنسانيّ وأسعى إلى تقديم المساعدة متى استطعت إليها سبيلاً. وفي ظلّ أزمة كورونا دخل العالم في حيرة كبيرة وهو يواجه وباءً خطيراً وغامضاً. وأذكر أنّ انتشار المرض في الإمارات بدأ في شهر 3 وأنا تطوّعت في شهر 4. ولم أفكّر مرّتين مع أنّني كنت أترك طفليّ وأمضي نحو المجهول. لكنّ حبّي لبلدي وإحساسي بالمسؤوليّة تجاهه وتجاه أبنائه ومن يعيش فيه، حثّني نحو العمل التطوّعي. وذهبت مع زوجي بعد أن تركت أولادي مع أمّي وقد كان الأمر صعباً لكنّني اخترت ما أملاه عليّ ضميري وعاطفتي. وأعتبر أنّ التجربة كانت الأفضل واستفدت منها كثيراً على مختلف المستويات. فقد غيّرتني وجعلتني أرى الحياة من منظار مختلف.
كيف تشجّعين الفتيات على العمل التطوّعيّ، وما هو الشعور الذي يولّده العطاء في القلوب والنفوس؟
للأمانة فإن العمل التطوّعيّ هو نشاط يثبت في النفس ولا يمكن نسيانه. فأنا أعتقد أنّ الشخص سينسى تفاصيل كثيرة عاشها في مهنته بعد التقاعد. لكنّ أيّ نشاط مهما كان بسيطاً قام به لخدمة الغير، سيظلّ عالقاً في ذاكرته وسيجعله يشعر بالراحة والطمأنينة مستقبلاً حين تختبره الحياة وتقسو عليه. وفي هذا السياق، لديّ رسالة لفئة الشباب، فأنا أحثّهم على القيام بأيّ نشاط تطوّعيّ كي يختبروا روعة الإحساس مع الآخر ويتخلّصوا قليلاً من ثقل المسؤوليّات الحياتيّة. وشخصيّاً فإنّ أجمل ذكرياتي هي عبارة عن الابتسامات والضحكات والمواقف المؤثّرة التي عشتها حين كنت أساعد المحتاجين. لذلك علينا زرع ثقافة التطوّع في النفوس الشابّة وفي الجيل الجديد.
ما هي أهمّ إنجازاتك في العام 2021 وما الذي تطمحين إليه في سنة 2022؟
علّمتني السنة الحاليّة الكثير من الدروس، أهمّها أنّه لدى كلّ شخص علم ومعرفة خاصّة يمكنه نشرها. فبالنسبة إليّ لم أكن أتوقّع أنّه وبسبب وباء خطير، سأزيد من تركيزي على وسائل التواصل لأستفيد منها في نشر معارفي ومشاركتها مع الجمهور العريض ليستفيد منها. بالتالي فإنّ كلّ أمر مهما بدا صعباً وقاسياً نمرّ به، يمكن استخلاص دروس مفيدة منه. وبالنسبة للعام الجديد، فأتمنّى أن تكون سنة سعيدة ومليئة بالتوفيق والخير، وسأسعى خلالها لزيادة التوعية حول أهمّيّة الاهتمام بالبيئة. فلنكن صوتاً للبيئة الصامتة، لنحافظ عليها وعلى الموارد غير المتجدّدة التي تحيط بنا.