زينة مكي: أستمدّ قوّتي من ضعفي وسعادتي من ذاتي
في النهاية يصبح كلّ شيء على ما يرام مهما بدا صعباً أو مستحيلاً! لذا كوني دائماً متفائلة بالبحث عن الجانب المضيء في كلّ المواقف الصعبة التي تعترض طريقك. أمّا هي فغالباً ما تذكّر نفسها بأنّ الأمور ستدور لخيرها في نهاية المطاف، علماً أنّ ما من شيء يقف أمام إرادتها الصلبة، لأنّها قد تفعل المستحيل لتحقيق هدفها. هي المخرجة والممثّلة اللبنانيّة زينة مكّي التي تدرك جيّداً أنّ الضوء في نهاية النفق لا محال، وهذا ما أوصلها إلى ما هي عليه اليوم. وتشارك حاليّاً في مسلسل "صالون زهرة" الذي يحقّق نجاحاً كبيراً منذ عرضه على الشاشة، بينما تؤدّي دورها البطولي الأوّل في مسيرتها المهنيّة منذ انطلاقتها في العام 2012، من خلال مسلسل يحمل عنوان "شتّي يا بيروت".
حوار: نيكولا عازار، تصوير: Tarek Moukaddem، تنسيق: Jony Matta، محررة الموضة: Sima Maalouf، مساعدة منسّقة: Mariam Sawan، مكياج: Colette Iskandar، شعر: Bob من صالون Assaad Hair Design
كلّ شيء سيكون على ما يرام في النهاية. وإن لم يكن كذلك، فهي ليست النهاية. كيف تنظرين إلى هذه المقولة؟
هذه المقولة هي شعاري في الحياة إلى جانب أقوال أخرى ألتزم بها. ولا أؤمن بنمط الثبات، فالحياة تتبدّل تلقائيّاً وبسرعة كبيرة. لا شيء يدوم إلى الأبد، وكلّ شيء قد يتغيّر مع مرور الوقت والظروف، لذا عيشي اللحظات السعيدة واصبري على تلك الحزينة. إنّني شخص ايجابي يعي جيّداً أنّ الضوء في نهاية النفق لا محال، فالشمس تشرق ثانية بعد كلّ عاصفة. قد أشعر بالضياع أو العجز أحياناً وكأنّ كلّ شيء انتهى إلى الأبد، إلّا إنّني أذكّر نفسي بأنّ الأمور ستدور لخيري في نهاية المطاف.
ثمّة قوّة في ضعف المرء، فأنت عشتِ تجربة مؤلمة مع المرض في طفولتك. هل توافقينني الرأي؟
طبعاً ثمّة قوّة في ضعف المرء، بغض النظر عمّا عشته في طفولتي أو في مواقف أخرى. أستمدّ قوّتي من ضعفي لأستمرّ بعزم وإصرار، لاسيّما أنّني عنيدة بطبعي وأحبّ التّحديات مهما كانت صعبة أو مستحيلة. ولا شكّ في أنّ مرضي شكّل شخصيّتي وجعلني ما أنا عليه اليوم، وكذلك فعلت كلّ المواقف الصعبة التي وجدت نفسي فيها.
ما هي نقاط القوّة والضعف لديك؟
تتمثّل نقاط قوّتي أوّلاً في التّحدي، وأعني هنا تحدّي الذات الذي يجعل الإنسان قادراً على تحمل المسؤوليّة، فما من شيء يقف أمام إرادتي وقد أفعل المستحيل لتحقيق هدفي. نقطة أخرى اعتزّ بها هي استقلاليّتي، فأنا امرأة سيّدة نفسي منذ العام 2008 حين تركت عائلتي في الكويت وقرّرت العودة إلى لبنان لاستكمال دراستي الجامعيّة. ومنذ تلك اللحظة، أفعل كلّ شيء بمفردي ممّا سلّحني بالقوّة. كذلك، أفرح مع ذاتي أي لا أمانع لديّ من السفر بمفردي أو القيام بأمور معيّنة بنفسي... فأحاول دائماً أن أكون مصدر سعادتي وأتأقلم مع كلّ المواقف، وربّما يعود ذلك إلى انفصالي عن عائلتي في عمر 18 عاماً. وأخيراً أنا متفائلة دوماً حتّى في أصعب لحظاتي، وأعتبر ذلك قوّة. وفي المقابل، أهلي نقطة ضعفي كما أنّني متسرّعة وغير صبورة.
ماذا فعلت في كلّ مرة ظننت أنّك لن تستطيعي الاستمرار؟ وكيف نجوت في كلّ مرة شعرت بالغرق؟
وكم من المرّات شعرت بذلك؟ تخيّل أنّني حفظت هذه المقولة على هاتفي منذ أيّام عدّة وهي تجيب على سؤالك وتقول: "ستعلم جيّداً أنّها ليست المرة الأولى لك في الحزن ولن تكون الأخيرة، ولكن في كلّ مرّة ظننت أنّك لن تستطيع الاستمرار، استمريت. وفي كلّ مرّة شعرت بالغرق، نجوت". لذلك أسمح لنفسي أن أحسّ بالمشاعر، فأتركها تحتويني حتّى أتخلّص منها بسرعة لاحقاً.
في بعض الأحيان لا تعطينا الحياة ما نريد! هل هذا هو الفشل؟
بتاتاً... ربّما هذه مشيئة ربّ العالمين، أيّ قضاء وقدر! لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ المرء يجب أن يسعى بعزم ليصل الى مبتغاه. وأؤمن أيضاً أنّ كل شيء يحدث لسبب ما وفي وقته المناسب تماماً ولا يسبق أوانه أبداً.
كي يكون المرء سعيداً، إنّه بحاجة إلى شيء واحد فقط. ما هو برأيك؟
القناعة أوّلاً، هي فعلاً كنز لا يفنى! والتصالح مع الذات يقرّبنا من السعادة التي تكمن في الأشياء والتفاصيل الصغيرة التي نعجز غالباً عن إدراكها. فليست وحدها الأشياء العظيمة والإنجازات الكبيرة التي تصنع الفرح في حياتنا.
ما هو سرّ النجاح؟
الإصرار وعدم مقارنة الذات مع الآخرين. كن أنت ولا تكن سواك! واسعَ الى بذل جهدٍ لتحسين ذاتك وتطوير قدراتك وإمكانيّاتك والتخلّص
من المواقف السلبيّة.
ما هو سرّ تميزك في الدراما؟
لا أدري فعلاً ما هو سرّ تميّزي. ربّما لأنّني درست الإخراج، أعي تماماً ما تريده عدسة الكاميرا من الممثّل. أو ربّما لأنّني أصدق الدور الذي أشارك فيه... لا شكّ في أنّني ممثّلة مجتهدة منذ مشاركتي الأولى في فيلم "حبّة لولو" في العام 2012، بحيث أصغيت جيّداً إلى التعليقات الإيجابيّة والسلبيّة التي تناولت صوتي وطريقة أدائي، على الرغم من أنّني كنت حينها في بداية المشوار. غير أنّ ذلك لم يحدّ من عزيمتي، كما أنّني أعتزّ بكلّ نقد بنّاء طوّر إمكانيّاتي. وبعد عرض أعمالي، أُجري مباشرةً عمليّة تقييم لذاتي وأدائي.
تشاركين في مسلسل "صالون زهرة" الذي يحقّق نجاحاً لافتاً. ما هي أبرز عناصر نجاحه؟
توافرت فيه كلّ عوامل النجاح، بدءاً من السيناريو المكتوب بطريقة جميلة وظريفة، مروراً بالإخراج حيث أبدع جو بو عيد بتقديم عمل مختلف بكلّ المقاييس، ووصولاً إلى الكيمياء التي جمعت فريق الممثّلين. فشعرت كلّ ممثّلة أنّها "زهرة" في المسلسل، لاسيّما أنّ لكلّ منّا صوتها ومشاكلها وقضيتها وأسلوبها في الحياة. كذلك أعجبت بطريقة تقديم المسلسل، فأحداثه سريعة الإيقاع وبعيدة عن التكرار والملل. إنّه فعلاً عمل متكامل وجاء في الوقت المناسب لزرع البهجة فيقلوب الناس.
قد تكونين الممثلة الوحيدة التي تدعمها النجمة نادين نسيب نجيم، إذ قلّما تنشر صوراً تدعم فيها ممثلة أخرى. بدأت علاقتكما قبل أربع سنوات مع مسلسل "طريق"، وهي مستمرّة حتّى اليوم. لمَ أنت دون سواك؟
عليك أن تطرح هذا السؤال على نادين (ضاحكة). لا شكّ في أنّ علاقتنا قويّة، إذ نشعر بطاقة بعضنا، وهي تعي جيّداً أنّني أحبّها كإنسانة أوّلاً، وقد تكوّنت هذه المشاعر منذ أن التقينا في مسلسل "طريق"، وأعتبرها مثل شقيقتي وهي تعاملني بالمثل. علاقتنا حقيقيّة وبعيدة عن المجاملات، وهي مؤمنة بقدراتي ويتجسّد ذلك في الكيمياء التي تجمعنا معاً أمام الشاشة، فكثيراً ما نرتجل بعض الكلمات لإضفاء نكهة خاصّة على المشهد.
أفرحك هذا الدور!؟ الى أيّ مدى يحتاج الممثّل إلى أدوار شبيهة للترفيه عن نفسه وليس فقط عن المشاهد؟
صحيح ما ذكرته، فالممثّل أيضاً بحاجة إلى الترفيه عن نفسه من خلال المشاركة في أدوار بعيدة كلّ البعد عن الدراما، لاسّيما أنّني شاركت في الآونة الأخيرة في دور مركّب وصعب. "صالون زهرة" جاء في الوقت المناسب لأختبر أيضاً من خلاله قدراتي الكوميديّة.
ما هو حلمك اليوم؟
حلمي أن ألتقي بوالديّ! سنة وتسعة أشهر وأنا بعيدة عنهما! اشتقت كثيراً إليهما! أمّا على الصعيد المهني، فأتمنّى أن أصل إلى مراكز متقدّمة وأحقّق نجاحاً تلو الآخر وأشارك في أعمال عالميّة. وأتمنّى أيضاً أن تزول كلّ الأزمات التي يمرّ بها لبنان، فبلدي وشعبي لا يستحقّان ما نعيشه في الآونة الأخيرة.
يناصر "صالون زهرة" النساء. كيف تنظرين الى واقع المرأة العربيّة؟
أصبحت المرأة العربيّة قويّة ومدركة لما يحدث من حولها وقادرة على المطالبة بحقوقها، لكنّها بحاجة أن تؤمن أكثر بذاتها وقدراتها.
مسلسل "شتّي يا بيروت"، من إنتاج شركة "صبّاح إخوان" وكتابة بلال شحادات وبطولة عابد فهد، خطوة كبيرة جدّاً ستحدّد موقعك المقبل في الدراما العربيّة بما أنّك تلعبين دور البطولة للمرّة الأولى على الإطلاق. هل تشعرين بألم في البطن مثلما تشعرين قبل تمثيل المَشاهد الثقيلة؟
طبعاً أشعر بذلك، لاسيّما أنّ الدور الذي أؤدّيه في العمل مركّب وثقيل. لكنّني مرّنت نفسي لأكون على أتمّ الاستعداد لمواجهة الشخصيّة التي أؤدّيها، واختبارها بكلّ مواقفها وبعفويّة مطلقة.
ماذا قلت لنفسك حين قرأت الدور؟
"أين كنت أيّها الدور؟ لماذا تأخرت؟ كنت بانتظارك!" فعُرض عليّ العمل وأنا في صدد التحضير لـ"صالون زهرة" وكنت خائفة من تصوير العملين في الوقت نفسه، وكنت على وشك رفضه لأنّني أفضّل عدم الغوص في تصوير عملين في آن. لكنّني شرعت في تصوير دوري في "شتّي يا بيروت" فور انتهائي من تصوير "صالون زهرة".
ما الدور الذي تؤدّينه في العمل؟
هو عمل اجتماعي درامي، ألعب فيه شخصيّة جديدة تُدعى "نور". لا أستطيع الإفضاح عن ملامحها حاليّاً، لكنّها تنتمي إلى طبقة اجتماعيّة تعاني الأمرّين وتواجه تحدّيات صعبة.
وجهك يعطي الدور حقّه. كيف تبرمجينه ليرضي الدور والمشاهد معاً؟
الممثّل من الناس وبالتالي يجب أن يشبههم. لا أزال أحافظ على هويّتي وعلى شكلي الخارجي، لكن كلّ ما في الأمر أنّني أترك مشاعر الشخصيّة تقودني. إنّما قد أسمح أحياناً لمشاعري بالتدخّل عندما أحسّ أنّني بحاجة إليها.
يشعر المتابع على صفحتك على "انستغرام" أنّك في مرحلة انتقاليّة في حياتك. ثمّة رسائل واضحة :Transition...Find me ... ماذا يحدث في حياتك؟
صحيح ما ذكرته! نعم أمرّ حاليّاً بمرحلة انتقاليّة في حياتي على كافّة الأصعدة، وهي مرحلة أغلق فيها باب الماضي وأستقبل معها الحاضر والمستقبل. تعلّمت أموراً كثيرة في الآونة الأخيرة وأشعر أنّني نضجت كثيراً، فتحوّلت من يرقة إلى فراشة!