رائدة الأعمال السعودية لجين أبو الفرج: هذه هي القيم التي ساهمت بتكوين هويتي الراسخة والقوية
في كلام لجين أبو الفرج هدوء وثقة وذكاء وتمكّن، هي صفات كل رائدة أعمال ناجحة، فهذه الشابة السعودية الموهوبة هي زوجة وأم وسيدة أعمال متمكّنة، هي شريك مؤسس لاستوديو "Twothirds Design" ومؤسّسة "أكوان". ولديها خبرة كبيرة في مجال الفن والتصميم، فماذا تقول عن اهتمامها بالأطفال وتنمية ذكاءهم وتعزيز معرفتهم باللغة العربية؟ حديث مميّز معها ينقلكِ إلى عالمها المليء بالإنجاز والإتقان والجمال، ويعرّفكِ على كيفية اتّباعها لشغفها لتكتشف هويتها الحقيقية وتبدع فيما تحب القيام به.
كيف بدأ حبّكِ للتصميم ولماذا اخترتِ أن يكون الطريق الذي تعبّرين فيه عن هويتك؟
أعتقد أنّ ميلي نحو الفنون والتصميم كان أمراً بديهياً وطبيعياً نظراً لأنني نشأت في بيت مليء بالفنانين، فوالدتي مصممة وجدتي ووالدتها أيضاً كانتا مصممتا ملابس، خالتي أيضاً فنانة والكثير من أقاربي مهندسين، وبالتالي هذا المجال يجري في دمنا، وكأنّه متوارث بين أجيال عائلتي. لم أختر التصميم بل هو اختارني، كنت في أوقات فراغي أتصفّح مجلّات التصميم وأخترع أفكاراً جديدة، كما كنت أرسم أيضاً كل ما أراه، ولليوم أحب الفن بالطريقة الطفولية، وأسعى لتحويل الأفكار النابعة من الفتاة الصغيرة التي كنت عليها إلى حقيقة، فلا شيء يضاهي براءة وجمال وخصوصية الأطفال.
ما هي الصور والذكريات التي لا زلتِ تذكرينها عن طفولتكِ والتي ساهمت بتكوين هوية الشابة الناجحة التي أنتِ عليها اليوم؟
تتمحور ذكرياتي حول والدتي والتنسيقات الجميلة التي كانت تبتكرها، فهي بالإضافة إلى كونها فنانة ومصممة ملابس، كانت تبدع في تصميم منزلنا فتستخدم ألواناً قوية ومفعمة بالحيوية كالزهري والأصفر بأسلوب تنسيقي رائع لتملأ محيطنا بالطاقة الجميلة. كما أنّها كانت تدرّب مجموعة أطفال على أسس تعليم منهج "مونتيسوري"، فكانت تقدّم لنا ألعاباً متنوعة ولا سيما تلك الخشبية وكانت تنظم لنا نشاطات مسلّية. هذه الذكريات رافقتني منذ طفولتي، فاعتدت التعلم من خلال اللعب، وحين دخلت إلى المدرسة العادية، وجدت صعوبة في التأقلم واستيعاب المواد التعليمية الصعبة، فكانت والدتي تساعدني من خلال الفن والرسم على فهم الدروس، فترسم لي رسوماً لتبسيط الجغرافيا والرياضيات، وكنت أستمتع وأنسجم مع شرحها لدرجة أنني صرت متفوقة في الدراسة. هنا أيقنت أنّ كل شيء مهما بدا صعباً ومعقدأً سيكون سهلاً وممتعاً وبسيطاً من خلال اللعب.
حدّثينا عن تأسيس مؤسّسة "أكوان" وأهدافها وعملكِ من خلالها على تسهيل اللّغة العربية أمام الجيل الجديد؟
قبل نحو 11 عاماً وحين صرت أماً بدأت بالبحث عن أفضل الطرق لتعليم أولادي وخلق بيئة صحية ومفيدة لهم، كنت أبحث عن ألعاب تحفيزية وكتب تعليمية للأطفال، ولم أكن أجد الكثير من الخيارات المتاحة ولا سيما حين يتعلق الأمر بالكتب باللغة العربية وتلك التي تعكس ثقافتنا ونمط حياتنا. وكان تعلّم اللغة العربية متعب وصعب بالنسبة لصغيري، وأيقنت أن المشكلة في طريقة التعليم وليس بالطفل، لذا ازداد بحثي عن طرق لتبسيطها له عن طريق اللعب والرسم وابتكار الشخصيات، وفتحت قنوات حوار مع أمّهات رفاق أولادي وأخريات من صديقاتي، ووجدت أنهنّ يواجهن نفس المشكلة، فقررت أخذ الموضوع بجدية، واكتشفت أنّ هذه المشكلة تفوق حدود وطننا ويواجهها العرب في الكثير من الدول، وحتى العرب الذين يعيشون في الدول الغربية، ومن هنا قررت أن أستفيد من دوري كمصممة وفنّانة لتبسيط اللغة العربية أمام صغارنا وبث حبها في قلوبهم. وهكذا جاءت فكرة "أكوان"، وهي شركة هادفة مهتمة بغرس حب اللغة العربية والثقافة التي تخصّنا لدى الأطفال عن طريق اللعب.
أين تجد لجين راحتها وملاذها بعيداً عن ضغوط الحياة؟
أحب الطبيعة كثيراً ولا سيما القرب من المياه والبحر، أحب الصحراء أيضاً وتمدّني بالسلام الداخلي، كما أستمتع باللعب مع أولادي وبالتواجد معهم، ففي هذا الأمر إلهام كبير لي. أهتم بتمضية وقت نوعي مع صغاري، حيث أجد في هذا القرب متنفس كبير يُنسيني الضغوطات، كما أنني مهتمة بالرياضة ولاسيما الجري والركض إذ أفرغ طاقتي، وأكثر ما يريحني هو الذكر والاستغفار وقراءة الآيات القرآنية، وبالنسبة لي هذا التصرف هو أجمل أنواع التأمل، كما لديّ موهبة أخرى وهي الكتابة، حيث أحمل الورقة وأبثها كل مشاعري وأفكاري، وبشكل عام الرسم أيضاً يريحني وهو وسيلتي في الاستمتاع بعيداً عن الضغوط.
ما هو أكبر إنجاز تفخرين به؟
أفتخر بأنّه تم اختياري ضمن أكثر 50 امرأة تأثيراً في السعودية من قبل مجلة "أرابيان بيزنس" قبل عامين، كما أفتخر أنه لديّ براءة اختراع باسمي، فمنذ كنت صغيرة كنت أحلم بأن أكون مبتكرة أو مخترعة في مجال التصميم الذي أعشقه، وكان في تحقيق هذا الحلم إرضاء للطفلة الصغيرة في داخلي. أذكر أيّام المدرسة عندما فزت في معرض علمي من خلال عمل جمع بين العلوم والتصميم، لذا أرى إنجازي الحالي امتداد لطموح وسعي لجين الصغيرة.
كيف تواجهين التحديات وتتخطين الأوقات الصعبة التي تبعدكِ عن جوهركِ وكينونتك الحقيقية؟
أعتقد أن الخطوة الأولى هي السماح للمشاعر السلبية بالظهور وإخراجها من خلال البكاء أو التحدّث والتنفيس عند شخص نثق به، كالزوج أو الأهل أو حتى مستشار نفسي، كما أنني أرتاح كثيراً حين أكتب ما يزعجني، ويمكن أيضاً أن أجري أو أمارس الرياضة، وأخيراً أتكلّم مع ربّي، فهذا الأمر علمتني إياه جدتي، وهو أهم من التحدث مع أي شخص حولي، فحينها أحصل دائماً على الإجابة التي أبحث عنها.
من هم الأشخاص الذين دعموكِ وساهموا بتشكيل شخصيتكِ بالشكل الحالي؟
والدي ووالدتي لهما الفضل الكبير في دعمي منذ طفولتي، فتواجدهما إلى جانبي وإيمانهما الكبير بي كان السبب الأول في نجاحي وزيادة ثقتي بنفسي وبقدراتي. كما أنّ زوجي من أكبر الداعمين لي، فهو يهب دائماً لمساعدتي حين يجدني أمرّ في أوقات صعبة، كما أنني محاطة بأصدقاء أوفياء أثق بهم وأستمد القوة منهم. أشكرهم جميعاً وأقول لهم إنّ كل ما حققته ما كان ليحصل لولا وجودهم.
ما هي القيم التي جعلتكِ تكونين الشابة الناجحة والواثقة التي أنتِ عليها والتي ساهمت ببلورة هويتكِ وشخصيتكِ الحالية؟
إنّها القيم التي أزرعها في أولادي، وهي نفسها تلك التي نقلها لي والدي، أوّلها الإحسان والعمل بحب وبشغف وبنيّة الإتقان وليس فقط التخلص من واجب ما، ثانيها الصدق والوضوح، وثالثها حب ما نقوم به والافتخار بالعائلة وبديننا وبهويتنا العربية والإسلامية، بعدها يأتي حب الناس والأهل والأصدقاء، فهذا الحب مهم جداً لنتخلى قليلاً عن الأنانية ونكون أشخاص أسوياء وفاعلين ومؤثرين.
ما هي رسالتكِ لرائدات الأعمال الشابات، وما هي الأدوات والمهارات المطلوبة للنّجاح في ريادة الأعمال عربياً؟
يجب أن تمتلك الإصرار والقوة والرؤية الواضحة لمشروعها، يجب أن تهتم بنفسها لكي تملك القوة اللازمة للاستمرار. ويجب أيضاً الحفاظ على التواضع، وعليها تالياً عدم الوقوع ضحية اليأس، بل السعي الدائم للتعلّم، ووضع الهدف واضحاً نصب عينيها لتصل إليه.