دانييلا رحمة: المسؤوليّة أصبحت أكبر وأنا اليوم في المكان الصحيح

يسعى كلّ إنسان إلى تحقيق الأهداف التي يرسمها في مخيّلته، وفي سبيل ذلك لا بدّ من امتلاكه الثقة بالنفس والعزيمة والإصرار لتحدّي الصعاب، وتحقيق الفوز والوصول إلى مراتب متقدمة في الحياة. وهي خير مثال عن العزيمة وتحقيق الأهداف، فكلّ ما رسمته في ذهنها، تحقّقه اليوم رويداً رويداً، علماً بأنّ عمليها الرمضانين الأخيرين "أولاد أدم" – 2020 و"للموت" – 2021، حقّقا نجاحاً كبيراً، كما رسّخاها نجمة في عالم الدراما. هي الممثلة اللبنانيّة دانييلا رحمة، التي قدّمت دوراً من أجمل أدوارها منذ انطلاقة مسيرتها الفنّية. هي اليوم أكثر احترافيّة وأكثر تمكّناً وأكثر إصراراً على البقاء في الطليعة... هي اليوم في المكان الصحيح!

حوار: نيكولا عازار، تصوير: Rudolf Azzi، إدارة فنية: Farah Kreidiyeh، محرّرة الموضة: Sima Maalouf، تنسيق: Sarah Rasheed، مكياج: Daniel Hamdan، الخبير العالمي لدى دار Guerlain، شعر: Ivanna لدى MMG Artists، موقع التصوير: One & Only The Palm، إنتاج: Kristine Dolor

كلّ عيد وأنت متألّقة، علماً بأنّ موسم رمضان أرهقك. كان التصوير مستمرّاً أثناء عرض المسلسل. هل أحببت التجربة هذا العام؟ ‬‬‬‬

شكراً لك. لا شكّ في أنّ تجربة التصوير خلال عرض المسلسل أصعب بكثير من مشاهدة العمل بعد الانتهاء من تصويره. أجبرنا فيروس كورونا والإقفال العام في لبنان على إيقاف التصوير لحوالى الشهر، وهو ما جعلنا نستمرّ فيه حتّى الأيّام الثلاثة الأخيرة من رمضان. عندما تبدأ بمشاهدة نفسك وأنت لا تزال في مرحلة التصوير، وتبدأ بتلقّي ردود أفعال الناس، تصبح المسؤوليّة أكبر، وتصبح العملية ضاغطة في شكل كبير.

إصابة ممثل واحد بفيروس كورونا تضع المسلسل كلّه في المجهول. لقد تحدّيتم فعلاً المخاطر!‬‬‬‬

بصراحة نعم. كنّا نقوم بتحدّ كبير، وهذا الأمر كان من الأمور الضاغطة والمقلقة. الحمدالله أنّ التصوير مرّ بسلام، وأنّنا تخطّينا المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة. العمل في هذه الظروف في القطاع الدرامي كما في كلّ القطاعات يُعدّ مجازفة كبيرة.

تثبتين عاماً تلو الآخر أنّك في المكان الصحيح. ما الذي يدفعك إلى العطاء بهذا الزخم؟ ‬‬‬‬‬

شغفي تجاه ما أقدّمه. عشقي لهذه المهنة وللتبدّل الذي تمنحني إيّاه، ولقدرتي على تحدي نفسي أوّلاً، كلّها عوامل تجعلني مصرّة على العمل في الشكل الصحيح وعلى تقديم الأفضل، خصوصاً حين أسمع إطراءً، فهو بقدر ما يسعدني، يوترني ويحمّلني مسؤوليّة أكبر.

ريم هو دور معقّد وهذه النوعية من الأدوار تتعب جسدياً أكثر ممّا تتعب تقنياً. كيف كنت تستيقظين يوميّاً؟ ‬‬‬‬‬

ريم مرهقة جدّاً نفسياًّ وجسديّاً وذهنيّاً. تحتاج إلى تركيز عال وأدوات حاضرة دوماً. هذه الشخصيّة صعبة جداً، وتجسيدها حساسّ، ويتطلّب تركيزاً عالياً ليبقى مقنعاً، خصوصاً أنّ ريم تعبّر بعينيها وبحركة جسمها في بعض المشاهد، وبتحدّيها وشرّها ونفوذها في مشاهد أخرى.

عدد كبير من الممثلين لديهم نزعة المبالغة حين يكون الدور مركّباً ويقع بعضهم في هذا الفخ، لكنّك كنت طبيعيّة في أدائك. كيف تمكّنت من فعل ذلك؟ ‬‬‬‬‬

هذا هو الأمر الصعب في شخصيّة ريم. يمكن أن أبالغ في تأدية انفعالاتها إن لم أنتبه لذلك، وهذا ما يحصل مع أيّ ممثلة تقدّم شخصيّة مركّبة وتتطلّب جهداً نفسيّاً. أشكر الله أنّني تمكّنت من السيطرة على ريم، بمساعدة المخرج فيليب أسمر طبعاً، وبإصراري على الالتزام بحدود انفعالاتها وحركتها وحضورها، كي تبقى محبّبة ولا تصبح نافرة.

يؤكّد النجوم المشاركون أنّ ما ساهم في نجاح المسلسل هو كمّ الحبّ الموجود بين فريق العمل. هل شعرت بأنّ الجميع متعطش إلى تقديم أداء العمر، خصوصاً بعد كلّ ما مررنا به؟ ‬‬‬‬‬

هذا صحيح. الكلّ قدّم أفضل ما لديه. وأعتقد بأنّ أغلب الشخصيّات اجتهدت في شكل مستفزّ لتقدم أفضل دور لديها. ساعد النص كثيراً، وكان المخرج حريصاً على كشف وجه جديد لكلّ ممثل، وتمكّن من ذلك فعلاً بشهادة الجميع. كنّا في العمل قلباً واحداً، لذا وصلنا للناس بهذا الشكل وحقّقنا هذا النجاح الكبير.

تتكرّر ثنائيّتك مع الممثلة اللبنانيّة ماغي بو غصن بنجاح بعد مسلسل "أولاد أدم"، وهناك ثنائية ثانية مع الممثل اللبناني باسم مغنية بعد مسلسل "تانغو". تكرار الثنائيّات هو سيف ذو حدّين! بين التميّز والتكرار، ما رأيك بهاتين الثنائيّتين؟ ‬‬‬‬‬

لكلّ ثنائية طعمها الخاصّ. قدّمت وباسم في "تانغو" دور زوجين غير منسجمين، وكانت الحالة مختلفة عن اليوم، حيث تجمعني به قصّة حبّ قديمة، طويتها أنا بينما بقي متمسّكاً بها، وهذا ما خلق هذا الصراع الكبير بيننا. في المقابل، لم أجتمع وماغي في ثنائيّة حقيقيّة في "أولاد آدم"، لكنّنا كنّا كشقيقتين في "للموت"! حالة الثنائيّة مختلفة جداً، وتركت انطباعاً إيجابياً جدّاً لدى الناس. تكرار الثنائيات قد يخدم الممثلين أحياناً حين تكون الأدوار مختلفة، لكنّها قد تضرّنا جميعاً إذا وقعنا في التكرار لجهة شكل العلاقات ومضمونها.

تحاول ريم نزع ذنوب الماضي وعيش حياة مريحة. لكن أينما ذهبنا ومهما فعلنا، الماضي يتبعنا دائماً! هل تخشى دانييلا الماضي؟ ‬‬‬‬‬

يعلّمنا الماضي، فلا يمكن أن نصبح ما نحن عليه اليوم، إلّا بسبب تجارب الماضي ومصاعبه وجماليّاته ومتاعبه. من ليس له ماضٍ، لا حاضر ولا مستقبل لديه. بالنسبة إليّ، الماضي يعلّمنا من أخطائه كثيراً ويطوّرنا ويجعلنا أكثر نضجاً واستعداداً لمواجهة الحياة بكلّ صعوباتها.

شكّل "أولاد أدم" حالة استثنائية العام الفائت، هل تشعرين بأنّ "للموت" هو كذلك أيضاً هذا العام؟ ‬‬‬‬‬

من دون شكّ أقول أنّ "للموت" حالة استثنائيّة كعمل، وكقاعدة جماهيرية كبيرة حقّقها خلال العرض الرمضاني الأوّل. وسيكون علامة فارقة في مسيرتي المهنية، لن أنساها أبداً.

قال الناقد الفنّي عبيدو باشا عنك: "دانييلا رحمة علامة فارقة في "للموت". ذلك لأنّها تمتلك ما يضفي على النص حيويّة وحركة ويكسر روتينه الذي يدور ضمن حلقة دائرية‎. فتحوّلت من ممثلة هاوية إلى ممثلة يتابعها النقاد!" وماذا أيضاً؟ إلى ماذا تطمحين فعلاً؟ ‬‬‬‬‬

أشكر كلّ الصحافيّين والنقّاد وكلّ شخص كتب كلمة عن العمل. أطمح إلى إرضاء الناس وإقناعهم في كلّ شخصيّة جديدة أؤدّيها. أخاف التكرار والوقوع في دائرة الملل. والنقّاد جزء لا يتجرأ من الجمهور المشاهد الذي أصبح أيضاً يقيّم ويميّز بين العمل الجيّد وذلك السيء.

هل بات حضورك في شهر رمضان ضرورة لنجاح أيّ عمل؟ ‬‬‬‬‬

أتمنّى ذلك. يعمل كلّ ممثل ليصل إلى هذه المرحلة وأعتقد بأنّني في المكان الصحيح. ويعود الفضل لكلّ من آمن بي سواء القيّمون على القطاع الإنتاجي أو الجمهور المشاهد والمتابع بشغف.

تواصل بعض شركات الإنتاج الرهان على الدراما المشتركة، واضعةً ثقلها في مسلسلات لبنانيّة ــ سوريّة. كيف وجدت ذلك؟

تحقّق المسلسلات المشتركة جماهيريّة واسعة على مستوى العالم العربي وليس محليّاً فحسب. هذا الأمر يجعل المحطّات تطلب هذه النوعية، ما يدفع الجمهور العريض إلى المتابعة. لا ضرر في الأعمال المشتركة إن قُدّمت في الشكل الصحيح، وبعناصر متفوّقة بعيداً
عن الجنسيّات.

لم تعد الأدوار الرئيسيّة مصبّ اهتمام المشاهد والصحافة، بل نجد اليوم آراءً عدّة تشيد بأداء ممثّلات أثبتنَ براعتهنّ على الرغم من دورهنّ الصغير، مثل رندة كعدي وكارول عبود وكارمن لبس... كيف تنظرين إلى هذه المعادلة؟ ‬‬‬‬‬

كلّ دور مميّز في أيّ عمل يصنع فرقاً ويساهم في نجاحه. تحيّة إلى كلّ النجمات اللواتي ذكرتهنّ، وسأضيف إليهنّ سمارة نهرا وصباح الجزائري. فضلاً عن النجوم المتألّقين أحمد الزين وفادي أبي سمرا ووسام صباغ، وأسماء كثيرة لمعت وقدّمت حضوراً رائعاً. كلهّم أساتذة ولكلّ منهم مكانته وبصمته في "للموت"، كذلك في الأعمال الدراميّة الأخرى.

عام 2021، من يفوز برأيك: أهل الحبّ والأخلاق أم أصحاب المال والنفوذ؟ ‬‬‬‬‬

لطالما آمنت وسأبقى بأنّ الحب ينتصر دوماً، كما أنّ الأخلاق تأتي أوّلاً في كلّ شيء في الحياة: سواء على الصعيد المهني أو في الحياة الخاصّة.

بعيداً من الموسم الرمضاني، ما الذي تخطّطين له؟ ‬‬‬‬‬

هناك عروض مختلفة لكنّني أحتاج إلى بعض الراحة الآن، قبل التفكير في الدخول في أيّ مشروع جديد. المسؤوليّة أصبحت أكبر، والقادم يجب أن يكون أفضل من الذي سبق. هذا أملي وطموحي وسأسعى لذلك.

 
العلامات: دانييلا رحمة
شارك