العازفة السعودية رويدا رفه: سعيي للتطور هو الذي أوصلني إلى أهدافي الموسيقية
كنسمة جميلة في فصل صيف حار تبدو عازفة البيانو السعودية رويدا رفه حين تجلس على الكرسي أمام آلتها المفضلة لتعزف أجمل الألحان وتنقل من يستمع إلى عزفها نحو عوالم أجمل وأكثر سلاماً. قصّتها ملهمة ومليئة بالسعي والإصرار والرغبة في التعلم والتطوّر، فكيف كانت رحلتها في هذا المجال منذ البدايات حتى الوصول إلى المسارح برفقة أهم الموسيقيين والنجوم العالميين؟ تعرّفي في هذا اللقاء على شابة تبدع موسيقياً وتخفي في شخصيتها نواحٍ أخرى ستفاجؤك.
تعكسين في إطلالاتكِ خلال العزف صورة عن فتاة هادئة، كلاسيكية وحالمة، فهل هذه شخصيتكِ الحقيقية أم هي الحالة التي تكونين عليها حين تنسجمين مع الموسيقى؟
إنّ الأعمال المفضلة لدي هي المعزوفات الكلاسيكية، وهذا الأمر يعكس عليّ بصورة تشبه الموسيقى والجو العام لها، ولكن في أحيان أخرى أقدّم ألحاناً ديناميكية أكثر تُظهرحس حيوي وجريء، فإنّ حالتي وحتى شكلي وإطلالتي ومشاعري اعبّرها عن طريق ما أعزفه، ولكنني أميل أكثر نحو الخيارات الكلاسيكية سواء في اختياري للمعزوفات إن كانت هادئة أو قوية وجريئة، أو للإطلالات والأزياء وتسريحة الشعر والمكياج.
ومن جهة ثانية، فإنّ البيانو هو آلة راقية وجميلة، تتواجد في أماكن مترفة لمجرّد إضافة إحساس بالرقي والفخامة على المكان. وبالنسبة لي، فإنّ اللون الذي أقدّمه هو الذي يرسم الصورة الكاملة لإطلالتي أمام الجمهور، فأنا لست هادئة في حياتي العادية، بل لدي اهتمامات أخرى في مجال الفن ورياضة السيارات وهذا المجال يأخذ الكثير من اهتمامي، إلاّ أنني أفي مجال الموسيقى حقه الكامل وهذا ربما ما يعطيني الصورة التي تتحدثين عنها.
ما هي الأحاسيس التي تنتابكِ خلال العزف، وهل تتأثر بنمط المقطوعة التي تؤدينها؟
يوجد مقولة لبيتهوفن مفادها أنّ "العزف بدون شغف هو خطأ جسيم"، وأنا أؤمن كثيراً بذلك، فأساس العزف هو التعبير عما ينتابنا من مشاعر وإيصالها لمن حولنا. يوجد أيام أعزف مقطوعات حالمة وفي أخرى ديناميكية وسريعة، وذلك بحسب ما أشعر به، وهذا لا يعني أنني لا أملك نمطاً موسيقياً واحداً، بل أنني أحب تقديم كل الأنماط ومراعاة الحفلة أو المناسبة التي أؤدي فيها ونوع الجمهور والكثير من المعايير الأخرى، إنّما الشرط الأول يبقى امتلاك الرغبة الحقيقية والشغف الكبير بالعزف. وخلال العزف أكون على طبيعتي وكأنّه لا يوجد أحد غيري في المكان، وصحيحٌ أنّ رهبة تنتابني لحظة الصعود على المسرح، ولكن التوتر والقلق يختفي حين أبدأ بالعزف وأدخل في جو المعزوفة.
بعودة إلى البدايات، كيف وقعتِ في حب البيانو والعزف؟
القصة بدأت حين كنت في سن الثامنة عندما حصلت على هدية هي عبارة عن أورغ، فبدأت أكتشف كيفية التعامل معه، حينها لم يكن هناك يوتيوب أو مدارس لتعليم العزف، فكنت أشتري كتباً موسيقية من الخارج وتحديداً أوروبا، فأقرؤها وأحاول تحليلها وفهمها. أنا أؤمن بالكتب بشكل كبير جداً، فحين أقرأ المعلمومة من كتاب ستظل عالقة في ذهني ولن أنساها، بينما المعلومة التي تأتي من بحث سريع عبر النت، سيكون حيّز نسيانها أكبر. طريقي في التعلم لم تكن سهلة أبداً لأنني لم أجد أي توجيه أو مساعدة، ولكني اعتبرته كالتحدي وكنت أصر على تعلّم معزوفات جديدة وصعبة، وتخطي الأخطاء ومتابعة التمارين للوصول إلى الشكل الصحيح للمعزوفة. في أي مجال نحبه، لا يوجد حدود لما يمكن تعلّمه ولما نستطيع إنجازه، ونكون في سعي دائم لاكتشاف المزيد وللتجربة مع ما تعنيه من إمكانية النجاح أو الفشل، ولكن التمرّن ومعاودة الكرّة ستعني بالتأكيد الوصول.
هل دعمكِ أهلك في مسعاكِ لكي تكوني عازفة ناجحة ومحترفة؟
أنا أنتمي إلى عائلة فنية تحب الموسيقى وتقدّرها، فجدّي كان عازف كمان وأخي أيضاً، وهو اعتاد العزف على عدة آلات. الموسيقى موجودة والحوار الموسيقي لطالما جمعنا، لكن المجهود الأكبر الذي بذلته له علاقة بعامل الوقت، فأنا صبرت كثيراً حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، قرأت الكثير والكثير، بنيت نفسي وتعرّفت عليها واكتشفت طاقاتي الكامنة، وعززت موهبتي بمفردي خلال سنوات طويلة.
هل تعتبرين نفسكِ اليوم محترفة أو تفضلين النظر إلى العزف على أنّه هوايتكِ التي تسمح لكِ بالتعبير عن نفسكِ بحرية؟
اليوم أرى نفسي محترفة في مجال الموسيقى، فأنا أعزف منذ أكثر من 20 سنة. في حين أنّ الهواية تختلف في أحيان كثيرة وهي عزف معزوفات بسيطة لمجرد التسلية، لكنني أسعى للمزيد من الانجازات في هذا المجال لأنني أستثمر فيه من وقتي واكتشاف المزيد عنه، ولا سيما أننا اليوم أمام فرص واعدة وكبيرة في المملكة ونحظى بالدعم، وإمكانية الظهور وتحقيق النجاح محلياً وعالمياً باتت متاحة أكثر.
هل ترين ازدياد الإقبال من قبل الجمهور السعودي على المجالات الفنية كالعزف والموسيقى؟
بالتأكيد ازداد الإقبال ونرى ذلك من خلال المهرجانات والحفلات، واليوم الشباب بات أكثر شجاعة في الكشف عن مواهبه لأنّه يعرف أنّه سيلقى الدعم والتوجيه المناسب وسيصل إلى المسار الصحيح الذي يخدمه. واليوم هناك اهتمام لإبراز مواهبنا في المناسبات الكبيرة، وهذا الشيء سيشجّع الجمهور على استقبال مختلف أنواع الفنون، والفنانين على التعبير بحرية أكبر عن أنفسهم.
كيف تسعين لدعم المواهب السعودية الجديدة سواء من خلال التعليم أو التوجيه والإرشاد؟
أقوم بذلك بشكل غير رسمي من خلال اللقاءات مع الموسيقيين والمواهب الجديدة في مجتمعنا الفني، كما أنني شاركت في برنامج "رحلة البحث عن مواهب حول المملكة" مع MBC ACADEMY، وذلك رغبة مني بدعم الشباب الراغب في الوصول بموهبته إلى أكبر قدر ممكن من الناس.
ما هي المناسبة التي عنت لكِ أكثر من غيرها سواء حين وقفتِ أمام الجمهور أو ربما نوع العزف الذي اخترتهِ لها؟
كل المناسبات التي شاركت فيها لها مكانة مميزة لديّ، ولكن ربما سأختار مشاركتي في حفل وضع حجر الأساس لمشروع القديّة في مدينة الرياض، حيث كان قائد الأروكسترا الفنان الهوليوودي العالمي ويليام روس، والذي قدّم أفلاماً رائعة، وأنا كنت عازفة البيانو معه، حظيت بتجربة مميزة حيث قادني في رحلة إلى ما يحصل خلف الكواليس، وأرسل لي بعد ذلك دعوة لحضور تسجيل موسيقى "ستار وورز" في المملكة المتحدة بالعاصمة لندن، هذا الأمر فتح لي أبواباً كبيرة للتعلم من التجارب واكتساب المعرفة من شخص عالمي في هذا المجال، كما أنني أحببت مشاركتي في افتتاح حفل المغنيةالعالميةأليشياكيزعلىمسرح المرايابالعلا.
هل يوجد مسرح محدد تحبين الوصول في المستقبل إلى خشبته؟
ما أركز عليه في مسيرتي هو الاستمرارية والصمود والصبر دائماً ولمقابلة موسيقيين عالميين, فأنا أعرف جيداً أنّ هذا هو الطريق للوصول الى الأهداف. شاركت بالعزف على مسارح داخل وخارج المملكة وقريباً في سويسرا، كما أنني أرغب في الاستفادة من الفرص التي باتت مفتوحة على مصرعيها أمامنا، والمشاركة أيضاً في الأحداث والمناسبات التي تحصل في السعودية.
تخفين هوايات أخرى غير العزف، هل يمكن أن تخبرينا عنها وكيف تقسّمين وقتكِ بين كل مسؤولياتكِ واهتماماتكِ؟
بجانب الموسيقى, فأنا أعمل كمستشارة موارد بشريّّة، أما باقي الهوايات وهي كثيرة وسأعدد بعضها: الغوص وركوب الخيل وقيادة السيارات وممارسة الرياضة والرسم، فهي تأتي بالدرجة الثانية ولكنها ضرورية أيضاً في حياتي فهي تكمّل نواح أخرى في شخصيتي وتساعدني لأحدث التوازن الذي اقدّره في حياتي العملية و الشخصية.
اقرئي المزيد: الممثلة رولا دخيل الله: تحقيق الأحلام يتطلّب اقتناص الفرص وإيقاف التفكير المفرط