مقابلات

ياسمين يسري: أحث المصابات بالسرطان على تقوية الذات وحثها على الصبر والإيمان

ثمة طاقة قوية وجميلة تشدك إلى المحتوى الذي تقدمه ياسمين يسري عبر صفحاتها على مواقع التواصل، فهي بدأت قبل فترة بنشر رسائل تحفيزية تحث على التفكير الإيجابي، وهي تعتمد عليها لكي تعزز ثقتها بنفسها وترغب أيضاً أن تنتقل هذه الإيجابية إلى كل من يمر بصفحاتها. ياسمين التي تعشق الموضة وتعمل كمنسقة أزياء محترفة وتعيش في دبي، اختبرت تجربة حياتية صعبة وهي مرض السرطان الذي هاجمها للمرة الأولى في منتصف العشرين من عمرها فتغلبت عليه، ليعود مرة ثانية وثالثة، ولتنتصر أيضاً لتؤكد أن رغبة الحياة أكبر من أي مرض ولتتحول إلى مثال حي عن أهمية الإرادة والتفكير الإيجابي في التغلب على الأمراض ولتكون واحدة من أكثر النساء العربيات الفاعلات في نشر الوعي حول هذا الداء حيث يتابع صفحتها عبر إنسغترام أكثر من مليون شخص.

أسلوب التشجيع بترديد عبارات إيجابية وتحفيزية موجود في الغرب لكنه جديد في محيطنا، لماذا قررت البدء به؟

جاء الأمر بالصدفة فقد كنت أتصفح الريلز وشاهدت فيديو فيه شخص يكرر عبارات: أنا جميل، أنا أستحق، أنا سأنجح،.. أعجبني أسلوبه كثيراً وفكرت بأننا فعلاً نتحدث بهذه الطريقة مع ذاتنا حين نكون بمفردنا، لتشجيعها على الانتهاء من عمل صعب أو تخطي فترة مؤلمة، حينها قررت البدء بأول فيديو تحفيزي وتفاجأت بأنه لاقى الإعجاب وصار Viral عبر وسائل التواصل، وصرت أتلقى رسائل على الخاص، من نساء ورجال يطلبون مني تكرار هذه الفيديوهات على أن تتنوع مواضيعها أكثر، وهذا ما قمت به بالاعتماد طبعاً على قراءاتي وثقافتي وخلفيتي الفكرية، كما استفدت من تجربة مرضي وكيف ساعدني هذا الأسلوب في الشفاء منه، فأنا بالإضافة إلى الصلاة والدعاء، كنت أردد عبارات التشجيع على نفسي فأكرر لها أنها أقوى من المرض، وأن الأيام الصعبة ستمر، وبالفعل ما اقتنع به عقلي، ساعد في شفاء الجسدي، وأوصلني إلى ما أنا عليه اليوم.

هنا ألفت إلى أني تعرضت وأتعرض للهجوم والسخرية من قبل الكثيرين وأتلقى رسائل مزعجة وناقدة ولكني أحاول تخطيها لأني أعرف أن الحقد والكره سيظل موجود، وأن أي محتوى مهما بلغت أهميته فهو لن يلقى إعجاب الجميع، ولكني مستمرة في مسعاي بهدف مساعدة الناس على الإيمان بأحلامها وعدم الاستسلام والسعي الدائم للوصول إلى أهدافها عن طريق التحفيز الذاتي.

كيف ساعدك هذا التحفيز العقلي في الشفاء من مرض السرطان لثلاث مرات متتالية؟

لم أكن أدرك أهمية هذا التحفيز الداخلي في المرة الأولى التي أصبت فيها بالمرض، فقد كنت شابة صغيرة وظننت أنها ستكون شهور قليلة وسيمر العلاج سريعاً وسأشفى لأعود إلى حياتي الطبيعية، ولكن صدمتي كانت كبيرة حين عاد المرض للمرة الثانية واحتجت إلى كل الطاقة الروحية لأتغلب عليه، فالتجربة أوصلتني فعلياً إلى حدود الموت، حيث حصلت على نسبة أعلى من العلاج، وكان وضعي الصحي صعب جداً، ولكني تمسكت بالحياة وطلبت من ربي أن يساعدني، وهذا ما حصل بعد عذاب وآلام كثيرة، ومن خلال تجربتي أقول: من واجب كل شخص أن يقوي نفسه ويحثها على الصبر والإيمان والدعاء، ولا يعتمد على أحد أو يعوّل على وجود أحد، فكل شخص آخر سيكون مشغولاً بنفسه، وفي مرضك ستكون على الفراش بمفردك، وطاقتك الداخلية هي وحدها الكفيلة بتقويتك. كما ساعدني هذا التحفيز حين عاد المرض للمرة الثالثة وحينها أيضاً تعلمت أهمية الاعتماد الكلي على النفس ومدها الدائم بالثقة لكي تتخطى أي ظرف طارئ تضعه الحياة أمامها.

ما هي أصعب اللحظات التي عشتها خلال هذه التجربة؟

في الحقيقة اللحظات الأصعب عشتها بعد انتهاء التجربة وليس خلالها، والسبب رفض المجتمع لتقبل التعامل مع الناجي من السرطان، فيوجد نوع من المعايرة وكأنه شخص معيوب أو فيه نقص، على الرغم من أن ما حصل معنا هو خسائر طبيعية نتجت عن العلاجات الصعبة التي خضعنا لها في هذه المعركة القاسية، فيكون علينا التعامل معها ومحاولة الاندماج مع مجتمع لا يرحم، يريد أن ينفينا أو يبعدنا عن الاستمرار في الحياة الطبيعية. أخذت وقتاً للتعافي من هذه الصدمات، وسأعطي هنا مثالاً لأوضح ما أقصد، فالمجتمع يرسم صورة كاملة للعروس، فالشاب يبحث عن امرأة كاملة ومعافاة ليبدأ معها حياته، حتى ينشأ أسرة، بالتالي هو يتردد كثيراً قبل دخول علاقة مع شابة تعافت من السرطان، لأنه يعرف أنها ربما لن تكون قادرة على الإنجاب وأنها ملزمة بفحوص دورية، وأن نمط حياتها مختلف قليلاً عن أي امرأة أخرى… لذا يفضل الطريق الأسهل، وما يسهو عنه أنه ربما مستقبلاً سيتعرض هو لمرض أو لحادث يغير خططه وحياته. بالمحصلة يتم الحكم بقسوة على المتعافي من السرطان بسبب أمور خارجة عن إرادته، وتتم قولبتنا في صور مزعجة تؤثر سلباً في نفسيتنا وتتطلب وقت أطول للتخلص من آثارها النفسية. وهنا لا ألوم هذه الفئة من الناس فنحن في النهاية بشر، نخاف من المجهول ونرغب بالأفضل لأنفسنا، علينا فقط أن نكون أكثر رحمة ومراعاة لمن حولنا.

يوجد أيضاً صدمات نفسية متلاحقة نعيشها خلال فترة العلاج، منها تقبل صعوبة الأدوية وآثارها الجانبية، فنحن نحصل على علاجات تدمر كل خلايا الجسم السليمة وغير السليمة، فنبدأ بعد الانتهاء برحلة بناء صحتنا الجسدية والنفسية، فأنا أذكر مثلاً بعد زرع النخاع الشوكي سنة 2010، كنت أخرج من المنزل وأنا أضع الماسك لحماية نفسي، وكنت أتعرض للسخرية والعبارات القاسية من المحيط الاجتماعي، فيطالبونني بالبقاء في المنزل وعدم الخروج بدل تشجيعي على الاندماج في مجتمعي لمحاولة التعافي… هنا لا أريد أن أعمم ولكني أتحدث عن أشخاص موجودين فعلاً في مجتمعاتنا، للأسف جاهلون كثيراً بطبيعة هذا المرض، ويحتاجون إلى التوعية والتوجيه في كيفية التعامل الصحيح مع المرضى أو المتعافين، وهذا ما أحاول أن أقوم به عبر تواجدي على وسائل التواصل، فأنصح المصابين بعدم الإحباط وعدم الضعف أمام التنمر والتأكد أن الله سبحانه وتعالى ترك لهم حكمة من هذا المصاب.

حدثينا عن دافعك الخفي للشفاء وكيف تغلبت على لحظات الضعف؟

الله سبحانه وتعالى هو دافعي فقد كان معي ليقويني في كل لحظة، وفكرة أن هناك المزيد لكي أقدمه هي ما جعلتني أستمر، وبالفعل فأرى أن رسالتي اليوم هي التوعية والمساعدة، ولأقول لكل امرأة تعاني: أنت قوية ومهما كانت خسائرك خلال رحلة العلاج من ندبات أو علامات قاسية، ستكون هذه الخسائر بداية طريقك لتصبحي شخصاً مختلفاً، أكثر قوة وصلابة، وستكون مصدر فخر إلهام لك ولمن حولك، لأنك ستكونين نموذج أمل لأنك معجزة حيّة، ولتثقي أن النجاة من هذه التجربة أمر رائع سيغيّر في عينيك معنى الحياة.

ماذا تطلبين من أهل المرضى ومحيطهم الاجتماعي؟

أهل المريض دورهم أساسي، فعليهم أن يحافظوا على قوتهم ومعنوياتهم العالية لكي يدعموا المريض ولا ينقلوا له أي طاقة سلبية، ويعرفوا كل شيء عن العلاجات وآثارها الجانبية، ويكونوا ثابتين خلال التعامل مع التقلبات النفسية والمزاجية التي يمر بها مصاب السرطان.

تطالبين بيوم سنوي للاحتفال بالناجين من السرطان، ألا تشعرين أن ما يتم القيام به في شهر أكتوبر كافٍ؟

هناك أنواع كثيرة جداً من السرطان ولكن يتم التركيز فقط على سرطان الثدي، وما أطالب به هو توعية على مدار العام بكل أنواع هذا المرض وطرق اكتشافه وعلاجه، كما أطالب بيوم تقدير للأبطال الذين نجوا منه ولأهلهم وأطباءهم وكل من ساعدهم في رحلتهم، ففي حياتنا نحن الناجون: كل يوم جديد هو معجزة تستحق الاحتفال.

حدثينا قليلاً عن حبك الكبير للموضة ومشاريعك في هذا المجال؟

أحب الموضة والأزياء المختلفة والغريبة منذ صغري، فالألوان والحركات الجديدة تعبر عن شخصيتي، لذا أعمل حالياً ستايليست كما أني Coach Style في دبي، وأقوم بالكثير من جلسات التصوير، فأتابع أجدد صيحات الموضة لأعكسها على اختياراتي وأطور أسلوبي الخاص.

اقرئي المزيد: نجلا زيني وابنتها غالية محمودي: معاً نرسم أجمل الذكريات

 

المجلات الرقمية

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية