مقابلات

هيا صوان: رحلتي كانت طويلة لكنّ كلّ إنجاز وصلت إليه استحقّ العناء

هي عاشقة للرياضة منذ سنوات ومدرّبة لياقة بدنيّة ومقدّمة برامج أحبّتها الكاميرا ورحّب الجمهور بإطلالتها. لكنّها قبل كلّ شيء أمّ متفانية تكرّس وقتها وطاقتها وعطاءها لطفليها، فتقضي معهما أجمل الأوقات لتكون لهم السند والعون والصديقة والموجّهة وكلّ ما يحتاجون إليه. إنّها هيا صوّان الشابّة السعوديّة المليئة بالذكاء والأفكار والطموحات الملهمة لكلّ امرأة خليجيّة وعربيّة. وقد التقيناها لنتعرّف أكثر عليها ونعرف كيف تتمكّن من التنسيق بين حياتها المهنيّة والشخصيّة ونكتشف سبب حبّها الكبير للرياضة ورغبتها في جعل نمط الحياة الصحّيّ متاحاً ومحبّباً لكلّ الشابّات من بنات جيلها.

هل من حادثة معيّنة جعلتك تعشقين الرياضة؟

أحببت الرياضة منذ سنوات طويلة، تقريباً خلال آخر سنة مدرسيّة لي، وبعدها طوال سنوات الجامعة. أمّا دخولي مجال الرياضة كمدرّبة، فكان منذ 9 سنوات، وتحديداً لدى حملي بابنتي. وبعد أن وُلدَت، قرّرت أن أتوسّع في هذا المجال. فنلت شهادات معتمدة لكي أبدأ التدريب لكنّني على الأثر حملت بابني. فأنشأت صفحتي على إنستغرام لأشارك المتابعات التمارين التي أقوم بها في فترة الحمل. وأثار الأمر استهجان الكثيرين، إذ قبل سنوات لم يكن مستحبّاً للمرأة الحامل أن تتمرّن، لكنّني استطعت أن أكسر تلك النظرة، خاصّةً لدى الحوامل والنساء اللواتي أنجبن مؤخّراً. كما صرت أشارك وجباتي ونمط حياتي الصحّيّة وعلاقتي بطفليّ. وتطوّرت الصفحة وازداد عدد المتابعين. وأردت الحصول على رخصة لتأسيس نادٍ رياضيّ وكان الأمر صعباً قبل أيّامنا هذه. لذلك بدأت بتنظيم صفوف من المنزل وفي أماكن خارجيّة مختلفة. وفي سنة 2017، أتيح للنساء الحصول على تراخيص، فافتتحت عام 2019 أوّل نادٍ رياضيّ هو SheFit في جدّة. وبعد ذلك، وتحديداً في العام 2020، افتتحت الفرع الثاني وقريباً سأفتتح الفرع الثالث في الرياض.

ما الذي تفعله ساعات التمرين بنفسيّة المرأة بدايةً وشكلها الخارجيّ بالدرجة الثانية؟

للأسف فإنّ هدف الكثير من السيّدات من ممارسة الرياضة هو خسارة الوزن. فنرى الشابّة التي اقترب حفل زفافها تلجأ إلى الرياضة كي تصل للوزن المثاليّ وتتوقّف بعدها. لذلك إنّ هدفي من عملي الرياضيّ هو أن أبرهن للشابّات أنّ الرياضة هي أسلوب حياة. بالتالي يجب أن ترافقنا بكلّ أشكالها. فالهدف منها أن نجعل حياتنا صحّيّة لنتقدّم في السن بشكل سليم. فالسيّدات اللواتي يمارسن الرياضة يحمين ذاتهنّ من هشاشة العظام وأمراض القلب والسكّري وغيرها من الأمراض. وهناك معتقد خاطئ بين النساء أنّ المتقدّمات في السنّ لا يستطعن ممارسة الرياضة، وهو معتقد خاطئ. فنحن بإمكاننا في أيّ سنّ أن نبدأ ونلاحظ التغيير بشكل سريع على الصحّة النفسيّة والجسديّة. أمّا أهمّيّة الرياضة على الصحّة النفسيّة، فهي كثيرة أيضاً. إنّها كفيلة بإزالة التوتّر بمختلف أشكاله وتخليصنا من الضغط العصبيّ خاصّةً في أيّامنا هذه التي تلت جائحة كوفيد. فالتمارين تغيّر المزاج بشكل كامل وتعزّز الطاقة وتزيد من اندفاع السيّدة لأداء باقي واجباتها باندفاع وحماس. وحين تشعر أن جسدها يتحسّن وشكلها يصبح أكثر جاذبيّةً، ستزداد ثقتها بنفسها وستحبّ ذاتها وبالتالي من حولها.

مع تزايد نسبة السمنة لدى المراهقين في الدول العربيّة، كيف يمكن للأمّ نقل حبّ الرياضة ونمط الحياة الصحّيّة إلى أولادها؟ وأنت كيف تشجّعين الرياضيّ الصغير في طفلك وطفلتك؟

يحتاج هذا الموضوع إلى مجهود كبير من الأهالي، لا سيّما في السعوديّة. وبعد أن اعتُمد التعليم المنزليّ لمدّة عامين، اعتاد الأطفال البقاء في المنزل وقلّ نشاطهم الحركيّ بشكل كبير. لذلك يجب حثّهم على الالتحاق بنشاطات بعد المدرسة وخارج المنزل. وهذا ما أقوم به مع أولادي. فعلى الأهل أن يسمحوا لأولادهم أن يجرّبوا نشاطات مختلفة كي يعثروا على ما يفضّلونه. كما أطلب من الأهل أن يكونوا قدوة لأولادهم. فالطفل الذي يرى والدته تمارس الرياضة سيحبّ أن يقلّدها وسيتحوّل الأمر إلى عادة لديه وسيقتنع أنّ الرياضة هي جزء من أسلوب حياته أو روتينه. ولم يحبّ طفلي كرة القدم رغم أنّ معظم أطفال السعوديّة يحبّون هذه الرياضة. لكنّني لم أجبره عليها بل وجّهته نحو رياضة ثانية وهي كرة السلّة، وقد وجد شغفه فيها.

بين عملك في التدريب والتلفزيون والتصميم وتجربتك في مجال المطاعم، أيّ مجال يسرقك أكثر من غيره؟

لم يحصل كلّ ما ذكرته بين ليلة وضحاها، بل جرى خلال سنوات طويلة، فرحلتي كانت متنوّعة وطويلة. وقد جرّبت مجالات مختلفة لأكتشف شغفي وعرفت كيف أعطي الأولويّة لما هو أهمّ ثمّ المهمّ. وخلال رحلتي دخلت مجال الرياضة منذ 10 سنوات. أمّا مجال الإعلام فبدأته عبر إنستغرام وبعدها من خلال إجراء المقابلات. ثمّ قدمت برنامج “همسة” على قناة mbc لمدّة عامين. وكانت تجربتي فيه ممتعة للغاية، فقد تعرّفت على الكثير من الأشخاص من مختلف المجالات، وساعدني مركزي لأبني علاقات عامّة وواسعة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أنّني كنت خارج إطار راحتي لأنّه كان تحدّياً صعباً عليّ، إلّا أنّني خضته للنهاية ونجحت فيه وتعلّمت منه الكثير. بعدها افتتحت النادي الرياضيّ الخاصّ بي، ومن خلاله تمرّست أكثر في مجال الإدارة. واليوم أجد نفسي بشكل كبير في مجال الإعلام لأنّه جعلني أكتشف جانباً جديداً من نفسي. لذا أسعى لأعزّز تواجدي واستمراريّتي فيه. أمّا الرياضة فأنظر إليها اليوم من منظار توسّعيّ لأقرّبها أكثر من نساء بلدي والعالم العربيّ.

ما الذي يعطيك الدافع للاستمرار في السعي وراء طموحاتك؟

الاستجابة التي أراها من النساء اللواتي يخبرنني على الدوام أنّ حياتهنّ تغيّرت بفضل الرياضة هي ما يعطيني الدافع للاستمرار. كما أنّ معرفتي بأنّ أحدهم تأثّر بمعلومة قدّمتها ربّما خلال برنامج “همسة” أو عبر أيّ فيديو أنشره، أو مجرّد أن أكون الوسيلة لتصل معلومة ما إلى شخص يحتاجها، كلّ ذلك يشعرني بأنّني أقوم بالصواب وبأنّه عليّ الاستمرار بنشر معرفتي وأفكاري لأؤثّر ولو بشكل بسيط على حياة من حولي.

ما هي رسالتك للمرأة للتوفيق بين عملها وأولادها وأسرتها؟

يجب على الشابّة أن تتعلّم كيف تدير وقتها وهذا الأمر ليس سهلاً بل يتطلّب خبرة وممارسة. فتنظيم الوقت أساسيّ للقيام بمختلف مهامها ولتنظّم علاقتها بزوجها وأولادها وعملها. وأطلب من المرأة ألّا تقسو على نفسها بل تبدأ خطوةً بخطوة لتزيد من مسؤوليّاتها ومهامها، وتنتظر حتّى يكبر أولادها قليلاً حتّى تنجز المزيد لنفسها ولطموحها. وأرى أيضاً أنّ دور الزوج مهمّ جدّاً في دعم زوجته. فالرجل يجب أن يشجّع شريكته ووجوده أساسيّ لتنجح وتحقّق ذاتها.

كيف تصفين علاقتك بأطفالك وما هي المعايير التي تعتمدينها في تربيتهم؟

أحبّ أن أكون قريبة من ولديّ فأتكلم معهما في مواضيع متنوّعة لأستمع إلى آرائهما وأشعرهما بأنّ ما يفكّران به مهمّ ومفيد ويمكن أن يتطوّر. ويرى كلّ طفل أهله بمثابة المثال الأعلى. وأنصح الأهالي ألّا يطلبوا من أولادهم بل أن يفعلوا الشيء أمامهم وسيلاحظون كيف سيبادر الطفل إلى تقليدهم لأنّه يعتبرهم الأهمّ في حياته. بهذه الطريقة نعلّمهم من دون أن نجبرهم: فإذا أردت أن يقرأ أولادك يجب أن تقرأي، وإذا أردتهم أن يتمرّنوا يجب أن تتمرّني وما إلى ذلك. 

العلامات: هيا صوان

المجلات الرقمية

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية