مقابلات

هايدي المرسومي: الإمارات تكتب المستقبل والشباب هم محور هذه الرواية

أطلقت الشابة هايدي المرسومي Haidis.PR عندما أدركت أن الوقت قد حان للتعريف باسمها، لأنها رغبت في بناء اسمٍ خاص لنفسها في مجالها المهني، بعد أن خصصت الكثير من الوقت والجهد لمساعدة الآخرين في تحقيق أحلامهم وبناء علاماتهم التجارية، هكذا بتشجيع من والدتها وأصدقائها، بدأت مسيرتها الخاصة في مجال العلاقات العامة التي تعتبرها أداةٌ نفسيةٌ وعاطفيةٌ عميقة، والسبب الأول هو شغفها بربط جوهر العلامة التجارية بالهدف وبرواية القصص الحقيقية، فكانت Haidis.PR المساحة التي استطاعت من خلالها توجيه هذا الشغف إلى شيءٍ هادفٍ ودائم. التقينا هايدي لنلقي الضوء على رحلتها الملهمة ونجاحها الذي تحققه على أرض الإمارات.

سألناها :هل واجهتِ أي تحدياتٍ خاصةً كشابةٍ تدخل مجالًا جديدًا، أم كانت البداية ميسّرة؟ فقالت “أشعر بالامتنان لإطلاق عملي في الإمارات، هذه الدولة التي تُكافئ الطموح والابتكار حقًا. لقد ساعدت بيئة الإمارات سريعة التطور على فتح العديد من الأبواب لي، ولكن وراء كل فرصة جهدٌ دؤوب. لم أكن جديدة في هذا المجال عندما أسستُ Haidis.PR، لكن بناء مشروعك الخاص دائمًا ما يكون محفوفًا بالتحديات. يكمن السر في الانضباط والمثابرة والتواصل مع شغفك.. منحتني دبي الزخم، لكن التفاني هو ما دفعني للمضي قدمًا. المطلوب هو المرونة، ووضوح الهدف، والقدرة على التكيف مع كافة العوامل والمتغيرات. تبدأ العديد من المشاريع الناجحة بهذه الطريقة، والمهم أيضاً هو كيفية استخدامك لمواردك، فما يُثير إعجاب الناس حقًا ليس مقدار ما تنفقينه، بل الذوق والإبداع والجودة التي تُقدمينها، والرابط العاطفي الذي تبنينه”.

رؤيتي هي التوسع إقليميًا ودوليًا ولكن بتركيز وهدف فلا قيمة للنمو إذا فقدنا قيمنا التي تُعلي من شأن الإنسان

عن التميّز في عالم العلاقات العامة اعتبرت أن ذلك يعتمد على الظهور، ورواية القصص، والتواصل العاطفي، “مع توفّر كل شيء بنقرة زر واحدة، يتعرّف الناس على عدد لا يُحصى من العلامات التجارية والمنتجات أثناء تصفّحهم منصاتهم الرقمية. لم يعد الأمر يقتصر على الإعلانات التلفزيونية أو اللوحات الإعلانية، فما يُميّز العلامة التجارية حقًا في هذا السوق سريع الحركة والمبتكر هو مدى أصالة عرضها وتواصلها مع مستهلك اليوم الذكي. تلعب العلاقات العامة دورًا حيويًا في ذلك، بدءًا من سرد القصص والحملات وصولًا إلى الفعاليات والتجارب.. إنها متجذّرة بعمق في سيكولوجية المستهلك، وفي ظلّ بيئة رقمية مشبعة، أصبحت العلاقات العامة أكثر أهمية من أي وقت مضى”.

وحول وضع شركتها ودورها الحالي في السوق، قالت “تُعتبر Haidis.PR شركة إبداعية معروفة بالذكاء العاطفي، والابتكار، واللمسة المميزة. أنا ممتنة لأن الناس الآن يتعرّفون على عملنا من النظرة الأولى. نتجاوز حدود العلاقات العامة التقليدية من خلال ابتكار استراتيجيات مدروسة، متمحورة حول الإنسان، تتوافق مع جوهر العلامة التجارية. نفخر بالعمل مع علامات تجارية عالمية كنا نكن لها كل التقدير، بالإضافة إلى علامات تجارية محلية ناشئة، ونسلط الضوء على المبدعين الشباب الذين نعتقد أنهم سيحظون بأسماء مرموقة في المستقبل القريب، كما نؤكد دائمًا على التواصل مع المجتمع المحلي.. رؤيتنا هي التوسع إقليميًا ودوليًا، ولكن بتركيز وهدف، فلا قيمة للنمو إذا فقدنا قيمنا التي تُعلي من شأن الإنسان”.

القوة تأتي من اللين والمرونة في آنٍ واحد ومن هدفي الثابت والأشخاص الذين يؤمنون

تفتخر هايدي بنفسها كشابة قوية ومثابرة على المضي قدماً حتى عندما تبدو الأمور غير مؤكدة. تستطرد “غالبًا ما تأتي القوة من اللين والمرونة في آنٍ واحد، أنا أستمد قوتي من هدفي، ومن الأشخاص الذين يؤمنون بي، ومن التحديات التي تغلبت عليها، ومن والدتي التي كانت دائمًا مصدرًا رئيسيًا للقوة والتشجيع، وقبل كل شيء من الله. إيماني يُبقيني ثابتة ويساعدني على الثقة بنفسي وباستمرار عملي”.

تدير هايدي مشروعاً آخر هو Haidis.Floret، وحوله تقول “عندما كنت أنظم الفعاليات عبر Haidis.PR، كنت دائمًا أتولى تنسيق الزهور بنفسي، وكان الضيوف يسألونني باستمرار عما إذا كان بإمكانهم طلب الزهور لمناسبة شخصية. ازدادت ردود الفعل بسرعة وبشكل طبيعي، عندها قررت إطلاق Haidis.Floret كعلامة تجارية منفصلة، ولعدم حصر شغفي بالزهور في فعاليات العلاقات العامة فقط. بالنسبة لي، تصميم الزهور هو شكل من أشكال الفن، تمامًا كما يستخدم الرسام اللون والشكل والملمس لإنشاء لوحة، أفعل الشيء نفسه مع الزهور، إنها طريقتي للتعبير عن الجمال والعاطفة”.

حول أهدافها من العمل بالعلاقات العامة، تقول “أرغب بتوفير مساحة تُشجع وتُمكّن الشابات من استكشاف عالم العلاقات العامة لأنه قطاع زاخر بالإبداع والتخطيط الاستراتيجي والتواصل الهادف، ويضم مجالات واسعة، لا تقتصر على الحملات والفعاليات فحسب. أعتقد أن هناك الكثير من الإمكانات غير المستغلة لدى المبدعات الشابات، وأتمنى أن أرى المزيد من النساء ينخرطن في هذا المجال، ويساهمن بأفكار جديدة، ويعبّرن عن آرائهن، فالعلاقات العامة تتمحور حول سرد القصص، والعاطفة، والثقافة، والنساء يتمتعن بقوة فطرية في جميع هذه المجالات”.

معرفتي أني أسست مشروعي في دبي تمنحني الثقة بأنني أبني في المكان المناسب

سألناها: من هي الشخصية الإماراتية الأكثر دعمًا لطموحات المرأة، فأجابت “لعبت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، دورًا استثنائيًا. لقد ترك التزامها الممتد لعقود بالنهوض بتعليم المرأة وقيادتها وحقوقها أثرًا دائمًا عبر الأجيال. كما أُكنّ إعجابًا عميقًا لنساء مثل هالة كاظم، التي شكّلت أعمالها في مجال الصحة النفسية والتنمية الشخصية شخصيتي. لقد نشأتُ وأنا أتعلم الكثير من حكمتها ونصائحها القيّمة، فهي ساعدت العديد من النساء على تعزيز قوتهن، وأؤمن إيمانًا راسخًا بأن التمكين الحقيقي يبدأ من الداخل”.

وعن أهمية الدعم الذي تلقته في الإمارات لتنجح في مشروعها تقول “لطالما قلتُ إنني محظوظة جدًا لتأسيس شركتي في الإمارات، فقد شعرت أني مدللة لأن هذه الدولة تضع معايير عالية للكفاءة والابتكار والفرص، مما يجعل العيش في أي مكان آخر أمرًا صعبًا. النظام سريع وداعم وواضح. إن معرفتي بأنني أسستُ مشروعي في دبي، المدينة التي يتفقد فيها سمو الشيخ محمد بن راشد الأقسام شخصيًا لضمان الجودة والرضا، تمنحني الثقة بأنني أبني في المكان المناسب. الإمارات العربية المتحدة ليست مجرد بيئة رائعة، بل هي أيضًا بوابة للفرص العالمية. الوتيرة والدعم والقيادة، كل ذلك يدفعك إلى تحقيق أحلام أكبر. بالنسبة لي، كان الإنجاز الأهم هو إنشاء مشروع يمثل شغفي وهدفي في آنٍ واحد. آمل أن يشجع ذلك النساء الأخريات على أن يحذين حذوهن، وأن يبتكرن شيئًا خاصًا بهن، مبنيًا ليدوم وينمو”.

علمتني طبيعة الإمارات المتعددة الثقافات أن أكون منفتحة وأحترم الاختلافات

تضيف “نشأنا في الإمارات على مشاهدة قادتنا وهم يبتكرون آفاقًا جديدة كل يوم. وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققوها، إلا أنهم سعوا دائمًا إلى تحقيق المزيد وهي إنجازات لا تزال تبدو مستحيلة للكثيرين. أؤمن إيمانًا راسخًا بأن قادة أي دولة يلعبون دورًا كبيرًا في تشكيل شخصيات سكانها وعقليتهم. فشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم “لا نقبل إلا بالمركز الأول” قد شكّلنا بعمق وأصبح جزءًا لا يتجزأ من دوافعنا اللاواعية. فكل إمارة تُسهم بشيء فريد، مثل قيادة أبوظبي، والتعليم في الشارقة، والابتكار في دبي، وكل إمارة أخرى تُضفي طابعها الخاص على الأمة. إنها دولة تُعدّ الجودة والسرعة والتميز أسلوب حياة، وقد شكّل هذا أسلوب عملي وتوقعاتي للأمور. لقد تربينا على تقديم خدمة عالية الجودة كمعيار أساسي، وإعطاء رضا العملاء الأولوية، كما تعلمتُ أن أبقى متواضعة، مهما حققت، وهي قيمة راسخة في الإمارات الدولة التي بناها قادة ذوي رؤية ثاقبة، معريفون بتواضعهم رغم إنجازاتهم الرائعة، وعلمتني طبيعة الإمارات المتعددة الثقافات أن أكون منفتحة، وأن أستمع إلى وجهات النظر الأخرى، وأن أحترم الاختلافات”.

وعن وضع تمكين المرأة وريادة الأعمال في الدولة، تقول “لقد أرست الإمارات العربية المتحدة مكانًا للمرأة في كل مجال، فهي لا تُشارك فحسب، بل تقود أيضًا. سواءً في الوزارات أو المجالس الاتحادية أو المجالس التنفيذية، تُسهم المرأة في دفع رؤية الدولة إلى الأمام. وإلى جانب الإنجازات المهنية، يمتد الاحترام والكرامة الممنوحة للمرأة في الإمارات العربية المتحدة بعمق إلى الحياة الثقافية والاجتماعية. فمن الطبيعي أن تُعامل المرأة باحترام ولطف كلما دخلت مجالًا أو احتاجت إلى دعم. يعكس هذا الاحترام القيم التي تُعليها قيادة الدولة والمجتمع والشعب. حقوق المرأة ليست مجرد اعتراف على الورق، بل تُمارس يوميًا، والإمارات هي الدولة التي تُجسد حقًا حقوق المرأة قانونيًا واجتماعيًا”.

يوم المرأة الإماراتية هو تذكير قوي بالتوقف والتأمل والاحتفال بقوة المرأة وصمودها

ترى هايدي أن الإمارات تكتب المستقبل في الوقت الفعلي، “والشباب هم محور هذه الرواية، فالدولة تواصل الابتكار بوتيرة لا مثيل لها، ليس فقط في التكنولوجيا، بل في العقلية أيضًا.. قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ذات مرة: “شباب اليوم هم قادة الغد”، ونرى ذلك ينعكس في كل شيء، من الاستثمار التعليمي إلى المبادرات الثقافية وفرص العمل، وهذا لا يُشجَّع الشباب على النجاح فحسب، بل يُمكَّنهم من البناء بثقة وشغف”.

وعما يعنيه لها يوم المرأة الإماراتية، تقول “هو تذكير قوي بالتوقف والتأمل والاحتفال بقوة المرأة وصمودها وتأثيرها حول العالم. وما يجعل يوم المرأة الإماراتية مميزًا هو تسليطه الضوء على هذا الاحتفال هنا في الإمارات العربية المتحدة، هذا البلد الذي يُقدّر ويدعم حقًا دور المرأة في جميع المجالات. لقد نشأنا على رؤية النساء يقودن بعزيمة وحزم. لطالما كانت المرأة الإماراتية، على وجه الخصوص، مصدر إلهام، إذ توازن بين الطموح والعمق الثقافي. رسالتي للنساء الأصغر سنًا: لا بأس إن لم تكتشفن كل شيء بعد. قد تكتشفن شغفكن في أواخر العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر، أو ربما يكون شيئًا تعرفنه منذ الطفولة، وفي كلتا الحالتين، فهو أمرٌ مشروع. لستِ بحاجة إلى أن تكتشفي كل شيء. المهم هو أن تؤمني بنفسكِ وتكوني صبورة ولطيفة معها. الخطوات الصغيرة مهمة أيضًا. التقدم الصغير أفضل من لا شيء. والأهم من ذلك، افعلي شيئًا تحبينه حقًا ويلهمكِ. الأمر كله يتعلق بكِ وبرحلتكِ الشخصية، وتذكري أن تصفقي لنفسك في كل خطوة، فنحن سريعون جدًا في التصفيق للآخرين ولكننا ننسى الاحتفال بتقدمنا، لذا كوني فخورة بالعمل الذي تقومين به، ولا تدعي العقبات تؤثر عليك”.

تقوم هايدي حاليًا بتوسيع كل من Haidis.PR وHaidis.Floret بطريقة تظل وفية لقيمهما الأساسية وعلى المستوى الشخصي، تطور مشروعا جديدا ذي معنى إبداعي يعكس رحلتها حتى الآن ويتردد صداه مع استكشافاتها في مجال علم النفس.

اقرئي المزيد: سحر راستي: في الإمارات لا نرضى إلا بالرقم واحد وأنا أشبه بلدي بهذا الأمر

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية