مقابلات

علياء النقبي: الإمارات بالنسبة لي هي مصدر الفخر والدافع للاستمرار

بمهارة وثقة وراحة وتمكّن تتواجد لاعبة كرة السلة الإماراتية علياء النقبي في الملعب، فتجذب كل الأنظار إليها بسبب مدى توافقها مع فريقها، وجدارتها في التسديد، هي التي بدأ شغفها بهذه اللعبة منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها، خلال مشاركتها في أنشطة المدرسة، وجدت مع كرة السلة طاقة مختلفة، ومساحة تعّبر عن شخصيتها. وبعد فترة قصيرة، انضمت إلى نادي الشارقة الرياضي للمرأة، وهناك بدأت ملامح مشوارها الحقيقي تتشكل.

تقول “كانت أسرتي ولا تزال كانت الداعم الأول لي، خاصة والدتي التي آمنت بموهبتي منذ البداية، وقّدمت لي كل ما يلزمني للاستمرار، كما أن البيئة الرياضية الداعمة في الشارقة مدتني بالأدوات اللازمة للتطور بثقة، فأنا أشعر بأنني أنتمي إلى منظومة تحترم المرأة الرياضية وتدعمها، وهذا الأمر مطلوب جداً لكي نستمر بقوة ونطور من مهاراتنا”.

تحتاج لعبة كرة السلة إلى مستوى عال من اللياقة، وسرعة الاستجابة، والقوة الحركية، بالإضافة إلى الهدوء في اتخاذ القرارات

تؤكد علياء أن هذه الرياضة تحتاج إلى القوة الجسدية والمرونة النفسية، وترى أنه من الناحية البدنية، “تحتاج لعبة كرة السلة إلى مستوى عال من اللياقة، وسرعة الاستجابة، والقوة الحركية، بالإضافة إلى الهدوء في اتخاذ القرارات، والمحافظة على الزخم الكامل لتحمل مدة اللعب الطويلة. والأهم من ذلك هو الجانب الذهني، فاللعبة تتطلب التركيز العالي حيث يكون الفرق بين الفوز والخسارة قراراً واحداً وسريعاً، كما تحتاج القدرة على قراءة حركة الخصم والتعامل مع ضغط المباراة، واستجابات لحظية مباشرة، وهنا تظهر أهمية الثقة بالنفس”.

اكتسبت اللاعبة الشابة الكثير من الصفات من لعبة كرة السلة، أبرزها المسؤولية والانضباط واحترام الأدوار. تقول “في كرة السلة، لا مجال للفردية، فالانسجام والتوافق بين اللاعبات هو ما يصنع الفارق الحقيقي. الثقة المتبادلة، دعم بعضنا البعض، والعمل بروح واحدة، كلها عناصر تؤدي إلى أداء جماعي ناجح، وهذا ما اختبرناه هذا الموسم بشكل واضح. فالفوز لا يأتي إلا عندما يكون الجميع على قلب واحد”.

تحقيق نادييّ وهو الشارقة الرياضي للمرأة العلامة الكاملة خلال الموسم الحالي هو من أهم إنجازاتي

مؤخراً حقق فريق علياء وهو نادي الشارقة الرياضي للمرأة العلامة الكاملة خلال موسم 2024–2025، وعن هذا الإنجاز تقول: تحقيق العلامة الكاملة كان عبارة عن لحظة فخر وسعادة لا تنسى، فهو جاء نتيجة جهد جماعي مستمر منذ بداية الموسم، سواء من اللاعبات أو الجهاز الفني والإداري. على المستوى الشخصي، شعرت أن كل خطوة طوال العام ترجمت إلى شيء ملموس. أما على مستوى الوطن، فكنت أشعر أننا لا نمثل النادي فقط، بل نمثل الشارقة والإمارات في صورة رياضية مشّرفة. هذا الإنجاز يعّبر عن نضج التجربة الرياضية النسائية في الدولة، ويؤكد أن لدينا فرقاً تعمل باحترافية وتطمح لصناعة حقيقية تنافس في البطولات المحلية والإقليمية”.

عن تقبل المجتمع لفرق نسائية رياضية تقول علياء، “ما نعيشه اليوم ليس تحولاّ مفاجئاً بل هو امتداد لمسار بدأ منذ عقود. فقد كانت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، من أوائل من سعوا إلى تمكين المرأة في المجال الرياضي، حيث وضعت منذ أكثر من أربعين عاًما أسس مشروع متكامل جعل من الرياضة ركيزة أساسية في مسيرة تمكين المرأة. واليوم، تتجلى ملامح هذه الرؤية بشكل متزايد على أرض الواقع، من خلال بيئة رياضية متكاملة تدعم طموح الفتيات، وتحثهن على الوصول إلى أقصى إمكاناتهن. لقد تجاوز المجتمع مرحلة التقّبل، وأصبح شريكاً مؤمناً وداعماً، يفتخر بإنجازات المرأة الرياضية “.

الشهرة لم تغّير شخصيتي لكنها حمّلتني مسؤولية أكبر فأصبحت أكثر حرصاً على تصرفاتي

ولأنها باتت معروفة في بلدها بكونها لاعبة كرة سلة محترفة، فقد حملت مسؤولية أن تكون مثالاُ أعلى لشابات جيلها، وحول هذا الدور تقول “الشهرة لم تغّير شخصيتي، لكنها حمّلتني مسؤولية أكبر. أصبحت أكثر وعًيا بتصرفاتي، وأكثر حرصاً على تمثيل نفسي وفريقي ودولتي بصورة تليق بثقة الناس بي. أعتبر أني محظوظة لأني أملك منصة أستطيع من خلالها إيصال رسالة إيجابية للفتيات الإماراتيات، وهذه مسؤولية أعتز بها، فأحرص على أن أكون قدوة بالفعل قبل القول: أظهر الالتزام في تدريبي، والاحترام في سلوكي، والجدية والثقة بالنفس، في عملي. أحاول أن أوصل رسالة أن الرياضة ليست مجرد إنجاز بدني، بل أسلوب حياة يقوي الشخصية، ويساهم في بناء صحة متوازنة جسدًيا ونفسًيا”.

تعتبر علياء أن مشاركتها في موسم 2024–2025 وتحقيقها مع فريقها للعلامة الكاملة هو أحد أهم الإجازات التي تفتخر بها، ولكن الأهم بالنسبة لها هو “شعوري بأنني جزء من تجربة جماعية تفتح الأبواب أمام بنات بلدي، وتؤكد لهن أن طريق الاحتراف الرياضي ممكن ومتاح، طالما هناك شغف وعمل جاد”.

حول الشخصية الإماراتية الأكثر دعماً لطموحات المرأة والتي ساهمت في تمكينها، تقول “بدون شك، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، فما قدمته في مجال الرياضة لا يقدّر بثمن، ليس فقط من حيث البنية التحتية والدعم المؤسسي، بل من حيث الرؤية الواضحة والالتزام الدائم بتمكين المرأة لتكون في موقع الريادة”.

تعلمت من بلدي معنى الطموح، الإصرار، والإعتزاز بالهوية.. هذه الصفات موجودة في كل فتاة إماراتية

تؤكد علياء أن الوطن بالنسبة لها هو مصدر الفخر والدافع للاستمرار. تقول “الدعم الذي نحصل عليه كلاعبات في الإمارات، وخصوصاً في الشارقة، يجعلني أشعر أنني أملك مسؤولية تمثيل بلدي بأفضل صورة ممكنة. كل إنجاز أحققه، أراه استمراراً للثقة التي وضعت فينا”، مشيرة إلى أنها امتداد لثقافة وخصائص وطنها “تعلمت من بلدي معنى الطموح، الإصرار، والإعتزاز بالهوية.. هذه الصفات موجودة في كل فتاة إماراتية ترّبت على قيم الأصالة والعمل والاجتهاد. وأنا أحاول دائماً أن أكون انعكاساً لهذه القيم داخل وخارج الملعب”.

ترى اللاعبة المحترفة أن تمكين المرأة في الإمارات وصل إلى مرحلة متقدمة. تقول “هناك مؤسسات متخصصة، برامج تأهيل، وفرق عمل تعمل بجدية من أجل تطوير رياضة المرأة. الأهم من ذلك أن هذا التمكين أصبح ملموساً، نعيشه ونراه في الإجازات التي تحققها اللاعبات الإماراتيات”، وتتوجّه بالكلمة للشابات من بلدها، فتقول “أنتنّ محاطات بدعم حقيقي، وفرص ذهبية، وإمكانات واسعة، فآمنّ بقدراتكن، واستثمرن شغفكن، ولا تترددن في أن تكنّ جزًءا من المستقبل الذي تستحقه الإمارات”.

يجب أن نجتمع جميعاً كشابات على أن يكون لنا دور حقيقي في صنع المستقبل

تضيف “يجب أن نجتمع جميعاً كشابات على أن يكون لنا دور حقيقي في صنع المستقبل. ما يربطنا هو السعي للتمّيز، والرغبة في أن نكون فاعلات في مجتمعاتنا. صحيح أننا نختلف في التجارب والظروف والمسارات، لكن هذا الاختلاف ليس تباعدًا، بل مصدر قوة، فحين نحتضن الفروقات ضمن منظومة تدعم المرأة وتؤمن بقدراتها، يتحول التنوع إلى طاقة جماعية تدفع الجميع نحو الأمام”.

تحافظ علياء على روتين يومي متوازن، فتحرص على النوم الجيد، والتغذية الصحية، والتأمل والمشي لفترات بعيداً عن الضغط اليومي للحياة والمسؤوليات، وتؤكد أن هذه الأمور البسيطة هي التي تحميها نفسًيا، وتمنحها التركيز والطاقة للاستمرار، وهي تطمح أن تشارك مع فريقها في دورة الألعاب للأندية العربية 2026، وأن ترفع اسم نادي الشارقة الرياضي للمرأة عالياً، وأن تواصل المساهمة في تطوير صورة الرياضة النسائية الإماراتية محلياً وعربياً.

اقرئي المزيد: موزة الحمراني: نحن اليوم في وضع فريد ويدعم طموحاتنا ولدينا الكثير لنفخر به كإماراتيات… فاسعين واستفدن

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية