“نستطيع مغادرة الوطن ولكنّه يبقى دائماً شديد الحضور فينا”، بهذه الكلمات تستهل عارضة الأزياء السورية –العالمية سولين عمر حديثها معنا، فالفتاة السمراء الجميلة التي امتلكت جمالاً عربياً أخاذاً، شقت طريقاً صعباً وقاسياً بعد تركها لبلدها بسبب الحرب وخوضها تجربة اللجوء مع عائلتها إلى ألمانيا، لتحظى اليوم بشهرة واسعة وتصير واحدة من أهم عارضات الأزياء في العالم، تتعامل مع أهم الدور والعلامات، وتثبت أنّ لا شيء صعب أو مستحيل أمام إرادة صلبة، وأمام شابة تعرف جيداً ما تريده وتسعى لأن تكون صوتاً وحضوراً مؤثراً في محيطها. هي اليوم نجمة غلاف مجلة هَيا لعدد سبتمبر المخصص للنساء صاحبات الأصوات الصادحة، تعاونت مع دار Bvlgari العريقة فعكست روحها وجوهرها، وكشفت لنا تفاصيل عن شخصيتها الفذة والجريئة في هذا اللقاء.
رئيسة التحرير: Sima Maalouf
إشراف على جلسة التصوير: Sana Jamali من مجلّة هَيا
تصوير: Fouad Tadros
مساعدة في التنسيق: Rozeta Zatikyan لدى 1602-Studio
إدارة فنيّة وتنسيق: Ahmed Rashwan لدى 1602-Studio
شعر: Ivan Kuz
مكياج: Sharbel Hasbany
إنتاج: Kristine Dolor
المجوهرات كلّها من Bvlgari
ماذا تتذكرين من طفولتكِ في سوريا؟ ما هي أكثر اللحظات التي لا تُنسى من تلك الفترة؟
هناك جزءٌ مني سيبقى دائماً في سوريا. فقد تأثّرت طفولتي بدفء العائلة والشعور القويّ بالانتماء. أتذكر هواء الياسمين المعطر في الأمسيات، وبهجة الجلوس مع الأحباء، ومشاركة القصص والأوقات السعيدة من دون أي هموم، وأنا متأكدة أنّ تلك اللحظات ستبقى معي، أينما كنت.

العقدان والأقراط والبروش من Bvlgari
مررتِ بتجربة الهجرة القسرية عندما اضطررتِ لمغادرة بلدكِ خلال الحرب. كيف أثّرت هذه التجربة الصعبة على شخصيتكِ؟
غالباً ما يفترض الناس أنه بمجرد الهروب من الحرب، يكون الأسوأ قد ولّى، ولكن إجباركِ على مغادرة منزلكِ من دون أي ذنب أو حتى سبب مفهوم يترك بصمةً لا تُنسى وأثراً يظل محفوراً في داخلنا. حتى عندما تستقرين جسدياً، فأنت لا تزالين تحاولين إعادة بناء إحساسكِ بذاتكِ من الداخل… جعلتني تلك التجربة أكثر رسوخاً وحباً لجذوري، وأكثر وعياً، كما أنها أعطتني شعوراً أعمق بالهدف الذي أريد أن أصل إليه، وبناء طريق قوي وثابت لتحقيقه.
كيف دخلتِ عالم عرض الأزياء، وما هي الصفات التي تعتقدين أنّها ساعدتكِ على التميز في مجال تكثر فيه المنافسة والرغبة بالظهور؟
لم يكن ذلك أمراً خططت له أو سعيت لتحقيقه، لكن بمجرد دخولي هذا المجال، عرفت أنني أريد أن أُبرز ذاتي بكاملها، ليس مجرد مظهر خارجي جميل، بل قصة وصوت وأثر يستمر ويُحدث تغييراً… أعتقد أنّ الناس يتفاعلون مع الصدق والأصالة، وهذا ما ساعدني على التميّز.
كيف طورتِ مهاراتكِ للنجاح في هذا المجال التنافسي؟
من أهم الدروس التي تعلمتها، وهي لا تتعلق بطريقة المشي والتوجّه للكاميرا والتأثير بالآخر من خلال حضوري، كانت أن أبقى صادقة مع نفسي، لأنه من السهل جداً الانجراف وراء التوقعات، وفقدان جزء من الذات أثناء القيام بذلك، لذا فإنّ معرفة من أنا هو ما يُبقيني ثابتة وقوية ومتواجدة بالشكل المطلوب والمؤثر.

العقد والأقراط والخواتم والسوار من Bvlgari
قصتكِ تشكّل مصدر إلهام للعديد من الشابات. كيف كسرتِ الصورة النمطية للفتاة النازحة وأثبتِ أنكِ أكثر من مجرد وجه جميل؟
لم أخفِ ماضيّ قط، بل أدخلت ذاتي بكاملها في كل ما فعلته: ثقافتي، طفولتي تجربتي الصعبة مع الهجرة، آرائي وأفكاري، لكنني لم أدع كل هذه التفاصيل تكون القصة الوحيدة، وقد استجاب الناس لهذا الصدق الذي رأوه في داخلي. بمرور الوقت، اتضح لجميع من تعامل معي أنني لم أكن مجرد وجه جميل برز في الحشد، بل صوت قوي وصادق يحمل رسالة.
ما هي الرسالة التي ترغبين في مشاركتها مع النساء النازحات اللواتي يسعين في مختلف المجالات؟
أقول لكلّ شابة مرت بتجربة مشابها لتجربتي: أنتِ لا تُعرّفين بما نجوتِ منه، بل بما تختارين بناءه من تلك الظروف الصعبة التي عشتها… أنتِ أكثر من مجرد ظروف… صوتكِ، أحلامكِ، وجودكِ، كلّها مهمة.
هل أحببتِ الأضواء، أم استغرقتِ وقتاً لتتعلمي كيفية التعامل مع الشهرة؟
بالتأكيد استغرق الأمر وقتاً، لأنّ الأضواء تكون مُرهقة، خاصةً عندما يكوّن الناس آراءهم بناءً على لمحة صغيرة عنكِ، إنما مع الوقت استطعت فهم كيفية التعاطي مع الشهرة وبت أمتلك الحصانة اللازمة لعدم التأثر بها بشكل سلبي.
من هم قدوتكِ في صناعة الأزياء؟
أُعجب بالأشخاص الذين يُوظّفون نفوذهم بوعي مثل عارضات الأزياء والمبدعات اللواتي يُناصرن الأصالة والشمولية والتغيير، أولئك اللواتي يجمعن بين الأناقة والجوهر.

العقد والأقراط والخواتم والسوار من Bvlgari
أخبرينا عن تعاونكِ مع دار Bvlgari في هذا العدد من مجلة هَيا.
كان العمل مع Bvlgari ومجلة هَيا بمثابة الحلم الجميل، وأنا أعتبره بمثابة احتفال بالقوة والرقي وسرد القصص من خلال عناصر جميلة ومتكاملة .
كيف كانت أجواء التصوير؟ ما الذي يميّز تصاميم Bvlgari الخالدة وجعلكِ تبدين بهذا الصدق والعفوية وأنتِ تعكسين جوهرها؟
امتاز التصوير بطاقة ساحرة ومُلهمة، فكل تفصيل كان مصمّماً بعناية، وأنا معجبة بتصاميم هذه الدار الكبيرة لأنها تحمل أناقة خالدة وهوية جريئة، تماماً مثل القيم التي أؤمن بها.
كيف تحافظين على خصوصية أي دار تتعاملين معها فتحترمين هويتها الفريدة وتحافظين في الوقت نفسه على أصالتكِ وتفردكِ في العرض؟
أرى كل تعاون جديد بمثابة حوار، أنصت إلى ما تمثّله العلامة التجارية وأُضيف جوهري وشخصيتي وبصمتي الخاصة إليها… الأمر يتعلق بإيجاد التناغم بين هويتهم وهويتي.
ما هي الأحاسيس التي تعيشينها أثناء التحضير لحملة أو عرض أزياء جديد؟ كيف تستعدّين لمثل هذه اللحظات؟
أشعر بمزيج من الحماس والتركيز، مع القليل من التوتر، وهو ما أرحّب به حقاً، لأنه مطلوب كي أكون على أتم الاستعداد والتيقظ أثناء العمل، وأذكّر نفسي بالطقوس التي تريحني وهي: التنفس، الموسيقى، لحظة من السكون في قلب الضوضاء… بعد ذلك أغوص كليّاً في طاقة المكان وأدعها ترشدني.
تعبيراتكِ وحضوركِ قويان في كل صورة وعرض، هل نتوقع رؤيتكِ تُمثلين في المستقبل؟
ربما يوماً ما، فأنا أعشق سرد القصص، والتمثيل امتداد قوي لذلك، لذا إن سنحت لي الفرصة المناسبة، أود أن أستكشف هذا المسار وأختبر صفات مخبأة ربما في شخصيتي.
هل تخطّطين لزيارة سوريا قريباً؟ ما أكثر ما تفتقدينه في وطنكِ؟
آمل أن أزور سوريا مرة أخرى عندما يحين الوقت المناسب. عاطفياً، جزء مني لم يغادر أبداً كما قلت سابقاً، وأكثر ما أفتقده فيها هي الأشياء الصغيرة اليومية والشعور بالانتماء بدون الحاجة لشرح نفسي… ذلك الشعور الراسخ بالهوية، لا يتلاشى أبداً.
لو أمكنكِ اختيار قضية تخص الشابات ونشر التوعية حولها، فماذا ستكون؟
سأتحدث عن الضغط الواقع على النساء ليكنّ متألقات على الدوام وكامالات ومرنات وناجحات وجميلات في الوقت نفسه. نحن أكثر من مجرد أدوار أو توقعات، لذا أريد أن أرى المزيد من المساحات التي يمكن للمرأة فيها أن تكون حنونة وقوية وضعيفة وصعبة وقاسية وكل ما بينهما من دون الحاجة لتبرير ذلك.
كيف تعتنين بصحتكِ الجسدية والنفسية للبقاء ثابتة وقوية في مواجهة التحديات؟
أحافظ على سلامي النفسي، وهذا يعني أخذ فترات راحة من الضوضاء، وإحاطة نفسي بأشخاص يعرفونني حقاً. ويعني أيضاً تحريك جسدي والقيام بنشاطات رياضية، والحصول على قسط كافٍ من النوم. لقد تعلمت أنّ القوة لا تكمن في المثابرة والعمل والقيام بمجهود طوال الوقت، بل في التباطؤ والاستماع لما تحتاجه نفسيتنا وأجسادنا.

القبّعة من Zaid Farouki
العقد والأقراط والخواتم والأساور من Bvlgari
كيف تصفين علاقتكِ بوسائل التواصل الاجتماعي؟ هل تفضّلين الحفاظ على خصوصية حياتكِ الشخصية والتركيز على مشاركة مسيرتكِ المهنية؟
أُقدّر ما يمكن أن تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي مثل مشاركة الأفكار مع الآخرين والتعبير عن الذات ونشر الأخبار الجديدة التي تخص المؤثرين والمعروفين. لكنني تعلمت أيضاً أن أقدّس بعض الأمور مثل حياتي الشخصية وشفائي ولحظاتي الهادئة، فهذه التفاصيل تعنيني بفردي ولا يجب أن يعرفها الجمهور. من هنا ضرورة تحقيق توازن دقيق بين ما ننشره وما نحتفظ به لدائرتنا الضيقة، ولكن بكلّ تأكيد، إنّ ما أشاركه حقيقي وصادق، ولكنه مقصود وموجّه أيضاً، لأنّ رسم الحدود أمر مهم بالنسبة لي.
ماذا تقولين لكل شابة تبحث عن ذاتها الحقيقية في عالمنا الحديث حيث يبدو كل شيء سريعاً ولا قيمة حقيقية للوقت؟
أقول لها: وتيرة حياتكِ كافية، لستِ بحاجة إلى التسرّع في تكوين صورة من نفسكِ لا تشعرين بأنها حقيقية أو تعكس جوهركِ. كوني فضولية لمعرفة ذاتكِ بدون قيود أو ضغوط، وكوني واثقة أنّ صوتكِ مهم حتى لو كان مرتجفاً وضعيفاً في البداية، وتأكّدي أنك لستِ هنا لتكوني مثالية، بل أنتِ هنا لتكوني متكاملة، وهذه الرحلة ملككِ لوحدكِ، فارسمي طريقكِ بالشكل الذي يرضيكِ.

العقد والأقراط والخواتم والسوار من Bvlgari

العقود والأساور والخاتم
من Bvlgari


العقدان من Bvlgari
