مقابلات

حصّة الجسمي: تمكين المرأة في الإمارات يُعد نموذجًا متقدّمًا في المنطقة

لم يكن لقب “شيف” منتشر بين الشابات في الخليج سابقاً، لكننا اليوم لدينا نماذج نسائية  مبهرة استطاعت أن تترك بصمة مميزة في هذا المجال، وذلك ألهمني أن أبدأ مسيرتي في دراسة فنون الطهي وأخذ هوايتي بشكل جدي والسير بها نحو الاحتراف. بهذه الكلمات القوية تبدأ الشيف الإماراتية حصّة الجسمي برواية قصة نجاحها في هذا المجال الحيوي الجديد، الذي تخوضه بثقة ومعرفة وكفاءة عالية.

تقول “من السهل على الشابة أن تجد معهد محترف لتتعلم أصول الطهي في الإمارات، وهناك خيارات بين معاهد مهنية عالمية مثل ICCA، ومدارس محلية مرخَّصة مثل SCAFA، وصولًا إلى برامج متخصصة أكاديمية مثل Ecole Ducassee، وأنا أرى أن التعلّم في المعاهد المتخصصة لا يقتصر على تعليم تقنيات الطهي فقط، بل يمتد ليشمل مجالات مهمة مثل إدارة وتصميم المطبخ، التسعير، ضبط التكاليف، مهارة العمل ضمن فريق. هذه الجوانب تُعد أساسية لفهم مهنة الطهي كمجال مهني واسع، وليس مجرد مهارة فردية. فمن خلال الدراسة، يكتسب المتعلّم أدوات تحليل وفهم أعمق تمكّنه من تحويل شغفه إلى مشروع مدروس وقابل للتطبيق”.

الخبز يعلّمني الصبر والتركيز لأنه يحتاج دقة في كل خطوة

تعشق حصّة تحضير المخبوزات، وخصوصًا الكرواسون بجميع أنواعه. وتشرح السبب بالقول “الخبز يعلّمني الصبر والتركيز، لأنه يحتاج دقة في كل خطوة. استمتع بالهدوء الذي يصاحب عملية العجن والتخمير، وأحب أن أجرّب نكهات وأشكال مختلفة، وهذا ما يجعل كل تجربة مميزة وممتعة وجديدة في كلّ مرة”.

وتضيف “عند تحضير نوع جديد من الخبز أو الحلوى المعقّدة، أعتبره تحديًا جديدًا يبدأ بمشاعر من الحماس، يتبعها شيء من التوتر، لأنه يتطلب الكثير من الانضباط والتركيز في تجهيز الأدوات والمكوّنات بدقّة. إذا نجحت، يغمرني شعور جميل بالإنجاز، أما إذا لم تكن النتيجة كما توقّعت، أشعر ببعض الإحباط، لكنني أُدرك أن هذا المجال يعتمد بشكل كبير على الممارسة والبحث المستمر لإتقان مهارات فن الطهي”.

تعشق حصّة السفر لأنه يفتح لها المجال لفهم ثقافات الشعوب من خلال التعرف على أساليب تحضير الطعام ومكوناته في المطابخ المحلية. تقول “في كل رحلة، أعود بنكهات وأفكار جديدة تُلهمني وتضيف لمسات مختلفة إلى أطباقي”.

مشروع ساكورا بيوتي سبا هو مساحة أعبّر من خلالها عن شغفي بريادة الأعمال والتجميل

لدى حصّة اهتمامات جمالية أيضا، وقد حدثتنا عن مشروعها Sakura Beauty Spa، “بدأنا مشروع ساكورا بيوتي سبا في عام 2014، وكان بالنسبة لي مساحة أعبّر من خلالها عن شغفي بريادة الأعمال والتصميم وعالم التجميل، إلى جانب اهتمامي بالثقافة اليابانية. وعلى مدار عشر سنوات، كانت التجربة فرصة غنية للتعلّم، ومجالًا حقيقيًا لتنمية الجانبين الإبداعي والإداري، سواء في تصميم الخدمات أو إدارة فريق يتجاوز عدده 60 موظفة من ثقافات مختلفة. هذه المرحلة شكّلت نقطة تحوّل في مسيرتي، وعمّقت فهمي لكيفية بناء تجربة متكاملة بلمسة شخصية، وهو ما أحمله اليوم معي في رحلتي الجديدة في عالم الطهي”.

وحول رؤيتها للشخصية الإماراتية الأكثر دعمًا لطموحات المرأة تؤكد أنها “أم الإمارات، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، فهي الداعمة الأولى لمسيرة تمكين المرأة في دولة الإمارات، كما ظهرت نماذج نسائية ملهمة في شتّى المجالات، بصورة مشرّفة ومبهرة. ومن خلالهن، استلهمت أن المرأة قادرة على التميّز وإحداث فرق في مجالات متعددة، كلٌّ بحسب شغفها وطموحها”.

تقول حصّة “أشعر بفخر واعتزاز بانتمائي لهذا الوطن، وامتناني كبير لكل ما يقدّمه من دعم وفرص في التعليم والتطوير لأبنائه. وهذا الدعم يمنحني دافعًا لأبذل جهدي، وأعمل بإخلاص وتميّز، وفاءً لهذا العطاء.

أؤمن أن الإنسان قادر على تحويل شغفه إلى مسار مهني جميل ومُعبّر إذا منح نفسه الفرصة

تعتبر الشيف الإماراتية أن أهم إنجاز لها هو استمرارها في التعلّم وتطوير ذاتها، وأنها أخذت خطوة لخوض تجارب في مجالات مختلفة، “أؤمن أن الإنسان قادر على تحويل شغفه إلى مسار مهني جميل ومُعبّر إذا منح نفسه الفرصة، وأسعى لأن يترك هذا الجهد أثرًا يُلهم غيري من النساء”.

وعن الصفات التي تمتلكها والتي تُمثّل امتدادًا لثقافة وخصائص وطنها ترى أنها “تبدأ بالانفتاح على الآخرين، وسهولة التكيّف مع مختلف الثقافات.. نشأنا في بيئة تحترم التنوّع وتشجّع التعلّم المستمر، وهذا ما جعلنا قادرين على التعامل بثقة مع المجتمعات المختلفة، والتطوّر بخطى ثابتة في مجالات متعددة”.

ترى حصّة أن “تمكين المرأة في الإمارات يُعد نموذجًا متقدّمًا في المنطقة، حيث أصبحت المرأة الإماراتية حاضرة بقوة في جميع المجالات، وصانعة قرار تساهم في رسم ملامح مستقبل دولة الإمارات”، تضيف “بلدي تولي اهتمامًا كبيرًا بتعليم أبنائها ودعم طموحاتهم، وتمنحهم الفرص للمشاركة في رسم رؤيتها المستقبلية. ولهذا أصبح شبابها محط الأنظار، لما يحملونه من كفاءة وروح ريادية، تُعكس من خلال الأدوار التي يتولّونها في مختلف المجالات”.

ما يميز كل امرأة هو اختلاف تجربتها التي ساهمت في تشكيل  فكرها وطموحاتها

تؤكد حصّة أن كل امرأة مميزة بطريقتها، ودورها لا يقتصر على مجال واحد، “هي قادرة على التميّز في مجالات متعددة، وأتمنى أن تمنح نفسها فرصًا وتجارب جديدة تكتشف من خلالها قدراتها وتعبّر عن إبداعها، فنحن كنساء تجمعنا وتحركنا الرغبة في صناعة الأثر. وأرى بأن ما يميز كل امرأة هو اختلاف تجربتها التي ساهمت في تشكيل  فكرها وطموحاتها وهذا التنوّع أعتبره مصدر إلهام حقيقي لمسيرتي”.

تعيش حصّة حياة متوازنة وصحية قدر الإمكان، تقول “الرياضة الصباحية جزء أساسي من يومي وحياتي، تساعدني على تصفية ذهني، وتفريغ طاقتي، وبدء اليوم بتركيز وهدوء. هذه العادة تعزّز استقراري النفسي، وأرى في الانضباط قيمة أساسية في حياتي، ومهنياً فأنا أعمل حالياً على مشروع يجمع بين الطهي والتجربة الاجتماعية، أطمح من خلاله إلى خلق مساحة دافئة يتقاطع فيها الطعام مع الحوار وعيش اللحظة بسلام وراحة وسعادة”.

اقرئي المزيد: سحر راستي: في الإمارات لا نرضى إلا بالرقم واحد وأنا أشبه بلدي بهذا الأمر

قد يهمك أيضاً

اشترك في صحيفتنا الإخبارية